أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - علاء هاشم الموسوي - الدراية الفردية والاجتماعية















المزيد.....

الدراية الفردية والاجتماعية


علاء هاشم الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 2923 - 2010 / 2 / 20 - 18:22
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


قراءة في كتاب النباهة والاستحمار لـ(د. علي شريعتي )

علاء هاشم الموسوي - الشطرة


صدر هذا الكتاب عن دار الامير للثقافة والعلوم في بيروت سنة ( 2004) بترجمة هادي السيد ياسين ضمن مجموعة الآثار الكاملة لـ( د.علي شريعتي). والكتاب عبارة عن مجموعة من محاضرات كان قد القاها د. علي شريعتي على حشد من طلابه في حسينية الارشاد بطهران .

يتحدث شريعتي في البداية عن مسألة ( وعي الوجود ) مشدداً على وجوب احترام الذات و الاعتزاز بالانتماء دون ان يعني ذلك الدخول في مطب الجمود على المنجز التاريخي و الوقوف في وجه التفاعل مع المنجز الثقافي والفكري المعاصر ، وقد يصل به الامر الى التعصب للانتماء ولكن التعصب عنده لايعني الدفاع عن تراث تحول الى عائق كبير في طريق التغيير و الثورة ، ولكنه يعني حماية الذات من الذوبان في دائرة الآخر .

ويؤكد علي شريعتي على مسؤولية المثقف في وعي الموقف ووعي المجتمع ومعرفة الزمان وهو مايطلق عليه بـ( الدراية الفردية ) ، اي هناك رسالة لكل واحد منا في هذه الحياة يجب ان نؤديها في ضوء فهمنا واستيعابنا للواقع الذي نعيش فيه وكلٌ حسب موقعه والا فلا اهمية لوجودنا ، كما يقول : ( من لايكون شاهداً على عصره ، شاهداً على صراع الحق والباطل في مجتمعه ، فلا يهم ان يكون في أي موقع ومكان ، واقفاً في محراب العبادة او جالساً على مائدة الخمر) .

اما الدراية الاجتماعية فهي ان يتفهم المجتمع نفسه ويعي وجوده بين بقية المجتمعات مع اعتزازه بقيمه واستعداده للدفاع عنها ، لان ( المجتمع الذي يحتقر نفسه سيكون حقيراً بين المجتمعات اكيد ) .
ويرى شريعتي ان المجتمعات المتخلفة بأستطاعتها ان تهزم دولاً متقدمة في مختلف المجالات في حال مواجهة هذه الدول مع هؤلاء الحفاة الجياع ، لأنهم يتسلحون بسلاح الفكر – العقيدة – الايمان .

ثم يتطرق علي شريعتي الى مسألة الدين ودوره في بناء الانسان والمجتمع فيقول : ( ان الدين الذي هو فوق العلم ، يعتبر الانسان ذاتاً ارقى واشرف من جميع مظاهر الطبيعة ، حيث جعله الاسلام صفوة الله وخليفته بين الكائنات و سخر له كل قوى الطبيعة وامر ملائكته بالسجود امامه والتسليم له .... ان الصفات الخاصة بالله في العالم نُسبت للانسان في الاسلام بدرجة ادنى ؛ فهوعارف ذو ارادة ، مختار ، خالق ، مغير متمرد ، ومسخر لكل انظمة الطبيعة ، ومغير لمصيره التاريخي ولمجتمعه وحتى ذاته ).

هذا الموجود ذو القيم الالهية يسعى خلف رزقه اليومي ، هذا الرزق القاتل للانسان الحي هو الهوة التي تغور فيها اعز القيم الانسانية النبيلة كل يوم بسبب الفهم الخاطئ للدين وقراءته بالمقلوب التي تسببت في احتقار الانسان لذاته وقيمه ومجمعه ، حيث اصبح الدين اداة تجهيل واستحمار لسواد الامة وغطاءاً شرعياً لافضع الجرائم والانتهاكات التي أُرتكبت بحق الانسان في كل مكان وزمان .

كان علي شريعتي يريد ان يبعد الناس عن التخلف الذي أُلحق بالاسلام عن طريق رجال الدين الذين ابتعدوا عن مهمتم الاساسية في الاجتهاد والابداع الفكري ، لقد كان يرى في الاجتهاد عنواناً للاصلاح و التجديد من خلال ابداع نظريات جديدة قادرة على مواجهة تحديات الواقع ؛ لقد كان د. علي شريعتي على وعي كامل بأن مشكلة الاسلام هي المسلمين الذين ليس لديهم معرفة صحيحة ودقيقة لمختلف التصورات الاسلامية ، وفي المفكرين المنبهرين بالغرب دون ادنى المام بالمعطى الاسلامي ، وفي الفقهاء النصيين الاكثر جموداً وتراثية وانغلاقاً . واستطاع ان يكون المثقف والمفكر الذي يكشف الوجه الفاشي والعنصري الذي يختفي في الغرب خلف مفاهيم الديمقراطية ، والوجه الخرافي والانتهازي الذي يختفي في الشرق خلف مقولات السلف الصالح والحفاظ على الدين .

وبما ان الاديان - كل الاديان - تبحث عن سعادة الانسان والوصول به الى الكمال والرفعة والسمو وتتوق الى الاصلاح التغيير في حياته نحو الافضل دائماً ، فقد دعا شريعتي الى الاسلوب الرسالي في التغيير وقد استطاع ان يؤسس سوسيولوجيا اسلامية وفلسفة تاريخ وانثربولوجيا اسلامية ، وقد كان يعتقد ان النباهة الاجتماعية هي الحل لكل مشكلات الظلم والاستغلال والتجهيل . تلك النباهة التي اختص بها الانبياء في التاريخ ، حيث يقول : ( ماكان الانبياء فلاسفة ، ولاادباء ولاشعراء ، ولاعلماء جمال ، ولافنانين ، بل كانوا اميين من عوام الناس ، لكن لديهم نباهة ووعي بالنسبة للزمان ) ، ومن اجل هذا شرعوا مسيراً للتاريخ وحركوه ، فصنعوا حضارة وغيروا مصير مجتمعاتهم اكثر من أي حكيم او عالم او كاتب او اديب ، هذه المعرفة النبوية يمكن ان تكون حتى للفرد الامي .

ويذكر د. علي شريعتي امثلة من التاريخ الاسلامي احببت ان اذكر واحداً منها للايضاح والفائدة :
كان المسلمون في صدر الاسلام اذا احسوا بخطر يهدد مصيرهم او ظلماً اصابهم من الخليفة او قرابته عطلوا اشغالهم وتركوا الاسواق والمحلات ودعوا الخليفة الى المحاكمة العلنية والانتصاف في المسجد ، وحينما رأوا عمر بن الخطاب - الامبراطور الذي فتح لهم مصر وايران وبلاد الروم – يرتدي ثوباً من الغنائم الحربية اطول من ثيابهم بقليل ، علت اصواتهم ، يطلبون تقسيم الغنائم بالانصاف ، لافرق بين اميرهم واي جندي من جنودهم ، لقد طالبوه بالعدالة بدلاً من الثناء عليه واجلاله .

يُجبر عمر على حضور جلسة الاستجواب في المسجد ، ويأتي بأبنه عبد الله شاهداً معه ويخاطب الناس قائلاً : ان سهمي من القماش لم يكفني ثوباً لطول قامتي وقد اعطاني ابني عبد الله سهمه فأضفته لسهمي ووضعت ثوبي هذا . ثم برأوا عمر بعد ذلك .

يعتقد د. علي شريعتي ان هكذا امة لايمكن التحكم بها بسهولة وليس لهم علاج سوى الاستنزاف ، استنزاف الدراية السياسية منهم هذه الدراية التي يعلمها الدين للناس ويربيهم عليها في كيفية المطالبة بحقوقهم بشجاعة ، ولكن هنالك دين مزيف يطلق عليه علي شريعتي بـ( الدين الاستحماري ) وهو الدين المضلل ، الدين الحاكم ، شريك المال والقوة ، الدين الذي يتولاه طبقة من الرسميين ، والذين لديهم صكوك الغفران . ان هذا الدين يشكل مع ( اصحاب المال والقوة ) اشارة الى السلطة السياسية والاقتصادية ، طرف الصراع الدائر في التاريخ مذ بدأ وحتى ينتهي ، ويعبر عنهم تارة بـ( فرعون ) للسلطة السياسية الظالمة التي تتستر خلف الدين ، و( قارون ) ويمثل سلطة المال والثراء و ( بلعم بن باعورا ) الذي يمثل رجل الذين المنتفع والكاهن الانتهازي . وهذه الرؤية تمثل تأصيلاً عن القرآن الكريم في علم الاجتماع ، كما يعبر عنها مرة اخرى بـ( السوط – الذهب – المسبحة) .


في النهاية يحذر الشهيد د. علي شريعتي من الدين الاستحماري الذي يدعوا الى التمكين من الظلم والفقر والسكون والصبر بعكس الدين الحقيقي الذي يجعل النسان يرفض الظلم من اجل حاجته الى العدالة ويربي الفرد على كل القيم الإنسانية النبيلة التي تجعله يعيش حالة من الطهر والنقاء الروحي بينما يبرر الدين الاستحماري اكبر الفواحش ويحاول ان يطمئن المرتكب لها ويكفرها ببعض التعويذات والاذكار الشفاهية ، وواضح ماتحمله هذه الفكرة من غبن والتفاف على حق الاخر و استسهال لكل المحرمات .



#علاء_هاشم_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بـ82 صوتًا.. البرلمان الأردني يمنح الثقة لحكومة جعفر حسّان
- من حرّض ترمب للتهديد بـ-حجيم- في الشرق الأوسط؟.. إعلام عبري ...
- مصر وأوغندا توقعان إعلانا مشتركا لتعزيز مصالحهما والتشاور بش ...
- محمد صلاح يقترب من توقيع عقد جديد مع ليفربول
- نكت جنسية وتحرش.. مقدم برنامج -ماستر شيف- يجبر -بي بي سي- ع ...
- سهيل الحسن..-جندي الأسد المفضل- يظهر من جديد
- اليونسكو تدرج زي الشرق الجزائري ضمن الموروث الثقافي غير الما ...
- مقتل مصور وكالة الأنباء الألمانية أنس الخربوطلي بقصف جوي بسو ...
- قديروف يعلن مهاجمة مسيرة أوكرانية وسط العاصمة الشيشانية غروز ...
- بيان مصري عن محادثات لافروف وعبد العاطي عن التطورات في سوريا ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - علاء هاشم الموسوي - الدراية الفردية والاجتماعية