أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الوهابي - الحرية و الدين














المزيد.....

الحرية و الدين


سعيد الوهابي

الحوار المتمدن-العدد: 2931 - 2010 / 3 / 1 - 02:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يطرأ عند نشؤ الأشياء أزمة مصطلح, تتداخل المفاهيم وتتنافر فتضيع الأفكار وتندثر, وأنا حين أتحدث عن مفهوم واسع قد يعم الحياة جميعاً وهي الحرية, وأساس قديم في الأصل البشري كالدين يجب أن أحاول لأفسرهما لنفسي على الأقل, فالحرية هي متسع من الحياة للإنسان ليعيش, بكل ما يتضمن هذا العيش من قول وفعل واعتقاد, والدين حقيقة تضمن لهذا العيش القيم والأخلاق وأجوبة ذو نزعة إيمانية للعقل المشاغب, وربما يدور في هذه الدائرة أصل كل واحد منهما, أرى أن المفهومان يتخلق حولهما إشكال منذ الأزل, يقول فريق أن الرجل الأول إنسان حر فطرياً, يخرج في البراري يصطاد وينام حيثما أراد وريثما ابتغى بلا قيود, طرف آخر يصرون على قصة ادم الرجل الأول, ادم هو أبو البشر دينياً, أطراف أخرى تتحيز للعلم وتتنبأ بنظرية النشوء والارتقاء للعالم داروين, ويستمر الجدال وتبقى الأزمة ربما إلى الأبد.

واليوم في عالم جديد, عالم لم تعهد البشرية بمثله من قبل, يشتد الصراع مع طوفان العالم المتضائل, حين نسلط إلى أجود الأمثلة على هذا الصراع قد لا يختفي الإسلام من الأجندة, إن لم يكن الآن في أعلى القائمة, في كل الدول الإسلامية هناك صراع متفاوت بين شعارات الدين والحرية بصور مختلفة, قد يجادل البعض بمحاولة احتواء احدهما لللاخر, حين نفترض أن الحرية كلمة ساحرة ذات خلفية ثورية محببة, فهي من وجهة نظر الدين هدف سامي, والدين من جهة أخرى نقطة لكسب أصوات المجتمع باعتبار أن الدين هو الباعث الحقيقي للحرية والكرامة وما يلزم, وفي حال النزاع وفي حال التواطؤ يخسر المجتمع.

ما يخجل المجتمعات العربية والإسلامية المعاصرة ندرة الأمثلة التي تبرر رفع القبعة, كان هناك في فترة ما أمل بالنهضة, حين استيقظت هذه العوالم من غفوة الاستعمار لكن الجهل والخوف والفقر كسر كل المجاديف, حينها ظهر الإسلام بصبغة سياسية بحتة, من أقصى هذا العالم إلى شواطئ الغرب, ظهر كحل, حل وحيد.

اندونيسيا كأكبر قطر إسلامي يضم مسلمين ( ما يقارب 250 نسمة منهم 90% مسلم ) كان إلى بداية التسعينات بالرغم من الحكومة الديكتاتورية بقيادة سوهارتو تتجه إلى تشكيل جيد لحياة الاندونيسي, تحولت أكواخ العاصمة جاكرتا إلى ناطحات سحاب, وارتفع دخل الفرد بشكل متسارع, وبعد سوهارتو نمت الأصولية إلى أن أتت تفجيرات بالي فسقط الإنسان وازدادت الهوة الاقتصادية.

في إيران كانت الحرية السياسية تتسع مع ضعف الشاه, حرية انقلبت بفعل سلطة المد الشيعي إلى طهران إلى ثورة مؤججة, سقط الشاة واعتلى قمة السلطة عالم دين, أصبح الإنسان الإيراني قبل أيام يمرح ويسكر في الشارع, وفجأة أصبح يركع ويكبر, الإنسانية لا تستسيغ نوعاً من هذا الخداع, والنتيجة تضخم الحدود الإيرانية عن العالم, حدود لم تحاول أن تصدر من خلالها سوى ثورتها.

في السعودية كانت وتيرة خطط التنمية الخماسية تسير بأفضل مماهو مرسوم لها, عوائد نفطية مجزية بعد حرب 1973 الشعب متحمس ومندفع وجاد, وفي لحضه كان الغرق, غرقت الحكومة في طوفان الدين, حين احتل الحرم المكي بعد الحادثة الشهيرة في العام 1979 تبنت الحكومة كل هذه الأفكار, غضت الطرف عن الآلاف الشبان المتجهين إلى أفغانستان, وفي نفس الوقت لم تطرف عن حركة الثقافة والصحافة.

مصر والقصة الأوضح للعبة السياسية بالدين, الدين الذي تسرب بفعل السياسة من الأعلى إلى قيعان المجتمع, أصبح كل مصري يترحم زمانه الجميل, فجأة ظهر الأقباط غرباء, ظهر الحجاب كأيقونة, حجب العقول عن استقبال الضيف القادم, حتى هز أزيز رصاصه المنصة ووقف الرئيس السادات متأخراً واغتيل.

هناك أمثلة في مشابهة لما سبق في الجزائر والعراق والصومال كذلك, وقد يخيل أنني تحيزت للحرية السياسية وعلاقة الدين الإسلامي بها, وهنا اجزم أن الحرية مفهوم يشمل الحياة في شتى المدارات والأطياف, ولكن الوهلة هذه في هذا الاعتقاد يختفي حين يرسخ في الذهن إن الحرية ثقافة, مكون فطري كالتنفس والفرح والغضب,ولكن حالة الشعوب العربية الإسلامية, والتراكم العقلي العربي سلم القرار غصباً أو طواعية إلى السلطة, السلطة بكل صورها, أكانت الدولة أو الدين أو الأشخاص أو حتى سلطة المجتمع نفسه, وهنا تكمن المشكلة المختلفة وهنا أيضا تبرير هذا التحيز.

عطفاً على تجزأ الحرية, أو ما اصطلح عليه أنا بالحرية العرجاء اللطيفة, قد يكون الاقتصاد الحر مدخلاً أو باعثاً إلى حريات اعم واشمل, هنا تبرز إمارة دبي أو أبو ظبي في استخدام هذا المصطلح الذي أراه يتطفل على الحركة الثقافة وحتى السياسية في هذه الإمارات الجديرة بالاهتمام, وحرية الكلمة أو الثقافة بشكل عام في لبنان أوجدت لها منذ عقود صورة نمطية عن الحرية,ً وقد نجمع كل هذا الجزيئات, نظهر بمثال وحيد و متكامل و داعي للتفاؤل, ماليزيا البلد الإسلامي الممزوج بالدين المتسامح, والحرية المنفتحة.

قد يكون من الصعوبة بمكان الحديث في حقل مملؤ بالتضارب, فالحرية تدعو إلى كل الخيارات, والدين يدعو إلى الصراط المستقيم, دعاة الحرية يبشرون بالنهضة طريقاً, ودعاة الدين ينادون بالنجاة ثواباً, والمجتمع يراوح بينهما ومع كل هذا الضباب, في رمادية الحياد, حياد خوف الحقيقة التي لا يزال البعض يرددها أملاً في الحياة أو جبراً للرضا, أقول جاداً أن الحرية و الدين صعب أن يكونا بلا صراع, فالدين بصورته المتشددة المنتشرة الآن لا يمكن أن يخلي الساحة بسهولة للحرية المجربة سابقاً المتخيلة مستقبلاً, ولا حاضر للحرية التي تتبنى العقول وتبني الحضارات, وتتحيز للإنسان جداً, أكثر مني بالطبع.


سعيد الوهابي
كاتب و روائي سعودي



#سعيد_الوهابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- الرجل الأسطورة متحدثا عن أغلى أمنياته: -لو عشت مرة أخرى لكنت ...
- جيش الاحتلال يجند 3 آلاف شخص من يهود الحريديم
- تأثر مارتن لوثر بالإسلام.. تمرد على الكنيسة والثالوث ورفض ال ...
- إسرائيل.. أوامر فورية للجيش بتجنيد 3 آلاف شخص من يهود -الحري ...
- كيف ترى الصهيونية الدينية الضفة الغربية والقدس؟
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع حيوي في إيلات ...
- حرب غزة: قرار إلزام اليهود المتشددين بأداء الخدمة العسكرية ي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تضرب هدفاً حيوياً للاحتلال في إ ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف موقع حيوي في إيل ...
- إلى جانب الكنائس..مساجد ومقاهٍ وغيرها تفتح أبوابها لطلاب الث ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الوهابي - الحرية و الدين