فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)
الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 00:02
المحور:
الادب والفن
حاولت أن أرسم حدود فرحتي ،أو أن أقيس ترددها ، فاقت حجم الطوفان، وسرعة الضوء ، ساد صخب فرحي سفينة نوح ، حين تكللت فرحتنا بحصول أخي شهادة الدكتوراه في جراحة الأعصاب وعودته لأرض الوطن ،تاركاً بلاد الثلج ، وطال الليل بفرحنا وبزغاريد النسوة وأهازيج شباب مدينتي الغافية على الفرات .
كل واحد فينا يفكر كيف سيستقبله ؟..ومن هو أول من يدعوه لوليمة السلامة ؟ .. وما نوع الأماني والهدايا التي نهديه؟ .. و أمي تحلم بحضن صغير القوم ،حبيبها ، والدي أحرز مبلغاً من المال لابأس به ، أكثر بضعف حصة كل واحد فينا ، مشاركةً منه لفتح عيادة له .. توجهنا للمطار قبل موعد وصول الطائرة ب 8 ساعات ، أحترازاً من هدر بعض الساعات التي تتجاوز زمن خروجنا، لنمر بسلسة التفتيشات الكلبية والأدمية ، والمتبقي قضيناه بقضم الأظافر ، وفرح بنكهة الحزن ..
أعلنت الأذاعة الداخلية ، وصول رقم رحلته ، هرعنا لأستقباله ، توالتنا ساعات مقيتة ، بإنتظارات سقيمة وقلق عنيف ،تراه على وجوه صغارنا قبل كبارنا ، خوفاً من فقدانه هو اللآخر ، خرج جميع ركاب الرحلة ، ووصلت الأخرى ولم يخرج هو ..
خر جسد أمي أرضا ، تحلى أبي بصبر لم أعهده ولا أصدق مداه ، لكمات مدمية تلقتها أعمدة صالة الإنتظار من أيدي إخوتي ، فزعاً على أخينا الصغير ، جاء الليل ولم يخرج، أخذ أبي إخوتي وخرج عائداً للبيت ، خوفاً من أن يحدث ما لايحمد عقباه ، وطلب من والدتي أن تسأل هي ، على أن لا نتجاوز أنا او أختي وزوجة أخي مقاعدنا ، أو ان نلتفت لوالدتنا ، وإن خرجت والدتنا أمامنا ، يعني علينا أن نخرج من الصالة ، وسنجد جارنا مؤيد بإنتظارنا ، قبل أن نخرج طلبت منا والدتنا أن نضحك ونتحمد لزوجة أخي بسلامة الوصول ، وجدنا جارنا السائق مؤيد ينتظرنا ، وحين رأى فرحنا المبكي ، ذهل على جلادة والدتي ،وباتت ملامحه رمادية كروحي ، وما أن وطأت أقدامنا السيارة ، حتى أجهشت والدتي بالبكاء ..قالت يقولون لي (حجية) لاتخافي عليه ، هي فقط إجراءات أمنية ، تشابه بالأسماء .. بالغد قبل أن تشرق شمس الصباح ستجدينه بين أحضانك .. ولم يعد ..بقيت أحضان أمي تشتاقه ..والقبور تتوالى على عائلتي بالمجان .
_______________________
من المجموعة القصصية حرائق حرب
#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)
Fatima_Alfalahi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟