أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - مجلس الدولة يحكم ب -وأد- المصريات!















المزيد.....

مجلس الدولة يحكم ب -وأد- المصريات!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2926 - 2010 / 2 / 24 - 15:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بصراحة .. ودون لف أو دوران.. نقول أن ما حدث فى مجلس الدولة الأسبوع الماضى أمر بالغ الخطورة، لأنه لا يعنى فقط اتخاذ موقف غير عادل تجاه المرآة برفض تعيينها قاضية بالمجلس الموقر، وإنما يعنى أيضاً أن الأغلبية الساحقة من حضرات المستشارين أعضاء الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة قد اختارت السير فى طريق وعر يبدأ اليوم برفض تعيين المرأة قاضية وسيصل غداً –لا محالة- إلى إشهار "الفيتو" فى وجه تعيين القاضى القبطى أيضاً.
لقد اختار حضرات المستشارين - باختصار - إعلان الحرب على الدولة المدنية الحديثة ومحاولة جر البلاد إلى الخلف وإعادة عقارب الزمن إلى الوراء لإحياء الدولة الدينية على جثة الدستور وأشلاء مواثيق حقوق الإنسان.
وإذا كان البعض – من أمثال المستشار محمود العطار نائب رئيس مجلس الدولة- قد حاول التخفيف من وطأة القرار الصدمة بقوله أن رفض التعيين جاء لدواع عملية تتعلق بتكدس القضايا، ونفى سيطرة أى اتجاهات دينية سلفية على الجمعية العمومية..
فإن هناك آخرين – من أمثال المستشار يحيى راغب دكرورى – رئيس نادى قضاة مجلس الدولة ونائب رئيس المجلس– يقول أن أصل القضية هو أن القضاء "ولاية" وليس مجرد "وظيفة".
وأكد المستشار دكرورى أن رفضه تولى المرأة القضاء مبنى ومستند على الإجماع الفقهى ومبادئ الشريعة، باعتبارها قضية شرعية بالأساس، خصوصا أن عمل المرأة فى القضاء قد يصطدم بالمسائل الشرعية مثل الخلوة .. "فعندما تعمل المرأة قاضية فى دوائر الحكم يستوجب عملها أن يغلق عليها باب غرفة المداولة مع قاضيين أو أكثر من الرجال.. ألا يعتبر اجتماعها معهم لساعات طويلة خلوة شرعية".
ومضى رئيس نادى قضاة مجلس الدولة أبعد من ذلك ليؤكد أن تولى المرأة القضاء يتناقض مع المادة الثانية من الدستور.
***
وأظن أن لجوء حضرات المستشارين إلى المادة الثانية من الدستور مسألة تستحق الانتباه.
فليس مجلس الدولة – مع كل الاحترام له – هو من يملك حق تفسير المادة الثانية أو غيرها من مواد الدستور. بل إن هذا الحق مكفول فقط للمحكمة الدستورية على سبيل الحصر.
كما أنه ليس من صلاحية مجلس الدولة النظر فى هذه المادة أو اعتبارها مادة للتطبيق المباشر.
وبالتالى فإن تذرع مجلس الدولة بالمادة الثانية – التى بحت أصواتنا فى المطالبة بتعديلها من قبل تحسبا لإساءة تأويلها على النحو الذى حدث – لا يبرر عدوان حضرات المستشارين على روح الدستور والكثير من نصوص مواده التى تؤكد على أن "المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة".
كما أن تذرع حضرات المستشارين بالمادة الثانية وفق تفسيرهم الخاص لها – وهو حق لا يمتلكونه أصلا – يتناقض مع مبادئ المواطنة التى أقرتها المادة الأولى من الدستور.
***
كذلك فإن تذرع حضرات المستشارين باعتبارات "الملاءمة" مردود عليه بأن مجلس القضاء الأعلى قد حسم هذه المسألة منذ سبع سنوات. وبما أن هذه الصلاحية ممنوحة للمجلس الأعلى فإنه لا يصح لأحد أن يأتى بعدها ويقول "هذا رأيي"، أو أن تكون ذريعة "الملاءمة" مدخلاً لمناقشة "أصل الحق" الذى تم إقراره.
***
أما الزج بتفاصيل من قبيل أن المرأة القاضية يمكن أن تكون حاملاً، وأن شكلها وهى حامل من شأنه أن يؤثر على هيبة القضاء، أو أن ساعات الرضاعة قد تؤثر على سير الدعاوى القضائية التى تنظرها، فهى أمور فكاهية وكوميدية كنا نربأ بحضرات المستشارين أن يرددوها.
فمن العيب أن نناقش هذه السفاسف فى الوقت الذى تشغل فيه المرأة أعظم المناصب السياسية والقضائية وغيرها فى مشارق الأرض ومغاربها. بل إن نسبة النساء فى سلك القضاء الفرنسى – مثلاً - أعلى من نسبة الرجال. ولا نظن أن القضاء فى مجلس الدولة "الرجالى" أفضل من القضاء الفرنسى (الذى تصاب فيه القاضيات بداء الحمل والرضاعة ومع ذلك لا تهتز العدالة الفرنسية لسبب بسيط هو أنه لا أحد من الفرنسيين يهتم لجنس الملائكة أو يجادل فيه).
وينسى حضرات المستشارين الذين يسوقون هذه الحجج المتهافتة أن هناك فى ربوع العالم العربى الآن أكثر من عشرة آلاف قاضية فى سوريا ولبنان والعراق والأردن والسودان وتونس والمغرب واليمن. بل إن المرأة وصلت إلى رئاسة محكمة النقض فى تونس كما وصلت إلى منصب النائب العام فى سوريا منذ سنوات، دون أن يحول الحمل والرضاعة دون ذلك وأيضاً دون أن يهتز ميزان العدل!
بل إن حضرات المستشارين ينسون أيضاً أن هناك الآن فى مصر ذاتها 42 قاضية فى المحاكم الجنائية والمدنية والاقتصادية والأسرة، واحدة منهن ترأس دائرة فى محكمة الجيزة.
ولم يكن طريق المرأة المصرية إلى الجلوس على منصة القضاء مفروشا بالورود. يكفى أن نتذكر أن هذا الملف فتحته عام 1951 الدكتورة عائشة راتب منذ 59 عاماً عندما تقدمت بطلب لتعيينها قاضية فى مجلس الدولة بعد تخرجها من كلية الحقوق بتفوق، لكن طلبها رفض. فطعنت على هذا الرفض أمام مجلس الدولة ذاته. فما كان من رئيس مجلس الدولة فى ذلك الحين العلامة الدكتور عبدالرازق السنهورى إلا إصدار حكم يؤكد أنه لا يوجد مانع دستورى او قانونى أو شرعى يحول دون تعيين المرأة فى سلك القضاء. وأن الأمر مرهون باعتبارات "الملاءمة" التى تقدرها الدولة التى تستطيع تحديد الوقت المناسب الذى تصبح فيه المرآة قاضية.
وبعد تسعة وخمسين عاماً من حكم السنهورى لا يزال حضرات المستشارين فى مجلس الدولة يرون أن اعتبارات "الملاءمة" مازالت تتطلب الإرجاء، رغم أن مجلس القضاء الأعلى حسم المسألة منذ سبع سنوات، ورغم أن المحكمة الدستورية العليا – بجلال قدرها – تتشرف بوجود قاضية بألف رجل هى المستشارة تهانى الجبالى!
***
لذلك فإن الموضوع ليس وليد الساعة، كما أن حضرات المستشارين الذين صوتت أغلبيتهم الساحقة ضد اشتغال المرآة قاضية لم يخترعوا العجلة بل إنهم لم يفعلوا أكثر من اجترار ميراث طويل من الذرائع والتبريرات التى تجاوزها العصر ونبذها العالم المتحضر، حتى الفكرة المحورية التى يستندون إليها والقائلة بأن القضاء "ولاية" وأن المرأة لا تصلح للولاية .. هذه الفكرة لم يعد لها محل من الإعراب ليس فقط فى الدولة العصرية القائمة على المواطنة وإنما حتى فى مصر بأوضاعها الحالية بعد فتوى الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية بأحقية المرأة بتولى منصب القضاء ورئاسة الجمهورية.
***
وأظن أن حضرات المستشارين قد أخطأوا خطأ فادحاً بدفع الأمور إلى هذا الاتجاه الخطير، الذى يمكن أن يفتح أبواب جهنم، فى وقت تهب فيه على البلاد – بالفعل – رياح طائفية بغيضة محملة بفيروسات سامة تهدد وحدة الوطن والأمة.
ولا يمكن ترك مصير البلاد فى مهب الريح لمجرد أن 334 مستشاراً فى مجلس الدولة – مع كل الاحترام لهم – يريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لأسباب فكرية أو انحيازات ايديولوجية أو لأى سبب آخر، علما بأن شعار "استقلال" القضاء لا علاقة له بالموضوع، لأن المجلس الأعلى للقضاء قال كلمته منذ سبع سنوات، وبالتالى فإننا أمام "انشقاق" أو حركة "انفصالية" وليس "استقلالاً"..
فنحن مع استقلال القضاء تماما.. لكن ليس الاستقلال عن الحكومة فقط وإنما أيضاً الاستقلال عن القوى والتيارات التى تريد استغلال القضاء من أجل اغتيال الدولة المدنية الحديثة وإحالة أوراقها إلى المفتى.. الذى لا يجلس فى دار الإفتاء وإنما فى شارع مراد بالجيزة.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخالب دولية لاتفاقية مكافحة الفساد
- معاقبة صحفَّية.. بسبب أمانتها المهنية!
- حتي القضاة.. معرضون للخطأ
- سعد هجرس : الخرافة تسيطر على فكر المصريين والعقل يتراجع
- هناك شيء عفن.... فى البرلمان!
- تحذير دولى للنائمين فى العسل .. مصر... دولة فى وضع -حرج-
- بدلاً من خطاب الشكوى .. وبديلاً عن استراتيجية المراوغة
- وقائع خطيرة تستدعي وضع النقاط علي الحروف .. من الذي يحمي كل ...
- قبطى.. لامؤاخذة!!
- ترجمة -جوجل- .. الشيطانية!
- ترجمة جوجل -غير الشيطانية-
- تعامل مصر -الخشن-.. مع قوتها -الناعمة- .. محمد صالح .....الآ ...
- نجع حمادى.. - حقل الأرز- الذى أصبح -مزرعة ذئاب-!
- مبادرة «شق» الإخوان (1)
- مبادرة «شق» الإخوان (2)
- ممنوع الدخول: توارد الخواطر بين -الإمارة- و-الحارة- و-النقاب ...
- علاقة مسمومة: ظلم عواطف حميمة.. واستفزاز مجتمع فقير
- الدعائم الأربع لحرية الصحافة فى مصر
- هل كان مفروضاً أن يكون مصر حامد أبوزيد.. لاعب كرة؟!
- قبل أن نسير فى جنازة الصحافة التى أحببناها


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - مجلس الدولة يحكم ب -وأد- المصريات!