|
طوة الغيب / الكتاب - الانتشار والاندثار -
عادل علي عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 2944 - 2010 / 3 / 14 - 10:35
المحور:
الادب والفن
سطوة الغيب (5) الكتاب (الانتشار والاندثار) عندما نقيم كرنفالا للكتاب ، فإننا نحتفي بمهمة كبيرة ، او أنجاز استثنائي / ذاك أننا ومن خلال هذا الكتاب ولجنا عالما آخر / وأسسنا لمكان حالم ، تتحف مساحته بالرؤى والعبر والمعارف ، التي تمنح لهذا المكان حياته وديمومته / كما أننا انتقلنا بعالمنا القائم إلى عالم آخر ، نؤسس له من خلال إملاء شخوصه ، وبعث الحياة الجديدة ، التي تثري خيال الكتاب المستعار / وبهذا العمل ، نكون قد شاركنا بإنجاز مشهد من مشاهد الحياة ، وثمرة مؤملة ، لطالما نشدها صاحب الكتاب / وهذا يحيلنا إلى متعة السفر وأدبياته / وكيف تنقلنا المشاهد والأحداث لأن نعيش عالما ينعشنا بمفاجآته وغرائبه وطبيعته وانتقالاته الجديدة / إن للكتاب قدسية المساجد وهيبة الكنائس وعظمة المعابد / وما تلك القدسية إلا بعد أن ترك لنا الكتاب مكانته التي تجعلنا نحبس الأنفاس أحيانا عندما نلج عالمه الأصفر / فما تقدم الأمم إلا بمعونة واثر الكتاب / وكذلك تطورها وبيان مستواها ودورها ومكانتها بين بقية الأمم / فالكتب هي دماء الرجال الأفذاذ / الذين يقدمون تجاربهم إلى الآخرين على طبق من ذهب / وهم يعكسون تجاربهم ويفصحون عن معاناتهم التي يمررونها بين سواد السطور أملا باكتشافها من لدن القراء او نشرها بين الناس او الإقتداء والعمل بها/ وحتى تعزيز حياتها وتمتين تجاربها وإدامة محتوياتها / إن هذه الكتب هي تجارب جاهزة ومدروسة يقدمها ثلة من الرجال العاملين إلينا بعد دراسة ومراجعة وتمحيص ومتابعة / وهي خرائط من التجارب وعصارة من الأفكار ونتاج من ثمار العقول تقدم أمامنا بغية وقوفنا عليها والاتعاظ بها وبأبعاد دروسها / إن اغلبنا يدرك جيدا أن الأفكار تؤلف هوية الإنسان / إذ لا يشفع عمق الحضارة وإيغال الزمن الفكري في تعزيز وترصين الأدوار الإنسانية / وعليه يكون الكتاب حاصل رقي الأمة وسلافة تجاربها ومسيرتها و تقدمها ومحور توجهاتها الايجابية / ومصدر تقدمها وبيان رقيها ومحور تطلعها / وعصارة فكرها النير / واشراقة ماضيها وتاريخها / ورأيها القاطع السديد / وحجتها الواضحة / والنهاية الرصينة لوجدانها الفاعل والحي / ومؤشر ومقياس تقدمها ومدنيتها / و يمسي ركيزة تقاس فيها مكانة ورقي الشعوب ودعامة تعزز فيه هويتها الفكرية وأدوارها الثقافية / كما انه الشاهد الحي والمتجدد لخير الشعوب وشرها / وتقدمها وتخلفها / وهو الراصد والمتابع والشاهد لكل ادوار الشعوب والحضارات / وهو الوعاء الفكري للأحاسيس والمشاعر التي سجلها الشعراء والسياسيون والأدباء والمفكرون / وهو الشاهد الموثق لحكمة العرفاء والفلاسفة / وهو القائم المسؤول عن توسيع مدارك الشعوب والأمم / وتحفيز وتشكيل الآراء وصولا إلى تعزيزها وتعضيدها بآراء أكثر رقيا وامتدادا / وهكذا تتباهى الأمم بتنوع مواضيع الكتب وهو ما يجعلها امة قادرة على الوقوف على التصنيفات الفكرية والتجارب العقلية / وهي بذلك تسوق نفسها كأمة عاملة فاعلة تستطيع مواجهة الحياة بكل تقلباتها وشتى انعطافاتها / ولقد أثبتت هنا مكانتها المعطوفة بتجارب مفكريها ووقوفها على تصانيف الفكر وأجناس الثقافة وطبيعة وحياة الشعوب والأمصار / وهو ما يعزز بالتالي تاريخ الحضارة ومديات البناء ومكانة العمل / إن الكتاب يعني المشاركة بصنع الحضارة والإسهام في عملية التطور والمشاركة في البناء / والكتب هنا وثائق ومحفوظات وشواهد على مكانة الأمم والشعوب وأدوارها في بناء الإنسان وترصين مستقبله / وهي علامات دالة وشاهدة على ادوار الأمم ومدى تجاربها واثر خبراتها / كما ويحقق الكتاب مكانة استثنائية وإضافية لو وقف على تجارب الشعوب الأخرى وصاغها بطريقة تقريبية وتوفيقية / وهو يضيف هنا دورا تعزيزيا واستكماليا في عكس ثقافة الآخر والإفادة من مشاهد الصناعة المدنية / و يصل بنا إلى ما آلت إليه خبرة العلماء والمفكرين والمخترعين كما يعرفنا على المكانة السامية التي وصلت لها الشعوب الأخرى / لذا لم تعرف البشرية فائدة جادة خدمت الإنسان مثل الكتاب / وهكذا يسجل الكتاب وصاية على الأفكار والمعرفة والرؤى من خلال حفظها وتدوينها وتوثيقها وخلق حاجزا خاصا يحول دون اندثارها / إن إنجازات الأمم الخالدة والحضارات العظيمة لم يكتب لها النجاح بدون الكتاب / كما أن الاكتشافات والاختراعات والرحلات والإبداعات هي أفعال جسدها الكتاب وركزها كدعامة وشاهد ودليل لتلك الأمم / وهكذا يؤلف الكتاب هنا سابقة وحصرا لتلك الإنجازات والاختراعات / وهو يؤرخ لها ويحقق مكانتها التاريخية والتوثيقية / فهو يحفظ بين دفتيه فعاليات وأعمال وإنجازات الناس بكافة توجهاتها / ونستطيع القول إن مهمة الكتاب هنا صارت مهمة أرشيفية تاريخية توثيقية شاهدة / وهكذا يصبح الكتاب وفضلا عن فائدته الإنسانية والثقافية مقوما أساسيا للحضارة الإنسانية / كما يسجل الكتاب لبعض الأفكار والرؤى تعزيزا في الاستشهاد والحجة ودليلا لتقويم الرأي وامتدادا لمعنى الاكتشاف / ونعني هنا انه شاهدا ومكملا لرأي الكاتب ومعززا لنظريته / ومثلما قالوا انه يرصد و يسجل ويحفظ ويروي الحقائق والسندات إلى التاريخ / وهنا لا بد لنا أن نسجل أن الأفكار هي عوالم منسلخة عن الأخرى ولكنها تتجاذب في المجالات الفكرية / كما لا يمكن لهذه العوالم أن تتفرد في الآراء والرؤى وبعكسه فتصبح نظريات اجتهادية يضطلع بها أصحابها / وهكذا تبقى تجارب الكتاب معينا لا يمكن تغافله او عدم الإشارة إليه / كما أن أي نظرية هي مبتورة إذا لم تقف على تجارب الآخرين وتعضد بمشاهدتهم وتستكمل باستدلالاتهم / وبعكسه فتبقى هذه التجارب جامدة غير منفتحة ومنقسمة على الذات الأحادية / وهكذا تضطلع الكتب بمهمة ورسالة نقل الفائدة من جيل إلى جيل / وتعكس خلاصة التجارب وسلافة الرؤى ومسلمات النظريات والأفكار / ويبقى مسلما أن مهمة الكتاب لا تنتهي ما دامت مسيرة الأحداث مستمرة وعجلة الأفكار متواصلة ورحلة العلوم والمعارف متقدة / ويصبح لدينا أن حياة بلا كتاب تعني حياة خاوية ناقصة مبتورة مشوهة الصورة / وهذا ما يجعلنا نحترم مدنا تهتم بمكتباتها ودور نشرها وطبعها وحتى متاحفها الخاصة بالكتب والمؤلفات والمخطوطات / وكلنا يتذكر أن بيع الكتب في بلدنا وصل يوما إلى حملها بالعربات / وتأسست أسواق خاصة بالكتب مازال البعض قائما حتى هذه الساعة / إلا أننا نعترف أن رواج الكتاب في وقتنا الحاضر لا يرقى إلى تلك الأيام ولا يساير تلك الأسواق / وكنا يوما نبصر عددا من ركاب الحافلات هم مشغولون بآخر إصدارات سلسلة كتابي او المكتبة الثقافية او الهلال او زدني علما والى غيرها من السلاسل الأسبوعية او الشهرية / والكتاب سلاح ذو حدين مثلما الطعام بفائدته ومضاره/ فهو يحتوي الأفكار البناءة والهدامة / يتوالى على صناعته دعاة الفكر الرسالي وأصحاب الأفكار المريضة والمدسوسة / والهدامة التي تبث سمومها بين الضعفاء وغيرهم / لذلك يظل الكتاب وعلى حد رأي اغلب المعنيين هو اكبر وأرقى وسائل الإقناع / وهو الثبت والسفر والبيان الذي يفصح عن معادن الكتاب وحياة الأمم ومستوى الحضارات / ويبقى الوثيقة التي نحترم من خلالها الشعوب وندين فيها الأمم / ونقيم حياة ومسيرة الحضارات وأدوارها المشرقة والمعتمة وصولاتها وجولاتها في نشر النور والحقيقة بين البشر .
#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصائد
-
صور
-
سطوة الغيب / ج1
المزيد.....
-
رجع أيام زمان.. استقبل قناة روتانا سينما 2024 وعيش فن زمان ا
...
-
الرواية الصهيونية وتداعيات كذب الإحتلال باغتيال-محمد الضيف-
...
-
الجزائر.. تحرك سريع بعد ضجة كبرى على واقعة نشر عمل روائي -إب
...
-
كيف تناول الشعراء أحداث الهجرة النبوية في قصائدهم؟
-
افتتاح التدريب العملي لطلاب الجامعات الروسية الدارسين باللغة
...
-
“فنان” في ألمانيا عمره عامين فقط.. يبيع لوحاته بأكثر من 7500
...
-
-جرأة وفجور- .. فنانة مصرية تهدد بمقاضاة صفحة موثقة على -إكس
...
-
RT العربية توقع مذكرة تعاون في مجال التفاعل الإعلامي مع جمهو
...
-
عاجل | معاريف عن وزير الثقافة الإسرائيلي: نأمل التوصل إلى صف
...
-
نزلها سريعًا!!.. واتساب يُطلق ميزة الترجمة الحية في الدردشة
...
المزيد.....
-
الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة
/ محمد الهلالي
-
أسواق الحقيقة
/ محمد الهلالي
-
نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح
...
/ روباش عليمة
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
المزيد.....
|