|
برج - الأسد -
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 20:34
المحور:
كتابات ساخرة
نشرت إحدى الدوريات الأسبوعية ، إعلاناً طريفاً لسيدة في الثمانين من العمر تدعى ( أفروديتي ) حول قدرتها على كشف " الحجاب " أي الغيب ، أو الماوراء ..؟ بأنها إبتكرت طريقة جديدة في علوم التنجيم والفلك . وتتلخص بإعادة تسمية كافة الأبراج بأسماء حيوانات أو حشرات . وبذلك ألغت برج الدلو أو السطل ، والطبل والميزان والجوزاء ..الخ . وإعتبرت أن برج " الأسد " هو أهم الأبراج الحيوانية . لكنه أيضاً لا يتحمل طنين بعوضة قرب أذنه ، وأحياناً كثيرة قد تحمله على تغيير مكانه هرباً من هذا الصخب البعوضي . فكيف لو أن آلاف من البعوض تجمع حول هذا الأسد ... مثل قصة الفيل مع الضفدعة ، أو الثعلب والحمل. للحقيقة ، معلوماتي تكاد تكون صفراً في ( علم ) التنجيم . فيما زوجتي تبدأ قراءتها للصحيفة من صفحة الأبراج ، ليس لإيماناً بها بل من موقع تفاءلوا بالخير تجدوه . من حسن حظي وحظ العديد من الأصدقاء أننا ولدنا في يوم لا برج له . مثل كل الفقراء لا أحد يهتم بولادتهم ولا بموتهم . ولا نحتفل بعيد ميلاد . ربما نحتفل بعيد هجرتنا من الدار الأولى الى الدار الأخرى . على رأي صديقي الحكيم الجميل والتي عرفنا فيها معنى أن تفكر بحرية . وبالتالي لسنا من أتباع علم الفلك الصيني أو علم الفلك الأفروديتي . رغم أني مرات عدة حاولت إستخدام عيني بهدف حسد صديق لي على راحة نفسه وهدوء باله وإطمئنانه الشديد على مستقبل أوطاننا ، فلم تنجح محاولتي .. كررتها ثانية وثالثة بإستخدام كلتا العينين وبنظرة ثاقبة أشبه بنظرة رجل أمن مخضرم .. وفشلت . ربما بسبب نقص إيماني بالغيب أو بسبب اللون البرتقالي والأحمر الذي يسرق جزء من حائط مكتبتي المنزلية . وهي قضية لا يمكن المساومة عليها . الأحمر هو الأحمر. بيد أن الأسود هو الظلام . الإعلان منشور في " الدورية " ولكن لا يمكنني ذكر إسم الدورية كمصدر لكي يرتاح بال بعض أصدقائي ، ولكي تستمر هذه الدورية بالصدور ولا يصيبها ما أصاب غيرها في زمن ليس ببعيد . ولغاية في نفس ظلي . أنا وظلي سيان يكبر عندما أكبر ويصغر عندما أصغر. المهم ، دفعني الإعلان للبحث في مواقع عديدة عن موضوع التنجيم والعرافات والسحر الأبيض والأسود ..؟ ، فوجئت بكم المواقع الهائلة التي تنشر ثقافة التجهيل ، والإعتماد على الغيب ، وبعضها مواقع ذات صبغة تحرضية دينية طائفية. وعموماً كافة مواقع التحريض الطائفي هي معادية للمجتمع ولقانون الطبيعة في المساواة . لكن إستعصى على فهم القضية التالية : إذا كان برج الحمل ، هو بداية شهر الربيع وبرج السرطان ، هو بداية شهر الصيف وبرج الميزان بداية فصل الخريف وبرج الجدي بداية فصل الشتاء .. ترى أين موقع برج ( الأسد ) الذي تعتبره السيدة ( أفروديتي ) أهم الأبراج ..؟ للحقيقة ليس بإمكاني سؤال السيدة ، لأن سؤال من هذا النوع مكلف ، وقد يدفع المرء فاتورة حساب طويلة تبدأ بحرف السين ولا تنتهي عند حرف الجيم . في ظل الأوضاع القائمة . أحد الإعلانات التلفزيونية لشركة إتصالات ، على القنوات اليونانية، المشهد الإعلاني التالي : أحدهم مع زوجته في صالون حلاقة ، يتصفح مجلة ، ثم يضعها جانباً قائلاً لزوجته ، لا أصدق ما تقوله الأبراج ، تجيبه زوجته إسئل ( الحلاق ) . فسئل الحلاق من أي برج أنت ..؟ أجاب الحلاق بطريقة ( غنج ودلع متمايلاً يمنة ويسرة ) ... أنا من برج ( الأسد ) نظر الرجل الى زوجته قائلاً ألم أقل لك لا أصدق الأبراج ..؟ هناك سؤال آخر أكثر حيرة ، هل التنجيم رغم أنه تاريخي في حياة الشعوب القديمة والحديثة معاً له علاقة بموضوع السحر والأسطورة والخرافة الواردة في الأديان ..؟ في حديث نبوي لا أعرف مدى صحته ، { أن من إصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر } ... ثم هناك حديث آخر نقلاً عن أبي هريرة { إن الله يحب العطاس ، ويكره التثاؤب ، فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم أن يشمته . أما التثاؤب فإنما هو من الشيطان ، فليرده ما إستطاع فإذا قال : ها : ضحك منها الشيطان } .. ورغم أني أدركت الأن لماذا زوجتى تتثاءب بعد الساعة الحادية عشر ليلاً .. إنها مؤامرة شيطانية ، لغاية في نفسها ونفسه ..؟ لكني عزمت على تقليد البعوض في الطنين ، وحرمانها من النوم خاصة مساء السبت ، أسوة بمساء الخميس عند البعض الأخر ..؟ مشكلتنا عويصة ، ومخيفة . في الثقافة الشعبية ، هناك خلط كبير بين الأسطورة والخرافات والمفاهيم الدينية التي كرست ثقافة الخرافة والتنجيم والحسد ، مثل سورة ( الفلق ) أو سورة النمل حول سليمان وأصحابه ..؟ وحتى في الأنجيل والعهد القديم عشرات القصص المماثلة . ترى لماذا لا يؤمن المواطن البسيط في هذه الحالة بالحديث مع الأرواح ، والجن والعفاريت وبركات الشيخ مسطول ..؟ وفتاوي أم لمعة ؟ في عصر تكنولوجيا الفضاء . في أحد الأعداد القديمة لصحيفة مصرية لا أذكر إسمها نشرت ذات مرة عن أرقام مالية خيالية تذهب للعرافات ، وفي أوربا غالباً تجد في العديد من الصحف إعلانات عن الحظ ومعرفة المستقبل ، وحل المشاكل ، وبعضهم أفارقة ، يدعون أنهم تلقوا حسب إعلاناتهم معرفة الغيب أباً عن جد ، حيث يحمل الإعلان صورة الرجل وبيده مسبحة الدراويش ، ملتحي ومعمم . متوسطاً سجادة ( .. ) ؟ إنه بزنس الخرافة وهو غير بزنس الفتاوي ومنتجات حلال الصينية . حتى الفول المدمس يستورد من الصين. بعد قليل سيتم إستيراد رجال حلال ، بسبب نقص الأوكسجين والتصحر الدماغي . سؤالي هنا ، ترى لماذا لا يستشير رؤساء العالم العربي علماء التنجيم والفلك الروحاني في قضايانا المصيرية التاريخية ، وفي أسوء الحالات ما هو مصير ومستقبل المفاوضات بين إمارة غزة وسلطنة ورام الله ..؟ بدل اللجوء والتنقيب في أبراج الأسد والجدى والثور والعقرب والحوت ...الخ . عن خبر نتفاءل به .. وليس عن حل ..؟ فعلاً إنها مشكلة ربما يتحمل مستشاروهم المسؤلية عن إستمرار تردي الأوضاع والحيلولة دون حل فلكي . رغم أن الرئيس ريغان يقال أنه كان أحياناً يلجأ الى العرافات عن طريق زوجته ..؟ في دولة ( أستونيا ) خرافة شعبية تقول : إن من لا يغطي فمه أثناء التثاؤب ، يسرق الشيطان روحه : .. متى يمكن أن نسمع عن زيارة رسمية لأحدهم الى أستونيا ..؟ على كل حال تفاءلوا بالخير تجدوه . فهذا هو الحل الوحيد في عالم مسحور بالأسطورة والخرافة وقصص الجن والعفاريت . أما حان موسم الحج الى أستونيا ..
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعلان- الجهاد - النووي ..؟
-
هل - الملائكة - سعاة بريد / لتوزيع النصائح ..؟
-
تلميذ في الإبتدائية .. مدير جمعية تعاونية ..؟
-
أنت ... كافر ونص ..؟
-
رقص - هز - البدن ..؟
-
البحر ... يلد النساء ...
-
ثقافة - صباح الورد -
-
إمرأة .. وكاهنان .. ونهر ..؟
-
عندما تحولت تشو يينغ تاي / الى فراشة ملونة ..؟
-
جلسة تحضير أرواح / في قرية (بريفزا) ..؟
-
العودة من المستقبل الى / عصر نهاية الديانات ..؟
-
في حفلة زيزي حتى القطط والكلاب/ تعلمت معنى المساواة..؟
-
دعوة الى صديقي الكلب المحترم / لحضور حفلة عيد ميلاد..؟
-
خمرُُ في الجنة .. وشاي في الدنيا للمؤمنين..؟
-
قبطي يولم في رمضان / ومسلم يحتفل بعيد الميلاد ..؟
-
ثقافة الغريزة الجنسية في الجنة ..؟
-
مطلوب أنسنة الأديان..وليس ثقافة الكوارث
-
هل الجلد والرجم والقتل هي قوانين ( إلهية )
-
هولوكست التاريخ / ج4 سفر التكوين والخلق في الأسطورة المصرية
...
-
هولوكست التاريخ ..أنبياء أم قادة سياسيون ..؟
المزيد.....
-
تركي آل الشيخ يشوق متابعيه بالمزيد من كواليس فيلم -Seven Dog
...
-
وفاة فنانة سورية شابة بعد تعرضها لأزمة صحية (صورة)
-
وفاة فنانة سورية.. أدركت موتها قبل أيام بمنشور على فيسبوك
-
هآرتس: مدينة -تل أبيب- التوراتية لم توجد قط
-
تمتلك أسرار ثروة ضخمة.. الممثلة السعودية ريم الحبيب بمسلسل -
...
-
طهران.. مهرجان فجر السينمائي منصة فنية مهمة في المنطقة
-
سقوط -شمس الأغنية- على المسرح وحملها علم الثورة السوري يثير
...
-
أزياء وفنون شعبية وثقافة في درب الساعي
-
رحيل أسامة منزلجي.. رحلة حياة في ترجمة الأدب العالمي
-
مصر.. مفاجأة في قضية طلاق الفنان الراحل محمود عبد العزيز وبو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|