|
كّول والعباس راح أنتخب فلان
هادي الخزاعي
الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 17:48
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
التواصل مع الناس واحدة من واجبات الأحزاب السياسية للتبشير بأهدافها الأجتماعية والأقتصادية والثقافية ، وكذا التعريف ببرامجها السياسية وذلك لكسب هؤلاء الناس الى صفوفهم ، حتى يتحول هذا الحزب او ذاك الى قوة مادية ، محركها السعة الجماهيرية التي تسعى لتحقيق مطالبها وأحتياجاتها الحياتية كمجانية التعليم والصحة وبقية الخدمات التي توفر للمواطن درجة ما من حياة آمنه ضامنة مستقبل أفضل لأبنائهم . أو النضال من اجل اهداف أخرى تتعلق بسيادة الوطن وأمنه .
هكذا دأبت الحركة السياسية العراقية بتأريخها الطويل على تطوير برامجها وتمتين العلاقة بالجماهير من أجل المنجز الوطني الذي يستفاد منه المواطن والوطن . وقد مارست هذه الأحزاب الدعاية الحزبية ، خصوصا السرية منها ، التبشير بما تريد عبر النشرات والصحف السرية أو أستغلال الأجتماعات العامة ، فتقيم التظاهرات وكذلك توظف تجمعات المناسبات الدينية أو سواها من المساحات ، لأهدافها السياسية ، وأنشطتها الجماهيرية والمطلبية . أما أحزاب الحكومة فحكايتها حين تريد الأتصال بالجماهير فهي أسهل بكثير من سواها من الأحزاب ، فهي توظف كل مرافق الدولة وماكناتها الأعلامية ووسائل الأتصال الرسمية لها ، ولاتترك شبرا دون ان تقف عليه .
طبعا هذا الأمر يحدث والى الآن في جميع الدول التي تفتقد الى معايير العدالة السياسية ، خصوصا في بلداننا العربية بلا أستثناء ، والعراق واحدا منها ، رغم التحذير من مغبة أستغلال المال العام لصالح حركة سياسية بعينها كما جاء في الدستور العراقي .
الآن وبعد سقوط النظام البائد عام 2003 حدث حراك في الوضع السياسي والأجتماعي العراقي يمكن تسميته بالهائل ، والذي تمخض عنه ظهور المئات من الأحزاب والحركات والكيانات السياسية ، حتى بات سطح العراق السياسي مزدحما وملغما بأسماء لحركات سياسية ليس لها هوية . فغياب قانون للأحزاب يشرعن وجودها وينظم أهليتها للعمل بين الجماهير، قد أعطى فرصه من ذهب لمن يريد ان يغتني من السياسة ، فأستحال الكثير منها الى دكاكين تعرض بضاعاتها بطرق أقل ما يقال عنها بأنها عبارة عن ضحك على ذقون الناس .
أن هذا الكم غير العادي من الأحزاب والحركات والكيانات السياسية ، الوليدة منها بعد سقوط النظام أو تلك الأحزاب التي كانت تقع في موقع المعارضة من النظام البائد ، فتقلدت الآن المواقع الرفيعة بالدولة العراقية . لقد جعل هذا الكم من القوى السياسية أن تلجأ الى الكثير من الأساليب لكسب هذا المواطن أو ذاك ، وعلى الأخص في الفترة التي تسبق الأنتخابات كالتي يمر بها العراق . أن كثير من هذه الأساليب تتسم بالطابع القانوني ، وبالتالي فمن حق القوى السياسية حين تتنافس على الفوز بالأنتخابات تمتلك المشروعية في ذلك . ولكن ما يثير الغرابة والأستغراب معا ، أن هناك وسائل دعائية قد استخدمتها بعض القوى السياسية لكسب الأصوات نراها غير مشروعة ، كتقديم هدايا الى المواطنين ، وهي أقرب الى الرشاوي منها الى الهدايا ، مثل تقديم الصوبات والبطانيات مقابل ان يتعهد ذلك المواطن أخلاقيا بأنتخاب من قدم له تلك الرشوة الهدية ، شخصا كان ام كيانا أو قائمة .
ربما من باب الطبيعة الأجتماعية العراقية يمكن ان تُفَسرْ أو تمر مثل هذه الطرائق في الدعاية الأنتخابية ، سيما وأن تأريخنا الأنتخابي على قلته زاخر بالرشاوي المختلفة الأنواع ، كالوعد بالوظيفة أو الحصول على قطعة أرض أو خلافه من الهدايا العينية والمادية وأحيانا التهديد بالقتل .
ولأن الحاجة أم الأختراع ، فقد ابتكرت بعض القوائم المتنافسة على كرسي في البرلمان ، اسلوبا جديدا فريدا في غاية الغرابة كي يتم ضمان الصوت وكسب هذا المواطن أو ذاك الى صفها . وحين ذكرنا بعض الأساليب المدانة في الكسب ، فأننا أردنا أن نقول إنها أساليب غير أخلاقية ولا تمت الى الأعراف التي تدار بها اي انتخابات بصلة .
ولكن ما يثير القرف أن تمارس بعض القائم أسلوب الترهيب على المواطن البسيط ، ولكن بلا سلاح ناري أو خنجر أو تهديد بالقتل . أنه أسلوب الأبتسامة الصفراء و المصحف ، أذ يطلب من هذا المواطن أو ذاك أن يقسم بالقران بأنه سينتخب فلان ، والويل لمن يخلف القسم ، فلا محال من أنه سوف يواجه العذاب ألأليم يوم القيامه ، وسوف لا ترضى عنه السماء . أمام هذا التحدي لا يجد المواطن البسيط بسريرته الطيبه وقلبه الضعيف أمام عذابات جهنم أذا ما نكث الوعد ، فيقسم على القرآن بأنه سينتخب فلان الفلاني أو القائمة الفلانية . ويحدث ان يصادف من لا يقدم على هذا القسم بحجج مختلفة ، فلا يرغموه أو يغصبوه . وبذات الأبتسامة ال ماكرة يقال له : خوش .. أذا ما تريد تحلف بالقرآن .. إحلف بالعباس ابو راس الحار وكّول ، أحلف بالعباس ابو راس الحار راح انتخب فلان وبس ، وأبوك الله يرحمه ....
#هادي_الخزاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جميل أن نسميها منافسة أنتخابية ولا نسميها معركة أنتخابية
-
ظلامة ام على ابنها الشهيد الشيوعي
-
حتى انت يا علاوي
-
قائمة أتحاد الشعب فقيرة . مرشحوها كادحين ، ولكنهم أغنياء بال
...
-
وجع على العراق
-
مليوصه يا نوري المالكي
-
وعي الأختيار عند الناخب ، وحده ينقذ العراق
-
لماذا ضمت القائمة العراقية أسماء 73 مجتثا ؟!
-
ماذا لو تكرر مجلس النواب العراقي ؟!
-
مهمة هيئة المسائلة والعدالة ، ليست مهمة آنيه
-
رثاء مسرحي عراقي ابتلعته وحشة المنفى
-
قاسم محمد باقٍ فاعمار الكبار طوال
-
فضائية اليسار العراقي حلم ينتظر التحقق!
-
من الذاكره بمناسبة يوم المسرح العالمي
-
نلسون مانديلا ، اوباما، ونحن !!
-
الشارع العراقي والأنتخابات البلدية
-
الداد يا بغداد
-
شهداءنا نار ازلية تنير الضمائر
-
فنان من بلاد الرافدين
-
هل أنصف الدستور العراقي المرأة ؟ نعم . ولكن.
المزيد.....
-
بمناسبة عيد الحب.. عرض إهداء براز أحد الحيوانات لحبيبك الساب
...
-
نائب أمريكي لـCNN: خطة ترامب -فضحت نفاق العالم العربي-.. وعل
...
-
الداخلية الروسية تحدد الشروط الإلزامية لدخول الأجانب إلى روس
...
-
عضو بالكونغرس: بايدن أنفق 10 ملايين دولار على تحويل الفئران
...
-
مصادر أمنية: قوات كييف تنقل جزءا من قواتها من دونباس باتجاه
...
-
كيث كيلوغ: الصراع في أوكرانيا لن ينتهي إلا بمفاوضات بين موسك
...
-
إيلون ماسك يحذر الجيش الأمريكي
-
خبير عسكري: المقاتلات الروسية تتفوق على ميراج 2000 الفرنسية
...
-
-الإجابة بسيطة-.. مصر ترد على إسرائيل بعد تصريحات بشأن تسليح
...
-
مسؤولون بالجيش الإسرائيلي يشككون بخطة ترامب لتهجير سكان غزة
...
المزيد.....
المزيد.....
|