علي عبد السادة
الحوار المتمدن-العدد: 2906 - 2010 / 2 / 3 - 22:07
المحور:
الادب والفن
لا مفر من ربط تحويل مسرح الرشيد الى قناة فضائية بهدم خان الباشا التراثي. هذان فعلان يكشفان حقيقة ما يقف وراء برنامج السلطة، على الاقل في ملفه الثقافي.
لا أعرف ما مشكلة المؤسسات الثقافية الرسمية مع "المكان"، أ ثمة "سلفية" في رؤيتها تجاه الارث الثقافي؟ أم انها تجهل الجدوى من وجدودها، ولا ترى نفعا من ادامتها والحفاظ عليها؟.
حين نقارن هذه المخاوف بتوجهات معلنة تستهدف التنمية الثقافية وتطوير البنى التحتية، لابد من السؤال: كيف تسنى لهذه الجهة او تلك تحويل ذاكرة المسرح العراقي الى قناة فضائية، لا تزال تجرب حظها عبر الاثير، ولا اظن ان مادتها وكل ما ستقدمه، يرقى، ولو بقليل، الى اجتراحات المسرحيين العراقيين على مرعقود. وكذا الحال مع خان الباشا؛ سيتحول الى "مول" - أو هكذا قيل - لن يكون مردوده يضاهي قيمة الخان الثقافية.
دون شك طي ايام مسرح الرشيد بقناة تلفزيونية، وهدم خان، يمثل احد وجوه بغداد العمرانية، لاجل مرفق تجاري، حدثان يُنذران بخطوات اكثر خطورة، اخشى ان تتحول الى هذه الافعال الى حملة منظمة لاخلاء تراثنا من مبرراته الثقافية؛ قد تتحول دور السينما البغدادية، لاحقا، الى مراكز تجارية او حتى الى بنايات حكومية، او انها تبقى على حالها الرث هذا، في افضل الاحوال. وقد تمتد معاول هدم الامكنة التراثية الى الخانات القديمة الاخرى، ولا يبعد خان مرجان الشهير عن الباشا سوى بضع امتار، ولا اظن ان شيئا سيمنع تلك الايادي من ان تمتد اليه، باسطةً ارضه.
ربما لا يتعلق الامر بقصور في الرؤية او جهل في المكان ذي القيمة الثقافية. اظن انه اجتهاد من اجل طمس الهوية وافراغها من مضومنها "الوطني" بقدر تعلق الامر بخصائص تلك الهوية.
الامر اكثر جسامة من كونه مجرد هدم مكان تراثي او تحويل مسرح الى مؤسسة اعلامية، اذ انه يطرح، مجددا، المخاوف من الطريقة التي يراد بها صياغة الهوية الثقافية المعاصرة، وستتضح اكثر، فيما لو ربطت باحداث ومنعطفات اخرى في الساحة الثقافية، الردة البربرية على عناصر اساسية في ذاكرتنا جميعا. اظننا في مواجهة غير متكافئة مع سلفيين جدد.
ويندرج كل ما قيل على انه نقد لنشاط المؤسسة الرسمية، لكنه، في ذات الوقت، اتهام لجمهرة من المثقفين الذين تماهى بعضهم مع نشاط من هذا النوع.
ترى هل ستقدم القناة الفضائية الجديدة، وهي تستقر في غير محلها، تقريرا صحفيا عن المسرح العراقي؟ عن ماذا ستتحدث؟ ولو سنحت الفرصة للقائمين على ملف الثقافة في هذه البلاد هل سيفتخرون بحماية موروث الحواضر العراقية؟
لا أظن ذلك.
#علي_عبد_السادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟