أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - زيارةُ سِـيـجمـونـد فْـرُويد Sigmond Freud














المزيد.....

زيارةُ سِـيـجمـونـد فْـرُويد Sigmond Freud


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 892 - 2004 / 7 / 12 - 06:19
المحور: الادب والفن
    


أمسِ ، السبت ، الحادي عشر من تموز ، كان الجوُّ منْــذِراً ، الغيوم السود تتجمّــع ، واحتمالاتُ الرعد قائمةٌ ؛ أي أن الوقت غيرُ مناسبٍ البتّــةَ لزيارة سيجموند فرويد ، صاحبِــنا الفريدِ ، في منزله / المتحف ،
بهامستيد ، الحيّ اللندنيّ العريقِ ، حيث أقام الرجلُ بعد أن هجر بيته بالعاصمة النمساوية ، فيينّـا ، أواخرَ الثلاثينيات ، إثرَ إلحاق النمسا بألمانيا الهتلرية ، ذلك البيت الذي أقامَ فيه واشتغلَ ، سبعاً وأربعين سنةً …
كان الوقت صعباً ،
وكانت صحة العالِــمِ فرويد تتداعى تحت وطأة المغادَراتِ ، من فيينّــا إلى باريس ، ومن باريس إلى لندن .
قلتُ إن الجو كان منْــذِراً ، لكننا ( أنا وصديقتي ) قرّرنا الـمُـضِـيَّ في ما اعتزمناه ، وهكذا انطلقنا ، تحت مطرٍ غزيرٍ ، ورعودٍ نادرةٍ ، من أقصى غربيّ لندن إلى هامستيد : فرويد أو الموت!
صديقتي _ وهي من النمسـا _ كانت معْـنيّـةً بجانبٍ من اهتمامات ابن بلدِها ، بمراسلاته خاصّــةً ، مع الفنانين والعلماء والفلاسفة : آينشتاين مثلاً .
أمّـا أنا فكنتُ مأخوذاً بدراسة نُشِـرتْ مؤخراً ، هنا ، في لندن ، تعالج ما جرى في أبو غْـرَيب من استباحاتٍ ، في ضوء فرويديّ إلى حدٍّ كبيرٍ .*
سيكون مُـجْــدياً ( لي في الأقل ) أن أطّــلِعَ أكثرَ على تفاصيلَ متناثرةٍ جداً من مسألة فرويد والحــرب
( الحرب الأوربية طبعاً ) .
بلغنا منزل فرويد تماماً وقت افتتاح الزيارات : الساعة الثانية عشرة ظهراً .
للمناسبة ، من المفيد القول إن الجمعية البريطانية للتحليل النفسي ذات علاقة وثيقةٍ بالمكان .
أمضينا حوالي الساعتين في المكان .
لا مكان هنا لاستعادة كلامٍ مثل: هذي عباءتُهُ في الركن مهملةٌ …
كل شيءٍ دقيقٌ ، مدقَّقٌ أكثر من الساعة !
***
المفاجأةُ كانت في المغادرة …
حين كنت أهبطُ من السـلَّـمِ الثاني ، التفتُّ كالمُـوَدِّعِ ، لأجدَني أتوقّفُ متيبِّــساً :
يا إلــهي !
من ركنٍ غيرِ مهملٍ ، أعلى السلّــمِ الثاني ، كانت لوحةٌ صغيرةٌ ، ومُـصَـغَّـرٌ لها …
لم أصدِّقْ حدسي .
أعدتُ مسرعاً ارتقاءَ الدّرجاتِ الثلاث التي كنتُ هبطـتُها للتوّ ، واتجهتُ مباشـــرةً إلى ذلك الركن ، أعلى الســلّمِ الثاني ، كأنني أتجه إلى مصيري :
نعمْ ! إنـــها الذئابُ …
فضــاءٌ ( سيبيريّ ؟ ) أبيضُ أزرقُ .
شجرةٌ ذات ستة فروع .
الفروع متقابلةٌ ، اثنين اثنين .
على كل فرعٍ من الفروع الأربعة المتقابلة انتصبَ ذئبٌ .
الفرع الخامس من اليسار اعتلاه ذئبٌ .
الفرع السادس ( من اليمين طبعاً ) كان عارياً .
***
تفصيلٌ صغير :
في الأسفل ، صورة فوتوغرافية ( أو هكذا تبدو ) لسيرجيي وأخته أنّــا ، حين طفولتهما !
إذاً ، هاهوذا الرجل الذئب : سيرجيي رينكيجيف .
وتلك شجرته الشهيرة في التحليل النفسي المبكر : الشجرة ذات الذئاب .
***
كان سيرجيي رينكيجيف ( الرجل الذئب كما لُـقِّبَ في تاريخ التحليل النفسي ) نبيلاً روسياً ، التقى مع فرويد وخضع لملاحظته ، وبعد ثورة أكتوبر 1917، فرَّ من بلاده ، وساءت حاله كثيراً ، حتى لقد كان يمرّ على فرويد بين حين وآخر فيساعده هذا بمبلغٍ ضئيلٍ نسبياً ، إذ أن فرويد نفسه لم يكن ميسور الحال .
***
مُــدَوَّخٌ أنا …
شجرة الذئاب تأخذ المكان كله ، وتظلُّ ، كما في الأصل ، صغيرةً …
الفضاء السيبيريّ ، أزرق أبيض ، وليس في اللوحة أزرقُ وأبيض .
اللوحة فيها ما يشبه رماد شجرِ الأثَل ( الأكاسيا ؟ )
من أين يتسلل البردُ إلى مفاصلي؟
كانت عيون الذئاب مريحةً
وبدا لي أن الخِــطْــمَ استحال فماً ،
وأن هذا الفم سينفرجُ ، لا عن أنيابٍ عُـصْـلٍ ، بل عن لؤلؤٍ نضيدٍ …
لكنْ … إنْ كانت الأمورُ هكذا ، فمن أين أتتني الرعشةُ ؟
ولماذا وجدتُــني أكاد أهذي : دثِّـــريني … دثِّـــريني ؟
***
سوف تهبط ذئاب سيرجيي من أعالي أغصانها إذا ما جَــنَّ الليلُ .
ولسوف تبرقُ عيونها في الليل السيبيريّ البهيم .
ولسوف:
" تقضقضُ عُصلاً في أصِــرّتـها الردى
كقضقضةِ المقرورِ أرهقَــه الـبردُ "
لندن 12/7/2004



#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا جُـنـاحَ عليكَ
- زاويةٌ لـلـنـظــر
- الأســماء
- طريقُ الشِّـهابِ ، وصالح بِـشْـتـاوه
- دمٌ فاســـدٌ
- ثلاثةُ وجوهٍ منتفخةٍ غباءً
- كــمْ عدَنٍ ســوف ننســـى !
- الـمـتَـرَحِّـــلون
- ســاعاتُ جان جِـيْـنَـيه الأخيرة
- فَـراشاتُ الأنْــدِيز
- كلامٌ غيرُ مسؤولٍ …
- الجرذان تغادِرُ السفينةَ …
- عطلة الـمصارف
- غلامٌ سـعوديٌّ رئيساً لأرضِ السّوادِ
- بيـــن مَــوتَـينِ سلافو جيجيك يكتب عن أبو غْرَيب
- الليلةَ ، أُقَـــلِّـــدُ بازولــيني
- لا تقتلوا الشهرستاني !
- الأشــياءُ تتــحـرّك
- يوميّــاتٌ عراقـيّــةٌ
- الجندب الحديديّ


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يدخل على خط الجدل القائم حول -الملحد- بتعليق لا ...
- قدم حالاً… تنسيق الدبلومات الفنية 2024-2025 نظام الثلاثة سنو ...
- -من دعاة التنوير والحرية-.. تفاعل على رد نجيب ساويرس حول رأي ...
- مصر.. قرار جديد بخصوص أزمة هيفاء وهبي (صورة)
- بعد حكم الإعدام.. حكم جديد ببراءة مغني الراب الإيراني توماج ...
- Admhec “القبول بالجامعات” معدلات القبول الموحد في الجامعات ا ...
- انطلاق الدورة الـ77 لمهرجان -لوكارنو- السينمائي الدولي في سو ...
- البحر الأحمر السينمائي يعلن عن فتح الانتساب لدورته الرابعة 2 ...
- -أوروبا-: رؤية سينمائية تنتقد وحدة أوروبية مفترضة
- نجم شهير يتعرض لموجة غضب كبيرة بسبب انسحابه فجأة من فيلم عن ...


المزيد.....

- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - زيارةُ سِـيـجمـونـد فْـرُويد Sigmond Freud