أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - صـديـق إسـرائيـل يحـاكـم صـدام حســين















المزيد.....

صـديـق إسـرائيـل يحـاكـم صـدام حســين


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 884 - 2004 / 7 / 4 - 06:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الف باء العدالة هو انه ما من أحد فوق القانون ، وما من أحد محصن ضد المساءلة والمحاكمة والحساب .. ومن الناحية النظرية المجردة فان هذه القاعدة يجب ان تنطبق على البشر كافة دون تمييز بين غنى او فقير ، وزير او خفير ، ابيض او اسود ، رجل او امرأة ، حاكم او محكوم .
ومن هذه الزاوية – النظرية والبديهية – لا يجب ان تكون محاكمة الرئيس العراقى صدام حسين مثيرة للدهشة او التساؤل .
بيد ان الملابسات التى تجرى فى ظلها هذه المحاكمة تطرح بالفعل تساؤلات عديدة .. تنطلق كلها من سؤال رئيسى هو : من يحاكم من ؟
ان صدام حسين تجرى محاكمته بتهمة ارتكاب " جرائم ضد الإنسانية " هى استخدام الغازات السامة ضد الأكراد ، وقمع التمرد الشيعى ، والمقابر الجماعية ، والحرب ضد ايران ، وغزو الكويت ، وقتل رجال دين شيعة ، وقتل عشيرة بارزانى .
وبافتراض ان الرئيس العراقى متورط فى هذه الجرائم ، ومدان بارتكابها فعلاً ، فانه لا يجب ان يكون فى قفص الاتهام وحده ، بل يجب ان يكون الذين يحاكمونه مصفدين معه بنفس الأغلال .
وأول هؤلاء هو الرئيس الامريكي جورج بوش الذى شن حرباً عدوانية على العراق ضارباً عرض الحائط برأى المجتمع الدولى والرأى العام العالمى ، والذى ثبت بما لا يدع مجالا للشك انه ضلل شعبه وكذب على الرأى العام العالمى وقدم لهما تقارير كاذبة لتبرير هذه الحرب الإمبريالية. واذا كان صدام حسين متهم بمسئوليته عن مقابر جماعية فان بوش مسئول عن مقابر جماعية لا تقل بشاعة فى الفلوجة وغيرها . وإذا كان صدام حسين متهم باستخدام غازات سامة ضد الاكراد فان بوش مسئول عن استخدام أسلحة محظورة ، ليس اقلها خطراً اليورانيوم المنضب ، ضد الشعب العراقى بأسره . وإذا كان صدام حسين متهم بقمع " انتفاضة" شيعية فان بوش ضبط متلبسا بانتهاك حرمة العتبات المقدسة فى كربلاء والنجف والكوفة والبطش الوحشى بالشيعة الذين ساروا خلف رايات مقتدى الصدر . وإذا كان صدام حسين متهم بالتنكيل بخصومه السياسيين فان بوش ضبط بالجرم المشهود فى سجن ابو غريب وغيره من المعتقلات التى امتدت فى كل أرجاء بلاد الرافدين ، وروعت الجرائم التى ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكية داخلها ضمير البشرية بأسرها بعد تسرب بعض صور هذه الفظائع البربرية.
وإذا كان صدام حسين متهم بشن الحرب على ايران فان قادة الإدارات الأمريكية السابقة ، ووزير الدفاع الحالى دونالد رامسفيلد شخصياً ، كانوا هم المشجعين للنظام العراقى على المضي قدما فى هذه الحرب وتزويده بالأسلحة وصور الأقمار الصناعية وغيرها من صور الدعم العسكري والسياسي .
واذا كان صدام حسين متهم بغزو الكويت فان السفيرة الامريكية " ابريل جلاسبى" هى التى أعطت الضوء الأخضر للعراقيين باجتياح الكويت ، وعندما وقعت الفاس فى الرأس كان الأمريكيون أيضا هم الذين مارسوا أقصى الضغوط لقطع الطريق على حل عربى كان ممكنا ووشيكا لهذا الصراع المفتعل الذى توحى مؤشرات كثيرة بانه كان وليد مؤامرة أمريكية فى المقام الأول وغباء سياسى عراقى فى المقام الثانى .
وإذن فإنه مامن تهمة لصدام حسين ..الا ونجدها دامغة لبوش ( وذيله البريطاني تونى بلير ) مضافاً اليها الجريمة الأكبر .. نعنى جريمة الاحتلال لدولة تفصلها عنها بحار ومحيطات وآلاف الأميال ، بكل ما ينطوى عليه هذا الاحتلال الاستعمارى من جرائم فرعية سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى بيئية .
ويشارك بوش فى معظم هذه الاتهامات كثير من " المسئولين " العراقيين الحاليين ، وفى مقدمتهم رئيس الحكومة اياد علاوى الذى اعترف بعظمة لسانه انه عميل للمخابرات المركزية الأمريكية ، وانه قام بالتنسيق مع هذه المخابرات الأجنبية بتدبير عمليات تفجير لمواقع مدنية، أتوبيسات عامة ودور سينما وتجمعات شعبية ومدارس ، داخل العراق ، فضلا عن تواطئه مع الاحتلال الامريكي لبلاده والمشاركة فى جرائمه والتستر على انتهاكات شتى قام بها لحقوق الإنسان العراقى .
هؤلاء .. تقتضى ابسط مبادئ العدالة .. ان يكونوا الى جانب الرئيس العراقى صدام حسين فى قفص الاتهام .. لا ان يكونوا قضاته وجلاديه فهم ليسوا افضل منه بأى حال من الأحوال ، بل هم بالقطع أسوا بكثير واكثر دموية ووحشية رغم تشدقهم بشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان .
والدليل على انهم أسوا من صدام حسين اختيارهم "المقصود" لهيئة المحكمة التى يمثل أمامها الرئيس العراقى .
فمن المعروف ان رئيس هيئة المحكمة هو سالم الجلبى . وكما هو واضح من اسمه فانه يمت بصلة قربى وثيقة باحمد الجلبى عضو مجلس الحكم العراقى الذى جاء الى العراق على الدبابات الامريكية بعد رحلة " عمالة " طويلة لمعظم أجهزة المخابرات الاجنبية ، وبالذات الأمريكية ، فضلا عن ارتباطه الوثيق بالبنتاجون وصقوره العنصريين المعادين لكل ما هو عربى .. وبالطبع فان قرابة " سالم " بـ " احمد" ليست تهمة او جريمة فى الأحوال العادية والطبيعية . لكنها كذلك فى ظروف احتلال العراق على أيدي الأمريكان بالتواطؤ مع نوعيات من أمثال الجلبى سواء كان هذا الجلبى من نوع احمد او من صنف سالم .
فمن خلال العلاقة بين الاثنين ، وباستثمار موقع " احمد " فى مجلس الحكم وعلاقته الخاصة مع أسياده الأمريكيين – قبل تعكر صفوها – أنشأ سالم الجلبى " المجموعة الحقوقية العراقية الدولية " التى قالت عن نفسها فى مطبوعاتها الدعائية انها "ممر المحترفين الى العراق الجديد" وانها تلعب دوراً رائداً فى اجتذاب الاستثمارات الخاصة والاجنبية الى العراق " وتذليل العقبات امامها والقيام نيابة عنها بكافة الاتصالات اللازمة مع السلطات المعنية والحصول على موافقاتها وتراخيصها .
وليس الخطير فى هذه " المجموعة الحقوقية " قيامها بأعمال السمسرة والوساطة والتسهيلات بالمحسوبية واستغلال النفوذ وعلاقة القربى باحمد الجلبى وسلطات الاحتلال ، وما ينطوى عليه ذلك من فساد .
الأخطر من ذلك هو ان سالم الجلبى لم يجد شريكاً له فى أعماله الطفيلية سوى شخص يدعى " مارك زيل " .
وهذا هو مربط الفرس . فهذا الشريك المدعو " مارك زيل " – كما تقول جريدة " الحياة " ومصادر اخرى عربية وأجنبية عديدة – إسرائيلي ، وليس إسرائيلياً "عاديا" بل اسرائيلى متطرف ، عضو فى حركة " جوش امونيم " الاستيطانية. وكان " زيل " شريكا أيضا لاحد صقور الإدارة الأمريكية المعروفين بـ " المحافظين الجدد " ، هو دوجلاس فيث مساعد وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد ، فى شركة محاماة أمريكية إسرائيلية تعمل فى واشنطن وتل ابيب تدعى FANDZ ، تأسست بعد قرار " فيث " ترك عمله الحكومى ليكون " عميلا أجنبياً " يمثل مصالح إسرائيلية وتركية فى الولايات المتحدة . وتقول نفس المصادر ان "فيث" من مؤيدى حزب " الليكود" الاسرائيلى ، وكان ممن عملوا لاقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو بالتخلص من اتفاق اوسلو الذى وقعه الجانبان الفلسطينى والإسرائيلي عام 1993 .
من جانب اخر سارع الاسرائيلى " زيل " – بعد مشاركة سالم الجلبى – الى تأسيس فرع لشركة "جولد برج اند كو" الإسرائيلية فى الولايات المتحدة والتى تعمل – حسب ما تقوله "الحياة" – فى "مساعدة شركات أمريكية فى علاقاتها مع الحكومة الأمريكية – فيما يتعلق بمشاريع إعادة الاعمار فى العراق" . ونجحت بالفعل فى تسليم شركات أمريكية عقوداً بمئات الملايين من الدولارات ولاتزال هذه الشركة تستخدم موقعاً لشركة Fands التابعة لـ "فيث" .
وهكذا تكتمل الدائرة التى يصفها جوزف سماحة فى صحيفة " السفير " على النحو التالى : الثنائى سالم الجلبى ومارك زيل ( الاسرائيلى ) يؤسسان شركة تساهم فى بيع العراق لانهما يمسكان بطرفى المعادلة : دوجلاس فيث ( الامريكي) هو الذى يفرج عن الأموال فى البنتاجون واحمد الجلبى هو الذى يوزع المناقصات فى بغداد . ليس غريباً والحالة هذه ان تزدهر الأعمال وتتدفق الأموال وان يطلق على هذا الفساد المنقطع النظير اسم : انتصار اقتصاد السوق .
سالم الجلبى هو نتاج لهذا الزواج " الرائع " بين ذروة التفاهة الرأسمالية وذروة الخيانة الوطنية.
ويتساءل جوزف سماحة – فى ضوء هذا الفساد السياسى والاقتصادى – بحق : أبمثل هذا القاضى يحاكم صدام حسين ؟
وإجابتي على السؤال ان اختيار سالم الجلبى مقصود وليس صدفة او نتاج جهل او نقص معلومات عن ابن أخت احمد الجلبى .
هو بالأحرى اختيار له دلالته .. فهو قمة الإذلال والإهانة لكل العرب اذ تقول لهم واشنطن بصريح العبارة : من الآن فصاعداً تكون الكلمة النافذة والقول الفصل لشركاء إسرائيل، وسيكون قاضى القضاة عميلاً للدولة اليهودية ومتعاملاً مع اكثر الإسرائيليين تطرفاً . وهذا "القاضى" الذى باع ضميره لواشنطن وأودع أمواله فى تل ابيب هو الذى سيصدر الحكم على اكبر رأس فيكم .. اليوم وغداً !
فهل نعى الدرس ونستخلص العبر المفيدة ونكف عن الكلام الفارغ الذى يترك " الحمار" ويتشطر على " البردعة " .. ام نستمر فى الثرثرة الخائبة ونسير فى الزفة الكذابة ونهتف فى محكمة الجلبى : يحيا العدل .. الأمريكي والإسرائيلي ؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا هذا التلذذ بحبس الصحفيين؟!
- الـــوفــــد
- الصحفيون ليسوا قضاة.. لكن الوزراء ليسوا آلهة
- !استئصال الناصريين
- العرب مذلون مهانون فى قمة الثمانية الكبار
- مكسيم رودنسون .. مفكر وضع أصبعه فى عين - حكيم أوروبا -
- شاهد عيان فى عنبر المعتقل وبلاط صاحبة الجلالة - شهادة مقدمة ...
- لماذا أصبحت الطبقة السياسية سميكة الجلد؟!
- خصخصة حق تقرير المصير.. هى الحل
- مهرجان »كان« السينمائي أهم من قمة تونس العربية
- يحيا العدل.. الأمريكي !
- اكبــر ديمقـراطيـة .. فى بـــلاد تركب الأفيــال
- الغضب .. أفيون العرب!
- جــريمـــــة الـقــــرن الحــــادي والعشـــــــرين
- الــــــورطــــــــــة !
- - وعد بوش - .. لاقامة إسرائيل الكبرى
- حكاية سيدة محترمة اسمها - ميريام - اطلبوا الإصلاح .. ولو من ...
- بعد أن تحول العراق من »وطن« إلي »كعكة« سباق دولي وعربي محموم ...
- رسالة مفتوحة الى أصحاب الجلالة والفخامة والسموالبقية فى حيات ...
- بين -الدير- و-الشيخ- .. -ياسين- يدفع فاتورة الاستشهاد جرائم ...


المزيد.....




- روسيا تبدأ محاكمة الصحفي إيفان غيرشكوفيتش بتهمة التجسس والول ...
- نائب مصري يهاجم مدبولي: هل يعلم أن قرار إغلاق المحال سبب مزي ...
- مدفيديف: القانون الدولي يجب أن يعكس توازن مصالح كافة الدول
- أولمرت يتهم نتنياهو بالخيانة
- إردوغان يتهم نتانياهو بالتخطيط لـ -كارثة- في لبنان
- لماذا فرضت المحكمة العليا الإسرائيلية على الحريديم الخدمة ال ...
- تواصل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة، وكتيبة جنين في الضفة ...
- واشنطن تواصل ضغوطها على إسرائيل لتجنب حرب مع حزب الله
- زيلينسكي يصادق على استحداث -قوات المسيّرات- في جيشه
- الاستخبارات التركية تعلن تحييد قيادي في -العمال الكردستاني- ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - صـديـق إسـرائيـل يحـاكـم صـدام حســين