|
هل تتعارض اتفاقية سيداو مع الإسلام؟
عمر شاهين
الحوار المتمدن-العدد: 2923 - 2010 / 2 / 20 - 06:08
المحور:
ملف مفتوح -8 مارس 2010 - المساواة الدستورية و القانونية الكاملة للمرأة مع الرجل
ما أن وقع الأردن على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" ، إلا وهب الأخوان المسلمون وغيرهم يعارضون بشراسة الاتفاقية لزعمهم بتعارضها مع الشريعة الإسلامية. فهل من تعارض؟
رئيس لجنة علماء الشريعة في حزب جبهة العمل الإسلامي إبراهيم زيد الكيلاني طرح فتوى اعتبر فيها أن كل من يدعو أو يوافق أو يروج لاتفاقية سيداو، قد "أعلن الحرب على الله". وهذا هو أبلغ توصيف عملي للعقلية التكفيرية، وإذا ما تكررت مثل تلك التهديدات التي تشكل خطرا على الناس، فمن واجب الإدعاء العام أن يمارس دوره في حماية المجتمع منها. وإذا لم يقم الادعاء العام بواجبه، فيسعدني أن أكون أول من يباشر بإجراءات اللجوء إلى القضاء حيث أنني أدعو وأروج وأوافق على الاتفاقية، وهي لا تتعارض مع الإسلام كما أفهمها، والمسألة مطروحة بيننا للحوار بالتي هي أحسن.
وتساءل الكيلاني "كيف يمكن أن نقبل - بموجب هذه الاتفاقية - بأن تتزوج البنت البكر دون إذن وليها، وتغير نصوص القرآن الكريم في الميراث، ويتم إلغاء قوامة الرجل على زوجته والأب على ابنته". وجماعة "الإخوان المسلمين" طالما أبدت رد فعل باهت عن الحالات التي يتم فيها تزويج الفتيات تحت سن 15، دون موافقتهن، ونزعهم عن مقاعد الدراسة رغما عن أنفهن، وحرمانهن من الإرث بموجب العادات العشائرية، أو تعرضهم للقتل بموجب جرائم الشرف. واعتبرت الجبهة على لسان الأمين العام السابق زكي بني ارشيد ، أن الاتفاقية تمثل "أحدث حلقات انتهاج الأردن سياسات التبعية والانقياد" وزاد أن "هذا هو الهدم والإخلال والإجرام بأمن المجتمع من خلال تغيير قوانين الأحوال الشخصية المستمدة في غالبية نصوصها من أحكام الشريعة الإسلامية".
أنظروا من يتحدث عن التبعية والانقياد، فالجماعة كانت القوة السياسية الوحيدة المصرح لها بالعمل العلني منذ تأسيسها. ونمت وترعرعت على حليب التبعية والانقياد في أحضان الأجهزة الأمنية، والدوائر الرجعية العربية، والمراكز الرأسمالية العالمية. وأقامت تحالفا مع تلك القوى ضد الاشتراكية، وعندما انهار المعسكر الاشتراكي تم الاستغناء عن خدماتها، وابتدأت عملية تحجيمها، ولذلك فهي تبحث عن دور وموقع جديد.
وبحسب عضو مجلس شورى الحزب، ميسون دراوشة، فإن "الاتفاقية تلغي الفوارق بين الرجل والمرأة أمام القانون وهذا يتصادم تماما مع أحكام الإرث، كما أنها ستلزم الموقعين عليها بالمساواة بين الرجل والمرأة في مسائل الولي الشرعي، وتعدد الزيجات، والقوامة، والطلاق والعدة للمرأة بعد وفاة زوجها". ونقول للسيدة أن إلغاء الفوارق بين الرجل والمرأة أمام القانون قد أصبح ضرورة ملحة لتغير أحوال المسلمين كما سنرى لاحقا.
ما هي اتفاقية سيداو؟
في 18 كانون الأول / ديسمبر 1979، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو CEDAW" وقد جاءت هذه الاتفاقية تتويجاً للجهد الذي بذلته لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة طوال نيِّفٍ وثلاثين عاماً. فقد تأسست هذه اللجنة عام 1946 لرصد ومراقبة وضع المرأة والترويج لحقوقها.
أقرت الاتفاقية في ديباجتها بشكل صريح أن "التمييز الشامل ضد المرأة لا يزال موجوداً"، وتشدّد على أنّ هذا التمييز "ينتهك مبادئ المساواة في الحقوق واحترام الكرامة الإنسانية". وكما ورد في المـادة 1 ، فإن مصطلح "التمييز ضد المرأة" يعني ضمناً "أية تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس … في الميادين السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو المدنية أو في أي ميدان آخر". وتؤكد الاتفاقية بشكل قاطع على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل عن طريق مطالبتها الدول الأطراف باتخاذ "جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريع لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين، لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل" (المـادة 3).
وتُحدّد الاتفاقية في أربعة عشر مادة متتالية منها برنامج المساواة مع الرجل.
تكفل المادة 7 للمرأة حقها في التصويت، وشغل الوظائف العامة وتأدية جميع المهام العامة. وللمرأة حق ، تمثيل بلادها على المستوى الدولي، على قدم المساواة مع الرجل (المادة 8). وتم إدراج اتفاقية جنسية المرأة المتزوجة، التي اعتمدت عام 1957 في المادة 9 التي تنص على حق المرأة في الجنسية بصرف النظر عن حالتها الزوجية. وتؤكد المواد 10، 11 و13 على التوالي على حقوق المرأة في عدم التمييز في التعليم والعمل والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.
وأولت الاتفاقيةاهتماماً خاصاً فيما يتعلق بوضع المرأة الريفية وإسهاماتها الاقتصادية الحيوية، وإعطائها اهتماماً أكبر في تخطيط السياسات، كما ورد في المادة 14.
وتؤكد المادة 15 على المساواة الكاملة للمرأة مع الرجل في الأمور المدنية والأعمال مطالبةً "بضرورة اعتبار" جميع الصكوك التي تهدف إلى تقييد الأهلية القانونية للمرأة "باطلة ولاغيه".
تدافع عن "تفهّم سليم للأمومة بوصفها وظيفة اجتماعية" وتطالب بالمسؤولية المشتركة الكاملة بين الرجال والنساء في تنشئة أطفالهم،"وتؤكد الاتفاقية كذلك على حق المرأة في خيار الإنجاب". وأكدت المادة 16 على حقوق المرأة في "اتخاذ قراراتها بحرية وبشعور من المسؤولية بشأن عدد أطفالها والفترة بين إنجاب طفل وآخر، وفي الحصول على التثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق".
وتلزم الإتفاقية الدول الأطراف بالقضاء على التحيّزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونية أو تفوّق أحد الجنسين أو على أدوار نمطية مُقَوْلَبة للرجل والمرأة (المـادة 5).
وختاماً، تعود الاتفاقية في المادة 16 إلى قضية الزواج والعلاقات الأسرية مؤكدة على الحقوق والالتزامات المتساوية للمرأة والرجل فيما يتعلق باختيار الزوج وحقها كوالدة والحقوق الشخصية والسيطرة على الملكية.
تضطلع لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بمراقبة تنفيذ الاتفاقية، وتُحدّد مواد الاتفاقية من 17 إلى 30 مهمة اللجنة، وطريقة إدارة الاتفاقية. وتتألف اللجنة من ثلاث وعشرين خبيراً يُرشّحون من جانب حكوماتهم ويُنتخبون من قبل الدول الأطراف كأفراد "من ذوي المكانة الخُلُقية الرفيعة والكفاءة العالية في الميادين التي تشملها هذه الاتفاقية".
المرأة قبل الإسلام
من المعروف ما كان عند بعض العرب من وأد البنات، وصولا إلى إيذاء الزوجة وإهانتها واحتقارها وجلدها وحتى قتلها عند العرب المتأثرين بالقوانين الفارسية. إنها خادمة في بيت زوجها، وظيفتها الإمتاع وإنجاب الأولاد، وليس لها حرية اختيار الزوج.
وقد يذهب بها زوجها إلى رجل عرف بالشجاعة والمروءة ليجامعها فتحمل منه، وكان هذا يعرف بنكاح الاستبضاع. وكانت الزوجة عرضة للمقامرة عليها من قبل زوجها وليس لها حق في صداقها، وإذا مات زوجها كان حدادها سنة كاملة.
وقد انتشر نظام تعدد الأزواج للمرأة الواحدة مثل زواج الإخوة وزواج الأخدان وزواج البغايا. وعرف العرب كذلك زواج الشغار، أي الشاغر من المهر. وعرفوا أيضاً تعدد الزوجات دون حدود، وأنواعاً متعددة من الطلاق، منها طلاق الظهار‘ و كان طلاقا مؤبدا لا رجعة فيه.
نظام الإرث كان مقصوراً على الذكور البالغين، وبذلك حرم النساء والأطفال. كان الابن الأكبر يرث زوجة أبيه إذا توفى باعتبارها جزءاً من التركة. ويكون له حق الزواج منها دون مهر أو تزويجها من غيره وقبض مهرها له أو عضلها أي منعها من الزواج.
الشرائع السائدة في الجزيرة العربية قبل الإسلام يمكن وصفها بالعبودية. وقد تأثرت بشرائع حمورابي والفرعونية والرومانية والفارسية ...وغيرها وبعض الباحثين يسميها بالسامية. وقد كان لتحدي الإسلام لها الأثر الكبير لمقاومة الأريستوقراطية العشائرية القبلية لقريش، بزعامة بني أمية للتغيير الإسلامي. إذ مثل الإسلام تحديا لمصالحها الطبقية.
ولم يكن الجانب الإيماني للإسلام هو السبب الرئيسي للتناقض مع قريش. فقد كانت المسيحية واليهودية كديانات توحيد منتشرة في الجزيرة العربية. ولكنها لم تتدخل في الشرائع السائدة، فشعارها: "ما لله لله، وما لقيصر لقيصر". ولم يكن على أجندتها السياسية برنامج لتوحيد القبائل العربية وبناء دولة قوية قادرة على حماية نفسها في وجه هيمنة الإمبراطوريات المحيطة، وخاصة الرومانية والفارسية. ولهذا كان التعايش والتعددية الدينية تارة، والحروب القبلية تارة أخرى هما السائدان.
لقد عرضت قريش، وكذلك الأوس والخزرج، على محمد الملك. لكنه رفض ذلك بشدة، لأن أمامه مهمة أخرى: نشر الرسالة وتطبيق الشريعة الإسلامية. لقد قلبت الشرائع الإسلامية المختصة بالمرأة والعبيد والزكاة... المجتمع العربي رأسا على عقب من العبودية نحو التحرر.
ثورة الإسلام
لقد حرم الإسلام وأد البنات واشترط قبول الأنثى لعقد الزواج، وألغى كافة أنواع الطلاق سوى الإسلامي، ولم يمانع بالسماح للمرأة بطلاق زوجها إذا اشترط العقد ذلك، وألغى تعدد الأزواج، وقلص عدد الزوجات إلى أربع بشرط العدل، ونفى إمكانيته، أي تفضيل الزواج الأحادي. وقلص العدة إلى أربعة أشهر وعشرة أيام.
أعطى الإسلام حق للمرأة في الإرث: الثمن من الزوج، ونصف ما للذكر من الأب. وأعطى الإسلام القوامة للرجل، ولكن ليس بشكل مطلق، واشترطها بالإنفاق والأفضلية. وقد كان ذلك خطوة جبارة إلى الأمام بعد الحرمان السائد.
جعل الإسلام تحرير الرقاب أول واجبات الإنسان وفي مقدمة الأعمال للتكفير عن الجرائم والذنوب، وخصص سهماً من مصارف الزكاة التي يأخذها الإمام لتحرير الرقاب. وضيق من أسباب الرق فحصرها في حرب مشروعة فضلاً عن الولادة من جارية. وأباح الإسلام التزوج بالإماء، وجعل لأولادهن ما لأولاد الحرائر من الحقوق والواجبات كالإرث والحرية.
لقد لاقت أحكام الشريعة الإسلامية قبولا واسعا عند القبائل ومن يقول بغير ذلك فهو مخطئ. وهناك من يميل للقول أن الإسلام قد انتشر بحد السيف، وهذا الوصف غير دقيق. نعم، الفتوحات العربية - الإسلامية حصلت بمواجهات عسكرية مع جيوش الإمبراطوريات المحيطة، وكافة الجيوش المنتصرة كانت تفرض نوع من الجزية على الشعوب. وساد هذا الوضع قبل الإسلام وبعده وإلى الآن.
لقد رأى الناس في الإسلام طريق الخلاص والتحرر من العبودية، وأيد المسيحيون العرب المسلمين ضد الإمبراطورية البيزنطية والفارسية على أسس الانتماء القومي وتغليبه على الانتماء الطائفي، وهكذا فعلوا أثناء الحروب الصليبية لاحقا، وهم رواد القومية العربية.
لقد انتشر الدين الجديد في جنوب شرق أسيا وشرق أفريقيا بالتوازي مع التبادل التجاري، دون الفتح العسكري. ولم ينتشر في إسبانيا رغم الفتح العسكري العربي – الإسلامي، وانتهى بانتهاء الدولة الأموية في الأندلس هناك. وعلى العكس من ذلك، فقد استمر الإسلام رغم قيام دول غير عربية في منطقتنا، بل وانتشر بين جيوش الفاتحين كالمغول والتتار مثلا. وغاية القول أن الأفكار والتعاليم والشرائع تنتشر عند نضوج الظرف التاريخي، والحاجة الاجتماعية لها، وبدون ذلك فالقوة العسكرية ستفشل أو قد تحرز نجاحا مؤقتا.
مسيرة الإسلام
لقد سار الإسلام من الماضي إلى الحاضر والمستقبل، من العبودية إلى الحرية، من الظلم إلى العدالة، من الفوضى إلى النظام، ومن التجزئة إلى الوحدة. الأريستوقراطية القبلية العشائرية لقريش اعتنقت الإسلام بشكل متأخر وانحنت أمام عاصفة التغيير، ليشتد عودها أيام عثمان بن عفان، وتحقق الغلبة في أواخر عهد علي، وتستعيد سلطتها السياسية بإقامة الدولة الأموية. وهي نظام حكم مطلق وراثي، يقوده الخليفة، أمير المؤمنين، الذي كان سكيرا أو ملحدا في بعض الحالات.
ومنذ ذلك الوقت، مرورا بالدولة العباسية... وصولا إلى العثمانية والوضع الراهن، فقد نشأت المؤسسة الدينية التابعة للدولة وتضم كبار علماء الدين ومعظمهم من الموالين للخليفة، بحكم طبيعة عملهم كموظفين. لقد استطاع علماء المؤسسة، عبر قرون طويلة، من تأويل الأحكام الإسلامية وفق أهواء الحكام. ولذلك فقد قوي الاتجاه المحافظ وتم وقف الاجتهاد، وعادت بعض الشرائع السائدة قبل الإسلام إلى الحياة، لتكريس العادات العشائرية والقبلية مع التزام علماء الدين الصمت على ما يجري.
ومن هذه الممارسات: منع الاختلاط رغم وجوده حتى في ميدان القتال وفي الحج. واستخدام الخمار، والحجاب حتى للأطفال، والتزويج دون موافقة الأنثى، واقتلاعها عن مقاعد الدراسة وحتى التعليم الإلزامي. وحق الزوج في الجنس دون إعتبار لرغبة المرأة، رغم أن أساس العلاقة هو المودة والرحمة. الحرمان من الإرث، بل وأخذ تنازل خطي بذلك. إعتبار المرأة مصدر الغواية الجنسية رغم أن العلم الحديث يساوي بين الطرفين، بل وقصة يوسف في القرآن أبلغ دليل على ذلك.
اعتبار تعدد الزوجات هو القاعدة، رغم أن في ذلك إيذاء نفسي للمرأة وصدمة عاطفية لها وللأولاد كما يثبت العلم الحديث. والنص القرآني جاء ليحل مشكلة قديمة كانت قائمة بتحديد العدد إلى أربع، ويضع آفاق حل للمستقبل. ولذلك اشترط العدل ونفى إمكانية حدوثه، ولذلك فواحدة هي القاعدة.
الأمر مشابه بالنسبة لضرب الزوجة، من الجلد وصولا إلى القتل عند بعض العرب، إلى الضرب بالسواك، وهو نوع من المداعبة بالقياس مع القتل. وطالما سارت الشريعة باتجاه التخفيف والإقلال وهو ما يشكل الحد الأدنى، فلا مانع من الاستجابة لحد أعلى من المساواة ومنع الضرب نهائيا. لقد كان العقاب البدني والنفسي مسموحا به لغاية منتصف القرن الماضي، إلا أن البشرية قد حرمته، والإسلام أولى بحمل هذه الرسالة.
الأمر ذاته ينطبق على الإرث، وعمليا لا يوجد ما يمنع من المساواة التامة. لقد أصبحت الأنثى تعمل وتنتج وقادرة على الإنفاق على نفسها وإعالة أسرتها. وأصبحت كافة المدارس الاقتصادية تعترف بدورها المساوي للرجل في إنتاج الثروة الوطنية والعالمية. ولذلك فقد انتهت قوامة الرجل. فهو لا ينفق على المرأة بالمعني الاقتصادي. وكانت فلسفة عدم توريث الأنثى لضرورات الحفاظ على ثروة العشيرة. فجاء الإسلام ليهدم أسس العشيرة والقبيلة ويستعيض عنهما بمفهوم الأمة المسلمة. فمع تغير الظرف الاجتماعي، فيمكن للمسلمين القيام بالخطوة المنطقية بالمساواة التامة للمرء مع والدته وأخته وزوجته وابنته.
وهذا يقودنا إلى مسألة الوصاية القانونية على الإناث في مسائل شتى، معظمها ذات أصول عشائرية، مثل الزواج دون إذن الولي. فحتى الشرائع العلمانية تفضل موافقة الوالدين ولكن لا تشترط ذلك.
المحرم كان ضروريا لحماية المرأة وصون كرامتها المهدورة، خاصة أثناء السفر. فلنتصور عناء السفر من عمان إلى مكة للحج أو العمرة، أو إلى بغداد لزيارة الأقارب، قبل انتشار وسائل المواصلات الحديثة، فقد كان يتطلب ذلك شهورا طوال. نعم المحرم كان ضروريا، وحتى بالنسبة للرجل، فالسفر دون رفيق ينطوي على المغامرة. في الوقت الراهن، يتطلب السفر بضعة ساعات، وشركات السفر مسؤولة عن سلامة المسافرين. وموسم الحج منظم ومحروس جيدا، وحتى الرحلات السياحية الترفيهية أو التعليمية أو التدريبية، تتمتع بدرجة عالية من الأمان يفوق ما كان سابقا حتى بوجود محرم. بل أن وجود المحرم يؤدي إلى زيادة الأعباء المالية ولا يزيد الحماية، ولذلك فمن الأجدر إبطاله لانتهاء الحاجة إليه.
لكي نفهم الإسلام، لا تكفي قراءة النصوص، وإنما دراستها في سياقها التاريخي. فهل جاء الإسلام على مجتمع فيه مساواة كاملة بين المرأة والرجل، وتحريم للعبودية، وأمر الناس بسلب المرأة لجزء من حقها في الإرث، وأباح ضربها وتعدد الزوجات...اي سار بالدنيا إلى الوراء؟ كلا وألف كلا. ولو كان الأمر كذلك، لكان علينا الآن إكمال المسيرة إلى الجاهلية: والتوجه نحو وأد البنات، وجلد الزوجة، والإكثار من جرائم الشرف وغسل العار، وتطبيق القانون العشائري، والعطوة والجاهة والجلوة...ومعظمها سائد في الأردن.
لا اجتهاد في موضع النص
لا اجتهاد في موضع النص، قاعدة فقهية صحيحة لو اتسمت الحياة بالثبات، والرتابة. ولأصبح الدين عندها على شكل كتاب للتعليمات، ولأصبحت الحياة دون مشاكل تذكر، ودخل الإنسان في دائرة الملل والجمود.
المسألة تكمن في انتهاء مرحلة الخلفاء الراشدين، واستعادة بني أمية للسلطة السياسية مما عطل مسيرة الإسلام التحررية. وبدخول الإسلام مرحلة من الاستبداد السياسي بديلا عن مرحلة التغيير الثوري، فقد أصبح الجمود العقائدي سيد الموقف. على العكس من ذلك فقد اجتهد عمر بن الخطاب في موضع النص في حينه، وأوقف قطع يد السارق وزواج المتعة نتيجة للضرورات السائدة.
الحالة الراهنة للمسلمين والتحديات الراهنة أمام مجتمعاتهم، ومع انتشار التعليم العالي وسهولة التواصل، تفرض توسيع الاجتهاد ومتابعة مسيرة الإسلام من التخلف إلى التقدم ، من الماضي إلى الحاضر والمستقبل.
بيد أن محاولات استخدام الإسلام لمواجهة القوى الديمقراطية واليسارية، خاصة منذ أواسط القرن المنصرم، قد أثر سلبيا على بنية الحركات الإسلامية وقياداتها، وتوجهاتها الإعلامية، وأورثها فكرا معاديا للانعتاق والتحرر والعلمانية، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر من قبل القيادات الإسلامية الشابة.
#عمر_شاهين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من فشل لآخر!
-
هل نواجه مؤامرة التوطين، بطعن الضحية؟
-
بؤس السياسة
-
تعطيل الإصلاح السياسي:- تحفيز للإقليمية
-
هل هو حقا -كل الأردن- ؟
-
القضية الفلسطينية: بين رفض قرار التقسيم والقبول بأقل من أوسل
...
-
خطاب أوباما: دعوة للتصالح على قاعدة المصالح الأمريكية – الإس
...
-
انتخابات نقابة الأطباء: من النقيب الشرعي؟
-
ماذا يجري في نقابة الأطباء الأردنية؟
-
المستأجر بين الإخلاء أو دفع الفدية!
-
سر الأغنياء والفقراء
-
هل حقا يريدون الإصلاح ؟
-
الأوهام القومية, بين الركابي والبستاني
-
معارضة في جيب الموالاة
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
نظرة الى قضية المرأة
/ عبد القادر الدردوري
المزيد.....
|