أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الموساد والجريمة والعقاب















المزيد.....

الموساد والجريمة والعقاب


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 19:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في 19 يناير/ كانون الثاني قتل محمود المبحوح القيادي في منظمة حماس الفلسطينية في غرفته بدبي، وسارعت شرطة دبي إلى تحقيقات سريعة ودقيقة لجمع خيوط الجريمة التي حامت منذ اللحظة الأولى حول ضلوع جهاز الموساد “الإسرائيلي”. وتوصلت الشرطة الإماراتية بعد 16 يوماً من التحقيق والتدقيق إلى توجيه اتهام صريح ومباشر إلى الموساد، الذي جنّد 27 متهماً (حتى الآن) كانوا ضالعين بالتنفيذ بعد أن زوّدهم بجوازات سفر أوروبية وغربية.

لعل طريقة الكشف عن الأدلة وعرضها على الجمهور عبر شاشات التلفزيون، ناهيكم عن السخاء الإعلامي الذي اتسمت به والذي أعقب الجريمة بعد الإعلان عنها، لاسيما بعد تحليل نحو 648 ساعة كاملة من الأشرطة المصوّرة لجميع المتهمين، دلّت على حرفية هذه العملية البارعة الفريدة من نوعها، الأمر الذي يثير سؤالاً كبيراً حول جهاز الموساد “الإسرائيلي”، الذي ظلّت الدعاية تصوّره وكأنه “أسطورة” خارقة لا يمكن تجاوزها، وإذا به يستخدم أساليب ووسائل تعود إلى الستينات والسبعينات وليس إلى مرحلة العولمة وثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والثورة الرقمية، وكأنه يعيش خارج الزمن، إذْ لم يعد أسلوب التخفي والتنكر الذي قام به فريق الاغتيال مجدياً، بل إنه اتسم بالبدائية والسذاجة، مثل استخدام الباروكة أو ارتداء ملابس التنس أو ادعاء ممارسة الرياضة، تلك التي تثير ارتياباً أحياناً أكثر من كونها تسهم في إخفاء الهوية، لاسيما الجلوس طويلاً في الملعب قبل ممارسة لعبة التنس، فضلاً عن أن الصور كشفت أن من يقوم بتلك الممارسة لا يجيد مسك مضرب التنس.

وفي تطور جديد طلب الفريق ضاحي خلفان تميم من المدعي العام توجيه مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد مئير داغان، باعتبارهما مسؤولين عن ارتكاب الجريمة بحكم موقعيهما، وهما من أصدرا الأوامر باغتيال المبحوح، وحسب ما نُشر فإن لقاءً كان قد جمع المسؤولين “الإسرائيليين” مع المرتكبين قبيل تنفيذ العملية الإجرامية بأيام، تلك العملية التي يمكن تصنيفها كجزء من الإرهاب الدولي، الذي تمارسه الحكومة “الإسرائيلية”، ناهيكم عن انتهاك صارخ وسافر للقانون الدولي المعاصر ضد سيادة دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة، فضلاً عن استخدام جوازات سفر دبلوماسية لدول أوروبية وغربية، الأمر الذي يستوجب كشف خفايا هذه القضية، سواءً كانت عبر تواطؤ أو “ تخادم” أو “تزوير” أو “استغلال” مواقع نفوذ شخصية أو السكوت عنها، لكنها بكل المعايير تجاوز على القواعد والأعراف الدبلوماسية، لاسيما اتفاقيتي فيينا حول العلاقات القنصلية والعلاقات الدبلوماسية لعامي 1961 و1963.

لقد أقرّ ميثاق الأمم المتحدة مبادئ العدالة وأكد احترام الالتزامات الناجمة عن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، باعتبارها أحد أهم مصادر القانون الدولي المعاصر، ومع ذلك فإن رقعة الانتهاكات للقانون الدولي لا تزال مستمرة وإن حجم الارتكابات مثير للقلق، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة وجدّية أمام المجتمع الدولي بشأن نظام العدالة السائد.

إن مسألة الجريمة والعقاب لا تتعلق بقصة المبحوح فحسب، رغم أنها كشفت حجم الإرهاب الدولي، الحكومي، “الرسمي” الذي تقوم به “ دولة” عضو في الأمم المتحدة، وكانت “ الدولة” الوحيدة التي اشترطت عليها المنظمة الدولية تأمين احترام حقوق الإنسان، لاسيما لعرب فلسطين والإقرار بحق اللاجئين بالعودة بالقرار 194 الصادر عام ،1948 لكن هذه الجريمة أعادت مطالبة المجتمع الدولي وهيئات حقوقية ودولية بملاحقة المرتكبين “الإسرائيليين” وتوجيه لائحة اتهام ضدهم.

إن بحث مسألة الجريمة والعقاب لا يتعلق بجانبها النظري فحسب، بل بالجوانب العملية، وبخاصة بتحديد المسؤولية عن الارتكابات، بما له علاقة بالضحايا وجبر الضرر والتعويض، ناهيكم عن معاقبة المسؤولين وإصلاح نظام العدالة، ف”إسرائيل” على مدى أكثر من ستة عقود من الزمان كانت تعفي نفسها من أية مسؤولية سياسية أو جنائية أو مدنية أو أخلاقية، تجاه خرقها للقوانين الدولية والإنسانية، ولعل ذلك ما ذهب إليه تقرير غولدستون باسم لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، لاتهامه “إسرائيل” بارتكاب جرائم ترتقي إلى جرائم الحرب، التي يحاسب عليها القانون الدولي.

إن الإقدام على اغتيال المبحوح بدم بارد يعني أن “إسرائيل” لا تزال غير مكترثة بالقانون الدولي، فهي في الوقت الذي تمارس إرهاباً دولياً على أراضي دولة الإمارات وضد قيادي فلسطيني، فإنها تتجاوز سيادات عدد من البلدان، منتهكة بكل استخفاف قواعد القانون الدولي، غير عابئة بردود الفعل الدولية، خصوصاً استخدام جوازات سفر دبلوماسية لعدد من البلدان الأوروبية والغربية. ولذلك فإن إصرار دولة الإمارات العربية المتحدة على ملاحقة المرتكبين وكشف خيوط الجريمة يعني وضع المجتمع الدولي والأمم المتحدة أمام مسؤولياتهما، لاسيما الاستحقاق القانوني بعدم إفلات المرتكبين من العقاب، وكذلك الكشف عن حجم التواطؤ الدولي، سواء بتسهيل المهمات أو السكوت عن الجريمة أو عدم اتخاذ إجراءات جدية إزاء استخدام جوازات سفر دبلوماسية لعدد من البلدان، حيث قام الموساد بتزويد المرتكبين بها لتنفيذ مهمتهم.

وهنا يمكن اللجوء إلى القضاء الوطني لعدد من الدول لملاحقة المتهمين بارتكاب جريمة اغتيال المبحوح، خصوصاً أن نحو 47 دولة غربية تسمح قوانينها باتباع هذا الطريق رغم الضغوط “الإسرائيلية” والأمريكية، لاسيما أن الولاية القضائية لا تنحصر عند مكان أو زمان وقوع الجريمة، بل تقضي بملاحقة المرتكبين، بغض النظر عن جنسياتهم، طالما ارتكبوا جرائم بحق الإنسانية أو جرائم الإبادة الجماعية، أو جرائم الحرب، وتلك التي يقع في تصنيفها جرائم الإرهاب والتعذيب والاختفاء القسري وغيرها، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم.

كما يمكن اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تم تأسيسها في روما العام 1998 ودخلت حيز التنفيذ العام ،2002 لملاحقة المتهمين باتباع الإجراءات القانونية التي يحددها ميثاقها.

وإذا ما استمرت الملاحقات على الوتيرة ذاتها وصولاً إلى نهاية الشوط، فهل ستبقى أسطورة “الموساد”؟



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (20) القبعات الخضر والصيد الثمين!
- الصوت والصدى
- المعرفة من أجل الحق
- ثقافة حقوق الإنسان في ندوة تخصصية في لاهاي/هولندا
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (19) نزيف بصمت!
- أين سترسو سفينة الانتخابات العراقية؟!
- “إسرائيل” والإفلات من العقاب
- كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (18) كاسترو- أبوعمار- حبش: رومانس ...
- البحث العلمي ووليمة التفكير
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (17) همنغواي والجواهري: الشيخان وا ...
- الخليج وصورة المجتمع المدني
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين!! -16 -أرنستو همنغواي: حانة بودغيت ...
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين -15- حروب سبعة آخرها الحرية والحدا ...
- جدلية القانون والنزاهة
- ماراثون الانتخابات العراقية.. من العزل إلى العزل!
- قيم التسامح في الفكر العربي الاسلامي المعاصر
- تحية الحرف والحق والمعرفة الى منبر الحوار المتمدن،
- ماراثون العزل السياسي في العراق
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (14) ثورة ومغامرات وكبرياء
- الانتخابات والعزل السياسي في العراق


المزيد.....




- ترجف من الإرهاق.. إنقاذ معقد لمتسلقة علقت أكثر من ساعة في -م ...
- تمنّى -لو اختفى-.. مخرج -Home Alone 2- يعلق مجددًا على ظهور ...
- جوزاف عون يتحدث عن مساعي نزع سلاح حزب الله: نأمل أن يتم هذا ...
- ثنائي راست وتحدي الكلاسيكيات العربية بإيقاعات الكترونية
- -من الخطأ الاعتقاد أن أكبر مشكلة مع إيران هي الأسلحة النووية ...
- عراقجي: زيارتي إلى روسيا هي لتسليم رسالة مكتوبة من خامنئي إ ...
- تصاعد أعمدة الدخان فوق مدينة سومي الأوكرانية بعد غارات بمسير ...
- المرسومً الذي يثير القلق!
- دورتموند يتطلع لتكرار أدائه القوي أمام برشلونة في البوندسليغ ...
- عاصفة رملية تخلف خسائر زراعية فادحة في خنشلة الجزائرية (فيدي ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الموساد والجريمة والعقاب