|
لم تترسخ المهنية في عقليتنا و عملنا بعد
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2906 - 2010 / 2 / 3 - 23:37
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
اننا نتكلم عن الشرق الاوسط و العالم العربي بالذات، و ما يتصف به من السمات المميزة، و فيه ما يمكن ان يكون عائقا امام العديد من المفاهيم الايجابية الواجبة ترسيخها في الحياة العامة و المتمثلة بالمهنية و الاستقلالية في العمل ،و المساواة في العمل و التعامل و عدم التمييز بين افراد الشعب و اداء الواجب المهني بضمير و عقلية متفتحة تقدمية مخلصة و محبة لاهداف العمل المعني المراد انجازه و بروح و افعال مهنية الدافع، كل هذا على سبيل المثال لا الحصر، و هذا ما يحتاج الى توفير العوامل المساعدة للنجاح و الاتقان في العمل مما يوفر الظروف العامة المساعدة لغزارة الانتاج و صحة العمل و دقته في النتيجة و المحصلة النهائية . لو نظرنا الى الواقع المهني العام في هذه البلدان التي نعيش فيها ، نتلمس المؤثرات العديدة على اداء العمل و بالاخص الظروف الاجتماعية و ما تحويها من العلاقات العامة و تدخلاتها في مسيرة العمل و اية مهنة كانت ، مما تعيق في عملية اداء الواجبات و صحته و على النتاج العام ايضا. اما من جانب اخر، فان عقلية و فكر و ثقافة و نظرة العامل المعني و المهني بشكل عام الى مهنته و مستوى وعيه و ايمانه بالعمل و قدسيته و مدى تاثره بالعوائق الاجتماعية و كيفية تعامله مع الواقع، اضافة الى ما يحملها من العقلية و المهنية في التفكير و الاعتقاد و القدرة على ادارة و اداء المهام التي تقع على عاتقه بعيدا عن الانحرافات ، هو الذي يحد مستوى المهنية التي يؤمن به و يعمل عليه. لذا، يمكن ان نبين ان هناك من العوامل الذاتية النابعة من نفس المختص في مهنة ما و عمله و العلاقات التي تربط تلك العوامل مع الظروف الموضوعية العامة المؤثرة فيه ، فان نتيجة المعادلة تكون سلبية و تعيق المهنية لابعد الحدود في ظروف معلومة كما نعيشها نحن في المنطقة عموما. و ربما نجد نحن نسبة معينة ممن يتعمق في كيفية الاداء المناسب لعمله و مهنتهو بشكل نسبي تقريبا، و يُنظر اليه على انه المثالي و في اكثر الاحوال بعين الازدراء و التذمر و التحقير و الاساءة، ان لم يتعامل بما هو السائد و المتعارف عليه اجتماعيا. و اكثر الاسباب التي تحدد مستوى المهنية في العمل و الاداء هو مستوى الوعي العام و الثقافة المهنية و عقلية الفرد و تربيته و ظروف المجتمع و افرازاته . نجد في اكثر البلدان في منطقتنا بالذات، ان هناك ضعف في الاحساس بالمسؤولية تجاه الواجبات العامة و الصغيرة منها اتيضا ،و هناك اهتمام باشياء في غير محله و تعتبر من الثانويات في الدول المتقدمة كالمجاملة و التلاعب بالوقت و اهماله، و الاهمال في تطبيق الارشادات و التعليمات لاسباب اجتماعية او ثقافية او اقتصادية، و يدخل هنا الفساد و ما مرتبط به كعامل سلبي و معوق كبير الذي يصيب هذا الطيف غير المؤمن بالمسؤولية و المهنية في العمل و الاعتقاد،مما يزيد من التعقيد في اداء العمل و هذا ما يسبب التخلف بعد ازدياد الروتينيات و ما تقتله هذه الافة من الوقت و الامكانية و القدرة لدى الدولة و الفرد . كلما كانت نسبة المهنية في العمل و العقلية و تفكير المعنيين قليلة و منخفضة كان الاقتصاد و الظروف المعيشية العامة للمجتمعمنخفضة و اكثر تاثرا، و هناك من العوامل الرئيسية التي تمس هذا المفهوم ، منها الظروف الاقتصادية للبلد و الفرد و دور الاعلام و كيفية طرح المواضيع و الخطط و ايجاد العلاج للخلل المستديم في هذا الجانب ، و دور التعليم في تصحيح المسار و صياغة الخطط و التاثير على عقلية الفرد و دور المؤسسات و اهمها التربية و التعليم في تجسيد الفكر و العقلية المهنية لدى الاجيال و الاستناد عليهم في الانتقال الى المراحل الاخرى في انتاج العقلية و التغيير في النوع و الكم في كافة المجالات . هناك امراض اجتماعية و عادات و تقاليد بالية، و صفات فردية و شعبية لا تنسجم مع المراحل المتنقلة و المستجدات ، و لكنها ترسخت و تحتاج لجهد من اجل اقلاعها من العقلية الاجتماعية للمجتمع و منها علاج نسبة الامية و التخلف الناجم عنها و التناقضات الموجودة في النظر الى الحياة و ما فيها لدى المجتمع . و لذلك نرى ان الصفات الفردية و منها غريزية كالنرجسية و الانانية و حب الذات و الطمع و التملك و الاحتكار منتشرة في مجتمعاتنا ، ناهيك عن عدم احترام القانون من قبل الفرد، و كل ذلك له الدور الهام في تعامل اي فرد مع مهنته او مع غيره و ما يفرزه من التاثيرات السلبية على الاداء العام. و بالتالي، سيفرض الخلل في الاداء و عدم المتابعة التوجه الى الطرق الملتوية كضرورة للحصول على النتيجة المؤملة من قبل العقلية غير المهنية، و اخف هذه الطرق هو التوسط او المحاباة او التقدير و الاعتماد على المحسوبية و المنسوبية ، اي( الواسطة) بجميع اشكالها . لتصحيح المسار و الاداء المناسب التقدمي العصري و نشر التقدمية و النجاح، و لبدا الخطوة الاولى في الاتجاه الصحيح، يجب ان يشترك الجميع في هذه العملية المعقدة، الفرد و العائلة و المجتمع و المؤسسات المدنية و المهنية و الديموقراطية و الجماهيرية و الحكومة و التربية و التعليم ، لرفع مستوى الوعي و الثقافة العامة و المهنية وازالة العوائق الاجتماعية و اجتناب بعض العادات بداية و مسحها مع التقدم و التطورو من تلقاء ذاتها . في حينه يمكن ان نحس بازدياد و توسع الفكر و الروحية و العقلية المطلوبة مما يسهل توفير المهنية في اي اختصاص كان لدى الفرد الملم بالشؤون العامة و الخاصة، و تسير الامور حسب المطلوب بشفافية و تكون الثمار عالية الجودة كما هو الحال في الدول المتقدمة، و هذا ما يحتاج الى خبرات وعمل دؤوب مستمر من جميع الجوانب في بلداننا و الاهتمام برسم المستقبل بخطط علمية دقيقة متعددة الاشكال و الاتجاهات. و اولى الخطوات في هذه الطريق تبدا من ابعاد الايديولوجيا و التحزب و السياسة التقليدية الضيقة و ما تضمنها عن المهن العامة و من عقلية من يديرون البلد، بحيث يقهم الجميع بان المهنة المستقلة و العمل في اطارها الخاص يكون بعيدا عن تدخلات الايديولوجيا و التحزب الضيق فيها، و الاختصار على اهداف العمل و الاختصاص فيه فقط، و يكون تحقيق هذا الهدف بعد الفصل الكامل للسلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية عن بعضها ، و عليه يجب العمل بعيدا عن ايدي الحزب و المصالح الخاصة و ابعادها عن الشؤون العامة او المهن العامة، و النظر الى جميع ابناء الشعب بعيون المواطنة و المساواة الحقيقية.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوضع النفسي العام للفرد العراقي و تداعياته في المرحلة الراه
...
-
نجاح العملية الديموقراطية مسؤولية الجميع في العراق
-
موقف المثقف من الاحداث و مدى تفاعله مع الواقع و ما فيه
-
دور الاخلاق في تجسيد السلوك السياسي
-
لا لعودة البعث مهما فرضت المصالح و السياسة العالمية
-
سبل الحد من التاثير السلبي على العملية السياسية باسم الاختلا
...
-
ديموقراطية العراق الجديد يضمنها تهميش اللاديموقراطيين
-
يتجسد الواقع الاجتماعي الجديد ما بين تغييرات الثقافة و السيا
...
-
الجوانب الايجابية و السلبية لقرارات هيئة المسائلة و العدالة
-
لماذا التوسل من ما سموها بقوى ( الاحتلال ) حتى الامس القريب
...
-
ازدواجية تعامل الجامعة العربية مع القضايا العامة
-
هل الخلافات بين القوى العراقية مبدئية ام مصلحية؟
-
كافة المؤسسات بحاجة دائمة الى الاصلاح و التغيير
-
هل من المعقول ان نحتفل بعيد الجيش في هذا اليوم
-
كيف يختار الناخب افضل مرشح في الانتخابات
-
ايران تغلي و ستكتمل الطبخة
-
المرحلة القادمة تقربنا خطوات من عملية قطع دابر الارهاب
-
استراتيجية عمل القوى السياسية في مجلس النواب القادم
-
تكمن المشكلة في استقلالية العمل او عدمها
-
لمن يصوت الكادح في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|