عارف علي العمري
الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 14:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في شمال اليمن انتهت الحرب أو أوشكت على الانتهاء , وسكت دوي الرشاشات, وهدير المدافع, ولعلعة الرصاص, وبدئت الأمور تعود إلى سابق عهدها متجهة نحو السلام, وفي جنوب اليمن بدئت المواجهات تدخل دائرة العنف المسلح بين الحراك والحكومة, وفي صنعاء تدور رحى حرب سياسية بامتياز قد لا تقل نتائجها ضرراً عن ما يدور في الجنوب, نتائجاً قد تؤتي ثمارها على المدى البعيد, إنها حرب السياسية بين المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك, حرب سياسية يريد كل طرف فيها أن يوصل رسالة إلى الأخر مفادها, نحن هنا, الشارع بأيدينا, نحن من نستطيع أن نحركه متى شئنا, ونحن من نستطيع أن نوقفه متى أردنا, المؤتمر يتبجح بالأغلبية البرلمانية التي يقول عنها مصدر رفيع في اللقاء المشترك أنها انتهت في ابريل 2009م, واللقاء المشترك يبهرر بسياسة الاحتجاجات والاعتصمات التي يرد عليها المؤتمر بأنها أصبحت غير مجدية, وان اللقاء المشترك لا يملك إلا الكلام وانه بات غير قادر على تحريك الشارع الذين يدين بالطاعة للقائد المنتخب دستورياً من قبل الشعب .
يوم الأحد الماضي عبرت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني والمجلس الأعلى للقاء المشترك عن إدانتهما الشديدة لعملية القمع التي يتعرض لها الحراك السلمي والمواطنون في المحافظات الجنوبية عبر تصعيد عسكري وأمني استخدمت فيه السلطة الآلة العسكرية الثقيلة وراح ضحيتها الأبرياء وتم اعتقال العشرات من قيادات العمل السياسي.
وطالبت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني والمجلس الأعلى للمشترك في بلاغ صحفي السلطة وقف التصعيد العسكري ووقف الملاحقات الأمنية والعسكرية وإطلاق جميع المعتقلين السياسيين والصحفيين.
وحذر البلاغ المواطنين من الاستجابة لهذا التصعيد تفويتاً للفرصة على السلطة وحتى لاتستغل ردود الفعل لتبرير عملياتها العسكرية والتوسع فيها.
كما دعا البلاغ فروع المشترك وقياداته الحزبية والمنظمات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني وكل القوى الوطنية في جميع المحافظات والمديريات إلى إقامة إعتصامات إحتجاجية بمختلف عواصم المحافظات والمديريات للتنديد بالعنف والتحذير من عواقبه الوخيمة وتضامناً مع ضحايا قمع وعنف السلطة ومع أسرهم ومع المعتقلين السياسيين والصحفيين والتعبير عن رفض قمع الحريات ومنع وسائل النضال السلمي .
وفي رد له على ما دعا إليه اللقاء المشترك من تصعيد الاحتجاجات أعتبر مصدر مؤتمري أن ماوصفه "بالموقف الانتهازي المتناقض" لأحزاب وقيادات المشترك،- " يعكس حالة الفساد السياسي الغارقين فيه".
وقال المصدر في بلاغ صحفي:" كان من المفترض على تلك الأحزاب أن تصطف إلى جانب الدولة والشعب وإدانة الأعمال الخارجة عن الدستور والقانون والتصدي لها وليس عبر تشجيع ماوصفها بالأعمال الإجرامية والتخريبية الخارجة عن النظام والدستور والقانون وإيجاد التبريرات لها".
وأضاف "أن أحزاب المشترك لم يرق لهم إيقاف العمليات العسكرية وإحلال السلام في صعده وقيام قوات الأمن بأداء واجبها بالحفاظ على الأمن والاستقرار في بعض المناطق في بعض المحافظات الجنوبية الشرقية وتأمين الطرقات والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وملاحقة تلك العناصر الخارجة عن النظام والقانون والتي ظلت ترتكب أعمال العنف والتخريب واستهداف المواطنين الأبرياء وعلى أساس مناطقي وجهوي".
مستغربا من تحميل أحزاب المشترك التي قال أنه "لا يروق لها سوى إشعال الحرائق وإدخال الوطن في متاهات الفوضى والعنف- للحكومة المسئولية وتتهمها بالتقصير عندما تتحلى بالصبر وضبط النفس إزاء تصرفات تلك العناصر التخريبية الانفصالية وما تثيره من فتن وإقلاق للأمن وتعكير لصفو السلم الاجتماعي ‘ وهو تناقض عجيب يعكس النفسيات المأزومة للقائمين على تلك الأحزاب"- وفق تعبير المصدر.
الناطق الرسمي لأحزاب اللقاء المشترك أستغرب من ممارسات السلطة وحزبها الحاكم التي قال "أنها اعتادت على قلب الحقائق والمسميات بحيث أصبحت جرائم إشعال الحروب وقتل الأبرياء وخطف وإخفاء المعارضين ونشطاء الحراك السلمي ونهب الممتلكات العامة والخاصة من صفات هذه السلطة وحزبها الذي قاد البلاد إلى أزمة شاملة".
وخاطب محمد صالح النعيمي في بلاغ صحفي –السلطة بقوله :"كفى عبثاً ،لأن إدارة الدولة بالفشل والأزمات قد ولى واللقاء المشترك قادم". معبرا عن "أسفه الشديد للمستوى الذي وصلت إليه السلطة وحزبها الحاكم في تعاطيهما مع القضايا الوطنية وأسلوب تعاملهما مع الأطراف السياسية وإنكارهما لحق الأحزاب في التعبير عن مواقفها المعارضة لممارسات الحزب الحاكم والتي يأتي في مقدمتها الاعتصامات السلمية".
ناصحاً إياها "بأن تعي متطلبات المرحلة القادمة وأن تعود إلى رشدها وأن لا ترمي الآخرين بما هو من سماتها الأساسية، هي صاحبة الامتياز في الفساد والحروب ونشر ثقافة الكراهية والحقد ، وهي التي بأفعالها تهدم أسس الوحدة الوطنية وتعمق الشرخ الاجتماعي"- وفق تعبيره.
وقال النعيمي :"أن ما صدر عن المصدر الإعلامي في المؤتمر من اتهامات بالفساد وإشعال الفتن وتحميلها للقاء المشترك ما هو إلا تعبيراً عن حالة الإفلاس السياسي والسقوط الأخلاقي وغياب الرشد السياسي الذي أصبح من صفات هذه السلطة وحزبها والذي قاد البلاد إلى أزمة شاملة".
وكان اللقاء المشترك قد عبر في اجتماع له رأسه الدكتور عبد الوهاب محمود – الرئيس الدوري لمجلس المشترك الأعلى – قبيل مؤتمر الرياض عن إدانته وشجبه للتصعيد الخطير التي شهدتها بعض المحافظات الجنوبية التي قال بأنها جسدت نهج السلطة في طريقتها لمعالجة مشاكل البلد بمزيد من التأزيم وإشاعة أجواء الخوف والكراهية والإنقسام والفرز المجتمعي.
وحمل - السلطة المسئولية عن التصعيد ونتائجه الكارثية على وحدة اليمن واستقراره ، معتبراً الخطاب الإعلامي والإجراءات القمعية أساليب مستفزة للحراك السلمي وجره إلى مربع العنف.
وطالب المشترك السلطة أن تتعامل برشد ووعي في خطابها السياسي، والتعامل مع القضايا بعيداً عن تهور الاستخفاف الذي يزيد الوضع سواء إلى سوء.
ورفض المشترك الانجرار إلى دوامة الصراع والعنف من أي جهة كانت فالوطن ملك للجميع وليس حكراً على فئة بذاتها.
وأكد مجلس المشترك الأعلى بأنه سيتحمل مسئوليته الوطنية والتاريخية مع كل المحبين والحريصين على أمن واستقرار وطنهم وشعبهم وترسيخ المشروع الوطني الذي ينقذ اليمن من براثين أزماته المستفحلة التي باتت تهدد حاضره ومستقبله نتيجة نهج السلطة المتطرف وما نتج عنها من مشاريع متطرفة أخرى.
وفيما دان المشترك الجرائم التي يتعرض لها المواطنون الأبرياء، طالب السلطة سرعة القبض على مرتكبي تلك الجرائم وإحالتهم إلى الجهات المختصة لينالوا جزاءهم العادل، مطالباً السلطة في السياق ذاته أن تفرق بين من يمارسوا حقهم في التعبير السلمي وبين مرتكبي جرائم القتل والإخلال بالأمن.
وتساءل المشترك: لماذا تقوم السلطة بالقبض على النشطاء السياسيين المنخرطين في حراك سلمي مكفول بالدستور والقانون بينما تتماها عن ملاحقة القتلة والخارجين عن النظام والقانون ومرتكبي أعمال العنف لنجدهم طلقاء يسرحون ويمرحون بحرية تامة؟!".
وناشد المشترك أبناء المحافظات الجنوبية بأن يدركوا مخاطر تلك المشاريع المتطرفة التي تدفع باتجاه العنف التي يستفيد منها أعداء الوطن وتجار الحروب ومثيري الفتن والأزمات، محملاً السلطة كامل المسئولية عن حفظ الأمن في تلك المحافظات، وإلقاء القبض علي منفذي تلك الجرائم والاعتداءات وتقديمهم للقضاء.
كما جدد المشترك مطالباته للسلطة بإطلاق سراح الموقوفين والمعتقلين من نشطاء الحراك ووقف المحاكمات الجائرة بحقهم، ووقف الحملات الإعلامية والتحريض على الكراهية والاستفزاز في الخطاب الإعلامي الرسمي ضماناً لوقف المزيد من التدهور.
وأكد المشترك مجدداً على أن الوسيلة الوحيدة لحل مشاكل الجنوب وغيرها هو الحوار الوطني الجاد والمسئول المفضي إلى حل المشكلات على قاعدة الشراكة الوطنية، والمشاركة الحقيقية للشعب في السلطة والثروة.
وفي أخر تطور للأحداث قال القيادي بمشترك محافظة الضالع "فضل الجعدي" إن من سوء حظنا في هذا البلد أن ابتلينا بسلطة لا تعيش إلا على رائحة البارود وسماع دوي المدفعية وأزيز الطائرات، وحين تنتهي من أزمة هنا تفتح بابا للأزمة في مكان آخر فهي لا تعيش إلا على الأزمات - حسب تعبيره.
وقال رئيس الدائرة السياسية لمنظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة الضالع في تصريح لـ"الصحوة نت" لا مبرر على الإطلاق لما أقدمت عليه السلطة يوم السبت الماضي، مشيرا إلى أن المطلوبين أمنيا يتم استدعائهم عبر النيابة العامة والقضاء، ونحن مع ملاحقتهم في إطار الدستور والقانون وليس بتلك الصورة التي جرت".
وأضاف الجعدي: إن مداهمة المنازل منتصف الليالي وفي الساعات الأولى من الفجر وقطع الطرقات والاتصالات وحرمان الطلاب من التعليم بلطجة رسمية تمارسها السلطة التي تعيش على الأزمات وعسكرة البلاد.
وقلل الجعدي من جدوى اللجنة الرئاسية التي شُكلت لمعالجة قضايا المحافظة، وقال في تعليقه على قيام السلطة بتشكيل لجنة لمعالجة ما وصفته بملف محافظة الضالع قال القيادي: لا جديد في موضوع بات يتكرر منذ أن كان عبد القادر هلال وزيرا للإدارة المحلية وهو موضوع باعتقاده غدا في سلة المهملات.
وقال الجعدي: أن السلطة للأسف لم تعد تمارس اليوم سياسة المسكنات والمهدئات التي كانت تمارسها في الماضي بل غدت هي من تشعل الحرائق وتفتح الأزمات تلو الأزمات.
فيما قال مصدر في الحزب الحاكم بالضالع أن ما جرى يوم السبت الماضي في مدينة الضالع لم يكن ليحصل سوى لأن بعض القيادات الأمنية والعسكرية هي المستفيد بدرجة أولى من التصعيد.
وقال المصدر في تصريح لـ"الصحوة نت" إنه كان بإمكان الأجهزة الأمنية إلقاء القبض على تلك العناصر بطرق ووسائل أخرى وتجنب أعمال العقاب الجماعي الذي لا يدفع ثمنه سوى المواطنين الأبرياء.
وقد دفعت تطورات الأحداث رئيس الجمهورية إلى إحياء دور لجنة ملف الضالع التي سبق وأن تم تشكيلها في وقت سابق وتضم نائب رئيس الوزراء وزير الإدارة المحلية رشاد العليمي وعضوية عبد القادر علي هلال ومحافظ الضالع علي قاسم طالب وعبد الحميد حريز عضو مجلس النواب .
الحرب الاعلامية هذه قد تتطور نتائجها, مما قد يؤدي الى انسداد الافق السياسي بين الطرفين, وبالتالي اغلاق باب الحوار, ليواصل كل طرف رواه وتوجهاته, حتى يحين موعد الانتخابات البرلمانية 2010م , وخاصة بعد فشل المفاوضات المستمرة بين المستشار السياسي لرئيس الجمهورية عبد الكريم الارياني وبعض القيادات العليا في اللقاء المشترك .
#عارف_علي_العمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟