|
قناديل من كلية العلوم/جامعة بغداد
كمال يلدو
الحوار المتمدن-العدد: 2917 - 2010 / 2 / 14 - 08:32
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
(( كلية العلوم، مثلها مثل الكثير من المـدارس والجامعات والمؤسسات، قدمت لهذا الوطن الغالي ولمسيرة الحزب مناضلين، روى قسم بدمائه الزكية ارض العراق، بينما ســطر آخرون ملاحم بطولية في الصمود بوجه الجلادين ، وآخرون حملوا اينما حلـوا كل الحب للعراق ...واليوم، وفي عيد الشهداء الشيوعيين نستذكر ملحمة البطلان نصير الصباغ و عبد حبيب جمعة ، ورودا وقناديل من كلية العلوم/ جامعة بغداد))
" نصير الصباغ " وهـيامـه بالعراق
لـم تمهل الدكتاتورية "نصير" وقتا طويلا حتى يحيا شــبابه كما يريد او ان يتمتع بحياته الجامعية ، فقد حاربت حملت الافكار التقدمية وكل من عارضها بالرأي .ومـا كـاد العام 1979 يبدا حتى كانت اجهزة الامن تطبق على بغداد بعد ان انهت اولى جولاتها في البصرة ، حـين زحفت جحافل الامن والمخابرات حارقة الاخضر واليابس . في هذا العام لم يمض على نصير في كلية العلوم ســوى عامان ونصف ، ركب بعدها قطار الغربة الى (براغ) ، وهناك عادت الصلة بيننا برســالتان وصورة فوتوغرافية واحدة وذكريات ســـيمضي عليها 30 عاما هذه الســـنة، وبعض الشـــهود على محبة "نصير" للعراق . لم تكن رغبتـه في الدراســة شــديدة ، خاصة بعـد المخاض الذي مر به، وصعوبة التأقلم مع البلد الجديد. وكانت انطلاقة حركة " الشـــيوعيين الانصار" في بعض المواقع بكردستان العراق حـافزا كبيرا لـه، فـقـرر ان يقطع دراســته ويلتحق بالحركة ، مترجـما حبه العتيد للعراق ورغبتـه الشديدة بالعودة لأرض الوطن ومحاربة الدكتاتورية في عقر دارها ، حتى وأن كان الثمن غاليا ، الشهادة. لـم اســـمع الكثير عن سيرته في تلك البيئة والظروف القاهرة التي كان يعيشها رفاقنا هناك الا نزرا يســـيـرا تضمنـه كراسـا اصدره الحزب استذكارا لشـــهداء الحزب الشيوعي العراقي في مجزرة جريمة "بشت ئاشـــان" التي قضـى فيها "نصير" ســوية مع 84 شهيدا شـــيوعيا كانـوا قـد تطوعـوا لمحاربة الدكتاتورية ونصرة المطالب العادلة للحركة القومية الكردية . لـم تلن عزيمة النصير (ابو نادية) حتى في احلك الظروف، فقد وصف لي احد رفاقه الانصار (سمير) ســـاعـاته الاخيرة قائلا ، ان الشهيد اصيب بذراعـه اثناء انســحاب مجموعته بأتجاه جبل قنديل ، وابدى شـــجاعة نادرة و قـاوم الم الجروح النازفــة وبمســاعدة رفاقه حتى وصـل الى قمـة الجبل ، هنـــاك فوق اعلى نقطـة جفرافية في المنطقة ، هناك وفي اقرب نقطة الى الســـماء ، هنـــاك اســـلم روحــه الطاهرة ، من جراء النزف والتعب والارهاق .... والغــدر ايضــا. رصاصات غاشـــمة تمكنت منه والغت مشــروعه الانسـاني وأغتالت ابتسامته البريئة. وعلى غير عادة الاحباب ، وأن يكن قـد وري الثرى مع رفاقـه هناك ، فقد دفن بعيدا عن مدينته التي احبها ، عن شــوارعها وازقتها وصياح اولادها وضجيجها القريب من القلب . لـقد كانت الارض التي آوتـه غريبة عليه ، ولاحـقا غـدرت بـــه ! لكل منا احباب وأهل افتقدهم يوم مـا، انما ذكريات الرفيقات والرفاق في كلية العلوم ســـتبقى عصية على النسيان، و تلح علينا بالســـؤال، لمـاذا جرى كل ما جرى ؟ وكيف السبيل لتفاديه مســتقبلا؟ وهل نكتفي بذكرى شهدائنا ؟ وهل ســيأتي اليوم لتقديم الجناة الى العدل؟ ام سيتقدم القتلة بأنفســهم ويعتذروا للشعب العراقي عن جرامئهم؟
الباسـم دومـا " عبد حبيب جمعـة"
جماعتان في كلية العلوم عرفت الشهيد "عبد حبيب جمعة" ، الشيوعيون وأصدقائهم ، جلاوزة الأمن وعناصر الاتحاد الوطني. وبينهما كان عبد حبيب، ذو الوجـه الباســم يفترش النقاشات والاحاديث ، وكان يجـد لـذة خاصة في محاججة "بلطجية السلطة" متأبطا جريدته المفضلة - طريق الشعب – او بدفاعه عن القضية التي آمن بها ، مشــروع الحزب الشيوعي لعراق جديد . وعبثا حاولوا النيل منـه، او الوصول الى عمق ايمانه . في عام 1976 انتسب عبد حبيب جمعة الى كلية العلوم ، ليدخل قسم البايولوجي في العام التالي مضيفا بعـدا وألقا لجمهرة الشيوعيين وأصدقائهم في هذه الكلية التي لم تبخل بالمناضلين في طريق التحرر والوعي والدفاع عن مصالح الكادحين والمثقفين. ومن مهازل القدر ان تأخذني 24 عاما قبل ان اقرأ اســم عبد حبيب في تموز 2003 ضمن قائمة (167) من شهداء الحزب الشــيوعي ، بعد ان توادعت معه في كانون ثان 1979 ، ليظهر اســمه ضمن المعتقلين عام 1981. هكذا اذن تختزل الايام والاحلام ، وهكذا ايضا اذلت الدكتاتورية خيرة الشباب. عبد حبيب جمعة القادم من مدينة الثورة ، مدينة الفقر والكادحين والثوريين ، مدينة الامن والمخابرات ، كان امينا في دفاعه المستميت عن صحـة الافكار التي حملها ، لم يخشــهم ، بل بالعكس كانوا هـم من يخشــاه ، كانوا يضايقونـه ويعاكســوه في الجامعة ، حتى تمكنوا منــه ، لكنهم لم ينالوا من مواقفه شــيئا ســوى الصمود والبطولة والكبرياء، ليضم في صـدره اســرار حزبه ورفاقه وأن لا يبوح بها لهــم. لم يســتدل على قبـر لــه ، ولا عن رفقتيه الشهيدتان (فريال وانتصار من كلية العلوم) ، فقـد دفنوا في المقابر الجماعية .لكنهم في مكان مـا من ارض العراق الفســيحة ، رووا بدمائهم الزكية اديم العراق بأمل ان تخضـر الارض نظاما وطنيا ديمقراطيا واعدا. ولكني حينما استذكر رحلة العمر القصيرة معـه ، لايســـعني الا ان اكتم في صدري عبرة حارقة لذكراه، وألعن الزمن الردئ الذي لم ينصــف عبد حبيب وســواه ، لالشــئ ، بل لما اصاب العراق بعد سقوط الدكتاتورية والتقسيمات التي جرت للتفريق بين الشهداء وطرق تكريمهم وحتى في منحهم حقوقهم المشروعة. أرثي لك وضعنا رفيقي الغالي "عبد" ، فـقـد غيـروا اســـم مدينتك مرتان ، لكن لم يحســـنوا احوال اهلها ، لابل ان اوضاعهم صارت اســوء من ذي قبل . ابكيك لأن مدنا ومؤسـسات وجامعات ومدارس قد ابدلوا اســمائها لكنهم لـم يضعـوا اســمك على اي منها ، ولا حتى اشـارة الى نضالك او صمودك. ايها الرفيق الغالي،انت في قلوب رفاقك ومازالت ذكراك حيـة في ضمائرهـم ، ورغم المحن ومشـــاق الطريق الطويل لكننا عاهدناك ان نمضي للأمتحان الصعب ولنرى من ســـيتعب اولا ، نحن ام هــم !
تحية عطرة لكمـا في عيد الشهيد الشيوعي ولعـوائلكم الكريمة، وكل من عرفكم وأحبكم الصبر والسلوان عزائي لعوائل شهدائنا من كلية العلوم ، فريال السامرائي وانتصار الآلوسي الذكر الطيب لكم دائما، فأنتم في القلب وشــــغافه الولايات المتحدة/ 14 شباط 2010
#كمال_يلدو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعض الفرق الموسيقية للجالية العراقية في ديترويت ... - الجمهو
...
-
أتمنى ان تكون -زلّة لسان- غير مقصودة!
-
هدية عيد الميلاد لمسيحيي العراق!
-
من يستمع لمايكرفون - الفيحاء- المفتوح ؟
-
مسلسل تفجير كنائس الموصل:ام الربيعين تقتل ابناءها!
-
تضامنا مع جريدة - المدى- وكاتبها المبدع - وارد بدر السالم-/م
...
-
لقاء مع الناشطة شروق العبايجي-المبادرة العراقية للمياه-،خطوة
...
-
ماذا لو رفض العراقيون والعالم الحر نتائج الانتخابات؟
-
من ينصف المسيحيين في العراق ؟
-
ولكل حسب عمله ...!
-
على ابواب انتخابات البرلمان الجديد:حتى لا ت̛غدر قوائم ا
...
-
ام تحسين تصرخ: -چا هيّة ولية؟-
-
في عيد الصحافة الشيوعية حقوق مشروعة لكنها حقوق ضائعة دعوة ال
...
-
اختطاف المطران رحو حلقة في مسلسل استهداف المسيحيين العراقيين
-
تضامنا مع الحوار المتمدن بعد منعها في السعودية
-
الاسـتحـقاق الوطني
-
الملثميــن والرهائــن ، اســاءة لمـن ؟
-
الغزالــة
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|