|
الانتخابات التشريعيه في العراق وعملية التغيير
طلال احمد سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 2950 - 2010 / 3 / 20 - 21:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا احد يتجاهل اهمية العملية الانتخابيه العراقية التي جرت يوم 7-3-2010 غير انه سيكون من الخطأ الجزم بأنه بمجرد اجراء الانتخابات واعلان النتائج سوف يتحول العراق الى ساحة ديمقراطية خضراء , فالانتخابات بحد ذاتها ممارسة ديمقراطية غير انها لاتصنع نظاما ديمقراطيا وانما على الساسة العراقيين ان يثبتوا قدرتهم على بناء الدولة الديمقراطية التي تلتزم بالقانون وتحافظ على حقوق الانسان . مما لاشك فيه ان المعركة الانتخابية عكست حراكا سياسيا محتدما هدفه الفوز بمراكز الحكم وكان شعار التغييرهو الاكثر طرحا وقد مثل القاسم المشترك بين شعارات القوائم المتنافسة والتغيير كلمة فضفاضة تحمل الكثير الا انها في المنظور السياسي تعني تغيير الوضع القائم قبل الانتخابات سواء على مستوى السلطتين التشريعيه والتنفيذية ام على مستوى رئاسة الدولة . الانتخابات ممارسة ديمقراطية مهمة الا انها لايمكن ان تحتفظ ببريقها ان لم تشكل نقطة تحول اساسية في مسيرة الحكم في العراق الذي ظل مثقلا بالتيارات الطائفية ومقيدا بسلاسل المحاصصة القائمة , لذلك يجب ان يؤخذ في الحسبان بأن الوصول الى النهج الديمقراطي الصحيح يتطلب مزيدا من الوقت والعمل الدؤوب . والانتخابات الاخيرة جرت وفق مؤشرات سياسية جديدة اولها ابتعاد الاحزاب والكتل المتنافسة عن الشعارات الدينيه والمذهبية والتمسك بالشعارات الوطنيه كاطار عام لرسم معالم المعركة . بجانب ذلك دخل الانتخابات بقوة تيار مهم وفعال يحمل مفاهيم وطنيه وليبرالية وحقق نتائج متقدمة لم تكن متوقعه من قبل الكثير من المراقبين السياسين وعلى الرغم من تضاؤل الشعارات الدينيه والمذهبية وانتصار شعار المواطنه غير انه لايمكن تجاهل الحقيقة التي تؤكد بأن الكثير من الاصوات الانتخابية انطلقت من خنادق طائفية مازالت قائمة وفاعله والدليل على ذلك ماحصلت عليه قائمة ائتلاف دولة القانون وقائمة الائتلاف الوطني من اصوات في محافظات الجنوب حصرا امام خسارة واضحة في محافظات الشمال والغرب , لذلك فأن الحديث عن انحسار الطائفية يحمل في طياته تفاؤلا مبالغا فيه لايستند الى قاعدة حقيقية في المرحلة الحاليه لان الواقع يؤكد ان العراق مازال يعيش وسيبقى رهنا لتوجهات طائفية وقومية لفترة ما قد تطول او تقصر وهو مايضعف اثر الشعارات الوطنيه التي اطلقت في المعركة الانتخابية . نحن نعتقد ان التغيرات القادمة سوف لن تكون جذرية بالرغم من حصول تقدم عام في العملية السياسية بمجملها فهناك قوائم فائزة بالانتخابات حسب النتائج الاولية ووفق السياقات الديمقراطية قد تكون هي المرشحة لتشكيل الحكومة القادمة وبالرغم من وجود مؤشرات عديدة عن ملابسات رافقت العملية بجملها وفي مقدمتها تحجيم مشاركة المواطنين العراقين في الخارج الذي حصل بفعل اخفاق المفوضية المستقلة للانتخابات في تنظيم وانجاز تلك العملية مما ادى الى حرمان عشرات الالاف من العراقيين من الادلاء باصواتهم والسبب يعود للقيود التي ضعتها المفوضية كاجراءات للتصويت وهي في جوهرها قيود لصالح قوائم معروفة تعلم مسبقا انها لن تحضى بتايد عراقيو الخارج . ان تشكيل الحكومة القادمة من الائتلاف او الائتلافات الفائزة في الانتخابات سوف يبقي الواقع السياسي ضمن دائرة الشكوك في مدى النجاح الذي سيتحقق عندما نذكر ان تلك الائتلافات هي التي كانت تشكل الحكومة العراقية خلال السنوات الاربع السابقة . فالتنافس الانتخابي جرى وفق شعارات تنتقد اداء تلك الحكومات وتدعو الى تغييرها وكانهم في حقيقة الامر ينتقدون انفسهم وهذه ظاهرة نادرة الحصول ضمن التنافس الديمقراطي لان المقصر يجب ان يغادر الساحة ليفسح المجال امام قوى اخرى تنفذ برامج جديدة وتحقق اهدافا عجز عن تحقيقها من كان يحكم البلاد خلال الفترة السابقة . من المؤلم ان نكتشف ان بعض المواطنين العراقيين اللذين ضلوا يعبرون عن تذمرهم من اداء مجلس النواب والحكومة السابقة عادوا ومنحوا اصواتهم لنفس تلك الجهات وهو ما يؤكد تدني الوعي السياسي من جهه وبقاء البعض ضمن دائرة الدفع الطائفي والاثني من جهه اخرى . ان التركة الثقيلة التي خلفتها تلك الحكومات والاخفاقات التي خرج بها مجلس النواب السابق لايمكن تلافيها عبر نفس الاشخاص والجهات التي ظلت ضمن دائرة الحكم والمسؤولية في تلك الفترة . لعل من دواعي الانصاف والتفاؤل ان نقرر بان الواقع الذي افرزته الانتخابات الاخيرة ينعش الامال والمشاعر بان العراق يمضي نحو الاحسن من وجوه عديدة فان فوز القائمة العراقية بالمواقع المتقدمة هو مؤشر جيد فتلك القائمة تعبر عن اصطفافات جديدة للقوى السياسية الليبرالية كما هي بعين الوقت نقله نوعيه للواقع الذي كان يعيشه مجلس النواب السابق وقد بات من المؤكد ان تلعب القائمة العراقية دورا رائدا سواء على مستوى المجلس ام على مستوى الحكومة في معالجة ذلك الكم الهائل من المشاكل والاخفاقات وفي مقدمتها المشكلة الاقتصادية المعقدة فضلا عن ذلك فان العراقية سوف تكون ضامنا حقيقيا لتجاوز نظام المحاصصة البغيض بحكم تركيبتها المتنوعه التي تمثل الطيف العراقي تمثيلا صحيحا . ان اتساع المشاركة الجماهيرة والتصويت من اجل التغيير سوف تكون من اهم نتائجة وجود عدد كبير من النواب الليبراليين مما سينعكس بشكل ايجابي على العملية السياسية في البلاد سواء ان دخل هؤلاء النواب في صفوف المعارضة او في صفوف الحكومة الجديدة . ان المشاكل والمصاعب المعقدة المتراكمة والمتداخلة التي يعاني منها الشعب العراقي والتي حصلت بسبب تصرفات الحكم السابق او بسبب اخفاقات حكم مابعد 2003 ومنها الاداء السيء لمجلس النواب السابق كل تلك الامور تستدعي السرعه في ايجاد السبل الكفيلة للخروج من المازق الذي تمر به البلاد ونحن اذ نقدر بان حل المشاكل ليس بالامر الهين الا ان الرغبة والتصميم والاخلاص في العمل ووضع مصلحة الشعب فوق كل شي كفيل في رسم الطريق امام الحلول المطلوبة ومما لاشك فيه ان الشعب العراقي سيكول افضل رقيب على السلطة ونستبعد ان احدا سوف يغض الطرف عن اي تفريط في مصالح العراقيين ومستقبلهم .
#طلال_احمد_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في عشية انتخابات العراق للعام 2010
-
قانون دولة القانون
-
7 اذار هل سيكون موعدا للتغيير ؟
-
الديمقراطية وسياسة الاقصاء
-
العملية السياسية في العراق والمازق الجديد
-
الحركة الديمقراطية ضرورة وطنيه لتقدم الصفوف
-
العراق سفينه بلا ربان
-
خطوة الى الامام .. خطوتان الى الوراء
-
من سينتخب العراق .. ؟
-
الى اين تمضي يا عراق ... ؟
-
القائمة المغلقة والقائمة المفتوحة
-
ماراثون الائتلافات الانتخابية
-
في سبيل اقامة جبهه ديمقراطية موحدة
-
ولادة حركة ... جماعه الاهالي اليوم
-
دولة العراق الدينيه
-
في الشأن العراقي ومستلزمات الحل
-
العراق والمستقبل المجهول
-
جولة تراخيص النفط الاولى
-
الاغلبيه السياسية في العراق
-
من يعيد الحياة للائتلاف العراقي الموحد؟
المزيد.....
-
لا تقللوا من شأنهم أبدا.. ماذا نعلم عن جنود كوريا الشمالية ف
...
-
أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك مجددًا.. ما القصة؟
-
روسيا تعتقل شخصا بقضية اغتيال جنرالها المسؤول عن الحماية الإ
...
-
تحديد مواقعها وعدد الضحايا.. مدير المنظمة السورية للطوارئ يك
...
-
-العقيد- و100 يوم من الإبادة الجماعية!
-
محامي بدرية طلبة يعلق على مزاعم تورطها في قتل زوجها
-
زيلينسكي: ليس لدينا لا القوة ولا القدرة على استرجاع دونباس و
...
-
في اليوم العالمي للغة العربية.. ما علاقة لغة الضاد بالذكاء ا
...
-
النرويجي غير بيدرسون.. المبعوث الأممي إلى سوريا
-
الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يتخلف عن المثول أمام القضاء
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|