أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - احمد سعد - حتى لو انفلق الكارهون!- زيّاد أهل للتكريم















المزيد.....

حتى لو انفلق الكارهون!- زيّاد أهل للتكريم


احمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 884 - 2004 / 7 / 4 - 06:27
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


شتان ما بين تقديس الشخصية وبين تقرير الدور التاريخي للشخصية او الفرد، وتكريم من هوأهل للتكريم. والشيء الوحيد الذي "نقدسه" في حزبنا الشيوعي الاسرائيلي ونحرص على صيانة جوهره ومدلوله هو منهجنا الثوري الطبقي، فكرنا الخلاق المستمد من نور مرجعية مبادئنا الايديولوجية الماركسية- اللينينية. فتقديس الشخصية كبديل للزوادة التي تتغذى وترضع من لبنها هذه الشخصية او تلك كانت الجرثومة السرطانية التي قاست من نتائجها المدمرة العديد من الاحزاب الشيوعية. تقديس الشخصية كانت القابلة التي ولدت المركزية البيروقراطية كبديل للمركزية الدمقراطية احدى السمات المميزة لبنية ونهج الاحزاب الشيوعية تنظيميا وسياسيا.

نحن نعتز بان في حزبنا الشيوعي بان "فيروس" تقديس الشخصية لم يصب مقتلا في دار عائلتنا الشيوعي، وعندما برزت ملامح هامشية "للبوسيزم" تصدينا لها ودفناها في مهدها في المؤتمر الثامن عشر للحزب. ما نعتز به في حزبنا الشيوعي انه خلال سنوات المعترك الكفاحي السياسي والاجتماعي والثقافي والنقابي برزت كوكبة من الشخصيات القيادية الشيوعية التي اكتسبت محبة وتقدير الجماهير لحكمتها وصلابة موقفها النضالي وصحة ترجمتها لسياسة ومواقف الحزب دفاعا عن قضايا الناس. وفقيد حزبنا وجماهير شعبنا توفيق زياد كان من الشخصيات البارزة في اطار هذه الكوكبة الشيوعية القيادية.

من ليس له ماض لا حاضر ولا مستقبل له، كما تقول المقوله المجبولة من زبدة التجارب المتراكمة. واي شعب او حزب لا يحيي ذكرى ويكرم من اسهموا بدور بارز في دفع مسيرته النضالية والحضارية وترجمة رسالة قضاياه السياسية والاجتماعية والثقافية فمعنى ذلك انه يتنازل عن جزء هام من تاريخه وعن الاهمية الكبيرة في استخلاص العبر الصحيحة من ذلك التاريخ تعينه على مواصلة المسيرة وشق درب التقدم الى امام. توفيق زياد الغائب عنا جسدا الاكثر حضورا في افئدة وعلى السن جماهير شعبنا الفلسطيني في مختلف اماكن تواجده، في اسرائيل والمناطق المحتلة ومختلف مواطن الشتات واللجوء الفلسطيني. "اناديكم، اشد على اياديكم، ابوس الارض تحت نعالكم واقول افديكم"، هذا الشعر الزيادي تحول الى شعار مشرع لصرخة التضامن الجماعية في كل مكان مع الكفاح العادل للشعب العربي الفلسطيني من اجل حقه في التخلص من براثن النكبة والمآسي والاحتلال الدموي ومعانقة حبال شمس الحرية باقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق لاجئيه بالعودة وفقا لقرارات الشرعية الدولية. هل يمكن للاجيال الصاعدة، لكل انسان متمسك بحرية رأيه وبقناعاته الفكرية والسياسية وبكرامته الانسانية ان لا يتعلم من توفيق زياد درس البطولة والشجاعة الثورية دفاعا عن الموقف والمبدأ وتحديا للظالمين المجرمين. ففي ايام الحكم العسكري البغيض الذي كان مفروضاً على جماهيرنا، وبالتحديد في العام الف وتسعمائة وخمسة وخمسين شنت حكومة القهر القومي والحكم العسكري حملة هستيرية تحريضية ضد الحزب والشيوعيين، وقامت باعتقال عدد من القادة والناشطين، وتوفيق زياد الشاب اليافع كان من بينهم. وفي تلك السنة كان الشيوعيون يقودون المعركة الجماهيرية السياسية ضد الهجمة السلطوية ومخططها العنصري لمصادرة اراضي قرى الشاغور في اطار برنامج "تهويد الجليل". كما شهدت تلك السنة مرحلة ارتفاع موجة حركة التحرر الوطني العربية وبروز نظام الرئيس الخالد جمال عبد الناصر كمعاد للاستعمار واحد الزعماء البارزين لمجموعة دول الحياد الايجابي و"عدم الانحياز" التي تحررت حديثا من قيود الاستعمار، نظام وثق علاقات الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية. سنة صعدت من خلالها الانظمة الامبريالية بالتنسيق مع حكومة اسرائيل من تحريضها وتآمرها على نظام عبد الناصر التقدمي والتي ادت في العام 1956 الى شن الحرب العدوانية البريطانية- الفرنسية- الاسرائيلية على مصر لاسقاط النظام المعادي للاستعمار.

في ظل هذه الاوضاع برز توفيق زياد ورفاقه مقاتلاً بشعره وبنشاطه السياسي الجماهيري في الناصرة وخارجها، وعندما اعتقل حاول افراد قوة القمع السلطوية في السجن كسر ارادة توفيق زياد عن طريق التعذيب العبهجي السادي، ربطوا ارجله وايديه بالسلاسل، صلبوه معلقاً "بالشقلوب" ارجله الى فوق وايديه الى تحت، ولم يخنع، وبشجاعته وجرأته المعهودتين تحدى المجرمين وبصق في وجوههم.

جماهيرنا لن تنسى ابدا وتقدر عالياً وقفة توفيق زياد عشية يوم الارض الخالد في العام 1976 المسنودة بقرار حزيه الشيوعي والممهورة بادراك حقيقة نبض الشارع الجماهيري. ففي اجتماع رؤساء السلطات المحلية عشية الاضراب، تحدى توفيق زياد الاغلبية الخنوعة من الممالئين للسلطة بين رؤساء السلطات المحلية واعلن بصوته الجهوري الشجاع "الشعب قرر الاضراب في الثلاثين من اذار، وهذا هو القرار النهائي". ففي حينه ادرك الحزب الشيوعي وتوفيق زياد المسؤولية التاريخية في مواجهة مخطط السلطة لمصادرة "اراضي المل" او "المنطقة العسكرية 9" التابعة لملكية اهالي مثلث البطوف- سخنين وعرابة ودير حنا- الذي يستهدف ليس فقط نهب اراضي فلاحي القرى الثلاث بل كذلك وبالاساس وضع علامة سؤال حول وجود وحق الجماهير العربية في الوطن وعلى ارض هذا الوطن، وضع علامة سؤال حول حقها بالمساواة القومية وفي المواطنة الكاملة والتي تشكل ملكية الارض بندا اساسيا ومركبا اساسييا في هوية كل منهما.

عتبنا في هذه المناسبة على من يحاول من منطلق ذاتي صرف، ولغاية في نفس يعقوب، وابعد ما يكون عن الموضوعية والنقاش الموضوعي، ان يمس الحزب الشيوعي من خلال "قرصة" مبنية على رمال متحركة ومدعومة باتهام باطل حول تقديس شخصية توفيق زياد. ونحن نعتز بان كوادر الحزب والاصدقاء والجماهير الشعبية الواسعة والاجيال الصاعدة تقدر الدور التاريخي النضالي المشرف للقادة الشيوعيين، لخالدي الذكر د. اميل توما وتوفيق زياد وصليبا خميس وماير فلنر وسليم القاسم وفؤاد خوري وجمال موسى والقائمة طويلة جدا جدا. لم يصدر اي قرار املائي من فوق، لا من المكتب السياسي ولا من اللجنة المركزية للحزب، بل بمبادرات من التنظيمات القاعدية، الحزبية والشبيبية، وانطلاقا من الحب والتقدير اطلقوا على نادي سخنين اسم اميل توما وعلى نادي الحزب في مجد الكروم اسم توفيق زياد وعلى نادي يافة الناصرة اسم فؤاد خوري وعلى النادي الثقافي في ابو سنان اسم خليل خوري (ابو سخي) وتنظيم المخيمات الصيفية الشبابية تحت اسماء اعلام وقادة الحزب. فهل هذا تقديس شخصية يا هذا وذاك؟

للاسف هناك ظاهرة غير بريئة بالمرة يتبناها بعض من يدعون انهم بالرغم من عدم كونهم اعضاء بالحزب والجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة فانهم حريصون على الحزب والجبهة. "وقلبهم مقطوع" على مصيرهما، ولهذا يوجهون الانتقادات "ويناقشون" الحزب والجبهة لو كان الامر توجيه انتقادات ومناقشة امور تتعلق بمواقف الحزب والجبهة الفكرية والسياسية، بمنهجهما ونهجهما الممارسين لرحبنا بذلك وشجعنا ذلك، فالنقاش والحوار المبني على قواعد الموضوعية والاحترام المتبادل والصدق صحي جدا ويثري مواقف المتناقشين، ولكن ان ينحدر التوجه الى التجريح الشخصي والشوشرة وتوجيه السهام الذاتية وبغير حق الى قادة في الحزب الى ماير فلنر وتوفيق زياد وغيرهما، والى المقلته ونشر بذور التشكيك حول وحدة الحزب والجبهة "واعتماد مصادر موثوقة" فهذا ليس نقاشا ولا حوارا يا محترمين. الحزب ليس بحلقة ظلامية مغلقة. لسنا حلقة دراويش او جماعة لصاحب هذا الدكان او ذاك، نحن حزب دمقراطي تسوده الحرية التامة في ابداء الرأي، ومن الطبيعي جدا في ظروف المستجدات والمتغيرات عالميا ومنطقيا ومحليا وفي الخارطة السياسية الاسرائيلية ان يكون نقاش داخل الحزب والجبهة حول التقسيم وحول كيفية مواجهة المستجدات والتحديات ومن منطلق خدمة مصلحة الحزب والجبهة والقضايا التي يناضلون من اجلها. وهذا النقاش شرعي جدا، خاصة وانه مبني على بلورة رؤى لمواجهة متطلبات الحاضر والمستقبل. نقاش يحسم في نهاية المطاف بالاقناع بالحسم الدمقراطي. فالحزب بمجمله والجبهة بمجملها ملك جميع منتسبيها وليسا ابدا ملك جماعة فلان او جماعة علان.
نأمل من عشاق المقلتة والثرثرة والتشكيك ان يكفوا عن هذا النهج الذي لا يخدم ابدا خاصة في هذه الظروف المصيرية التي نمر بها جميعا، المصلحة الوطنية الحقيقية ولا مصلحة القضايا التي نناضل جميعا من اجلها.

واخيرا نعتبر ان تكريم واحياء ذكرى قادة واعلام بارزين ان كانوا سياسيين او ادباء او رجال فكر او فنانين وغيرهم تعتبر ظاهرة حضارية انسانية من الدرجة الاولى. وكم هي مباركة الظاهرة الجديدة نسبيا بتكريم من يستحقون التكريم وهم احياء وليس الانتظار الى ما بعد رحيلهم. وتوفيق زياد الذي كرمه حزبه في الاسبوع الماضي بندوة سياسية فكرية ويجري تكريمه بندوات في رام الله وغيرها، وغدا السبت تكرمه المؤسسة التي تحمل اسمه في الناصرة باحتفال مهيب، توفيق زياد أهل للتكريم حتى لو انفلق الكارهون.



#احمد_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطورات المأساوية على ساحة الصراع الأسرائيلي – الفلسطيني
- القاضية دوريت بينيش تفضح عرض وعار تحالف -الشاباك- والحكومة
- المدلولات الكارثية للسياسة الليبرالية الجديدة
- تطوير الترسانة العسكرية الاسرائيلية في ارجوحة المخطط الاسترا ...
- المدلولات الحقيقية لنتائج انتخابات برلمان الاتحاد الاوروبي
- وتبقى القضية في جوهرها ومدلولها سياسية اولا وليست أمنيّة يا ...
- وتبقى القضية في جوهرها ومدلولها سياسية اولا وليست أمنيّة يا ...
- خطة (لفك الارتباط) بدون أي فك للرباط!
- في الذكرى السنوية الـ- 37 للحرب والاحتلال: لن يكون (شرق أوسط ...
- ماذا كنتَ ستقول يا ماير فلنر؟
- كان ماير فلنر أمميًا حقيقيًا وشيوعيًا مبدئيًا
- تقرير منظمة العفو الدولية: ادانة صارخة لجرائم الحرب في المنا ...
- مؤتمر القمة العربية في تونس: لا خروج من دائرة الرقص الموضعي ...
- الاتحاد- المرجع والمرجعية لمسيرة التاريخ الكفاحي لجماهيرنا
- التصريحات الامريكية المتناقضة في أرجوحة الازمة والتورط في او ...
- خطة الميني الشارونية- وتأتأة -الكوارتيت- وآفاق الصراع
- على ضوء نتائج هزيمة شارون:ما هي المدلولات السياسية لنتائج ال ...
- المدلولات الحقيقية للاستفتاء على خطة فك الارتباط الشارونية ب ...
- من يطالب الحزب الشيوعي (ضمنًا) التخلي عن هدفه الاستراتيجي ال ...
- في الذكرى السادسة والخمسين لاستقلال اسرائيل: الاستقلال الحقي ...


المزيد.....




- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - احمد سعد - حتى لو انفلق الكارهون!- زيّاد أهل للتكريم