أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هوار بلّو - إنهم لا يؤمنون بالجوع .. قصة قصيرة














المزيد.....

إنهم لا يؤمنون بالجوع .. قصة قصيرة


هوار بلّو

الحوار المتمدن-العدد: 2944 - 2010 / 3 / 14 - 22:13
المحور: الادب والفن
    



في ليلة قمراء .. وفي ضاحية المدينة .. حيث تتناثر الخيام المتواضعة .. يجلس الشاب بالقرب من الموقد أمام خيمته وهو يتناول الحساء الساخن . وما هي إلاّ لحظات في ظل الصمت الرهيب ، حتى أحس برجل طاعن في السن يقف قريباً منه وهو يستند على عصاه ليطلق عليه التحية . فنظر إليه الشاب ، فإذا بإمارات التعب بادية على وجهه المتجعد ، فانتفض من مكانه كالذي يريد أنْ يأخذ حذره وهو يردّ عليه التحية . فأسرع الشيخ قائلاً :
- لا تخف يا بنيّ ، فأنا مجرّد إنسان جائع أبحث لنفسي عن كسرة خبز أسد بها رمقي .
تعجّب الشاب من بساطة كلامه وصراحته ، وأشار له بالجلوس من غير أنْ يتفوّه بكلمة وهو يحاول أن يألف وجوده . ثم صب له إناءاً من الحساء الساخن وقدّمه له مع قطعة من الخبز . وأخذ الشيخ يأكل من غير أنْ يشعر حتى نال كفايته ، ثم مسح فمه بطرفٍ من أطراف ثوبه البالي وقال :
- هل ترى هذا القصر جيداً يا بنيّ ؟
قالها وقد أشار بعصاه نحو قصر شامخ يقع في منتصف المدينة ، تملأ أعاليه المصابيح والأنوار ، ثم عاد يقول :
- أنا قادم من هناك مشياً على الأقدام !
فاستجمع الشاب جراته ليستفسره قائلاً :
- وما الذي جاء بك من هذا القصر إلى هنا يا عمّ ؟
فاجاب الشيخ :
- أنا رجل معدم لا أملك شيئاً غير هذا الثوب البالي ، فأحسستُ بجوع شديد واضطررْتُ أن أطرق باباً أسأل عنْ كسرة خبز أقيم بها عودي ، فاجتهدْتُ فلم أرَ أنسب من هذا القصر الشاهق كي أطرق بابه ، فطرقْته لكن أهله رفضوا إطعامي وأغلقوا الباب في وجهي . فعدْتُ أطرق الباب مرة أخرى من غير أنْ أنتبه لعاقبة أمري وأنا أصرخ قائلاً : (أنا مجرد جائع يا أهل هذا القصر!) .. وما رأيتُ إلاّ أنْ فتح أحدهم الباب وصفعني صفعة أسقطتْني بشيبي على الأرض ثم قال لي : (أنت مجرد ثيّب أحمق!) ، وأغلق الباب في وجهي بعنف ، وانكسرَتْ نفسيَتي أيما انكسار ، فأخذْتُ أجري من غير وعي مني حتى قادتني عصاي إليك يا بني .
أصيب الشاب بدهشة كبيرة ، ثم صاح :
- أهل هذا القصر الشاهق رفضوا أنْ يعطوك كسرة خبز تُسكتُ بها جوعك ؟ يا لشدة البخل الذي يسكن أرواحهم !
فأطلق الشيخ إبتسامة عريضة ، ثم قال في هدوء :
- إنه ليس البخل يا بنيّ . فلا تظنّ أبداً أنّ أهل قصر كهذا يخافون على مُلكهم من كسرة خبز يدفعونها لواحد مثلي . لكنّ كل ما في الأمر أنهم لم يحسّوا يوماً بطعم الجوع مثلي أو ببطونهم وهي فارغة ، فأصبحوا لا يؤمنون بالجوع لأنهم لم يتحسسوه يوماً في أنفسهم . كالذي ينكر ذات الله بحجة أنه لم يتلمّسه يوماً . إنهم لا يدركون كم هي كبيرة على النفس أنْ تمدّ يدها لشيء لا تملكه .
ثم قام من مكانه وقد استعاد قوته بعض الشيء ، وقال :
- كنتُ واثقاً مِن أنني سأجد ضالّتي عند أهل الحساء ، لا عند أناس تلامس قصورهم أعالي السماء .
قالها ، ثم استدار صوب المدينة و مشى بخطواته المتثاقلة وهو يهمهم بكلمة الشكر من أعماقه .



#هوار_بلّو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل العراق السياسي حسب رؤية (فوكوياما) .


المزيد.....




- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...
- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هوار بلّو - إنهم لا يؤمنون بالجوع .. قصة قصيرة