بديع الآلوسي
الحوار المتمدن-العدد: 2921 - 2010 / 2 / 18 - 17:59
المحور:
الادب والفن
قال الطبيب : احتكم الى قضاء الله .
حينها فقط عرف أن أيامه معدودات وبارقة الأمل في الشفاء قد انطفأت .
قال لزوجته : أني وصلت الهدف .
عرف جيدا ً ان الحياة هجرته ،وإن وطأت الزمن الجافي كانت قد أدخلته عنوة في بئر مهجورة
ـ عاهر هو الوقت لا أعرف كيف أسايره الآن .
الخوف جعله اكثر وداعة ً مع أطفاله ، وأكثر حنانا ً مع زوجته وأمه .
ـ يحكمنا الوقت ، الدقيقة الأخيرة في الحياة ذات قيمه .
واصل صراعه ،، تحفز وتغير كثيرا ً ، صار يئن تحت هواجس تهدده بوجل ،كتب أشياء غامضة ،محاولا ًان يوقظ هواجس الزمن المتربص به ،بغبطة راودته الحياة بحياديتها الحكيمه ، أنتعشت روحه ، ظن ان شهيته للأكل قد إنتظمت ، وخفت حرقة العطش ،و خرج مزاجه من عزلته الأنطواء ...
سقط في وعكة القلق المُقنع بعد ان تكرر حلم البيداء التي تحفها الغربان .
مر في خلده التساؤل المرير :هل بهذه السهولة حان الأجل ؟
حيز العالم الهلامي اطبق عليه من جديد لا جدوى من المقاومة ، احرق كل ما كتب ، أصيب بمرض الحنين الجارح المحكوم بالانفصال، قتلت احلامه المدبرة.
وضعت أفعى الألم عينيها في عينيه ، ندم على الوقت الذي صار معطوبا ً بالغش .
تعاطفه الأخير وتصالحه مع الموت لم يأت عن نصر وجودي ، أتته نوبات القيء الدورية وصعوبة التنفس، غدت عيناه الجاحظتان تتنفسان النار ،نظر بعجالة الى حياته .أدرك انها تافه .رأى الزمن النرجسي قد توقف ، أغمض عينيه ، وفتحهما ،، اغمضهما ولم يعد يرغب بفتحهما ، غرق في التفكير بأغنية المقبرة التي تنشد : أشتري لك كفنا ً يا ابن آدم إن كنت قد تيقنت من صداقتك للموت المقدس .
ايقظه من كابوس الفناء أطفاله ُ صارخين : صباح الخير يا بابا ... اليوم عيد .
حينها تنفس الصعداء بعد أن عاد سالما ًمن رحلة الموت المتخيل الذي أيقظ وعيه، صار ينظر الى الدنيا من زاوية مغايرة ،،، ذبح بطا ً بريا ً ، أحس إن فرحته الجديدة لا تسعها فضاءات الدنيا، خبأ في خلده صدى شهوة الرجوع المؤقت ، فكر إن الطريق طويل لفهم طعم الأمل والحياة ، رغم ذاك خرج من جرافات التناقض المدهش وقال: ما يزال ثمة وقت لنفعل ما نريد.
#بديع_الآلوسي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟