أول ناخب يختصر لكم قصتها

علي فاهم

الحوار المتمدن-العدد: 2940 - 2010 / 3 / 10 - 10:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

و نحن نعيش في دوامة و ملحمة الانتخابات التي شغلت الإعلام العراقي و العربي و العالمي و من خلال أستغراقنا في متابعة الفضائيات العراقية و العربية التي سايرت عملية الانتخابات بتغطية مميزة , عرضت قناة العربية في يوم الانتخاب بعض اللقطات و المفارقات التي واكبت عملية التصويت لفت نظري كما لفت نظر مقدمة البرنامج لقطة قصيرة عن أول ناخب توجه مستبقاً بزوغ شمس الصباح على أرض البصرة رجل حفرت السنون أثارها على وجهه يتمسك في أحدى يديه بهوية الاحوال المدنية التي تثبت أنه عراقي أصيل و لونها الاصفر المغبر يحكي لك أنه لم تسنح له فرصة الخروج من أسوار العراق و لم يتنعم بالمساعدات الدولية و الأخرى تحتضن أوراق لم يكشف عنها الا فيما بعد , سأله مراسل قناة العربية عن من سينتخب فأجابه أنه سينتخب المالكي ..؟؟!!!!!
لماذا ستنتخب المالكي ؟ كان جوابه مشوب بنبرة ذليلة خنقت الكلمات غصة و عبرة , مزقت جمله التي أطلقها , مبللة بدموع صفراء خضبت لحيته البيضاء ,
(( حتى يصرف لي راتب الرعاية ...)) (( صارلي أربعة أشهر اركض و محد يرضة يصرفلي راتب رعاية أريد أنتخبة بلكت ينطيني راتب ))
أنهارت الدموع الذليلة بلا توقف من عيون غطتها تجاعيد الحاجة و أنحنى الرأس العراقي الكبير بذلة السؤال على (( مايك)) قناة العربية ممسكاً به بكلتا يديه و قبله و كأنه يقبل (يد ..) أو ربما ( قدم ) أو حذاء محسن .
تختزل هذه اللقطة القصيرة قصة رحلة مركب أصوات العراقيين في أمواج متلاطمة تسيرها رياح السياسة و مكر السياسيين و لهاثهم وراء المكاسب و السلطة التي تبرر لهم كل شيء و تبيح لهم كل شيء .
أما من جانب العراقي الذي قضى عمره يبحث عن مكان قرب ظل السلطان يدفع عنه التعب و المعاناة و الحرمان التي لازمته منذ فتح عينيه على كومة الآلام المتوارثة و الملتصقة ,
ففي بحثه عن رقعة الظل في كنف السلطان صيرته مهرولاً معصب العينين نحو من يمسك بالسلطة , منجذباً بلا إرادة العقلاء باتجاه من يسرقه أو يظلمه ليعيد اجترار الأحداث ليتداول الأيام ذاتها في دولاب الأربع سنوات القادمة . فهذا الرجل المسن يريد أن ينتخب أسماً يحقق له حلماً , غافلاً عن أن من قضم حلمه الأخير نفسه من يرجوه لتحقيقه , فهل هي عقدة السلطان التي لازمتهم منذ عرفوا السلطان و تركوا من يعارضه وحيداً تصلي عليه سيوفهم في كربلاء كل يوم .

#علي_فاهم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات