حميد هيمة
الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 22 - 05:55
المحور:
كتابات ساخرة
- أمام تعذر إمكانية محاسبة مدبري الشأن العام ، في البلدان التي تتلمس طريقها نحو الديمقراطية و تحاول ، بصعوبة بالغة ، استدماج القواعد و الآليات الديمقراطية في بنياتها ، إلى جانب عوامل بنيوية أخرى ( انتخابات سوسيولوجية ، استعمال المال الحرام ، التقطيع الانتخابي المخدوم ، وجود أحزاب مدللة ،،، ) ، فإن ظواهر الطبيعة تتكلف بتقييم حصيلة المجالس المنتخبة أو المعينة على حد سواء . و مناسبة هذا الحديث هوا اجتياح الفيضانات لمنطقة الغرب ؛ حيث تحولت الفيضانات من ظاهرة طبيعية إلى لحظة سياسية لمحاسبة التدبير الجماعي .
و إذا سلمنا ، مؤقتا ، بكل الخطابات التي تتغنى بالتنمية و التطور الذي عرفته المنطقة - فإنه يمكن للملاحظ ( ة) ، و دون عناء كبير ،أن يستخلص مدى الفشل الكبير للسلطات المحلية و الإقليمية و الجهوية في تمكين المنطقة من بنيات تحتية و تجهيزات أساسية قادرة على التصدي لهذا الهجوم " المائي " . فمع أولى القطرات المائية ، استسلمت البنيات الهشة للسيول الجارفة ؛ التي أغرقت كل الوعود الانتخابية السخية في بحر من الماء . و اجتهد رؤساء المجالس الجماعية ، كل حسب كفاياته التمويهية ، في البحث عن مبررات واهية لامتصاص غضب السكان و فعاليات المجتمع المدني . بعض الرؤساء ، الذين ابتليت بهم المنطقة ، اتهموا الطبيعة بتواطئها مع المعارضة العدمية لتبخيس المنجزات المحققة في عهدهم .
و المؤسف ، أن حتى القنوات الإعلامية الرسمية انجرت إلى هذه التفسيرات ؛ فشرعت في اجتراراها على مسامعنا في كل لحظة وحين وعلى لسان مسئول جهوي أو إقليمي حتى يتخذ التفسير / الخطاب قدسيته الرسمية . و حده الحاج " يوتوب " بقي وفيا للحقائق كما هي في الواقع دون زيادة أو نقصان .و في عز النكبة التي تعيشها المنطقة ، أطلق البعض العنان لخياله للتفكير في بعض المشاريع المستقبلية ، بتحويل المدن التي تتوطن في السهل الفيضي إلى مدن سياحية على شاكلة مدينة البندقية الايطالية التي تطفو فوق الماء ، و هو ما سيسعف بعض رؤساء الجماعات المحلية في التغطية على "جرائمهم " الموشومة على مورفولوجية السطح ،،، الخ . طينة أخرى من المسئولين ، عوض أن تتحدث عن حجم الكارثة و منسوب مسئوليتها فيها ، فإنها اختارت ، في تصريحاتها الإعلامية ، مخاطبة المستقبل بالحديث عن المشاريع المبرمجة للقضاء النهائي عن غضب الطبيعة على المنطقة و فك تحالفها مع المعارضة ، و بالتالي التخلص من محكمة الطبيعة ؛ التي قضت ، في حكم نهائي لها غير قابل للاستئناف، بإدانة المسئولين في جهة الغرب على ضعف خيالهم في بلورة مشاريع قادرة على وقف السيول الجارفة التي تجتاح المنطقة كل سنة . فمن سينفذ الحكم ؟
#حميد_هيمة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟