بين الوحدة والاتحاد وسحق الجماهير

أمير الحلو

الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 10:57
المحور: كتابات ساخرة
    

بين الوحدة والاتحاد..وسحق الجماهير
أمير الحلو/ بغداد
ظهرت بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 خلافات (غير موضوعية) بين قوى سياسية أيدت الثورة وساهمت فيها بشكل أو بآخر،فقد ظهر نزاع حاد ودام حول موضوع مستقبل العراق بين مطلب الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة من قبل التيار القومي العربي،ومطلب الاتحاد الفيدرالي من جانب التيارات اليسارية من شيوعية وديمقراطية ،ولا أريد هنا بحث الموضوع من الناحية الفكرية والسياسية،فلا الوحدة كانت ممكنة وموضوعية ،ولا الاتحاد الفيدرالي كان جاداً ومطلوباً،لذلك فان موضوعي سيكون عن تداعيات ذلك الخلاف على حادثة طريفة ومؤلمة في آن واحد .
في ذكرى وفاة الرسول الاعظم محمد(ص) تأتي مواكب من مختلف انحاء العراق الى النجف لزيارة مرقد الامام علي بن ابي طالب(ع)،وقد كتبت مرة عن كيفية استثمار المناسبات الدينية من قبل القوى السياسية،لذلك ففي اوج الصراع بين التيارين بعد الثورة حلت هذه المناسبة وكانت تعبئة القوى اليسارية للجماهير اكبر واوسع،ومع ذلك فقد عزمنا (كقوميين) على اخراج موكب طابعه العزاء وحقيقته السياسة،وتجمعنا قرب وداخل مكتب المحامي الاستاذ احمد الحبوبي في ميدان مدينة النجف ونظمنا صفوفنا للخروج في موكب يطالب بالوحدة وأعددنا لافتات تخلط بين الدين والسياسة ،واذكر ان عددنا لم يكن يتجاوز 300 شخص،وما أن تحركنا بضع خطوات من منطلقنا حتى عرفت لاول مرة ماذا يعني اصطلاح(سحق الجماهير)إذ جرى سحقنا بالقناني والاحذية والنعل ثم الهجوم علينا،وكنت ألاحظ حماس الفقراء والوافدين في ضربنا وتفريقنا،وقد عدنا القهقرى الى نقطة الانطلاق حيث أطاحت بنا الشرطة وحمتنا من غضب الجماهير،ثم نقلتنا بسياراتها الى دائرة الكمارك خارج المدينة حيث قضينا ليلتنا هناك واطلق سراحنا بعد ظهر اليوم التالي و(تسلل) كل منا الى داره بعيدا عن أعين الناس.
بحثنا ليلتها ونحن في موقف الكمارك عن هذه الظاهرة فحدثنا احدهم ان اغلب المواكب كانت تهتف وتطالب بـ(الفيدرالي)وان شعارها (فيدرالي رايد لامته وغايته)ولكن اكثر الذين يرددون ذلك لا يعرفون معنى الفيدرالي لذلك جرت اشاعة بان جماعة (الوحدة) هم من انصار بني أمية بينما دعاة(الفيدرالي) هم انصار الحسين(ع)،لذلك فعندما خرجنا في موكبنا الوحدوي اليتيم غضبت الجماهير على قيام بني أمية بتحدي مشاعر الناس المتعاطفة مع آل البيت الكرام،ومن ذلك جاءت عملية السحق وبقوة وبمختلف انواع الاسلحة غير القاتلة المتوفرة في ايدي واقدام الناس،وكان الموقف يشبه ما يتلقاه المتطوع باداء دور الشمر بن الجوشن في مواكب عاشوراء،إذ يتلقى (راضيا)كل انواع الضرب والشتائم لفعلته الشنعاء.
تذكرت هذه الحادثة في ذكرة وفاة الرسوم الكريم محمد (ص) هذا العام،وتألمت عن اضاعتنا تلك الايام في خلافات غير موضوعية وذهاب الكثير ضحيتها مع ايمانها بالوطن وحريته.
واتساءل الآن بموضوعية و(خبث)،ما علاقة مثل هذه المناسبة بالوحدة والاتحاد الفيدرالي؟ولكن هذه هي السياسة التي طلقت(الالتزام) بقيودها منذ اربعة عقود..وحتى الآن .

#أمير_الحلو (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات