|
المدمن في الصورة السينمائية
سلام جبار
الحوار المتمدن-العدد: 2906 - 2010 / 2 / 3 - 22:07
المحور:
الادب والفن
الادمان سواء تم تعريفه على انه خلل في السلوك البشري يقترب من طبيعته الى الجرم, او تمت الاشارة اليه كونه مرض يحتاج الى التعاطف والعلاج,فانه قد استهوى في موضوعه صانعي ومنتجي الافلام والسينما وبرزت مواضيع الادمان اساسية ومساعدة في الادوار الفنية. لقد استندت تلك الادوار الى صورة ذهنية تناقلها المشاهد على انها صورة لفنان يفترش الارصفة ويلتحف اوراق الكارتون ظامر العينين منحني الراس وهو غالبا اقرب الى الملهاة في ضهوره باعث على السخرية والضحك. واذا ما تجنبنا الحديث عن القيم الفنية التي تتمتع بها تلك الافلام والمردودات التجارية المتحققة منها ومدى ازدحام شبابيك تذاكرها, فان تناول تلك الافلام لموضوع الادمان والمدمن كان موضع انتقاد اجتماعي سلوكي وصحي .فقد انتقد المجتمع الصورة النمطية للمدمن فهو دائما في الشارع الى جانب اقرب مكان مهملات وسط بيته الكارتوني وهو بضاهره المحني وشعره الذي يغطي نصف وجهه يمثل الصور التي نمّطتها له الافلام اما غيرها من الصور الاخرى داخل المجتمع والاسر والدوائر فهي ليست مدمنة! او على الاقل فان ظاهرها يوحي بالادمان من النوع المندوب!! اي اننا وطبق الايحاء السينمائي لايمكننا الحكم على كل معتادي المواد المخدرة بالادمان ماداموا لايفترشون الكارتون. ايضا اعطت الافلام انطباع اللذة والاحاسيس الخفيفة عن عملية التناول للمخدرات وركزت في تصويرها للمقاطع على رغبة المدمن في الاحتفاض بذلك النوع من اللذة والمشاعرمن خلال تناول المخدرات.ثم اشارت في تصويرها الى الاستقرار النفسي الحاصل بعد عملية التناول.وهو ايحاء خطر جدا على المتلقي الذي يجب ان تتوازن لديه المشاعر المصورة في الاعمال السينمائية لكي تمنحه المقارنة بين اللذة المؤقتة والاحساس الموهوم بعد التناول وبين القلق والاكتئاب للمدمن والانفعالات الجنونية والتقوقع والفشل العقلي الذهني والبدني ومنها الجنسي.
لقد انتبهت موضوعات الافلام الى نهايات الادمان والمدمن. وكعادتها ارادت ان تعطيها نهايات سعيدة تعزز قصة الفلم, لكننا نرى بان اغلب الافلام ارتمت في احضان خطر ايحاء آخر من خلال تصويرها لعملية ترك الادمان وما يرافقها من عسر واستحالة نسبية عالية. فالمدمن الذي يحاول ان يبتعد ويترك عادة الادمان تراه في الفلم ممدد على سرير في غرفة نصف مضاءة اشبه بالسجن وهو مربوط الاطراف ويصرخ بصوت جنوني واغلب جمله الحوارية في السيناريو عبارة عن تمني الموت او الطلب من المحيطين به ان يقتلوه كي يجنبوه الالم وبعبارة اخري ان آلام الترك ليست اخف بحال من الاحوال من القتل او الانتحار.وهذا ما يشيع الياس ويفقد الامل للكثير من مشاهدي ومتاثري الفلم والقصة من الذين يعانون الادمان في كافة مراحله اذا مافكروا او قرروا الابتعاد عن الادمان والمواد المخدرة لانهم سوف يواجهون مصير صعب بل اصعب من الحالات التي يهربون بسببها الى المواد المخدرة وهو المصير الذي نمّطت صورته مقاطع ترك الادمان والمواد المخدرة في الافلام. ايضا لقد اخلّت الافلام تماما في مواضيع العلاج للادمان. واذا مااحسنّا الضن في عسارة ترك الادمان في السينما لكي لايحاول الفرد اللجوء الى المخدرات فاننا ناخذ على السينما عدم اخذها هي بسبل ووسائل العلاج الحديثة والتقنيات على مستوى النفسي والبدني. فقد يبدا ترك الادمان في الواقع الطبي في البيت نفسه بمضغ علكة او بزرق ابرة او تناول بعض الاعشاب التي تسير للبدن مايحتاجه من مواد مخدرة مع التخفيف من اضرار المواد الاساسية لحين ازالة السموم من بدن المدمن. اما الاطعمة ففيها نسبة عالية من المواد التي تعيد للبدن توازنه دون الحاجة الى صوّر ربط السرير والغرف المضلمة ونسب الانتحار العالية لان ذلك يعمد الى حرق اوراق الامل والياس الذي يدفع بالمدمن الى التطرف بالحالة. لقد اشار الاطباء والمتخصصين الى اسباب تعاطي المخدرات فكان من بينها غياب الاب الرمزي والمثل الاعلى والخيمة الروحية الممثلة للامان بالدرجة الاولى ايضا كان التفكك الاسري وطلاق الوالدين او انحراف احدهما او كلاهما كذلك كان الثراء والغنى المصحوب بالفراغ النفسي والعاطفي سببا للادمان وكذلك اسباب اخرى تمثلت بالضغوط الاجتماعية والفوارق الطبقية. لقد تناولت السينما كل تلك الاسباب بشكل موفق وحرفي واجادت في طرح المسببات لكنها للاسف ايضا فقد وقعت في اتون الترويج والتبرير! فطلاق الابوين في السينما يكون مبرر للاولاد لتناول المخدر.والثراء اذا ماصاحبه فراغ فهو ارضية من وجهة نظر سينمائية لمحافل الادمان والتعاطي للمواد المخدرة.وهكذا الصراع الطبقي والضغط الاجتماعي وغيره. لقد قدمت السينما الصورة السلبية التي يمكن ان تكون عليها صورة المدمن وحذرت من المخاطرللمواد المخدرة. الا ان الايحاءات والخطاب اللاشعوري وقراءة مابين السطور كان قد وضع السينما وصانعيها موضع الشريك البعيد القريب في منظومة الخلل الاجتماعي .
#سلام_جبار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دراماتيكية عشتار
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|