أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - تعقيب على قصّة: لا شيء في السماء، للقاصّة التونسية روضة السالمي














المزيد.....

تعقيب على قصّة: لا شيء في السماء، للقاصّة التونسية روضة السالمي


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 893 - 2004 / 7 / 13 - 07:45
المحور: الادب والفن
    


القاصّة روضة السالمي،
"لا شيء في السماء"، قصّة تحمل أوجاعاً متلبّدة بالضباب وجراح متفرعة في قلب الطفولة النابتة في دياجير شظف الحياة والمساءات السوداء، مساءات ملولبة بتفاصيل كثيفة الآلام مماجعلكِ أحيانا غير قادرة على الإمساك بخيوط النص، لأن النص جاء بناؤه بطريقة الجملة النثرية غير المرتبطة بالجملة التي تسبقها في الكثير من فضاءاته، حيث كان يغلب على النص طريقة أشبه ما تكون بالجملة (الشعرية) النثرية من حيث القفز من صورة إلى أخرى أو من فضاء إلى آخر في بعض أو الكثير من مقاطع النص، ولاحظتُ إقحام بعض الجمل التي ليس لها علاقة في سياق القصة لا من قريب أو من بعيد، مثلاً: " ..لا ينتبه لذلكَ أحد سواك، وتعتقد في داخلكَ أن الله أيضا لا ينتبه" .. برأيي هذا العطف في اللاإنتباه العائد على "الله" ليس له علاقة في عوالم النص، جاء نافراً ولا يخدم حيوية النص من حيث فوضاه الجميلة المترقرقة بأحزان وآلام وجراح على كامل متاهات النصّ، وفي مثل هذه التقليعات أو التحليقات ممكن إدراجها في السياقات الشعرية لأن الجملة الشعرية إلى حدٍّ ما لا رابط يربطها بما قبلها او بعدها مثل ما تمليه عليه خصوصية الربط والترابط في الصياغة القصصيّة ناهيكِ انها لا تخدم القصة سواء كانت ترميزاً او تحريضاً أو الخ! رأيتها نافرة!! لفتَ إنتباهي نوع من توهان حالة البطل الذي يتحدّث بصيغة المخاطب، في سياق الحديث عن وسيلة (قحبة!) الحي الثانية، ولدي تحفّظ على هذه العبارة لأنها تحمل (هنا) إيقاعا سوقياً فجّاً ويستحسن ان تستخدمي عبارة لها وقعها الأخف، مثلاً "وسيلة (عاهرة) الحي الثاني"، والذي أدهشني أكثر ان البطل المخلخل الروح والحياة، يتحدّث عن أمّه ووسيلة العاهرة، بصيغة غير مقنعة حيث تقولين على لسانه: "..لكنّكَ ستستمرُّ في تخيّل عناقكَ مع أمِّكَ أو مع وسيلة أو معهما .. ولن تخجل من السماء التي في داخلكّ .." هنا شعرتُ أنكِ تهتِ عن الإمساك بخيوط القصّة، لماذا؟ لأنّ عوالم بناء القصّة ككلّ لا توحي أنّ البطل أو هذا الذي يتحدّث بلغة المخاطب هو في الحالة المرضية التي رسمتينه أي لا يوحي انه في حالة تؤدّي إلى هذه الحالة المرضية! ثم تعودين وتقدمين هذا المخاطب قائلة: ".. تستسلم لكل حنانها .. عائداً إلى الرحم الأول، الحضن الأمين الدافئ" أي دفء وأي حنان هذا الذي ترسمينه يا عزيزتي وما هذا التنافر في عالم الدفء والحنان والنزوع الذي يقدمه هذا المخاطب التائه، وهو يحلم بهما (بأمّه ووسيلة) احلاما على طرفي نقيض؟ ثم تقفلين القصّة بما يلي: "..بينما تنظّف أمّكَ لعابكَ السائل على ذقنكَ، ذقنكَ التي لن تنبت الشعر أبداًً".. يا عزيزتي القاصّة الحمية، إذا كان ذقن هذا الراوي السارد، لن تنبت أبداً، فكيف كان يقوم بدور الإستمناء والتلصلص والتخيل الجنسي على كل الجبهات، طالما هو ليس أكثر من طفل ولم ينبت شعر ذقنه؟! كل هذا لا يقلل من اهمية القصّة لما تتميّز به من فضاءات مع ان بعضها كما قلت جاء نافرا لا يخدم حيوية القصة لكن هناك بالمقابل الكثير من الروافد البنائية الجيدة، إلا أن أهم ما أريد قوله في ختام تعقيبي هو ان القصة كتبت بطريقة الجملة المتقطعة، وليس بالطريقة السردية الإنسابية المتدفقة والمرتبطة بجمل سببية تولد جملاً بعدها ومرتبطة بما قبلها، وإن خرجَ/يخرج القاص/ة عمّا هو معروف في بناء القصة فالأفضل أن يكون خروجه داعماً ومعمّقاً لخيوط القصة لا أن يكون على حساب توهان خيوط القصة او إيذاء خمائل القصة، تبقى قصتك جيدة ومشاكسة وناجحة.. تطرحين رؤى من قاع المجتع الغارق في آلام وأحزان لا تحصى وتعكسين بجرأة تناقضات حياة مجتمع مليء بالأحزان والآلام والإخفاقات والفقر والجوع، لكن عندما نتناول هكذا فضاءات، لا بأس أن نعطي مساحة حنونة لعوالم هذه الشخصيات لا أن نطبعها بأحزان تخلخل أجنحة الجبال، فالأدب ممكن ان يمنح لهذه العوالم دفئاً من حيث الوئام والتفاؤل ومحاولة زرع الفرح بطريقة ما كي يتم التخفيف من عذابات عوالم فقراء هذا العالم، لا أن نزيد من عذابهم عذاباً!.. وكم من الفقراء والمعدومين يحملون قلوبا طيبة وحنونة ولهم طموحاتهم وعذوبة جموحهم وبحثهم وسعيهم إلى الأفضل! تحية لكِ أيّتها القاصّة الصديقة، وآمل أن أقرأ لكِ قصصاً شفيفة أخرى تترجم خبايا النفس العميقة.


ستوكهولم: 3 . 7 . 2004
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعقيب على قصة أحمد عمر المنشورة في القصة العربيّة
- أنشودة الحياة ـ 5 ـ ص 405 ـ 406
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 403 ـ 404
- أنشودة الحياة ـ 5 ـ ص 401 ـ 402
- عناق الأحبّة يتعانق مع فضاءات الأدب
- النمل .................. قصّة قصيرة
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 399 ـ 400
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 397 ـ 398
- من سماء ستوكهولم إلى الصديق سهيل إيلو ـ هولندة
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 395 ـ 396
- التواصل الفكري والإنساني معيار حضارة العصر
- يذكّرني -يوسف- ابن كابي القسّ بالخبز المقمّر
- حوار مخلخل الأجنحة
- لماذا لا يبني الإنسان علاقة نديّة مع العشب البرّي؟
- الكتابة هي صديقة حلمي المفتوح على وجنة الحياة
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 393 ـ 394
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 391 ـ 392
- تعقيب ملون بغربة لا تخطر على بال
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 389 ـ 390
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 387 ـ 388


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - تعقيب على قصّة: لا شيء في السماء، للقاصّة التونسية روضة السالمي