أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - النمل .................. قصّة قصيرة














المزيد.....

النمل .................. قصّة قصيرة


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 885 - 2004 / 7 / 5 - 02:38
المحور: الادب والفن
    


فيما كنت أشرب فنجان القهوة في المطبخ، تسلَّلَت شمس الصيف الدافئة عبر النافذة المتعطِّشة لدفء الشمس، دفء الحياة .. ألقيت نظرة في أحد أركان مطبخي فوجدت خطّاً رفيعاً يدبُّ فيه الحياة، إنحنيت قليلاً .. قافلة كثيفة من النمل الصغير، تسير بانتظام، متمتِّعة بأشعة الشمس الحنونة، تبحث لها عن زادٍ يكفيها للشتاء الطويل.
وبعدَ حوالي إسبوعين من ظهور النمل في مطبخي، زارني جاري زيارة خاطفة، وقع بصره على بعض النملات الشاردة الّتي كانت قد تاهت عن القافلة، فتوغّلَت في أرض المطبخ تسير على غير هدىً. صفّر جاري، ثمَّ أردف قائلاً:
لقد انتقل النمل إلى مطبخكَ أيضاً.
من أين انتقل؟
يبدو انّه انتقل من مطبخي إلى مطبخكَ، وسينتشر في الشقّة كلّها.
وما هو الحلّ برأيكَ؟
بسيطة، إتّصل على الرقم كذا ... وهم مسؤولون عن القضاء على النمل. وزوَّدني فعلاً بالرقم والعنوان. تمتمتُ لنفسي، لا بأس اليوم وغداً عطلة .. اتّصلتُ صبيحة يوم الأثنين مع الجهة المسؤولة عن القضاء على النمل، فردَّت عليّ أنثى، من صوتها تشعر أنَّها طريّة الجسد والروح! .. قلت لها: هناك موضوع يتعَلَّق بالنمل أريد أن أناقشه معكِ .. فقاطعتني قائلةً: أيوه، اعطني العنوان. فقلت لها: عفواً لم أشرح لكِ الموضوع بعد. فقالت: يوجد عندك نمل في المنـزل وتريد القضاء عليه، أليسَ كذلك؟ .. فقلت: أيوه، ولكن ... إذاً اعطني العنوان. زوَّدتها بالعنوان ورقم الهاتف، ثمَّ قالت: غداً في تمام الساعة الثانية بعد الظهر، سيأتي شخص لمعالجة هذا الأمر، والقضاءِ على النمل. وقبل أن أنتهي من مكالمتي معها، سألتها: هل من الممكن أن أسألكِ سؤالاً أخيراً .. فقالت تفضَّلْ!
على حدِّ علمي أنَّ السويد تدافع عن الكائنات الحيّة غير الضارَة، والنمل بالنسبة لي كائنات غير ضارّة، مقارنةً بالعقارب والأفاعي .. حتّى أنَّ بعض البشر مضرّين لبعضهم بعضاً أكثر من ضرر النمل، هذا إذا كان للنمل ضرراً .. فهل من الممكن أن أترك النمل تسرح في شقَّتي، شريطة أن يكون إنتشارها فقط في المطبخ؟!
أجابت بنبرة ضاحكة: ولماذا تريد الإحتفاظ بالنمل في مطبخكَ؟
لأنَّ وجود النمل في المطبخ، يذكِّرني بمطبخي في بيتي العتيق، الكائن في بلدتي الّتي عشت فيها!
ضحكَتْ بصوتٍ عالٍ ثمَّ تساءَلَتْ باندهاش: أَولهذا تريد الاحتفاظ بالنمل في مطبخكَ؟
أيوه، وما الغرابة في ذلك؟
أنّ مجرّد وجود النمل في الغرفة، شيء غير مريح ثمَّ أنَّه يدخل في الطعام ويلوِّثه، لهذا فمن الغرابة أن يراودكَ الاحتفاظ بالنمل في منـزلكَ.
موضوع الطعام مسألة محلولة، لأنَّني سأضع طعامي في البرّاد، وسأتركُ لهم حصَّتهم في إحدى زوايا المطبخ.
عندما سمعَت جوابي، ضحكت ضحكة صاخبة وقالت بنبرة إيقاعيّة ضاحكة، ولماذا اتَّصلتَ معنا إذاً؟
اتَّصلت معكِ بخصوص النمل، ولكنَّكِ أنتِ مباشرةً عالجتِ المسألة كما تحلو لكِ؟
نحن نعلم سلفاً لمجرَّد وجود نمل في شقّة، يعني القضاء عليها.
أعودُ مؤكِّداً على سؤالي، هل بإمكانكم حصر النمل بطريقةٍ أو بأخرى بحيث يكون انتشارها فقط في المطبخ؟
ولماذا تريدها منتشرة في المطبخ؟
لا أريدها أن تدخل في غرفة نومي ولا غرفة الاستقبال، لأنَّني لا أرتاح لوجودها إلا في المطبخ .. هكذا تعوَّدتُ، أُفّ، هل أنتِ أخت مراقي*؟
ضحكَتْ مرَّةً أخرى ثمَّ قالت: نحن ليس لدينا حلّ سوى القضاء عليها، وأمّا موضوع أن نتركها تنتشر فقط في المطبخ، فهذا ما لا نستطيع عليه.
طيّب هل لديكِ حلّ لاقتراحي؟
بالحقيقة لا يوجد لديّ أي حلّ لاقتراحكَ، لكن ..وانتابتها نوبة ضحك، ثمَّ أردفتْ تقولُ: برأيي أفضل حلّ لهكذا أمر هو الاتِّفاق مع النمل!
الاتِّفاق مع النمل! .. كيف سأتَّفق مع النمل؟
هذا يتوقَّف على شطارتِكَ.
على شطارتي.
نعم على شطارتِكَ.
انتابتني موجة ضحك ثمَّ تعالى الضحك من الجانبِ الآخر أيضاً!

ستوكهولم:آب1997

صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
..................................................
*مَرَاقي: كلمة عامّية تعني مزاجي.



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 399 ـ 400
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 397 ـ 398
- من سماء ستوكهولم إلى الصديق سهيل إيلو ـ هولندة
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 395 ـ 396
- التواصل الفكري والإنساني معيار حضارة العصر
- يذكّرني -يوسف- ابن كابي القسّ بالخبز المقمّر
- حوار مخلخل الأجنحة
- لماذا لا يبني الإنسان علاقة نديّة مع العشب البرّي؟
- الكتابة هي صديقة حلمي المفتوح على وجنة الحياة
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 393 ـ 394
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 391 ـ 392
- تعقيب ملون بغربة لا تخطر على بال
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 389 ـ 390
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 387 ـ 388
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 385 ـ 386
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 383 ـ 384
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 381 ـ 382
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 379 ـ 380
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 377 ـ 378
- أنشودة الحياة ـ 4 ـ ص 375 ـ 376


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - النمل .................. قصّة قصيرة