مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 2949 - 2010 / 3 / 19 - 20:10
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عن موت أو نهاية المثقف
لا ريب أن نعي المثقف السائد كان مستحقا دون شك , لكن هذا النعي جاء كالعادة بعد الموت الفعلي للمرحوم . إن الحديث عن نهاية دور المثقف كممثل عن الشعب , كحامل للمشاريع الكبرى , و كنبي , بمعنى نقد تبعية المثقف للسياسي أو للسلطة بكلام أدق , و نقد الطبيعة النخبوية و الفوقية , المتعالية , للمثقف التي تؤدي إلى إقصاء الشارع فعلا عن طريق اختزاله في المثقف , أكثر من منطقي على ضوء الانهيارات المتلاحقة و الدور المشبوه للمثقف التابع للسلطة أو للسياسي في فرض حالة قمع فكري , بل و رهاب فكري , معادي للنقد و يقدس الأمر الواقع . لكن هذه النهاية لا تعني على الإطلاق انتقال الفعل الثقافي و إنتاج الفكر من حيز نخبوي إلى جماهيري , و لا تحول هذا المثقف "الملتزم" على الطريقة الغرامشية أو السارترية إلى مثقف "نقدي" , و لا فك تبعية الثقافي للسياسي أو للسلطوي , إنها في حقيقة الأمر عملية خصخصة للمثقف الذي كانت السلطة قد أممته في السابق , لكن هذا يجري لسبب رئيسي لا يتعلق بالمثقف نفسه , بل بالسلطة ( أو السياسة ) نفسها التي جرت خصخصتها . إن "تحرير"المثقف من خطابه "الملتزم" السابق أشبه بتحرير القن من ارتباطه بالإقطاعي ليصبح "حرا" في بيع قوة عمله للبرجوازي . هذا "التحرير" لا يعني نهاية حقيقية "لالتزام" المثقف , و لا فكا لتبعيته للسلطة , على العكس , إنه هكذا يتبرأ من تبعيته للسلطة السابقة و للقوى السائدة في الأمس القريب , و يعلن تبعيته , استعداده لخدمة , السلطة الجديدة و القوى المهيمنة الجديدة . و لهذا يتبنى المثقف , و خطابه الثقافي , مصطلحات و مفاهيم القوى السائدة الجديدة و إيديولوجيتها , فبدلا من أن يكون الفن و الأدب و المثاقفة عموما حالة "التزام" تصبح "حرفة" أو "مهنة" أما ما ينتجه المثقف فيصبح مجرد "سلعة" و بالتالي يصبح "التزامه" الأساسي إن لم يكن الوحيد هو خلق الربح ( فضل القيمة ) للرأسمالي , تماما كما وصف ثيودور أدورنو أحد مفكري مدرسة فرانكفورت هذه الصيرورة : "إن الناس في الأعلى لم يعودوا مهتمين بإخفاء حقيقة الاحتكار : كلما أصبح عنفه أكثر وضوحا , فإن قوته تنمو . لم تعد الأفلام و الراديو مضطرة لتزعم أنها فن . الحقيقة أنها بزنس صنعت على شكل إيديولوجيا لكي تبرر الهراء الذي تنتجه عن عمد . إنها تسمي نفسها صناعات...." . ( 1 )
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟