أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - العراق: المثال العربي للعدل السياسي















المزيد.....

العراق: المثال العربي للعدل السياسي


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2913 - 2010 / 2 / 10 - 20:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنا قد حذرنا القيادة العراقية في نهاية مقالنا السابق: "العراق: من اللاهوت السياسي إلى الفلسفة السياسية"، من أن لا تقع في الخطأ نفسه الذي ارتكبه عبد الناصر في 1962 في "اللجنة التحضيرية"، عندما قرر العزل السياسي، بدلاً من العدل السياسي لبعض السياسيين في العهد الملكي.

صدقت توقعاتنا

وقلنا إن نوري المالكي سيذهب بالعراق إلى المصير نفسه الذي انتهت إليه الثورة المصرية 1952، لو أصرَّ على العزل السياسي لعدد 517 ناشطاً سياسياً ومرشحاً للبرلمان العراقي الجديد. وكنا نعلم علم اليقين، أن العراق لن يذهب إلى ما ذهب إليه عبد الناصر، لأسباب كثيرة منها:

1- أن مصر كان يحكمها ديكتاتور مطلق هو عبد الناصر، الذي كان يقول للشيء كُنْ فيكون. وأن الديكتاتور المقابل له (صدام حسين) قد انتهى من العراق. وفي ظني، أن العراق لن يعود إلى الديكتاتورية ثانية، كما لن تعود أوروبا الشرقية إلى الاتحاد السوفيتي، والشيوعية.

2- إن العراق يتأسس اليوم كدولة دستورية، تحكمه مؤسسات سياسية دستورية، وليس مجلس قيادة ثورة على رأسه قائد ثورة. وهو وحده من يقرر مصير بلده، ويُشكِّل حاضره ومستقبله، كما كان الحال عليه بمصر.

3- أن لا زعيم فرداً مطلقاً الآن في العراق، كسعد زغلول، الذي كان يقول بأنه "زعيم الرعاع"، أو كعبد الناصر في العراق. ففي ظني، أن الزعامة السياسية الفردية المطلقة في العراق قد انتهت، وأصبحت الزعامة للشعب بمجمله فقط، وللمؤسسات الدستورية. وأن دولة عظمى كأمريكا الآن تتعهد هذا، وترعاه من قريب ومن بعيد.

عودة العقل السياسي للعراق

وكنتُ أنادي، في الأسبوع الماضي، من أن العدل السياسي لا العزل السياسي، هو التوجُّه السليم والصحيح في العراق الآن. وقد غضب مني كثير من الأصدقاء العراقيين على هذا الرأي. وتوّجت هذا التوجه "الهيئة التمييزية" في البرلمان العراقي، حين أقرت الحق لعدد (517) المشمولين بالاجتثاث (يا لهذه الكلمة مما فيها من قُبح وعنف ودموية) من الترشح في الانتخابات التشريعية القادمة في 7/3/2010 كأي مواطن عراقي آخر، على أن يُنظر في ملفاتهم بعد الانتخابات. وقد قيل بأن "الهيئة التمييزية" تراجعت عن قرارها تحت ضغوط سياسية معينة، وسوف تنظر في الطعون المقدمة لها قبل الانتخابات.. الخ.

إيجابيات العدل السياسي

لقد وهبت الديمقراطية العراق قُدساً شامخاً عنوانه العدل السياسي. وسيكون - في ظني - لهذه الخطوة – فيما لو تحققت - نتائج إيجابية كثيرة، ستعود على العراق الجديد بالخير العميم، ومنها:

1- أن البعثيين من هؤلاء الـ (517) مشمولاً بالمنع السابق من الترشح في الانتخابات، سوف يدركون، ويوقنون تمام اليقين، وأكمله، بأنهم يتمتعون الآن بحكم ديمقراطي سليم ومنصف، تكون السلطة فيه للشعب وليس لتسلُّط الحاكم. فلا إفتيات غاشم وجائر على الحقوق السياسية. فالديمقراطية العراقية الحقة الآن، هي سلطة الشعب الذي قال كلمته بالأمس على لسان "الهيئة التمييزية" في البرلمان العراقي. فماذا لو كان هذا الأمر في عهد ديكتاتورية البعث السابقة، التي حكمت العراق طيلة 35 سنة (1968-2003) بقيادة صدام حسين؟ على البعثيين الآن، أن يسألوا أنفسهم هذا السؤال، فهم يعرفون إجابته تماماً.

2- أن العراق الجديد بهذا القرار، وبهذه الخطوة، أثبت للداخل والخارج أن العدالة، والمساواة، والحق، والعقل، هي أدوات العراق الجديد في الحكم على كل مظاهر الحياة في العراق. وأن لا سلطة في العراق غير سلطة القانون، والعقل. وأن العراق وإن تعتريه الآن (وفي فجر ثورته) بعض العقبات وبعض الزلات، وسيطرة اللاهوت السياسي والديني والطائفي على بعض مفاصله، إلا أن كل هذا زائل وفانٍ مع الزمن، والجِد، والعمل المتواصل. ووجود الحال الآن في العراق ليس من المحال تغييره. فالعراق الآن (وعلينا أن نتذكر هذه الحقيقة دائماً) ليس وحده، ولم يعد بدون ظهير، كما كان في السابق طيلة 35 سنة مضت، من حكم البعث الديكتاتوري. العراق اليوم مكفول ومضمون، ضمانة سياسية من دولة عظمى، تراقب كل ما يجري فيه، وتُعدِّل من وقت لآخر مسيرته وسيره، وتعود لتضعه ثانيةً على السكة الصحيحة، كلما حاول السياسيون الطائفيون حرفه عن هذه السكة، وإخراجه عنها، لكي ينقلب على نفسه، وتعود الفوضى من جديد، كما كان عليه الحال قبل 1968. وعلينا أن نتذكر جيداً ودائماً، أن هذا الكفيل وهذا الضامن، قد أصبح شريكاً غير مضارب (له في الخسارة، وليس له في الربح) للعراق، بعد أن دفع حصته، التي بلغت مئات المليارات من الدولارات، وآلاف الجنود القتلى، في هذه الشراكة على مدار السنوات الست الماضية.

3- لقد أدرك العراق من خلال قرار "الهيئة التمييزية" في البرلمان العراقي – سواء تراجعت عن قرارها أم لم تتراجع - أن البعثيين ليسوا هم أعداء العراق، بقدر ما هم الإرهابيون من البعثيين والأصوليين الدينيين والطائفيين المتشددين، وكل من يحاول تقويض الكيان السياسي العراقي الجديد. فلا عودة لديكتاتورية البعث. ولا عودة لديكتاتورية السُنَّة. ولا عودة لديكتاتورية الشيعة. ولا عودة لديكتاتورية أية طائفة، أو ملّة، أو حزب سياسي أو ديني. ومحاولات جيران العراق من سُنَّة وشيعة وبعثيين، تحويل العراق إلى ديكتاتورية جديدة، هو "حُلم إبليس في الجنة" ما دام الكفيل والضامن هناك، وراء الأطلسي، عينه على العراق على مدار الساعة، لا تغفو ولا تنام. وما دام الشعب العراقي الآن، قد ذاق طعم الحرية، وحلاوة الديمقراطية المُشرَّبة بالدم، وليس بقَطْر السُّكَر.

4- أن العراق الآن قد جاء بمفهوم جديد للديمقراطية العربية. لقد كانت الديمقراطية العربية، قبل العراق الجديد، عبارة عن انتخابات مزورة، وصناديق اقتراع ملغومة، وشعارات على المنابر، وأحبار في الصحف. فأصبحت الديمقراطية العربية في العراق الجديد، هي "قدرة الشعب على التغيير".. تغيير الحُكَّام بالاقتراح الحر كما رأينا في 2005 ، وكما سنشاهد بعد آذار/مارس القادم، بعد أن تكون الانتخابات التشريعية قد جاءت بالوجوه السياسية الجديدة، من خلال اقتراع حر نزيه. ومن هنا، فإن العراق ينتقل بهذه الهداية السياسية، من اللاهوت السياسي (احتكار السلطة، وامتلاك الحقيقة السياسية المطلقة الواحدة) إلى الفلسفة السياسية التي تتلخص بقدرة الشعب - كأعلى وأقوى سلطة – على التغيير.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق: من اللاهوت السياسي إلى الفلسفة السياسية
- الائتلاف والاختلاف بين الثورة الفرنسية و-الثورة- العراقية
- بين الثورة الفرنسية و -الثورة- العراقية
- لماذا تتعثر الديمقراطية في العالم العربي؟
- هل سيكون 2010 عام خروج فلسطين من الأنفاق؟
- أيها الفقهاء: كما اختلفتم اتفقوا حقناً لدمائنا؟
- لو سلكت أوروبا مسلك السُنَّة والشيعة لما توحَّدت!
- الإنجاز الأعظم للمسلمين: توحيد السُنَّة والشيعة
- الغول نصر حامد أبو زيد!
- كُلفة الديمقراطية العراقية -الباهظة-
- من هم المعارضون لقيام الدولة الفلسطينية؟
- الولادة المُتعسِّرة للدولة الفلسطينية
- من ليبراليات الخاصة إلى الليبراليات الشعبية
- كيف يتم انفراج الانسداد التاريخي ونجاح التنوير العربي؟
- لماذا الانسداد التاريخي وفشل التنوير في العالم العربي؟
- هل انكسرت جرَّة السمن والعسل التركية- الإسرائيلية؟
- ابتلاع ما تبقى من فُتات فلسطين ونحن غافلون
- رجم محمود عباس بالحجر الذهبي
- بعد اختيار بلادهم لاستضافة المونديال والألعاب الأولمبية: الب ...
- أوباما في الأمم المتحدة: 2009 تاريخ جديد للإنسانية


المزيد.....




- -لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر ...
- نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
- لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا ...
- أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض ...
- عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا ...
- إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
- حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
- من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
- بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
- اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - العراق: المثال العربي للعدل السياسي