|
العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس واستراتيجيات منعه
عبدالله تركماني
الحوار المتمدن-العدد: 2933 - 2010 / 3 / 3 - 22:52
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس، خاصة ضد النساء والأطفال، لايزال مستمراً بلا هوادة. وزادت من حدته العلاقات غير المتكافئة بين الجنسين في داخل كل المجتمعات، كما أصبح يستخدم كسلاح في الحرب وكوسيلة لممارسة القوة، وبات سبباً للنزوح الإجباري ونتيجة رهيبة لانهيار هياكل الأسرة والمجتمع الذي يصاحب النزوح. ولكن ما تختلف فيه المجتمعات والحكومات هو: - مدى وعيها الظاهرة وتوعيتها بها، ومدى فكها لجدار الصمت حولها. - مدى سنها للقوانين، التي تحمي النساء والأطفال من العنف أو تنصفهم أو تقاضي معنفيهم. - مدى إيجادها الهياكل التي تؤطر ضحايا التمييز والعنف، وتعيد تأهيلهم وتجبر خسائرهم. وتختلف المجتمعات أيضاً في نقطة أساسية هي مدى إدانتها التمييز والعنف أو تبريرهما باسم مبادئ رمزية مستمدة من الدين أو من العادات والتقاليد، كما تختلف في الأشكال الثقافية التي يتخذها هذا التمييز والعنف. إنّ التعريف الموسّع، الذي تستخدمه الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، للعنف الجنسي والقائم على نوع الجنس هو " عنف موجه ضد شخص على أساس نوع الجنس أو الجنس، وهو يشمل أفعالاً توقع أضراراً أو معاناةً بدنية أو عقلية أو جنسية، والتهديد بهذه الأفعال، والقسر وغير ذلك من صور الحرمان من الحرية .. " . وهكذا، يفهم من هذا التعريف أنه يشمل ما يلي، وإن لم يكن مقتصراً عليها: (1) – العنف البدني، والجنسي، والنفسي الذي يحدث في إطار الأسرة، بما في ذلك الضرب، والاستغلال الجنسي، والاعتداء الجنسي على أطفال الأسرة، والعنف المتصل بالمهر، واغتصاب الزوجة، وختان الإناث، وغير ذلك من الممارسات التقليدية الضارة بالنساء، والعنف غير الزوجي والعنف المرتبط بالاستغلال. (2) – العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام، بما في ذلك الاغتصاب والاعتداء الجنسي، والتحرش الجنسي، والتهديد في مكان العمل، والاتجار بالنساء والأطفال وإجبارهم على البغاء. (3) – العنف البدني أو الجنسي أو النفسي الذي ترتكبه أو تتغاضى عنه الدولة ومؤسساتها أينما وقع. انتهاكات حقوق الإنسان التي تشملها أعمال العنف الجنسي تنتهك أعمال العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس عدداً من مبادئ حقوق الإنسان الثابتة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ويشمل ذلك من بين جملة أمور: - الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي. - الحق في التمتع بأعلى مستويات الصحة البدنية والعقلية الممكنة. - الحق في التحرر من التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة. - الحق في حرية التنقل وإبداء الرأي، والتعبير، والمشاركة. - الحق في الزواج برضا الطرفين بشكل حر وكامل، والحق في الحصول على حقوق متساوية خلال انعقاد الزوجية وانحلالها. - الحق في التعليم والضمان الاجتماعي والتنمية الشخصية. - الحق في المشاركة الثقافية والسياسية العامة، والمساواة في الحصول على الخدمات العامة والعمل والأجر المتساوي لقاء العمل المتساوي. تطور اهتمام المجتمع الدولي في العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس تعالج مواثيق دولية عديدة العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس ضد النساء والفتيات والأطفال، ومن أهمها: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1979، وإعلان الأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة في العام 1993، وإعلان برنامج عمل بكين الذي تم اعتماده في المؤتمر العالمي للمرأة في العام 1995، وإعلان حقوق الطفل في العام 1989. ومنذ العام 1999 يتم الاحتفال سنويا باليوم العالمي للقضاء على العنف الذي تتعرض له النساء في العالم في 25 نوفمبر، حيث حددت الجمعية العامة بموجب قرارها 54/134 أن يكون هذا اليوم أحد الأيام التي تحتفل بها الأمم المتحدة، وذلك بهدف زيادة الوعي العام بخطورة تلك المشكلة التي أصبحت تزداد في العالم بشكل مطرد . وفي هذا السياق فقد أعلنت منظمة العفو الدولية في العام 2004 حملتها العالمية لمكافحة ظاهرة العنف ضد النساء، وقد أعلنت المنظمة في حملتها تقريراً مفصلاً عن جميع أنواع العنف والتمييز وانتهاك حقوق الإنسان في العالم، حيث جاء في التقرير عن وضع النساء اللاتي يقتلن باسم الشرف في منطقة الشرق الأوسط وقارة آسيا، كما اعتبرت المنظمة أنّ العنف ضد النساء هو أبشع فضائح هذا العصر في مجال حقوق الإنسان، حيث تعاني المرأة من كافة صور التمييز والعنف وكذلك الاضطهاد من قبل الدولة والمجتمع والعائلة سواء في زمن الحرب أو السلم. أنواع العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس يحدث العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس في جميع الطبقات، والثقافات، والديانات، والأعراق، وفي الجنسين وفي كل الأعمار. ويمكن تقسيم أكثر أشكاله انتشاراً إلى خمسة أنواع هي: العنف الجنسي ( الاغتصاب والاغتصاب الزوجي، الاعتداء الجنسي على الأطفال وانتهاك عفتهم وزنا المحارم بهم، الاستغلال الجنسي/ الاتجار بالنساء والأطفال وإجبارهم على البغاء، التحرش الجنسي، سلاح للحرب والتعذيب .. ). والعنف البدني ( الاعتداء البدني، الاتجار والاسترقاق ). والعنف العاطفي والنفسي ( الاعتداء/الامتهان، وتحديد الإقامة ). والممارسات التقليدية الضارة ( ختان الإناث، الزواج المبكر، الزواج بالإكراه، القتل والتشويه دفاعا عن الشرف، وأد المولودة و/أو إهمالها، حرمان الفتيات أو النساء من التعليم ). والعنف الاجتماعي – الاقتصادي ( التمييز في الفرص والخدمات و/أو الحرمان منها، الاستبعاد الاجتماعي/النبذ القائم على التوجه الجنسي، الممارسات التشريعية التعويقية ). (1) – الاغتصاب .. سلاح استراتيجي في حرب إذلال ورعب الاغتصاب هو الشكل الأكثر عنفا للعنف الجنسي. كما يرتبط الاغتصاب بالحمل القسري والأمراض التي تنتقل عن طريق ممارسة الجنس بما فيها فيروس نقص المناعة المكتسب " الإيدز ". بيد أنّ حالات الإبلاغ عن الاغتصاب أقل كثيراً من حالات وقوعه بسبب وصمة العار التي تلصق به بل إنه نادراً ما يُعاقب عليه. وهناك عوامل مختلفة تمنع النساء من الإبلاغ عن حوادث العنف، مثل: الخوف من الانتقام، والافتقار إلى الوسائل الاقتصادية، والاتكالية العاطفية، والقلق على الأطفال، وعدم الحصول على التعويض والإنصاف. وليس إلا لدى قلة من الدول تدريب خاص لأفراد الشرطة والسلطة القضائية والجسم الطبي للتعامل مع حالات الاغتصاب. (2) - الاتجار والاسترقاق يعرف بروتوكول " منع الاتجار في الأشخاص "، الملحق باتفاقية الأمم المتحدة لـ " مناهضة الجريمة المنظمة عبر الوطنية " الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2000، الاتجار في الأشخاص بأنه " تجميع الأشخاص أو نقلهم أو تسفيرهم أو إيوائهم أو استقبالهم عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو غير ذلك من أشكال القسر، أو الاختطاف، أو الاحتيال أو الخداع، أو سوء استخدام القوة أو وضع الاستضعاف، أو إعطاء مدفوعات أو منافع أو الحصول عليها مقابل الحصول على موافقة شخص لديه السلطة على شخص آخر بغرض استغلاله. ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال بغاء الآخرين أو غير ذلك من أشكال الاستغلال الجنسي، أو العمل القسري أو الخدمات القسرية، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالاسترقاق أو الاستعباد أو استئصال الأعضاء ". وتؤكد عدة تقارير دولية أنّ تجارة الرقيق تحقق سنوياً أرباحاً تقدر بتسعة مليارات دولار، وتحتل المرتبة الثالثة بعد تهريب المخدرات والأسلحة في النشاطات غير الشرعية الأكثر ربحاً. وتشهد دول العالم الغنية موجة متصاعدة من الاتجار بالبشر معظمهم من النساء والفتيات اللاتي يتم إجبارهن على ممارسة الدعارة، إذ تستقبل البلدان الأوروبية سنويا ما لا يقل عن مليون أنثى للعمل في مجالات الدعارة، وضمن هذا الجيش يتم الإيقاع بفتيات لا تتجاوز أعمارهن عشر سنوات. وبالنسبة للمهربين فإنّ تجارة البشر أقل خطراً من تهريب المخدرات، ومثلما كان يمارس مع العبيد الأفارقة في العهود السحيقة فإنّ النسوة اللاتي يتم بيعهن وشراؤهن يلقين حتفهن نتيجة عمليات التهريب، وتكتشف جثث عدة مئات من النسوة سنوياً على يد " اليوروبول " (شرطة الاتحاد الأوروبي) وحسبما تقول المفوضية الأوروبية فإنّ الضحايا اللاتي يعملن في ظروف أقرب ما تكون إلى الرق يتعرضن للعنف والاغتصاب والضرب بقسوة مفرطة، وأنّ آلاف الجثث لا يعثر عليها. (3) – الدعارة والبغاء تعرف الأمم المتحدة دعارة الأطفال بأنها " فعل الاشتغال ب/أو عرض خدمة تقديم ممارسات جنسية مع الأطفال مقابل المال ". ويرصد العاملون في برامج الأمم المتحدة أشكالاً عدة لهذا العنف من ضمنها الضرب والاغتصاب والإجبار على اللواط والتعذيب والضرب حتى الموت. وتذكر أرقام اليونيسيف أنّ هناك مليوني طفل في العالم ـ أولاد وفتيات ـ يدخلون كل عام إلى سوق الاستغلال الجنسي للأطفال، كثير منهم تم اجتذابه أو إجباره على الدخول، وهو ـ تجاوزاً ـ بكامل إرادته، بينما البعض الآخر تم شراؤه في سوق الرقيق الأبيض نظير تخليص ديون أسرته أو تم التقاطه من الشوارع التي لجأ إليها هروباً من المضايقات والتحرشات المنزلية. (4) - عمل الأطفال حسب المعايير الدولية، فإنّ أسوأ أشكال استغلال الأطفال هي: استخدامهم في البغاء والنزاعات المسلحة وتهريب المخدرات. وقد قدرت منظمة العمل الدولية، في تقريرها على هامش " قمة الطفولة " في مايو/أيار 2002، بأنّ حجم عمالة الأطفال يبلغ 352 مليون طفل، لا فرق بين دول نامية وأخرى متقدمة، فالكل يتربح من وراء أطفال الشوارع. وقالت المنظمة فى تقريرها الذي صدر تحت عنوان " مستقبل خالٍ من عمل الأطفال " أنه لا تكاد تخلو دولة نامية كانت أو متقدمة من مشكلة عمالة الأطفال. وأشار التقرير إلي أنّ العمال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً يواجهون مخاطر من نوع خاص، إذ أنّ متوسط معدلات الإصابة والمرض تتراوح بين 21 % في الزراعة، وهي منخفضة نسبياً للأولاد، و53 %، وهي مرتفعة للفتيات في قطاع البناء والتشييد. وذكر أنّ أفريقيا تضم أكبر نسبة من الأطفال المنخرطين في الأنشطة الاقتصادية، حيث أنّ 14 % من الأطفال في هذه القارة هم أطفال عاملون. ففي المتوسط، نجد أنّ نسبة تزيد على 30% من الأطفال الأفريقيين بين سن العاشرة والرابعة عشرة من العمال الزراعيين. ويرى التقرير أنّ نحو 180 مليون طفل تراوح أعمارهم بين خمسة أعوام و17 عاماً يشاركون في أسوأ أشكال عمل الأطفال. ومن بين 171 مليون طفل يمارسون عملاً خطراً هناك نسبة الثلثين دون سن الخامسة عشرة. ومن بين الأطفال الأكبر سناً في الفئة العمرية 15 – 17 عاماً، تشير التقديرات إلى ممارسة 95 مليون طفل لعمل خطر، وهذا يمثل نسبة مثيرة للقلق تبلغ 24 % من كل الأطفال العاملين في هذه الفئة العمرية. (5) - تجنيد الأطفال على امتداد العقدين الفائتين أجبر نحو 4.5 مليون طفل على حمل السلاح في حروب وثورات وأزمات أهلية في أكثر من 30 دولة بينها إيران والعراق، والسودان وسيراليون. وثمة جهد كبير مطلوب للقضاء نهائيا على ظاهرة تجنيد الأطفال والزج بهم في آتون المعارك والحروب. ويقول تقرير صادر عن مكتب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الأطفال والصراعات المسلحة: إنّ الأطفال في نحو خمسين دولة حول العالم يعانون الأمرين من وجود أنفسهم في غمار صراعات عسكرية وفي نهاياتها، فهم يتم قتلهم ويتيتمون وينتزعون من جذورهم ويغتصبون ويستغلون جنسيا ويحرمون من التعليم والرعاية الصحية، ويتم استغلالهم كجنود أطفال، الأمر الذي يترك في نفوسهم مرارات فظيعة. ويمضي التقرير قائلاً : إنه وفي خلال العقد السابق فقط لقي مليونا طفل مصرعهم في ساحات الحرب، وتيتم مليون طفل آخر ولحقت إصابات بالغة وإعاقات جسدية بعشرة ملايين، ويعاني ستة ملايين آخرين من أمراض نفسية حادة، وأنّ أعداداً لا تحصى من الأطفال - خاصة الفتيات - كانت أهدافاً لجرائم الاغتصاب والعنف الجنسي. ويضيف التقرير أنّ عشرين مليون طفل اضطروا للنزوح بسبب الحرب داخل أو خارج أوطانهم، وأنّ نصف مليون طفل يعملون الآن كمقاتلين في مناطق مختلفة من العالم، وأنّ ألف طفل يقتلون أو يصابون بإعاقات جسدية بسبب الألغام الأرضية كل شهر. لقد أشار تقرير صادر عن " التحالف من أجل وقف تجنيد الأطفال " ( يضم التحالف العديد من منظمات حقوق الإنسان من بينها منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان والمنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال ) في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 إلى أنّ أطفالاً صغاراً من البنين والبنات، بعضهم لا يزال في التاسعة من عمره، يخوضون معارك على جبهات قتال في أنحاء العالم. وذكر التقرير أنه في الشرق الأوسط أيضاً لم يعد غريباً مشاهدة أطفال على جبهات القتال، مشيراً إلى وجود جنود من الأطفال في إيران والعراق وإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة واليمن والسودان، حيث يوجد أكثر من عشرين ألف طفل في القوات الحكومية السودانية وجماعات المعارضة المسلحة. ولا تزال أفريقيا أكبر متهم باستغلال وإساءة معاملة الجنود من الأطفال، بصفة خاصة في بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا، غير أنّ الظاهرة امتدت أيضاً إلي آسيا وأمريكا اللاتينية. وجاء في تقرير التحالف أنّ أكثر من مائة ألف طفل أفريقي خدموا كجنود خلال السنوات الأربع الماضية، وأنّ أكثر من نصفهم قاتلوا في السودان وأوغندا ورواندا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ومن الواضح أنه ينبغي أن تشكل الحاجة لحماية الأطفال من تجنيدهم جزءاً من استراتيجية شاملة لحمايتهم، وسبباً في أن يطالب بروتوكول اختياري جديد لاتفاقية حقوق الطفل جميع الدول، وليس فقط الدول المعنية مباشرة بالصراعات، بأن تمنع الجماعات العسكرية من تجنيد أي شخص يقل عمره عن 18 سنة. (6) - التجارب العلمية وتجارة الأعضاء لا يعتبر استخدام الأطفال في التجارب العلمية والمختبرات أمراً جديداً، ولكنّ اللافت للنظر أنّ هذه القضية قد أخذت أبعاداً جديدة بعد توصل العلم إلى زرع الأعضاء البشرية وظهور عصابات متخصصة في تجارة الأعضاء. (7) - العنف الرمزي – الثقافي/ختان الإناث لعل هناك عسفاً يحدث يومياً, لا ينتبه إليه الباحثون, بل لا يعتبر حتى عنفاً ضد المرأة, ففي الشعور الجمعي يتستر المجتمع كله بما فيه الأسر والمقربون, كما تتستر وسائل الإعلام, على حوادث العنف والاعتداء والاغتصاب مما يغطي على هذه المشكلات ويسهم في استفحالها. ولا يقتصر العنف الرمزي على الزوج فقط, لا بل يتعداه إلى شؤون أخطر وأعمق, بدءاً بعادة ختان البنات فوفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية فإنّ نحو مليوني فتاة يخضعن لهذه العملية كل سنة, غالبيتهن في أفريقيا وآسيا, ناهيك بالعائلات المهاجرة في غرب أوروبا وشمال أمريكا. هذا العنف الثقافي هو الذي نجد له صدى في المادة الرابعة من " الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة " التي تنص على ما يأتي: " على الدول إدانة العنف ضد المرأة ولا يجوز الاستشهاد بأية عادات أو تقاليد دينية لتجنب التزاماتها في ما يتعلق بالقضاء على العنف. وعلى الدول اتباع سياسة القضاء على العنف ضد المرأة مستعملة بذلك كل الطرق والوسائل المناسبة وبدون أي تأخير ... ". (8) - العنف المنزلي العنف المنزلي بحسب المعايير الدولية وبحسب استخدامه في الأدبيات الحديثة هو" شكل من أشكال العنف التي تصيب المرأة لأسباب تتعلق بالجنس والتي تقع في إطار الأسرة وفي إطار العلاقات المتبادلة بين الأشخاص ". لقد انطلق الكلام عن العنف المنزلي من الخلفية عينها التي سوّغت الكلام عن العنف ضد المرأة في العائلة، لاسيما بالاستناد إلى " الطابع المحدد الجنس للعنف داخل العائلة "، وهي الحجة التي استند إليها الإعلان العالمي للقضاء على العنف المسلّط على النساء. كما أوضحت الفقرة الأولى من الفصل الثاني العائد للإعلان المذكور أعلاه أنّ العنف ضد النساء في نطاق العائلة يشمل - على سبيل الذكر لا الحصر - " العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار الأسرة، بما في ذلك الضرب والتعدي الجنسي على أطفال الأسرة الإناث، والعنف المتصل بالمهر، واغتصاب الزوجة، وختان الإناث وغيره من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة، والعنف غير الزوجي والعنف المرتبط بالاستغلال " . ويتخذ العنف في محيط الأسرة أشكالاً مختلفةً بدءاً من العدوان الجسدي, مثل الصفع واللطم والركل والضرب وانتهاء بالأذى النفسي مثل التخويف والتحقير والإذلال المتواصلين، بما في ذلك مختلف سلوكيات السيطرة والتحكم, مثل عزل شخص عن عائلته وأصدقائه, ومراقبة تحركاته وحصوله على المعلومات أو المساعدة وفرض قيود على كل ذلك . أخطار العنف الجنسي وعواقبه يواجه الضحايا/الناجون من العنف الجنسي مخاطر شديدة من المشكلات الصحية والنفسية – الاجتماعية الحادة، وبمخاطر الموت في بعض الأحيان: (1) – العواقب الصحية هناك نتائج صحية وخيمة يمكن أن تكون خطيرة على الحياة، وهي ترتبط بجميع أنواع العنف الجنسي، ومنها: القتل، والانتحار، ووفيات الأمهات، ووفيات الرضع، والوفيات المتصلة بالإصابة بالإيدز. (2) – العواقب النفسية – الاجتماعية إذ تنزع معظم المجتمعات إلى لوم الضحية/الناجي، ويسفر هذا الرفض الاجتماعي عن المزيد من الأضرار النفسية: الاكتئاب، والقلق، والخوف، والغضب، والخجل، وعدم الأمان، وكراهية الذات، ولوم النفس، والأمراض العقلية، والانتحار أحياناً. ونتيجة للخوف من الوصمة الاجتماعية لا يقوم معظم الضحايا بالإبلاغ عن حالة العنف الجنسي، مما يولّد عواقب اجتماعية عديدة من أهمها: لوم الضحية، وفقدان الدور والمكانة الاجتماعية، والرفض والعزلة الاجتماعية، وزيادة أوجاع عدم المساواة بين الرجال والنساء. ولاشك أنه من الضروري إدراك العواقب المترتبة على العنف الجنسي لكي يمكن وضع برامج فعالة لمساعدة الضحايا. استراتيجيات منع العنف الجنسي تشمل استراتيجيات الوقاية الفعالة أنشطة تركز على خمسة أهداف رئيسية، هي: تغيير الأعراف الاجتماعية – الثقافية، مع التأكيد على تمكين النساء والفتيات من أسباب القوة. وإعادة بناء هياكل الأسرة والمجتمع المحلي ونظم دعمها، وتوفير خدمات ومرافق فعالة، والعمل مع النظم القانونية الرسمية والتقليدية لكفالة توافق ممارساتها مع معايير حقوق الإنسان الدولية، ورصد وتوثيق حوادث العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس. أسباب عجز الدول عن الوفاء بالتزاماتها لا يمكن للاتفاقيات الدولية أن تحقق أهدافها إلا عندما تبرم الحكومات المعاهدات الدولية في بلدانها، وتسن القوانين التي تقوي شروطها، وتنشئ وتنفذ البرامج التي تتناول حاجات الأطفال العمال المباشرة وبعيدة الأمد إلى البقاء والنمو والحماية والمشاركة. وينبغي أن تبرمها بسرعة لا البلدان النامية حيث الانتشار الكبير لعمل الأطفال وحسب، بل كذلك البلدان المتقدمة المستفيدة من استغلال هذا العمل. وإنها لحقيقة أنه في كل البلدان التي ينتشر فيها عمل الأطفال على نطاق واسع يوجد الإطار القانوني الأساسي الذي يمكن أن يمنع أو يخفف المشكلة، ولاسيما في أسوأ أشكالها. ويجري الآن تعريف العمل الجبري للأطفال، والاتجار بالأطفال، والتضحية بالأطفال من أجل البغاء بأنها جنايات. إلا أنه لم يكن لهذه القوانين أن تصبح ملزمة بسبب الفقر الهائل، أو الافتقار إلى القدرة عند وسائط الإلزام القانونية، أو الممالأة بين الملزمين والمتاجرين بالسلع غير المباحة أو أرباب الأعمال الذين يستخدمون عمل الأطفال. إنّ ما يمكن أن يجعل الوضع مختلفاً، بالنسبة إلى الأطفال بصورة حاسمة، ليس إبرام المعاهدات والصياغة اللاحقة للإطار التشريعي وحدهما، بل لابد من ظهور برامج العمل الوطنية الفعالة وتنفيذها بعد إبرام المعاهدات التي تخاطب الحاجات الحقيقية للأطفال. فكثيرا ما يفترض أنّ عدم وصول الأطفال إلى التعليم يدفعهم إلى العمل وأنّ التعليم الأساسي الحر والإلزامي يمكن بصورة لافتة للنظر أن يخرجهم من سوق العمل. لذلك هيهات أن تكون مقاربة مشكلة عمل الأطفال عبر التعليم فعالة إلا إذا دعمها برنامج ملموس لتخفيف الفقر، من شأنه أن يزيل العبء الذي وضعه الآباء والمجتمع على كاهل الأطفال العمال.
#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعض القضايا المؤجلة للنهضة العربية الحديثة
-
استلاب الماضوية ونظرية المؤامرة
-
حظر المآذن يمتحن التنوّع الثقافي
-
الخلل الرئيسي في المشروع العربي
-
في الحاجة العربية إلى إصلاح حقيقي
-
بعض مظاهر محنة الأمة
-
في ضرورة التغيير
-
أخطر الأوهام التي يجب أن نتخلص منها
-
أين الخلل العربي ؟
-
إشكاليات المنظمات غير الحكومية في العالم العربي
-
التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (3/3)
-
التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (2/3)
-
التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (1/3)
-
كي يكون حوارنا متمدناً
-
واقع وآفاق التعاون الاستراتيجي التركي - السوري
-
محددات السياسة الخارجية التركية
-
صخر حبش .. وكلمة وفاء
-
التنمية في أفريقيا: المعوّقات وآفاق المستقبل
-
حول توازن القوى في الشرق الأوسط
-
معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (5/5)
المزيد.....
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
-
المملكة المتحدة.. القبض على رجل مسن بتهمة قتل واغتصاب امرأة
...
المزيد.....
-
جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي
/ الصديق كبوري
-
إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل
/ إيمان كاسي موسى
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
الناجيات باجنحة منكسرة
/ خالد تعلو القائدي
-
بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê
/ ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
-
كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي
/ محمد الحنفي
-
ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر
/ فتحى سيد فرج
-
المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟
/ مريم نجمه
-
مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد
...
/ محمد الإحسايني
المزيد.....
|