أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - وعد قصة قصيرة














المزيد.....

وعد قصة قصيرة


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 2921 - 2010 / 2 / 18 - 22:39
المحور: الادب والفن
    


أسقط قدميه العاريتين بعد ان نزع عنهما الحذاء الذي لم يلبسه إلا من فترة قريبة - رغم مضي شهور طويلة منذ جاء به من رحلته الأخيرة. وضعه على صخرة بارزة، وخلع جوربه المثقوب عند إصبع قدمه اليمنى.. الكبيرة، وتسلل متلصصاً ينظر في كل الاتجاهات بحزن- بطيئاً هي حركة الأشياء .. ومسار قدميه..

كان الأصيل في طريقه المغادر للعالم المحيط، تاركاً لغشاوة رمادية خفيفة السواد.. كالنسيج الململي فسيفسائي التبقع.. يحتل المكان، عدا من بقعة نازحة الى البعيد من عمق البحر، كان التهاب الشمس المقاومة يظهر قانياً، كمساحة المعركة في كتب التاريخ، الدم المراق في مواجهة التتار، وثورة فرنسا في محاولتها للخروج من دوائر الزمن القديم..
دم قان يظهر في البعيد- ذات المسألة، حتى الطبيعة تلعب ملهاة اللاأدرية، واللاعلائقية بين الظواهر. احتراق تهتز له الروح، تراء لتفحم كل ما هو في بقعة الرحيل، وسكون كاتم للنفس ينسل في ذات الوقت- كل لا علاقة له بالآخر- فقر.. جوع في بلد غني، حب وخيانة في ذات الوقت، يفلسف المرء صفات الإخلاص.. الوفاء - حتى المساجد - ولا يقوى على العيش دون الأخرى!!..
- اعبر الطمي. الماء في الكسائين سيخرجك من حالتك.
(صوت)

ربما الوصول الى خط التماس، الفاصل بين الردائين يكشف الأشياء. ربما ينزاح عنك الغم الذي لا تعرف له سبباً محدداً.. بعينه - ربما تعود باسماً إلى طفلتيك، حاملاً لهما أصداف البحر الحجرية، والمرمرية، وربما تلتقط في طريقك بعض الأصداف العارية، وتلك المسكونة بالحلزونات الرخوة، ولن تنسى نجوم البحر، وبعض القناديل الطافية بين الصخور.
- آه. كم تعشق ملاك حركة الحلزون.. الرخوي، وهي تداعب رأسه عند الخروج، فتصرخ ضاحكة عند معاودته للاختباء..
- بابا (خليه) يخرج.. من بيته.
وتصرخ منار معجبة بالأصداف والحجارة الملونة.
- متى ستأخذنا إلى البحر؟
تعلق ابتسامة حزينة على وجهه، عابرة كالطيف وهو كاسراً اتجاه وجهه صوب المدينة التي لا يظهر منها حتى أشباح الإنارة المتسكعة في الطرقات شبه الخالية، أو شبح المباني الرابضة في تصاميم عشوائية.. خائفة.
- هيا .. تحرك. (صوت)
لم يكن يشعر بتبلل ملابسه. شيء يقوده إلى نقطة الافتراق- أيريد ان يرى كيف المعركة تكون هناك، ان يسعى للتأكد ان هناك مؤامرة، تستبدل النقائض المتعادية مكانها.. دون تصادم، رغم أنها توهمنا.. بالصداع..
ليس للانتحار مكان في رأسه. حالة من الطفو المجرد تقوده بسكينة حتى إذا ما غطى الماء أرنبة انفه، صرخت منار: بابا. بابا، وملاك أضج بكاءها الجيران، الجيران الذين تدافعوا في فضولهم لرؤية النكبة الحادثة، عساه يضرب زوجته، أو باغتته نائماً في مخدع الزوجية مع جارتها الصديقة المطلقة، التي أحببتها لكثرة تحجبها عن زوجها، خاصة عندما تقرع أقدامه السلم الحجري عند الصعود، تهرب مهرولة.. وتصفع الباب بقوة خلفها.. دلالة على شدة عفتها.. واضطرابها..
رغم بدء انتشار المساء، لا تستسلم الشمس- شيء يدفعه إليها لتمنحه قوة التحمل- انها لا تضيق، كل يوم تقاوم، عساه تخلقه روحاً جديدة لا يعلق فيها ما يعتريه طول عقود ماضية، وحتى اللحظة- ربما موت المدينة راجع الى هجرة الناس للشمس- أترى الحضارات القديمة بناها الإنسان لعبادته الشمس.. وتعلقه بها- أكيد العبادة ليس لها أهمية هنا، إنما التعلق بها.. منحُ الإرادة.
- استغفر الله العظيم. (في نفسه)
عندما ينطفئ التوهج، يثلج الجسد في موت بطيء .. ممل
- إليك أيتها الشمس النبيلة.
قالها بصوت ممرغ بالمياه - ربما يعود بالحقيقة. ستفرح بناته كثيراً، لان بسمته عادت مجدداً.. دون توقف سيقف مناشداً خروج الجميع غداً، في مثل هذه الساعة الراهنة- لن يكون هناك حزن.. غم.. وفقر، لن تبقى الأمور كما هي..
خطوة وبصعوبة ترتفع عيناه عن سطح الماء - كانت الشمس قد كُتب عليها الانسحاب - كان يغوص في أحلام تطفو به فوق كل شيء، حتى كسى الظلام مساحة الخليج، فغاب في منزلق عميق، تاركاً وراءه فقاعات هواء، وحذاءه الذي لم تنعما به قدماه…



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعذبة قصة قصيرة
- غرباء – نحن – في بلد الجنرال ( قصة قصيرة )
- المدنية .. وحلم الفلاح قصة قصيرة
- مؤتمر لندن - مكشاف عورة العقل السياسي اليمني ( الجزء الاول )
- صنعاء .. أتا ... والرقص البحري نثر شعري
- الشتاء . . البلاد نثر شعري
- تعب المدار نثر شعري
- زمن . . بلا نوعية قصة قصيرة
- ليس للجنوب ان ينتظر الشمال
- جامعة تعز . . مسار للانهيار
- الراقص قصة قصيرة
- حوارية .. اصدقاء في التجرد قصية نثرية
- جيش.. وعكفة ...... صحوة لذكريات الطفولة والمراهقة
- ليس للجنوب أن ينتظر الشمال
- الحداثة والمعاصرة العربية يبن الوجود الممكن.. والوجود الزائف ...
- الحداثة والمعاصرة العربية بين الوجود الممكن.. والوجود الزائف ...
- منظور البناء الاتساقي ال (نقد- استقرائي) في عمومية (البنى ال ...
- قراءات في المنهج ( تعقيب نقدي.. على رؤية تنظيرية )
- الترميم.. نهج العقل الكسيح
- جرس يقرع.. من يفهم؟


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - وعد قصة قصيرة