جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2948 - 2010 / 3 / 18 - 19:12
المحور:
كتابات ساخرة
هل رأيتم قبل هذا رجلاً من أهل النار؟
الناس معروفة من خلال مظهرها الخارجي فكثيراً ما يدل المنظر الخارجي على الداخلي وكله متممٌ لبعضه البعض, ولكن كيف اعرفون رجلاً من منظره أنه من أهل النار ؟ أو من أهل الجنة ؟ يعني مثلاً كله زي بعضه البعض؟ طبعاً لا, ولكن كيف سنصل إلى التمييز ؟
أهل الدين والمشايخ يعرفون أهل النار من خلال نشاطهم , فإذا كنتَ مثلاً مثلي لا سمح الله صاحب رأي ورأي آخر وكلام كله يدل على التطور والتقنية الاجتماعية فاعرف على طول أنك من أهل النار .
أنا هو رجل من أهل النار , ديمقراطي,
ليبرالي , مساواتي, مؤسساتي, مثقفاتي, مغنواتي , رومانسي مواصفاتي.
وهذه صفات أهل النار يوم القيامة , وهي أن يكون الإنسان في الدنيا محباً للسلام بين العرب وإسرائيل , وأن يكون له أصدقاء على الفيس بوك من اليهود والأمريكان , وأن تتعطر زوجته بأحلى أنواع العطور وأن تمشي في الشارع لابسة تنوره قصيرة أو بنطال جينز أو بطال نوع فيزون أو نوع جزرة.
نعم أنا رجل من أهل النار .
لا تسألوني كيف عرفت ؟
لأن كل الشيوخ يوم الجمعة الماضي كانت خطبتهم عن أكثر أهل النار يوم القيامة , يوم ينادي الله على المرأة الحرة المتبرجة التي نطالب بمنع زوجها من الزواج بامرأة أخرى أو تقوم هي بمبادلة بالتعدد فهذه المرأة يوم القيامة تدخل النار بلا حساب وبلا عذاب , وكل النساء العضوات في الاتحادات النسائية سيدخلن النار وكذلك العضوات في اتحادات المرأة وكل الراقصات اللواتي رقصن من أجل أن يشترين لأطفالهن لعبة في عيد رأس السنة أو من أجل شراء علبة حليب لأطفالهن , والممثلات والفنانات والشاعرات مع أنفسهن ومع الناس والمتزينات والمتبرجات في الشوارع كلهن سيدخلن النار هن وبعولتهن .
وكل مؤيد للمرأة طبعاً سيدخل النار وبيده زجاجة عطر من صنع باريس أو إيطاليا أو الهند, لذلك بشرني كثيرون من أنني من أهل النار يوم القيامة لأنني أدعو للمساواة بين الجنسين وسأقفُ بين يدي الله والرب يوم القيامة ليسألني : هل أنت فعلاً تنادي بالمساواة بين الجنسين الناعم والخشن, وإلى عدم استغلال الأطفال جنسياً أي عدم السماح للقاصر بالزواج , وهل أنت فعلاً يا رجل تنادي باحترام العالم والناس والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة؟ وسأقول نعم يا رب .
نعم يا رب أنا مع الحقوق الشخصية والدستورية والجمهورية للإنسان العاقل وأنا مع محو الأمية السياسية والفكرية والثقافية والنسائية وأنا مع محو الرذيلة ومع محو العشائرية واستبدالها بالأحزاب السياسية والأندية الثقافية, وأنا مع تقليل نسبة بناء المساجد والتعويض عن النقص ببناء مراكز صحية.
وسيسألني الملائكة: هل أنت فعلاً تنادي بحق إسرائيل في بلاد السريان والآراميين قبل مجيء الاستعمار الإسلامي إلى المنطقة؟ وسأقول نعم أنا مع الحياة الكريمة لليهود ومع دعم الدولة التي تحترم الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدنية والمهنية , أنا من مؤيدي دولة إسرائيل التي تدعم البحث العلمي كل عام ب 3 مليارات دولار وكل العرب لا يدعمون بمليار واحد وبدل عن ذلك يستوردون أدوات قمع وتعذيب للناس , عٍصي جنازير قنابل غاز لتفريق المتظاهرين وأجهزة الكترونية لمراقبة الانترنت والتنكيد والتنغيص على حياة الناس ومنع الاجتماعات التي تهدفُ إلى تأسيس الجمعيات والأندية الثقافية, وبدل دعم البحث العلمي يشترون مقويات جنسية كل سنة ب 5 مليارات دولار لكي يرفعوا رؤوسنا عالياً أمام الأوكرانيات والصقليات والروسيات .
لذلك يا شباب أنا رجل أحن للمسة يد حنونة من العذراء وأحنُ إلى كتف حنونة من العذراء أنا رجل سيء السمعة أنا من أهل النار لأن كل الناس تعرف قصتي الخيالية مع الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان و(نانا).
أنا رجل سأدخل النار لأنني خبيث جداً , هكذا وصفني أحدهم حين بعث لي برسالة يقول فيها : كيف ترضى يا رجل أن تعشق امرأة تلبس تنوره قصيرة؟يا خبيث يا ديوث.
أنا رجل من أهل النار لأنني إنسان ورجل جندر لا يحترمه أصحاب الجاهات والمخاتير وشيوخ العشائر الذين يسبون مؤسسات المجتمع المدنية والقانون , أنا رجل بعثرتني الأيام وأودت بي إلى التهلكة .
أنا من أهل النار سيء السمعة جداً جداً , وعرفت ذلك من خلال المجتمع الذي أعيش فيه فهم يصفونني بالديمقراطي والحر والنزيه وهذه إحدى أكبر التهم التي استحقُ عليها الطرد من عملي ومن حضرة أصحاب العطوفة والمعالي ومن حضرة الشيوخ المسلمين الموالين لأنظمة قديمة ميتة , فكل الناس في مجتمعنا يقولون عني من أنني أحترم المرأة جداً وأحترم الأطفال الذين أخرجُهم معي أينما ذهبت لذلك يلومونني ولا يعتبرون هذا مظهراً من مظاهر الرجولة , ويقولون عني من أنني ولد وطفل لأنني كل يوم أخرج مع أولادي إلى الحاكورة التي تقع خلف الدار لألعب معهم , فأختبئ عنهم ويختبئون عني وألحقُ بهم ويلحقون بي , وأضربهم ليضربونني وأضع يدي اليمنى على عيني اليمنى مبدياً دلعي وزعلي لكي يراضوني فيراضوني وأرضى عنهم بسرعة, وفي أيام الصيف أخرج بهم يومياً في ساعات المساء للتنزه ويرجعون معي دونما تنزه ودون أن يجدوا مكاناً يجلسون فيه.
أنا رجل متهم بأنني لطيف جداً مع الجنس الناعم وأحترم كل نساء الأرض وأعتبرهن رمزاً للجمال وللمحبة وللمساواة وهذه التهمة تلاحقني أينما ذهبت فكل الناس يصفونني بأنني أتشدق بكلمات كلها كفر مثل المساواة ما بين الجنسين الخفيف الدم والثقيل الدم.
أنا رجل من أهل النار طباعي سيئة جداً فأنا أسكت عن الظلم وعن الذين ظلموني ولا أحمل أي شعارٍ معادٍ لأحد , وأنا رجل ليس له دين يقمع الناس ويضطهدهم ويعتبرني مجتمعي رجل ملحد لأنني أومن بالمسيح وأحترم اليهود ودولتهم وأنادي بضرورة الاقتداء باليهود أو بدولة إسرائيل دولة القانون والمؤسسات .
وأنا من أهل النار لأنني إنسان قبل كل شيء من حقي أن أجد مرجوحة لأركب فيها ومن حقي أن أجد منتزهاً لأقضي فيه ساعة من الزمن , ومن حقي أن أجد في محافظة اربد سينما أو نادي ليلي رخيص الثمن يدخله العمال والشغيلة حتى العاطلين عن العمل .
أنا إنسان قبل كل شيء وقبل أن أكون من أهل النار كنتُ من أهل الجنة الذين يقمعون الرأي والرأي الآخر ويصدقون الخزعبلات وقصص عن الطيران من السعودية إلى البحر الميت دون ركوب أي طائرة وكنتُ لا أحبُ المساواة وكنتُ من رواد ومن أصحاب دعوى التمسك بالعشائرية وبالإقليمية وكنتُ أرفض الإنصات للإعلام الليبرالي لأنه إعلام مسموم يحسدنا على ديننا الإسلامي الذي سندخل بفضله الجنة حيث يمر اليهود والمسيحيون من أمامنا وهم مكبلون بالجنازير الحديدية إلى جهنم , ونحنُ نكون غارقون في النساء والخمور واليهود والنصارى غارقون في النار يتقلبون فيها إلى الأبد .
أنا رجل سيء السمعة وجبان جداً لأنني لا أفعلُ شيئاً للذين يقولون لعنة الله على اليهود والنصارى , أنا رجل محطم حطمتني أحلامي وذكرياتي وتاريخي الطويل وأنا رجل ممزق مزقني الشيوخ والمتدينون وأنا رجل مطرود من رحمة الدولة العباسية لأن الدولة كلها جنود يكرهون الكتاب والورقة والقلم ويعتبرون الورقة والقلم رجسٌ من عمل الشيطان .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟