|
كرد سوريا والبحث عن كاريزما
بسام مصطفى
الحوار المتمدن-العدد: 2939 - 2010 / 3 / 9 - 07:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الكاريزماCharisma وحسب الويكبيديا كلمة يونانية الأصل تعني المنحة أو الهبة الإلهية التي تُعطى لأشخاص محددين دون غيرهم. تستطيع الشخصيات الكاريزماتية أن تؤثر بشكل فعال على محطيها والأشخاص الأخرين وأن تقودها بنفوذها القوي. وكان أول من أعطى لهذه الكلمة بعدا سياسيا عالم الاجتماع الالماني ماكس ويبر. ورغم أن عصر القائد الأوحد والشخصيات الاحادية والدكتاتورية والسلطة المطلقة قد ولى، لكن ثمة شخصيات كاريزماتية بين كل شعب وأمة من الامم. ويعتبر كرد سورية الاقل عددا بالنسبة لاكراد الاجزاء الاخرى من كردستان المقسمة، والمساحة الجغرافية للجزء الذي يتواجدون فيه كذلك تعتبر الاصغر وكانوا دائما متضامنين مع اخوتهم في اجزاء كردستان الاخرى وربطوا مصيرهم بمصيرهم. ومع أن الحركة السياسية الكردية في سوريا تأسست بعيد منتصف خمسينيات القرن المنصرم، لكن لم يبرز حتى يومنا هذا شخصية كاريزماتية سياسية بين أكراد سورية، تجمع فيما بينهم وتوحدهم وتأخذ بيدهم إلى بر الأمان. ولغياب مثل هذه الشخصية وفي أغلب الاحايين يهتف كرد سوريا باسم زعماء الكورد في الأجزاء الاخرى، وهذه ليست تهمة بالطبع ولكنها تحمل الكثير من المعاني والدلالات والتساؤلات. "كوردووتش" موقع الكتروني مستقل يهتم بقضايا حقوق الانسان والانتهاكات التي يتعرض لها الكرد في سورية. في كانون الاول من 2009، نشر هذا الموقع دراسة مسهبة عن انتفاضة 12 اذار عام 2004 بعنوان" انتفاضة القامشلي: بداية عهد جديد لكرد سوريا؟ " واشارت الى أسباب واحداث ونتائج انتفاضة اذار والى حقيقة ان المتظاهرين والمشاركين في الاحداث كانوا يهتفون باسم زعماء الاجزاء الاخرى من كوردستان-الذين نعتز ونفتخر بهم- ولم يكن هناك ثمة زعيم منهم ليهتفوا باسمه! في أذار 2004، سُمي الرئيس السابق للولايات المتحدة الامريكية جورج دبليو بوش من قبل بعض المشاركين في الانتفاضة بإسم "بافى آزاد" أو "أبا آزاد" ليصبح لفترة قصيرة زعيما من زعمائهم ولكن من خارجهم. تذكر دراسة " كوردووتش" المشار إليها آنفا: "رفع البعض من المشاركين في الاحداث صورا لقادة كرد من اجزاء كردستان المختلفة وأعلن كل قسم ولاءه لزعيم منهم مما كان بمثابة دلالة على عدم وجود شخصية كاريزماتية كردية في سورية تجمع وتأتلف عليها القلوب والأفئدة." لقد شهد تاريخ الحركة التحررية الكردية في طول كوردستان وعرضها الكثير من الثورات والانتفاضات التي قام بها الشعب الكردي التواق إلى الحرية بزعامة شخصيات دينية ووطنية من الفئات المتنورة. وبين كرد سورية، سطع نجم شخصية كهذه قبل بضعة سنين: الشيخ محمد معشوق الخزنوي. جمع الشيخ الخزنوي كممثل للاسلام الليبرالي والمعتدل وب كاريزميته وشخصيته القوية، البعدين الوطني والقومي والديني الاسلامي. وشكل بهذا خطرا كبيرا مما عملت قوى الظلام وفي فترة قصيرة على تصفيته وإزالته من الوجود. يجب أن تكون الشخصية الكاريزماتية صادقة ومنسجمة مع نفسها ووفية لقيمها ومبادئها في زمن بات شاهدا على اختفاء الكثير من القيم والمبادىء. ولا بد من الإشارة إلى أن الشخصيات الكاريزماتية لا تتجسد في سياسيينا الذين لا يؤمنون بما يقولون من شعارات ومبادىء وغيرها حتى أن أقرب المقربين منهم لا يؤمنون بأفكارهم وسياستهم. كان الشيخ معشوق يستطيع كقومي ورجل دين معتدل أن يجمع الناس حوله، ويؤلف المختلفين والمشتتين وهذه إحدى خصال الشخصية الكاريزماتية. ويعرف المتابعين والمهتمين أن الخزنوي تعرض للإختطاف والقتل بعد عودته من اوربا لانه كان يحاول كسب تأييد المجتمع الدولي لقضية شعبه العادلة في حل القضية الكردية في سورية ولجرأته الكبيرة في نقد النظام على شاشة فضائية "روج تفي" حتى أن مقدم البرنامج اندهش من جرأة الشيخ وعزيمته. كذلك بعد انتفاضة اذار 2004، خطب الشيخ معشوق في مراسيم أربعينية استشهاد الشاب فرهاد –الذي توفي تحت التعذيب- وتجاوز الكثير من الخطوط الحمر وأدان النظام السوري في عقر داره- لامن وراء البحار!- وبارك بطولة ومقاومة فرهاد. بعد اعلان ونشر خبر مقتل الشيخ معشوق في الاول من حزيران 2005، خرج كرد سورية بآلاف المؤلفة لاستقبال جثمانه الطاهر وشاركوا في مراسيم العزاء المقامة له. لقد كان الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي شخصية كاريزماتية لكنه وللاسف انطفأ كشمعة بيد قوى الظلام. منح الشيخ أملا متعاظما لكرد سورية، لكنه غادر مبكرا وخبا نجمه من سماء الكرد.
#بسام_مصطفى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في 13.11.1960
-
محمد عارف...اللوحة الأخيرة
-
هل سيتباهى الحجل مرة أخرى؟
-
إلى الأخ والصديق خالد علي..
-
حديث مع كوردي
-
فتح الله حسيني في -إمبراطورية الخديعة-
-
الأدب الشفاهي الكُردي: البحث عن الهوية المفقودة
-
بلا عنوان: شيلان حمو الشاعرة التي ترى بقلبها!
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|