|
ايها الاسرائيليون ... اما فيكم رجل رشيد
محمد خضر قرش
الحوار المتمدن-العدد: 2939 - 2010 / 3 / 9 - 12:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أيها الإسرائيليون ... آما فيكم رجل رشيد !!! محمد خضر قرش – القدس لم يعد السؤال فيما إذا كان الإسرائيليون يتجهون بخطوات ثابتة نحو اليمين والتطرف سلوكا ومنهجا وأسلوبا وممارسة أم لا، فذلك أمر بات مفروغا منه وملموسا في الميدان (الأرض) والسياسة والعلاقات الدولية والاستيطان والاغتيالات في كل مكان وزمان ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو إلى أين تريد الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية أن تأخذ المنطقة برمتها ؟وإلى أي حد يمكن للدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة أن تغمض عيونها عن قيام إسرائيل بجرَ الشرق الأوسط إلى المجهول ؟الحكومة الحالية بعموديها نتنياهو وليبرمان لم تعد معنية بما ستؤول إليه الأوضاع نتيجة لإتباعها سياسة حافة الهاوية التي تنتهجها وتمارسها مع سبق الإصرار والترصد، مستفيدة إلى حد بعيد جدا من ثلاثة عوامل رئيسة هي أولا:الانقسام والضعف واللامبالاة الفلسطينية لما يجري مقابل التمسك في سلطة شكلية تحولت إلى عبء وعقبة تحول دون استنهاض النضال الوطني الفلسطيني. وأمام الاستفراد بالرأي واستبعاد أسلوب الانتفاضة المدنية كأسلوب لمواجهة المخططات الإسرائيلية فقد سادت حالة من الاسترخاء والكسل والخمول والاتكال على الغير ،الذي بات ملموسا لدى عموم الأحزاب والفصائل دون استثناء منذ رحيل الرئيس ياسر عرفات، ولم يعد باستطاعة السلطتين-الرسمية والانقلابية- أن تواجه التطرف الإسرائيلي مما شجع الحكومات المتعاقبة على إهمال الجانب الفلسطيني والتصرف وكأنه غير موجود .وثانيا:الموقف العربي الرسمي والشعبي المخزي والمفرط بالأمن القومي والمصالح الحيوية وتسليم القرار الاستراتيجي العربي للغير لصالح توريث الحكم واحتكار السلطة وبقاء الجاه والمال والخدم والحشم ...الخ أما العامل الثالث والأخير فيخص الموقف الأميركي بالدرجة الأولى والأوروبي بالدرجة الثانية وصمتهما عن كل ما تفعله الحكومة الإسرائيلية الحالية – والحكومات السابقة – تجاه تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. بل أن إسرائيل وجدت بالسياسة الأميركية والأوروبية خير مشجع لها على الاستمرار بممارسة سياستها العدوانية من خلال عدم قيامهما باتخاذ إجراءات عملية ملموسة ضدها عبر استخدام الفيتو لحمايتها من العقوبات الدولية بسبب الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني واللبناني وغيرهما. فمنذ إنشاء أو قيام دولة إسرائيل فوق الأرض الفلسطينية ، لم يمر عام واحد دون حرب أو اشتباك أو قتال أو اغتيال أو غارة أو عدوان أو عملية عسكرية كبيرة أو محدودة بالإضافة إلى التجسس الدائم والعبث بأمن واقتصاد الدول المجاورة أو التي قد تشكل خطرا عليها في المستقبل . فالجيش الإسرائيلي هو الوحيد في العالم الذي يشن حروبا استباقية شبه سنوية سواء كانت ضد أشخاص أو قواعد أو مؤسسات مدنية أو علمية داخل الوطن العربي أو خارجه ،بالإضافة إلى أن إسرائيل تعتبر الدولة الوحيدة أيضا التي ما زالت في حالة استنفار دائم.فلم يسجل التاريخ قط ، القديم منه والوسيط والحديث دولة مماثلة لها من جميع النواحي .فمنذ العام 1948 لم تهدأ هذه الدولة ولم تكف أبدا عن الاحتلال والتوسع وتكريس الأمر الواقع وتدمير البنية التحتية للدول المجاورة لها ومحاربتها، كما أنها لم تغمض عيناها عمن حولها سواء بعيونها هي أو بالاستعانة بعيون الآخرين ،وما أكثرهم ،كل ذلك لأجل إحباط أي محاولة أو نشاط من هذه الدولة أو تلك للتقدم وبناء القدرات الدفاعية والاقتصادية لمواجهة حروب وغارات إسرائيل عليها وليس لمقاتلتها. لم يقيَض لإسرائيل منذ قيامها قبل نحو 62 عاما بقيادة حكيمة وعاقلة تعي جيدا حقائق التاريخ والجغرافيا وخصائص المكان والزمان الذي تتواجد فيه. فالقادة الأوائل كانوا مشغولون ومنهمكون في إرساء أركان الدولة غير الطبيعية في وسط بحر معاد لها ،وكانوا على استعداد فعلي وفقا للوثائق المنشورة أن يتفاوضوا على قرار التقسيم الذي صدر عام 1947،لذلك لم يبدءوا باستيطان الجليل بشكل واسع إلا بعد حرب حزيران عام 1967 كما أن إسرائيل لم تتوسع بالاستيطان في القدس والضفة إلا بعد أن أعلن الرئيس السادات بأن حرب أكتوبر 1973 هي آخر الحروب مع إسرائيل .وعلى خطى من ذهب إلى الجامع أو الكنيسة فوجد أبوابهما موصدة من بعيد فاقفل راجعا.عادت إسرائيل أدراجها إلى ملعبها وميدانها المفضل وهي الحرب،معتقدة بأنها الوسيلة المثلى لتحقيق غاياتها وأهدافها . ورغم وصايا بعض المؤسسين الأوائل بضرورة الانتباه إلى خطورة استمرار انتهاج أسلوب الحروب بين إسرائيل وجيرانها العرب والمسلمين إلا أن الجيل الثاني أهمل هذه التوصيات وأدمن على نزعة الحرب التي أغوته كثيرا وفتحت من شهيته على التوسع شمالا وجنوبا وشرقا بحكم الانتصارات السهلة التي كان يحققها في كل مرة ومحدودية الثمن الذي كان يدفعه في كل حرب . وقد ساهم ذلك بلا شك في تأجيج نزعة الحروب والابتعاد عن تحقيق السلام العادل والاستقرار في المنطقة. ثمة حقائق كثيرة تدركها إسرائيل والولايات المتحدة جيدا،وهي أن استمرار الحروب والتوسع واحتلال أراضي الغير لن يحقق السلام والأمن لإسرائيل وللمصالح الحيوية للولايات المتحدة الأميركية ،بل على العكس من ذلك تماما. الشعب الإسرائيلي – بشكل عام - مأخوذ ومتأثر بعاملين رئيسيين هما :استفحال ظاهرة التطرف نحو اليمين وانحسار العقلانية والرشاد والحكمة من فكر وسلوك وممارسات معظم قادة الأحزاب الإسرائيلية .فليس غريبا والحالة هذه، أن يحقق ليبرمان فوزا كبيرا يفوق حزب العمل .أو ليس غريبا أيضا أن يصبح حزب كاديما الذي أسسه شارون قبل دخوله في غيبوبته حزبا عقلانيا وينشد السلام !!!بالمقارنة بالليكود وحزب ليبرمان . أما العامل الثاني والذي كان له دور في تعزيز الاتجاه نحو اليمين والتطرف هو :الانبطاح والانصياع العربي الرسمي الكامل لمشيئة الولايات المتحدة الأميركية وسكوته على الحروب الإسرائيلية المتكررة ضد فلسطين ولبنان وغيرهما بالإضافة إلى مشاركتهم الكاملة في غزو العراق وتدميره وحتى تقسيمه. لقد ترك العرب إسرائيل تستأسد على الشعب الفلسطيني الأعزل وصمتوا صمت أبو الهول على قيام إسرائيل ببناء المستوطنات وتغيير معالم الضفة والقطاع وتهويد الأماكن المقدسة بما فيها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ونفس الشيء يمكن سحبه على لبنان مع فوارق محدودة جدا .فعلى الرغم من كل ما فعلته وتفعله إسرائيل تجاه فلسطين ولبنان وسوريا والعرب،فأن أيا من الدول العربية لم تأت لا تصريحا ولا تلميحا على نيتها بطلب سحب السفير الإسرائيلي من عواصمها .والأدهى والأمر من ذلك أن علاقة إسرائيل مع الدول العربية،سواء تلك التي تتبادل التمثيل الدبلوماسي معها أو التي لا يوجد معها علاقات، تتحسن وتتطور وتزدهر في المجالات الاقتصادية والسياحية والتجارية عاما بعد آخر. والسؤال هنا: ما الذي يلزم أو يجبر إسرائيل على تغيير سياساتها إذا كانت كل مصالحها مؤمنة ومستقرة ومتطورة بشكل ملفت للنظر ؟.فإذا اعتقدت إسرائيل بان استمرار هذا النهج هو لصالحها على المدى الطويل فستكون أول من يقع في الخطيئة وسوء التقدير . إسرائيل بحاجة إلى قيادة حكيمة ورشيدة ومسئولة ،في هذه الأوقات بالذات أكثر من أي وقت مضى. أن تحقيق السلام هو مصلحة إسرائيلية بالأساس وهذا هو الوقت المناسب لتحقيقه إذا كان ثمة عقلاء يحكمون إسرائيل ،وبغير ذلك فان أوضاعا كثيرة سوف تتغير بدءا من مصر ولبنان وسوريا وحتى دول بعيدة عنها كباكستان وتركيا . إسرائيل تحتاج إلى قادة سياسيين يتسمون بالعقلانية والرشاد ويصنعون السلام وليس إلى قادة مهمتهم بناء المستوطنات والجداران وهدم وتدمير البيوت.من هنا نقول لكم أيها الإسرائيليون، ألم يحن الوقت بعد، لظهور رجل أو رجال راشدون وعقلاء بينكم أومن بين صفوفكم يستطيعون أن يصنعوا السلام العادل ويبنوا جسورا من الثقة مع الفلسطينيين واللبنانيين والعرب !! وقف التطرف والجنوح أو الانزلاق نحو حافة الهاوية سيكون مؤذيا لكم أكثر من غيركم . وعليكم أن لا تعتقدوا بان السلاح النووي الذي تملكونه سوف يحميكم. تذكروا جيدا بان العرب ومعهم تركيا وإيران وباكستان بمقدورهم تحمل أكثر من عشرة قنابل نووية ولكن السؤال هو :هل بمقدوركم أن تتحملوا نصف قنبلة نووية بقوة تلك التي ألقيت على هيروشيما أو ناغازاكي ؟ السلام والأمن مصلحة إسرائيلية أولا وعليكم عدم تفويتها أو إضاعتها أو تجاهلها بحجة أن موازين القوى الحالية لصالحكم !!. من لا ينظر إلى المستقبل البعيد لا يستطيع أن يضمن الحاضر ومن لا يتعظ من تجارب الماضي سيخسر وجوده وأكثر. تلك هي تجارب العديد من الإمبراطوريات والدول عبر التأريخ القديم منها والحديث . وقديما قالوا الحكيم أو العاقل هو من يتعظ بغيره. فهل يتعظ شعب إسرائيل وحكوماته!!!. [email protected]
#محمد_خضر_قرش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسكونون في الماضي ....بائسون وعاجزون
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|