جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2935 - 2010 / 3 / 5 - 09:03
المحور:
ملف مفتوح -8 مارس 2010 - المساواة الدستورية و القانونية الكاملة للمرأة مع الرجل
منذ صغري وأنا أتساأل وأقول , ليش المرأة المسيحية مش عورة , لماذا لا تشعرُ المرأة المسسيحية أنها عورة أو نجسة ؟ ولماذا تخرج لتتواجد في مؤسسات المجتمع المدنية وحضورها مكثف بجانب الرجل أكثر من المرأة العربية المسلمة ؟ ولقد وجدتُ هذا الجواب في الكنيسة حيث تصلي المرأة في الكنيسة بجانب الرجل مظهرة حضورها وزينتها وكأنها في صالون تجميل سيدات وليست في مكان عبادة , لذلك تعطيها الكنيسة احساساً أنها متساوية مع الرجل وأنها في صالون تجميل سيدات وليست في خيمة محتجبة عن عيون الأهل والأصدقاء , وكذلك تشعر بأنها ليست مصدر فتنة وممراً لدخول الرجال إلى النار وليست مصدر قلق لأحد وليس فتنة وليست عورة أو نجسة أو شيء قذر أو شيطاني أو كابوس يظهر للرجال في أحلامهم وما المانع أن تكون العبادة من أجل اظهار الجمال كله الشكلي والجوهري , الروحي والجسدي ؟ أي الجمال بثنائياته المتعددة مثل جمال القلب وجمال الوجه , جمال االروح والجسد , الجمال الخارجي والداخلي ,وهذا هو الجمال الرباني الحقيقي الذي يريده الله , وبالرغم من أننا نقرأ في الدين الإسلامي عن الجمال الذي يحبه الله والنظافة التي يحبها الله ورسوله الكريم , غير أن الله يحجب هذا الجمال عن أعين الناس حتى في دور العبادة لذلك ازدادت الفجوة التباعدية بين المرأة المسلمة والمراكز الدينية ومراكز صنع القرار , فإذا كانت المرأة المسلمة ممنوعة من الوقوف بجانب الرجل للصلاة فكيف بالله عليكم ستقفُ مع الرجل في مؤسسات خدمة المجتمع المدني والمحلي بكافة تشكيلاته ؟
, لقد لاحظت ُ طوال حياتي أن الإسلام يتناقض ويتعارض ليس مع اتفاقية (سيداو) ولكن مع كل أشكال المساواة بدءا بالثقافة من قمتها الهرمية نزولاً عند القاعدة السفلى للهرم الثقافي , هذا الدين الإسلامي مبدئياً وهذا ليس افتراء على أحد , نعم, مبدئياً يتعارض مع نزول المرأة للصلاة مع الرجل في المسجد جنباً إلى جنب لذلك تطور هذا النوع من التمييز حتى أننا نشاهده ليس في المسجد وحسب وإنما في كل شيء , في المدارس , ففي المدارس ممنوع أن تجلس الطالبة بجانب الطالب في المرحلة الثانوية , وكذلك إذا ذهبنا إلى صالة أفراح نجد الرجال في قاعة والنساء في قاعة أخرى , وكذلك ندرة تواجد النساء في المحافل الدولية , وتراجع نسبة حضورهن للفعاليات الثقافية , فكيف ستحضر المرأة المسلمة أمسية شعرية طالما أنها في المسجد لا تقفُ بجانب الرجل ؟ فكيف ستقف بجانبه في رابطة الكتاب واتحاد الكتّاب ؟.
هذه الأفكار راودتني مرة وأنا أدخل إحدى الكنائس ,فأنت وأنت تدخل الكنيسة تشعر وكأنك في صالون للتزيين وللتجميل ولتصفيف الشعر ولوضع علامات الجمال في الوجه وفي القلب , في العينين وفي الخدين , تشعر وأنت في الكنيسة أنه لا يوجد شيء اسمه نجاسة بل كله طهر وطهارة ومحبة واحترام وتبجيل للجمال , ولا ترى هنالك من ينزعج لرؤية الجمال , لقد كان ذلك رابع مرة أدخلُ فيها إلى كنيسة الرب , وكنتُ قبل ذلك قد دخلت ثلاث مرات بالصدفة عن غير قصد .
وآخر مرة كانت قبل أكثر من ثلاث سنوات حين مررتُ بجانب كنيسة في محافظة إربد فخرجت على أنفي منها رائحة عطرٍ جذاب فأحببت أن أسترق النظر وحين اقتربت ماذا وجدت ؟رأيت سيارات تصطف بانتظام وأناس يدخلون إلى قاعة الكنيسة ولا يخرجون منها فوقفت على باب الكنيسة وبدأت أحدق نظري فيما يجري في الداخل وبصراحة لم أستطع أن أعرف ماذا يجري في الداخل فراودتني نفسي للدخول , ونظرتُ حولي وأنا خائفٌ أن يراني أحد من الناس وأنا أدخل فتحينت فرصة خلو الشارع من الناس والمارة بالطرق فدخلت على حين غرةٍ من الناس وبسرعة, وبلحظة , وجدتُ نفسي أجلس على مقاعد وبجانبي نساء هائلات , ويا حبيبي على رائحتهن ويا حبيبي على هذاك اليوم الذي لن أنساه , كانت تنبعثُ منهن رائحة الورود والعطور وقلت في نفسي : أي والله لو في في حارتنا أو في الجامع المسجد اللي في حارتنا زيهن غير أقعد واعتكف بالجامع وعيب يا شباب على اللي بترك أي فرض من فروض الصلاة , وكمان شباب الحارة اللي عندنا لو يشوفوهن في الجامع والله العظيم ما حدى منهم بقطع فرض من الصلاة , لا ومش بس هيك ويمكن كمان يزيدوا في أوقات الصلاه يعني بدل يوم الأحد مثلاً ممكن يصيروا يجوا في الأسبوع مرتين , أما أنا بالنسبة لي فراح أصير داعيةً متطوعاً من أجل خدمة الرب والمجتمع المحلي , أي والله الجلسه اللي ما فيها نسوان بالنسبة لي ما بتساوي عندي جناح بعوضه , ويمكن الآن أحد الإسلاميين يقول : لو يصير زي ما بدك يا أستاذ بصير المسجد فوضه ويأمه الزعران لا سمح الله , بس أنا بقول لا هذا مش صحيح على شان المسيحيين اللي بصلوا بجانب النساء في الكنيسة مش زعران , فلماذا لا يحضر للكنيسة الزعران المسيحيين ؟ ولماذا حين تخرج المرأة المسلمة إلى أي ميدان يتبعها الزعران ؟ السبب في ذلك ليس الزعرنة ففي البداية يكون استغراب واستهجان للموضوع من قبل الشباب وبعد ذلك يصبح الموضوع عادي جداً بدليل أن المرأة في الكعبة تطوف مع الرجل بجانبه وهنالك لا يجد أحد أي استغراب للموضوع أو أي استهجان , فصلاة المرأة المسيحية تُعطي للمسيحية وللمسيحي انطباعاً من أن المرأة مساوية للرجل في الدين والواجبات أمام الرب لذلك لا تشعر المسيحية بالغبن أو بالدونية كالدونية التي تشعر فيها المرأة المسلمة ,و بعدين يا شباب منظرهن وهنه خاشعات في ملكوت الرب جعلنني أتذكر مقولة (الطيب التيزيني) في ختام جزء من أجزاء مشروعه وهو رؤيا جديدة للفكر العربي (من يهوى إلى المسيح) ..إلخ والمقولة تقول :
"أيها الآب الابن الذي لفّع بدمه القاني شفاه وقلوب المدميين المطاردين المفلوكين المُهجرين ,أبونا في السماوات:
عيوننا تصبوا إلى يوم دينونتك الأعظم
حيثُ لنا وبك وعبرك
وحيث يستحيل على المجدفين والأغنياءوالدجاجلة والقتلة الدخولُ في ملكوتك كما يستحيلُ على الجمل الدخول من خلم إبرة.
إلويا ...إلويا ..مجدوا الآب الابن الحبيب الذي لفع بدمه القاني شفاه وقلوب المدميين المطاردين المهجرين , مجدوا الابن الذي غدا ظهوره قاب قوسين أو أدنى , عيوننا تصبو إلى يوم دينونتك الأعظم .
وبكل صدق أحسستُ أنني مطارد ووجدت النجاة وطريقها ولكن نظرتُ خلفي إلى بيتي وأولادي وقلتُ بيني وبين نفسي : أنا الأب الذي سيرعى غنمه .
ولا أريد أن أطيل عليكم عن مشاعري وأنا أضعُ يدي على صلعتي جبعتي الأمامية وأحني رأسي للأمام على المقعد حيثُ كاد النوم أن يسلبني روحي وعيوني وقلتُ بيني وبين نفسي : طيب هذول في نسوان وفي عطور وفي خشوع أيضاً , طيب ليش ما فيش عندنا هيك ؟ أي أولاد حارتنا من المؤكد أنهم لا يعرفون هذا النوع من الصلاة ووالله لو رأوا النساء المصليات لما غادروا الكنيسة وتذكرتُ قول كُثير عزة :
رهبانُ مدين والذين عرفتهم
يبكون من خوف الإله قعودا
لو يسمعون كما سمعتُ حديثها
لخروا لعزة ركعاً وسجودا
ولا أريدُ التحدث عن مشاعر الخلاص ولكنني التفتُ إلى رائحة النساء المعطرة غير الناقصات عقل ودين وقلتُ مرةً أخرى: شو أنا في صالون سيدات معطرات أم في مكان ديني ؟ وكلما تدافعت الناس إلى قاعة الكنيسة أكثر كلما ازدادت رائحة انبعاث العطور من كل الأنواع وأنا بصراحة أموت في شم العطور وخصوصاً الأجنبية وأنفي لا يخطىء أي رائحةٍ عطرية , وأرسلتُ عيوني إلى كل النساء وقلت : طيب هذول النسوان بعبدن الله وبصلن مع الرجال مش شايف واحد قايل عن وحده (قومي يا مره-امرأة_) أو ما سمعتش من حدى قال (المرأة ناقصه زيت أو كاز أو بنزين أو سولر ) عفواً أقصد المرأة ناقصه دين وعقل , فقلت ليش هذول نسوانهم مش ناقصات عقل أو دين أو يد أو رجل لا سمح الله , ليش نساء المسلمين ناقصات عقل ودين ؟ولا يصلحن للوقوف جميلات أمام الرب ؟ لماذا نخفي الجمال عن عين الله والناس ؟ أي هو في أجمل من الجمال النسائي شيء , خلينا واقعيين يا شباب , وحكولي في شيء خلقه الله بالجمال يضاهي جمال السيدات الأنيقات ؟وبعدين يا جماعة الخير كانت البستهن على آخر موضه متزينات للقاء الرب اليسوع , وكمان بضيفن على المكان هيبة من الجمال , يا ترى ما هو السبب الذي أدى بنساء البدو أولاً مغادرة الأماكن المقدسة ؟
الآن خلينا نحكي كلام علمي ولو لدقيقتين , طبعاً على حسب نظرية (ثيوريكلود جاكبسون) يقول أن الأفكار المتصلة بالدم كانت سبباً في ابتعاد المرأة عن الهياكل الدينية , فكان البدو الرعاة يعتقدوةن وهم مخطئون أن المرأة نجسة ووسخة وقذرة بسبب الدم الذي يأتيها أثناء الحيض و أن الاقتراب من المرأة أثناء الدورة الشهرية يسبب مشاكل بسبب افراز المرأة لمواد سامة أثناء الحيض , وهذا الكلام علمياً لم تثبت صحته على الإطلاق , طبعاً في كتابي عن المرأة عام 2005 ذكرت هذا الموضوع بشكل موسّع أكثر , طبعاً مش هنا الحكمة , ولكن الحكمة كيف استطاعت المسيحية أن تحافظ على وجود المرأة في الكنيسة بهذا الشكل الأنيق وليش الرب في كنيسته ما شعر بنجاسة المرأة ؟ طبعاً السبب أن البدو أثناء عمليات القرصنة والحروب حجبوا النساء عن العمليات العسكرية وشيئاً فشيئاً ومع مرور الزمن شعروا أن هذه هي ارادة الله فمنعوا المرأة أيضاً من مغادرة كنيسة الرب لذلك أصبحت عورة وعواطلية وغير مؤهلة لقيادة المجتمع ولا تصلح لأي شيء ويجب أن تتوارى عن أعين الغرباء , ومع مرور الزمن أيضاً شعروا أنها يجب أن تتستر أمام الله , بالرغم من أن الله يرى التملة السوداء في اللصخرة الصماء في الليلة الظلماء , يعني أيضاً يستطيع أن يرى جسد المرأة حتى وهي تلتف بالعباءة فليش حتى وهي تصلي لوحدها تتستر من عنقور راسها حتى أخمص قدميها ؟
ولو رأيتم يومها يا شباب ما رأيت ! لقد رأيتُ الجمال لأول مرة يبعثُ في نفسي الروح الرومنسية والاحساس أنني لستُ مضطهداً وأنني وجدتُ ضالتي التي أبحثُ عنها , واستغربت كيف بالنساء يقفن أمام القس وكأنهن واقفات أمام كوافير أو مزين للشعر وللوجه , فالله جميل يحب الجمال , وهذه العبارة وجدتُ تفسيرها هنا في بيت الرب , كانت النساء يقفن وكأنهن في صالون سيدات عليهن حلل وأكاليل الجمال, ولم يقل أحد منهم : أن أكثر أهل النار يوم القيامة هم من النساء , وعلى فكرة هذا الحديث مش موجود إلا في الدين الإسلامي , بالرغم من أنه هنالك كثير من اللقساوسة الذين يختلفون مع نساءهم ولكن لم يترجم أي رجل منهم حديثاً عن المسيح يحجّم المرأة .
خلاصة الموضوع هو تكرار دخولي إلى مؤسسات المجتمع المدنية والتي ألاحظ وجود النساء المسيحيات أكثر من وجود المسلمات وحضورهن على الأغلب له بهجة أكثر من المسلمات والسبب في ذلك يعود إلى التربية الدينية التي تأسست عليها المرأة المسيحية والتي لا ترى عيباً أو خجلاً من خروج المرأة للعبادة , والعمل عبادة , لذلك انخرطت المرأة العربية المسيحية في مؤسسات المجتمع المدنية أكثر من انخراط المرأة المسلمة وحضور المسيحيات أكثر جرأة , وغياب المسلمات عن ساحة العمل الاجتماعي هو بسبب كره الله الذي نعبده لرؤية المرأة وجمالها وكذلك أصبح للمسلمة هاجس يقول لها أنها عورة وأنها أكثر أهل النار , وتخيلوا معي كيفية شعور المرأة بالذني حين تخرج للصلاة بجانب الرجل ! فإذا كانت ممنوعة من الصلاة في المسجد بجانب الرجل فكيف ستقفُ معه في الاتحاد النسائي أو مواقع صنع القرار في المراكز العُليا من المجتمع! لذلك الكنيسو نقطة انطلاق للمساواة بين الجنسين وهي بذلك مركز مساواة وصالون تجميل سيدات ,خليني ساكت بديش أحكي كمان .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟