أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غادة السمان - ليل الغربة














المزيد.....

ليل الغربة


غادة السمان

الحوار المتمدن-العدد: 2918 - 2010 / 2 / 15 - 23:36
المحور: الادب والفن
    



الحلقة الاولى

تمطر تمطر
تمطر بردا رماديا وسأما .تمطر منذ الصباح وعلى وتيرة واحدة تزرعني في قطار بطئ يخترق صحارى شاسعة ميتة , وركابه لا يعرف بعضهم بعضا , وكل منهم يتحدث لغة لا يعرفها الاخر ولا أحد يدري الى اين يمضي,أو من أين اتى...... تمطر ببلادة واستمرار ,والقطة لم تنقطع عن نواحها في الحديقة نواح خافت ملتاع .. أحسه نصلا حادا لسكين تنغرس ببطء واستمرار في بطني.لا أدري لماذا لا أجرؤ على التخلص منها,كما لا أدري لماذا قتلت أطفالها منذ أسابيع .
تمطر تمطر
تمطر أمسية جديدة كئيبة.. ليتها تنفجر رعدا ... تتمزق أحشاؤها تهذي رياحها في شقوق النوافذ وتصفر,كي تخرس القطة , ويكف السأم عن السأم... أي شئ , أي شئ الا هذا الركود الميت الذي يصبغ أيامي في هذه الفيلا المخيفة ... وهو , رغم الصقيع مغروس على الشرفة منذ اكثر من ساعة بلا حراك....
وفزاع الطيور مغروس في اخر الحديقة بلا حراك أيضا.......
انه صامت دوما .....منذ زواجنا لم نتبادل الحديث الا نادرا.... تراه يتحدث الى فزاعي الطيور وأشباح الحدائق.... بيده لفافة جديدة فلما اذالا يقدم لفزاع الطيور سيجارة!!!!!
وتعلمت يومئذ كيف أحرق كلمات الحب الفائضة على شفتي كما يحرقون البن في البرازيل كي لا تتدنى اسعاره...... سئمت طعم الرماد.....
تمطر بين جلدي ولحمي ..... تمطر داخل عظامي .... في حلقي .
فأعجز عن الاجابة على سؤاله الذي يصفع وجهي مع تيار البرد المندلق من الباب : هل اتصل الطبيب وبلغك النتيجة؟
ـ لا لم يتصل
ـ من اتصل اذن؟
ـ هم ينتظرونك.
سمعت صوتي قاسيا جارحا
ينتظرونك, قلتها كأنني أطلق عليه الرصاص .لكنه لم يترنح ولم يسقط صريعا , وانما عاد يغلق باب الشرفة خلفه, يخرج الى فزاع طيوره .
.أراهم ينتظرونه .......
أراهم هناك متحفزين .يدخل الى الغرفة مجموعة من المتناقضات الناجحة ... عينان هرمتان وابتسامه طفولية .... الحركة الهادئة لقاض والمظر الرياضي لرجل أعمال وسيم
أراهم هناك يتأملونه ..ثم يقولون شيئا كثيرا .سيتهمونه بشئ خطير...... سيتحدثون بشراهة, كما تاكل الغربان لحما من جرح مقيد لم يمت بعد....
ولن يجيب .أعرف انه لن يدافع عن نفسه .سيظل يواجههم بالبرود نفسه الذي طالما أحرقني ....
ثم سيتحدونه .لديهم شاهد اثبات سيضحك باستخفاف سيصرخ احدهم في وجهه :اننا واثقون من التهمة .انك لم تدرس قط اضبارة متهم واحد كنت تهمل كل شئ كنت تدخل المحكمة وفي جيبك مجموعة من الأوراق المطويه كتبت عليها كلمة ماحدة مذنب أو برئ وكانت أصابعك العمياء تختار في عتمه جيبك ورقة ما
ان ظلم.
ثم الضربه الاخيرة : شاهد الاثبات هو زوجتك!
ربما حينئذ يسقط اللجام عن فمك, وربما تصرخ في وجوههم كما صرخت في وجهي تلك الليلة الرهيبة منذ عام
كانت لا تزال تمطر , ولكن بشراسة.
كنت لا ازال أحبك .أعجزعن النوم اذ لم أخف وجهي في صدرك.
كنت لا أزال أومن بأن قاع بحار صمتك كنوزا نادرة
يتبعِِ



#غادة_السمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها البعيد كمنارة !!
- مقتطفات من ((الرقص مع البوم ))
- و ها أنا أنساك . .
- مساء الحزن
- صباح الحب
- حب من الوريد الى الوريد
- خيط الحصى الحمر
- كوابيس بيروت - 60
- فزّاع طيور آخر
- كوابيس بيروت 23و35
- كوابيس بيروت 12و13و16
- كوابيس بيروت 2,3,4,6,10,
- هاربة من منبع الشمس
- رسالة الدكتور جيكل والمستر هايد
- سفوح جسد
- ترقبوا أسراري العاطفية في مذكراتي
- هاتف ليلي
- ختم الذاكرة بالشمع الأحمر
- بومة عاشقة في ليل الحبر
- ذاكرة الانهيار


المزيد.....




- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...
- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غادة السمان - ليل الغربة