أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - ولكن ما هو الواقع؟!..















المزيد.....

ولكن ما هو الواقع؟!..


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2938 - 2010 / 3 / 8 - 19:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فوجئت - مرة- عندما نعتتني اثنتان من المقربات إليّ بأنني شخص فاشل، وكنت حتئذ أعتدّ بنفسي كشخص حافظ على مبادئه فوق ثلاثين عاما ، - آخرون أيضاً من هذا الباب-، زهدوا في الدنيا وقبلوا أن يخرجوا منها بشروى نقير، لم أملك ازاء ذلك غير أن أبتسم تقديرا لمشاعرهن النبيلة. لكن مثل هذا الرأي ليس قصرا على أصدقائي وصديقاتي ولا عليّ شخصيا، فكثيرون هم من يستخدمون هذا المنظار أو المنظور، ممن يتفقون مع هربرت سبنسر في (أن الحياة هي الانسجام أو التكيف مع الواقع).
لا أنكر هنا عدم قدرتي على مسايرة الواقع. الواقع بكل تلاوينه ومستوياته، لايماني بأن الواقع العربي أيديولوجي شمولي مثل أنظمتنا العربية، ولا أستطيع المراءاة بادعاء وجود واقع اجتماعي وواقع ثقافي وواقع سياسي وواقع اقتصادي وواقع ديني وواقع فسفي أو وجودي، وكل منها مستقل بتعريفه ومنفصل عن سواه. وهذا ما جعل التقاطع مع أحد مستويات الواقع العربي ، اختلافا مع كل الواقع بقضه وقضيضه.
وللبقاء في نطاق التجربة، وباعتباري من بلاد (شرق المتوسط) حسب تعريف عبد الرحمن منيف حيث يسيل النفط والدم والسائل المنوي سويا، كنت في صغري أسخر من سواليف (والدتي) الخرافية عن الجن والملائكة والطقوس والتقاليد الدينية المقترنة بالنذور والقرابين، وأحلامها عن رجال صالحين يرتدون ثياب بيضاء أو خضراء أو حمراء أو سوداء، تعرفهم بأسمائهم، وتجبرنا على ارتداء ثياب سوداء أياما معلومات من كل عام خشية انقلاب الأرواح علينا وإصابتنا بسوء. ومع تطور وعيي الثقافي والسياسي اكتشفت أن البلد يحكمها (الدولاب الدموي ببغداد) حسب توصيف الشاعر المبدع مظفر النواب. و(هل مرّ عام والعراق ليس فيه جوع)*.. و..
عجبت من خضر جنات منشّرة على الضفاف ومن جوع الملايين*
و..
أنظر لوضع بلادنا غلط يصحّ في غلط*
*
تخللت طفولتي صور فيضان مدمر وأحداث حظر تجوال وحرب أهلية، ثم حروب الخليج الأولى والثانية والحصار وما تلاه حتى اليوم*. وكنت مثل معظم أبناء جيلي مادة تلك الحرب قرابة عشر سنوات. ما هو الواقع المطلوب الانسجام معه خلال تلك الحياة. وما هو معيار الفشل والنجاح في ظل ظروف تعسفية مفروضة كالقدر؟.. الحقيقة أنني لم أخسر شيئا –غير الوقت-، ولكنني كسبت نفسي، هذا على صعيد شخصي طبعا. والحياة فقدت قيمتها بالنتيجة –لأن الحياة في الواقع هي وقت ضائع!-. أما على صعيد عام فلم أهتم بالمزايا والامتيازات التي تقدمها مؤسسة الثقافة الرسمية،- إذا اعتبرت نفسي كاتبا رضيت البقاء على هامش المشهد أو خارجه!-. هل كانت هذه خسارة؟.. عندما توسعت في النشر خارج العراق سألني البعض: لماذا لم نقرأ لك من قبل؟.. اسمك عير معروف.. لماذا؟.. وعندما أنظر الآن حواليّ وأستذكر كلّ ما مرّ، أعترف أنها حياة سيئة، ولكني لا ألوم نفسي أنني لم أنتهزها، ولم أحوّل هزائمها إلى انتصارات في جعبتي. أن كل تعامل مع السيء هو سيء. وكل ما يخرج من السيء فهو سيء. ربما يخالف هذا إرادة الحياة وإرادة البقاء، ولكن ما قيمة البقاء في منظومة سيئة أو زمن سيء؟!..
أنا لا أضع لنفسي ولأمثالي علامة (صح) مدرسية، ولا أضع علامة (رسوب) أمام الذين استفادوا أو يستفيدون من كل ظرف لصالحهم. ولا أريد أن يؤخذ هذا بمنظار السياسة والوطنية، ولكني أقول بالمنظور الاجتماعي والنفسي، الذي يأخذ بالاعتبار ظروف النشأة البيئية والتركيبة النفسية لشخصية الفرد. وأسجل هنا مقولة كارل يونغ: (ان الانسان هو ضحية لتركيبته النفسية أكثر منه مخترعها). ربما لو اختلفت ظروف نشأتي الاجتماعية وعناصر تركيبتي النفسية لاختلفت خريطة حركتي في الواقع، وكنت شخصا ناجحا في نظر أصدقائي وصديقاتي، ولما وجدت نفسي منغمسا (الآن) في البحث والدوران حول مركز الألم. ربما سعت ظروف الخوف والدكتاتورية وظروف الحرب والبروباغندا في ترويج طبعة شعبية للفرد تحت عنوان المفهوم الجمعي للأفراد، وصياغة فرد تم تشذيب عناصر المعارضة والاختلاف منه، على غرار مبادئ مختبرات البيولوجيا الأمريكية الهادفة لاستنساخ بشر وفق مواصفات جينية معدلة حسب المنظور الامبريالي الأمريكي للانسان*.
في هذه الحالة فقط يمثل شخصي نسخة فاشلة (defect/ upsturz). هنا يرى يونغ أن (دولة الجماهير – يقصد دول أوربا الشرقية في ظل النظام الاشتراكي- لا تسعى لنشر الفهم المشترك والعلاقة بين الانسان والانسان، انما تتوق بالأحرى إلى الذرية (من الذرة) والعزلة النفسية للفرد. كلما زاد انفصال الأفراد عن بعضهم البعض كلما رسخت الدولة والعكس صحيح)-ص69*، وهو أمر تنقصه الدقة، لأن دولة الجماهير (الاشتراكية/ الدكتاتورية العسكرية عربيا) سعت لاشاعة ثقافة ايديولوجية شعبية واحدة تمثل هي دور الرأس والأب في هذه الثقافة وهو ما ينطبق على دولة الدوغما الدينية الشمولية التي رسخت فكرة الطاعة والعبودية للرأس. ان خوف السلطة من المجتمع هو ما يدفعها للتدخل الفاعل في تربيته وتثقيفه ليكون طوع إرادتها، ولكن يونغ حسب واقع النص السابق خلط بين المفهوم السياسي لثقافة الايديولوجيا الواحدة (الفهم المشترك)، والمنظور النفسي لعزلة الفرد. أن عزلة الفرد هي التي تقض مواجع النظام وتثير شكوكه، مما يخدم اتجاه الأفراد للذوبان في المجموع – المكشوف- الواضح.
يبقى ان القول بالتكيف مع الواقع لتحقيق حياة ناجحة، واعتبار الفشل في الانسجام هو الموت (ضد الحياة) انما يسقط مفهوم القيمة الاجتماعية والأخلاقية، بغض النظر عن موازين الربح والخسارة المادية على صعد شخصية. هذه المفاهيم قد تتفاوت من شخص لآخر ومن جماعة وفئة لغيرها، وبالنتيجة يختلف موقف الأفراد والجماعات فيما بينها، مما يشكل ظاهرة عامة، باعتبار الاختلاف هو القاعدة والاتفاق هو الاستثناء.
*
الواقع الأمريكي للتاريخ..
منذ اختفاء القطبية الاشتراكية من قيادة التاريخ المعاصر، أخذت تتضح ملامح واقع دولي جديد يتأسس على مستوى كوسموبوليتيكي في كل بلدان العالم تلعب فيه عناصر الاقتصاد المفتوح والثقافة الشعبية دورا رئيسا في صياغة البنى التحتية والفوقية للبلدان والمجتمعات، وتمارس فيه عوامل السياسة والحرب والدين أدوارا مساعدة. لقد وظفت الولايات المتحدة الأمريكية كل منتجات ثورة الاتصالات لخدمة بناء قرية كونية أو عالمية* قائمة على قطبية المركزية الأمريكية وتقارب الأجيال الناشئة الجديدة في موضات الطعام والثياب والسلوك والأفكار الأمريكية والنزعات الاستهلاكية وأولوية الجسد والغريزة والمال على ما عداها.
هذا الواقع الأمريكي الحديث للتاريخ ينعكس على مفاهيم الحياة المعاصرة والمستقبلة حسب تعريف سبنسر في النجاح أو الفشل، الحياة أو الموت. وليس من المنطقي أن من لا يساير الواقع الأمريكي يختار الموت. ان الفرد هنا يشعر بذاته من خلال اتصاله بالجماعة والذوبان فيها وتقليدها في التقليعات السلوكية وأنماط المعيشة، ولكنه يفقد شعوره بذاته كفرد له استقلاليته وحرية قراره. فما أن تتغير الظروف التي لا يمكن أن تستمر على نفس الشاكلة لمدة طويلة -وفي مقدمتها عامل السن والظروف النفسية والمزاجية- حتى يحس بالفراغ الذي يدفعه لحال من العدمية. هنا يرى يونغ ان الذات تبدأ في اكتشاف معناها عندما يقاطع الفرد مع المجتمع، وعندها يبرز عنصر الابداع. فالابداع في جوهره تجديد ومغايرة، ينشأ من واقع الوحدة والتفكر الذاتي وليس من قبيل الانغماس والذوبان الاجتماعي.
أن لكل ظاهرة وكل وقت أنصاره ومناوئوه، ولابد من الاختلاف في الأذواق والمذاهب، بعيدا عن أحكام النجاح والفشل، والحياة والموت. ان الخوف من الوقوع في اللاجدوى هو الذي يجعل البعض يستغرقون في تمجيد الأعمال والتفاخر وتمييز ذواتهم، وهذا نابع من ضعفات النفس والهروب من اجتراح أسئلة الوجود المغلقة. ما جدوى مثل تلك الأعمال والأمجاد وماذا بقي منها ومن أصحابها عبر التاريخ؟..الهروب من العبث في هذه الحال هو ايغال في العبث، والهروب من اللاجدوى وقوع في االلاجدوى. وبحسب الجامعة سليمان (باطل الأباطيل كل ما تعمله يد الانسان، ما الفائدة من كل تعب الانسان تحت الشمس؟!)*.
*
الحياة وقت والولادة موت..
ان الحياة زمن والعمر وقت. والكائن الحي جرم صغير يتحرك على خط الزمن اللامحدود. بل أن الانسان – كما يراه أندريه كومت سبونفل - هو نقطة تربط بين المحدود واللامحدود، بين الفيزيك والميتافيزيك، بين المادي والروحي. أما يونغ فيقول (ان الانسان عاش طوال قرون عديدة يرتع في راحة الايمان بأن إلها واحدا قد خلقه على صورته ومثاله. وحتى اليوم هو لا يدرك أنه مجرد خلية في بنية ثمرة كائنات كونية ومن ثم فهو داخل ضمنيا في خضم صراعاتها. يشعر الفرد، أنه كفرد كائن لا معنى له، ويحس بأنه ضحية لقوى لا يمكن التحكم فيها.). ان مفهوما عبثيا خلال كل هذا سوف يعتبر أن الحياة وقت، ووظيفة الانسان قتل هذا الوقت. قتل وقته أي قتل نفسه. وحسب تعبير مفكر آخر، أن الانسان في اللحظة التي يولد فيها أو يخرج من الرحم إلى العالم، يبدأ بالموت. وما يسمى بالحياة انما هي في الواقع صيرورة وسيرورة عملية للموت تنتهي بالعودة إلى التراب. البوذية والهندوسية ترى أن خط الزمن الذي يدور فيه عمر الانسان هو خط دائري مستمر حتى يتطهر الفرد من كل السيئات، أما الديانات الابراهيمية فترى أن حياة الانسان تسير على خط مستقيم وتقترح طرق أخرى للتخلص من السيئات الوارثة أو المرتكبة من قبل الفرد نفسه. أما الفكر العربي فيقدم صياغة أخرى غير بعيدة في جوهرها عما سبق، فيقول أحدهم..
وما المال والأهلون إلا ودائعٌ ولا بدّ يوما أن تردّ الودائعُ
ثم يتطور مفهوم الوديعة لدى محمد الشافعي إلى فكرة (دَين/ قرض) فكل ما يكسبه فرد لابد أن يردّه، وهو يقترب من جوهر الفكر البوذي. وفي جانب العلاقات، فكل ما يفعل الانسان بغيره يُفعَل به لتحقيق التوازن، فلكي يكون المرء سعيدا في موته أو بعد موته، لا بدّ أن تمحى كل ذنوبه، وديونه، ولا يكون رصيد حسابا(حيا)ته سلبيا. وهكذا يكون كل ما يطلق عليه المجد والترف والعظمة والشهرة انما يتحقق في نقطة على طريق الموت الطويل. حيث في كل لحظة، يقترب الموت أكثر، ويصبح الفرد أكثر يقينية بالغاية التي هو ماض إليها، بلا رجعة أو حول.
*
ولكن ما هو الواقع..
الواقع جملة عناصر فيزيائية مادية، والفيزياء لا يمكن التعرف عليها بغير الحواس الخمس.
يميز كومت سبونفل بين القدرة على الفكر وبين العقل، ويقول أن القدرة على التفكير بلا عقل لا فاعلية لها، والعقل بلا قدرة على التفكير يتحول إلى عضو من أعضاء الجسم العادية. أن الأشياء موجودة لأننا ندركها، ونحن ندركها لأننا نستطيع التفكير بها. ان الواقع لا وجود حقيقي له خارج ادراكنا. والشخص الفاقد للادراك لا يعرف الواقع. الأعمى لا يستطيع أن يرى. الرؤية عملية فيزياوية، وفقدان القدرة على الرؤية اسقاط لركن من أركان الواقع. وفاقد المقدرة على السمع، لا يعرف بوجود الصوت. الصوت عامل فيزياوي، وعدم السمع يلغي ركنا من أركان فيزياء الواقع. وبحسب هذا، فأن التكيف مع الواقع، يعني العيش بحسب الحواس، العيش بحسب الغريزة.
فالواقع مرتبط بالمعرفة والادراك، والمعرفة والادراك ترتبط بالعقل والوعي. وهذه ليست واحدة عند الجميع، فيختلف الواقع باختلاف آلية ادراكه ومستوى الادراك وتصنيف المعرفة. وبحسب تعدد ذلك سوف يتعدد الواقع. واقع اجتماعي، واقع سياسي، واقع فكري، واقع نسائي، واقع رجالي، واقع طفولي، واقع طوباوي، واقع وجودي، واقع شعري، واقع علمي، واقع علماني، واقع روحي، واقع لغوي، واقع انطباعي، واقع شرقي، واقع غربي، واقع هندي، واقع أفريقي، واقع عربي، واقع فرنسي، واقع ألماني، واقع أمريكي، واقع برازيلي، واقع بوذي، زاقع أسلامي، واقع مسيحي، واقع تاوي،...، إلخ.
واذا كان الفرد هو المركز، فأن الفرد هو الذي يخلق واقعه الخاص (الفردي)، بمعنى تبعية الواقع للفرد وليس تبعية الفرد للواقع كما هو في الفكر التقليدي الاجتماعي.
*
صراع مع الطبيعة..
ثمة أفق آخر يمكن استقراؤه في مقولة سبنسر إذا تم استبدال مفردة (الواقع) بمفردة لغوية أخرى مثل (البيئة/ الطبيعة). ففي المنظور الانثروبولوجي أن استمرارية الجنس البشري هي دالة انتصار الانسان على عوامل الطبيعة. ولكن التاريخ سيرورة وصيرورة مستمرة بالمفهوم الجمعي والمفهوم الفردي. ففي أي لحظة يفشل فيها الانسان في السيطرة على عوامل الطبيعة وتكييفها لصالحه، يكون ذك ايذانا ببداية الموت والاضمحلال. ان تكييف البيئة الطبيعية هو بمعنى ما صناعة الواقع البشري. الواقع البشري هو القرية والمدينة والاقتصاد والدولة والبوليس والجامعة، وهذه كلها منتجات بشرية تختلف عن البرية والغابة والبحار والمحيطات. كيف يتكيف الانسان مع واقع يصنعه أو سبق فصنعه بيده وامكانياته الفكرية؟.. هنا تتدخل المرحلة التاريخية ومسألة التطور أو مفهوم العصر بكلمة واحدة. فنحن لم نصنع واقعنا، ولكننا نعيش في واقع صنعه أسلافنا، ومع التطور وتغير متطلبات الحياة لم يعد الواقع يناسب تطلعاتنا ويستجيب لاحتياجاتنا، لذلك نحاول البدء في تغيير الواقع (الثورة) أو البحث عن واقع آخر (الهجرة) يناسب عناصر التغير الجديدة فينا.
الواقع، ان كل فرد يغير الواقع بما يناسبه وبحسب حدود صلاحياته وأمكانياته. ففي المنزل أو الحجرة يقوم الفرد بين مدة وأخرى ببعض التغيرات والاضافات بحيث يشعر بطمأنينة أكبر أو راحة أفضل. عندما تجلس في البيت أو المقهى أو العمل تحاول تحريك الكرسي ووضعه بزاوية معينة. في بعض المحلات العامة حيث يجري تثبيت أرجل الكراسي في الأرض تشعر بوجود مقاومة قهرية ولا تشعر بالراحة المرجوة في جلوسك. نفس الشيء يحدث في السرير ، فمن النادر أن شخصا يدخل إلى الفراش مثل روبوت، ليشغل أو يملأ الحيز المخصص له للنوم. يغير مكان الوسادة أو الشرشف وقد يصحو خلال الليل متذمرا وينام على الأرض.
يشكل الاقتصاد ركنا في الواقع المتصل بالمعيشة، وعدم القدرة على الانسجام مع الحياة الاقتصادية وتأمين متطلبات المعيشة من خلال الحصول على عمل مناسب يهدد استمرار الحياة ويعرقلها. اعتقد أن اللغة تقود إلى دوامة فكرية في هذا المجال. فما يدعى في الانجليزية (survive) وفي الألمانية (überleben) هو ما يترجم في اللغة العربية بمعنى الحياة أو النجاح في الحياة أو الانتصار على الصعوبات. فالبقاء على قيد الحياة بالتعبير الغربي يخلو من لكنة النجاح والانتصار وكأن المرء في ساحة معركة أو امتحان أو مسابقة. ولا يتضمن أية مسحة من تفاخر أو مجد، فالهومليس (ساكنو الأنفاق والأرصفة) يواصلون حياتهم بالنتيجة مثلهم مثل أبناء القصور والفنادق الراقية وبيوت البلدية والايجار. والوقت الذي يقضيه الانسان اليوم خارج المنزل أكثر من وقته داخل المنزل. حاجة المنزل الاساسية اقتصرت على النوم، والنوم بحد ذاته هو خروج من الواقع عبر تعطيل الحواس.
*
خلال كل ذلك يبقى الألم (ظاهرا أو كامنا داخل الذات) رهنا بالوعي والادراك، الألم هو الضريبة التي تدفعها الحياة، جراء جريانها في الوجود، أو جراء وجودها في المجتمع، أو جراء كل ما يمكن أن يصدر من الانسان أو يحسب عليه، فلكل شيء ثمن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• الروائي عبد الرحمن منيف كتب عدة روايات منها ثلاثية (شرق المتوسط).
• الشاعر مظفر النواب (1935) غادر العراق عام (1964) ويقيم منذ التسعنيات في سوريا.
• الشاعر بدر شاكر السياب (1926- 1964).
• الشاعر محمد مهدي الجواهري (-- - 1997).
• الشاعر علي الشرقي
• استمر الحصار الاقتصادي الدولي على العراق من ايلول/ سبتمبر 1990 حتى الغزو العسكري الأمريكي في مارس 2003 والمستمر حتى الآن.
• انظر: جورج أورويل في روايته (1985)، والانسكلوبيديا الأمريكية.
• مفهوم القرية الكونية عند ظهوره اتصل بتطور تكنولوجيا الاتصالات، وأصبح مفهوما سياسيا بعد ذلك.
• كارل يونغ- من أنا.. ذات لم تكتشف بعد – ترجمة د. أسامة النقاش- منشورات دار الكلمة – مصر- 2005.
• سليمان الحكيم- سفر الجامعة – الاصحاح الأول- من كتاب التناخ العبراني.
• Andre Comte-Sponville, The Book Of Atheist Spirituality, Bantam Books, 2008, London

*
لندن
السابع والعشرين من فبراير 2010



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعيد في العزلة (شقي)..
- المكان هو المنفى.. الوطن هو الغربة!.. (6)
- (الانسان والمكان -5-)
- الألم ونظرية التوازنات الذاتية
- أنا أتألم.. أنا إذن موجود!..
- هل الحيوانات تتألم ؟؟!!..
- حول نسبية المكان.. (سعدي يوسف نموذجا..) (4)
- مدن في حياتي .. الوجيهية (4)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (3)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (2)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (1)
- فليحة حسن.. وقصيدة (أنا لست مريم يا أبي!)..المقارَبة والاختل ...
- هذه الجريمة اليومية
- فراغات النسيج الاجتماعي في العراق
- المرأة كونترا المرأة
- رسالة من بعيد
- صادق الطريحي في (أوراقٌ وطنية)*
- -ولد للبيع-* الطفولة وبقايا الاقطاع
- -هذا عالم جايف.. اكتب!-
- سليم مطر في (إمرأة القارورة)


المزيد.....




- رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري ...
- جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج ...
- لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن ...
- قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
- كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
- أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن ...
- شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة - ...
- -عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - ولكن ما هو الواقع؟!..