صبري هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 2921 - 2010 / 2 / 18 - 00:48
المحور:
الادب والفن
***
إلى فوزية شويش السالم
***
ما أوحشَ الديوان !
غمرهُ شجنٌ قرمزيٌّ
لفّتهُ صيحةُ فرسٍ
وانطفأتْ فيه بعد عزٍّ نيرانُ كريمةٌ
ما أوحشَ المكان !
هجرهُ الرّفيفُ العذبُ في غرّةِ الصبحِ
كفَّت عن زيارتِه أزياءُ العابرين
ونأتْ أجسادٌ فائضةُ الحسنِ
ما أحلكَ الليل !
هاجَ في بحرِهِ موجٌ
حطّم أحلامَ السفينةِ
وضاعتْ في القرارِ
ما أضيقَ الميدان !
غادرهُ العاشقون
جَحَدَهُ الراقصون
وعافَهُ طيرٌ زاجلٌ
وأنا أُطاردُ ما تبقّى في ذاكرتي
مِن مشاهدِ السفرِ
وأنتِ في رحابِ اليقظةِ تحلمين
كالصبايا تحلمين
بفارسٍ يأتي مِن وراء البحرِ
يخطفُ الشراعَ
ويجلبُ القمرَ
كيف وقد وِئدت الأحلامُ فينا ؟
وأنتِ تغرسين في جسدِ الصحراءِ حجراً
ثم تنتظرين
حتى تكبرَ في عينيك سطوةُ الحجرِ
ما أوحشني !
وأنتِ تناجين نجماً قصياً
يغصُّ برقصةٍ همجيةٍ
تستدرجين فيه فحولةً
نحو ميناء محتْهُ الحروبُ
هل تعلمين
مكمنَ الجمالِ في قافلةِ العشقِ ؟
هل تعلمين
كيف يقيمُ العشقُ في الفيافي ويتزودُ بوردِ الهيامِ ؟
هل تعلمين
عن تيجانٍ مُزينةٍ بأنفاسِ الخيالِ
تُوّجَ بها الحبُّ في يومِ الحبِّ ؟
إنْ علمتِ فاروي مِن قصصِ الدّهرِ ما شئتِ
وامنحي السردَ دفقاً سحرياً وفيراً
حتى يرفلَ بين يديك الكلامُ بثوبِ الغرابةِ
ثم ضعي على قارعةِ الطريقِ أحجارَكِ* الكريمةَ
ابتني سافاً فوق سافٍ
وافرزي منها حجراً
افرزي نيشانَ دليل
ثم عليه اجعلي دمَ القلبِ يسيل
فنحن حين نأتي الغابةَ
نأتي مسالمين
نمشي على رأسِ باديةٍ
نُرممُ فيها تفاصيلَ وخراباً
والغابةُ خيْزُران
تشهدُ على امتدادِنا العاري
تفتحُ نحو البحرِ نوافذَها المهجورةَ
وتستجلبُ المراكبَ
وحين يُستوحشُ الكلامُ
تدعو للرحيل
ما أوحشَ الكلام !
30 ـ 1 ـ 2010 برلين
ـــــــــــــــــــــــــــ
* إشارة إلى رواية فوزية شويش السالم " حجرٌ على حجر "
#صبري_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟