طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)
الحوار المتمدن-العدد: 2933 - 2010 / 3 / 3 - 11:37
المحور:
الادب والفن
فشلت أم خليل في إنجاب ولد واحد يرثها ويرث زوجها,
ورفض أبو خليل أن يتزوج ثانيةً مدّعياً أنّ ما لم يوفقّه الله بأولاد من أمّ خليل، لن يوفقه من أخرى.
كان يقول إذا جاءه ولدٌ سُيسميه "خليلاً" لذلك كُنيَّ بأبي خليل...
الكرم الصغير خلاصة عمله على مدار سني عمره الطّويلة، ورثته العجوز،
واعتبرته هدّية عظيمة من زوجها، وحوّلته إلى جنّة صغيرة، فكبر بعيون البشر، وكَبُرتْ.
أغار القطيع على الكرم، وحوّل ربيعه يباساً...
ضرب الرّاعي كفّاً بكف، ولعن الشيطان وحمّله مسؤولية نومه وقال،
أنَّه سيعوَّض لأم خليل حتى لو كلّفه ذلك بيع القطيع كله...
سمعت أم خليل ما تناقلته الشّفاه ذاك المساء، فلم تنتظر حتى يطلع الصّباح..
لفّت مغزالها حول ذراعها، ولبستْ حذاءها المطّاطّي، وهرعت تحمل حريقاً في قلبها الطيّب...
لما أكملت جولتها، ورأت العرائس الصغيرة المقتولة،
عادت شاحبة الوجه و يابسة الشفاه و مرتجفة العينين و مطفيّة الأحلام...
مرضت تلك اللّيلة، ولم تستطيع مغادرة الفراش في الأيّام التّالية...
زارها الّراعي مع جمع من أصدقائه ومن أهل القرية، ثم عرض تعويضاً عن خسائرها فلم ترد..
اعتقد أنّ المبلغ صغيرٌ فزاده قليلاً..
ثم شاور الجمع وضاعفة...
لكنّ أم خليل بقيت صامتة....
رفع المبلغ مرةً أخرى، فبكت أم خليل...
استغرب الّراعي, واستغرب الجمع أيضاً...
عرض مبلغاً كبيراً، وأدخل يده في سترته، لكنّ أم خليل ذابت في الدّموع والألم..
وقف أهل القرية إلى جوار الّراعي بوجه أم خليل الطّماعة....
أحدٌ منهم لم يُقدَّر مشاعر تلك العجوز..!!
أحدٌ منهم لم يفكّر أن لا شيء يضاهي البراعم..!!
أحدٌ منهم لم يفكّر أنّ القدر حرمها من براعم أبي خليل...
والراعي حرمها من براعم كرمه..!!
لم تمت أم خليل، وقد كانت أقوى من تلك الأزمة...
أمّا الصّيف....
لقد مرّ الصيف على كروم القرية كلّها، وسالت عيناه نبيذاً أحمر، وخابيات تين..
عدا كرم أم خليل....
لقد وقف محدقاً…
منتظراً....
#طالب_إبراهيم (هاشتاغ)
Taleb_Ibrahim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟