|
سيدي الشاعر : إنهم يفضلون السماء الغائمة ..!
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 2949 - 2010 / 3 / 19 - 19:16
المحور:
الادب والفن
تحسستُ عميقا مدى جلاء شكوى الشاعر محمد سعيد الصكَار ، المزهر في ما كتب معبرا ًعن قلقه من بطء مسير وخطى بعض القادة الثقافيين المسئولين عن توجيه الدعوات الرسمية لضيوف مهرجان المربد السابع ، القادمين من خارج العراق. اكتشفتُ أن هذا البطء يؤدي إلى أمرين محتومين: الأول هو عدم قدرة (الكثير) من المدعوين على تلبية الدعوة لان الفترة المحددة لم تكن معتدلة أمامهم لقطع شوط التهيئة والاستعداد للسفر. الأمر المحتوم الثاني : هو أن (القليل) من المدعوين سوف يستجيب للمشاركة لكن على حساب مجابهة بينه وبين العديد من التزاماته الصحية والعملية والشخصية والعائلية ، مما يؤدي إلى اضطراره بابتداع قيم وأعذار سريعة لتحقيق سفره باحتواء موعد الدعوة وأهدافها ، احتواءً مسالماً ، ليس مفصولا عن ميراث خدمة الوطن والثقافة حتى وان لم يكن هذا المدعو أو ذاك ــ بسبب العجالة ــ قادرا على العطاء الكامل داخل المهرجان المزمع عقده يوم 23 – 3 – 2010 . في حقيقة القول ومآله أن عروق الشاعر الصكار وأعصابه كانت محترسة جدا رغم انه لهج كلامه النقدي ــ وهو على حق ــ كان بهدوء تام كما هي عاداته في مقالاته عن الشعر والغناء والخط والرسم والكلام . نــَفــَذ بمقالته في جريدة المدى 14 – 3 – 2010 إلى أغوار نقطة واحدة فقط من نقاط تتعلق بالمربد إذ صار في مخيلته ــ وهو على صواب أيضا ًــ أن طبيعة التسرع في نسيج المهرجانات لا ينتج منها غير القلق والشك ، لا ترسم لمساتها غير خطوط الضعف والتباين المؤدية بالنتيجة إلى انفصام بين أهداف المهرجان والقيم التي يمكنه أن يصل إليها . أنا شخصيا أشارك الصكار نظرته الواعية لكنني أود الذهاب إلى ابعد من هذه القناعة المشتركة عبر مقالتي هذه في محاولة للتعبير عن الوعي الجماعي المتعلق بمهرجان المربد والقائمين بالوصاية عليه بلا عدالة ولا تضامن ، إذ أن صاحب الملكية الخاصة لرأسمال مهرجان المربد ــ اعني وزارة الثقافة ــ قد تفرد هذا العام، أيضا ، تفردا مشوبا بالخطأ ، كعادته خلال السنوات الست الماضية ، بالتدخل مباشرة في صلب فعالية أدبية – شعرية – ثقافية المفترض أن تكون قائمة على استقلالية المؤسسات الثقافية وعلى المنافسة الحرة بين الأدباء والشعراء وأن يكون دور الوزارة إداريا ليس غير . لكن وزارة الثقافة ، كما يظهر ، لا تريد أن يكون لها بديل لرسم خارطة الكون الشعري السنوي في بلاد الرافدين كي تبقي وصايتها ، بعلم ٍ ومعرفة ٍ، أو من دونهما ، على جميع مظاهر القافية الشعرية في قصائد تريدها نصف مؤممة أو حتى مؤممة بالكامل أو تستتبع حصرا لبعض السلطة الدينية في مفهومها العام . المفروض بوزارة الثقافة أن لا تعتبر مهرجان المربد مؤمما خاضعا لنظامها خضوعا شموليا أو كليا ، كما هو الحال أيام النظام البائد ، تلبية لرغبات مسئوليها الكبار ، بل أن يكون المهرجان محل رعايتها المركزية المسئولة عن تمويل المهرجان وعن لم شمل الشعراء العراقيين في صالة محترمة يتوفر فيها الكهرباء والماء الصالح للشرب وأن تقوم الوزارة بتوفير فنادق من الدرجة الممتازة ، ليس فيها أي حرمان أو تعسف ، لكي تساهم كل خدمات الوزارة في تقريب الثقافة من الديمقراطية وتقريب الديمقراطية من الشعر . أول شيء واكبر شيء موضوع أمام وزارة الثقافة ليس التحكم بالشعر والشعراء ونشاطاتهم خلال المهرجان لتأميمه بصورة مباشرة ، كما كان يفعل نظام صدام حسين الثقافي ، وليس لفرض عشوائية التأميم عليه بنوع احتكاري غير مباشر من الدولة ، بواسطة بعض قادة الوزارة ، بشيء من النظام الرسمي والتوازن الطائفي ، لضمان الرقابة العامة غير المباشرة لكنها المتسلطة ، خاصة إذا ما قامت إجراءات الوزارة مثل السنوات السابقة بتشتيت شمل الشعراء وإبعاد نفوذ وحجم وقرارات الاتحاد العام للأدباء العراقيين في نطاق مركزه العام وفي فرعه بالبصرة . المنافسة في الآداب والفنون وكل الثقافات لا تتحقق بقرارات السلطة الرسمية الفوقية ، وبالتدخل الرسمي المباشر ، وبالتصلب السافر ، بل بالعلاقة الديمقراطية المرنة بين السلطة الثقافية العليا والجماهير الثقافية . هذا ما نشاهده في علاقات الدول المتقدمة ، ومنها هولندا ، حيث التجارب الداخلية والخارجية لعلاقة مؤسساتنا الاجتماعية والثقافية والفنية والسياسية العراقية في لاهاي وأمستردام وجميع المدن الهولندية الكبرى مع الدولة الهولندية تقوم على بقاء هيئاتنا مستقلة تماما ، بنسبة مائة بالمائة . حيث نجد ممارسات مؤسسات الدولة الهولندية تقتصر فقط على تقديم خدمتها المالية واللوجستية والمكانية فقط . إنها تقدم احترامها التام لفعالياتنا الثقافية ولمهرجاناتنا الأدبية والسينمائية ، التي لا يخلو كثير منها من توجيه النقد إلى مؤسسات هولندية ، من القطاعين العام والخاص ، وهو ما تشجعه وتتيحه السلطة السياسية حيث علاقتها تقوم على مبادئ الديمقراطية واحترام دور المواطن الموهوب في صنع ثقافة المجتمع وإبداعاته . ترى متى تتوجه وزارة الثقافة العراقية إلى بلوغ العلاقة الديمقراطية مع الموهوبين العراقيين من الشعراء لتقوم بتسليم ( الرأسمال الثقافي ) إلى أصحابه الشرعيين ، اتحاد الكتاب والأدباء في العراق ..؟ متى يتوجب على السلطات في وزارة الثقافة أن تواصل التفكير والعمل في جعل ملكية مهرجان المربد أكثر شيوعا بيد الشعراء أنفسهم ..؟ أقول للأخوة الأعزاء قادة وزارة الثقافة مذكرا إياهم أن الديمقراطية الحق ليست فرض نظام شعري مركزي على الشعراء العراقيين ، ليس فرض بنية فوقية تتحكم بقواعد الشعر والشعراء ، بل أن الجهد الوزاري المطلوب هو تقديم أفضل وأرقى وأسرع الخدمات لضمان ممارسة الشعراء لضروب حريتهم الشعرية والإبداعية كي تغدو الديمقراطية الثقافية العراقية في أمان تام كملكية عامة للشعراء كلهم وللأدباء كلهم وللفنانين كلهم . سؤال أخير إلى إخوتي الشعراء في مهرجان البصرة والى نقاد الشعر والى قادة الاتحاد العام للأدباء : متى تصبحون قادرين على إزالة البؤس كظاهرة اجتماعية مصاحبة لمهرجان المربد المرؤوس كظاهرة ثقافية ..؟ الشكر في الختام للرائد الفتيّ محمد سعيد الصكار فلولا نظرته لتاريخ مهرجان المربد ما مرت مقالتي في هذا الدرب . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بصرة لاهاي في 14 – 3 – 2010
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حمدية الحسيني هيكل انتخابي غامض وعاجز..!
-
دعوا مستشار الرئيس المالكي في نومه العميق ..!
-
مياه العراق عام 2222 كما أنبأتني العرّافة..!!
-
في السراء والضراء كانت قمرا لا يغيب
-
السينما الصينية تعتمد على مصادر القوة الداخلية في تطورها
-
بعض الملاحظات عن التعاون بين السلطات الثلاث لحل الأزمات السي
...
-
إلى النائب بهاء الاعرجي : اعتذر مِنْ شَرِّ ما صنَعْت وما قلت
...
-
احتمال بابلي : عضوات مجلس محافظة الحلة في حالة حب ..!
-
تخصيب يورانيوم هيفاء وهبي لشهر رمضان النووي ..!
-
اوكازيون المعركة الانتخابية بين أليسا ومليسا ..!!
-
خلف السدة .. تعزيز الثقة بمقدرة الذات الروائية
-
المزاج السياسي وتأثيره على القرار السياسي
-
أهم ما يشغل القادة الكربلائيين نهارا هو الشغل ليلا ..!
-
تنزيلات لمؤسسة السجناء السياسيين العراقيين في زواج المتعة في
...
-
السيستاني والعريفي والكاتبة الجميلة سمر المقرن ..!
-
انتخبوا الدكتورة منصورة منصور المنصوري ..!
-
موضة العراق الجديد بيتزا ومحرم وجواز دبلوماسي وشهادة دكتوراه
...
-
هيئة النزاهة العراقية تلتزم بمعاهدة كامب ديفيد ..!
-
المفوضية العليا للانتخابات تفتش عن سفينة نوح في هولندا ..!!
-
حكامنا ما زالوا يسبحون في بانيو المنطقة الخضراء ..!
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|