أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - الطيف : قصة قصيرة














المزيد.....


الطيف : قصة قصيرة


رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 883 - 2004 / 7 / 3 - 05:25
المحور: الادب والفن
    


الطيف
تقف على الشرفة، تومئ لي. تبتسم. قلبي يقفز. يخرج من جسدي، يصدح أغنية حب. تطير الأغنية، تحطّ على كتفها، تهمس في أذنها ألحاناً شفافة...‏
ما أجملها. هاهي ذي تضحك، ضحكاتها تنتشر كالشذا، توقظ طفولتي المنسية في مكان ما من ذاكرتي، يتقهقر الزمن، أغرق في صخب الألوان المرحة، نلعب نتبادل كلمات ولغة ليس لها قواميس وأحرف، ونمضي في رحلة استكشاف ممتعة دونما رقيب، ولا حدود، تتلاشى بيننا الحدود والفواصل والأسوار، نصنع معاً بيتاً وحديقة، ونرسم أشكالاً لا يفك رموزها سوانا.‏
إنها هي... مازلت أذكرها، تلك ملامحها، تفاصيلها، صوتها المتراقص، وجهها المتفتح كالوردة، هاهي ذي تقف على الشرفة، قريبة مني. لا يفصلني عنها سوى أمتار. إنها تلوح لي، تدعوني. كدتُ أنسى نفسي في غمرة النشوة، وأقفز إليها. لكني تذكرت، وقلت: ذلك مستحيل. ما العمل؟!‏
لوحت لها، رميت إليها بقبلة، فعلت كما فعلت، ناديتها، ونادتني باسمي. إذن عرفتني. لقد نطقت باسمي. أليس هذا برهاناً كافياً؟!‏
كانت المسافة الفاصلة بيننا قصيرة، لكن الهوة كبيرة، لو قفزت، وأخفقت فسوف أسقط من علو كبير، وسأتحطم حتماً، وأسبب لها الأسى والفجيعة، لا أريدها أن تذرف دمعة واحدة.‏
المهم أننا التقينا، شاهد كلّ منا الآخر، بعد غياب مديد، غياب لا ندري بعض أسبابه، ربما الضباب..العتمة المتكاثفة..الزحمة المتزايدة، وغيرها.. وغيرها ربما كانت هي السبب، أو الجدار الذي يفصل بيننا.‏
مازلت واثقاً أننا كنا متقاربين دائماً من حيث الزمان والمكان، وعناصر أخرى. لكن أشياء كانت تحجب كلاً منا عن الآخر بوحشية وقسوة وطغيان. أشياء لا تحصى كانت تمنع أحدنا من رؤية الآخر، ومحاولاتنا العنيدة للقاء والعناق، وأداء سيمفونيتنا الخاصة، بعيداً عنهم، الإخفاق يولد الحنق والحسد والعدوانية، نحن نجحنا في حبنا، فامتلأت طريقنا بالعقبات والعراقيل.. ولم نشعر بالألم، حاصرونا بشتى أنواع الحصار، ولم نتراجع، كان حبنا أقوى من الإسمنت والمعادن والسجلات والكومبيوتر والصحف والتاريخ، حبنا لا يقهر... لا يموت أبداً.إنها هي. أعرفها وتعرفني.. صرخت:‏
- كيف نلتقي؟‏
- الآن.. اهبط، سأنتظرك عند الباب..‏
- ونمضي معاً؟‏
- سنخرج من هذه الغابة.‏
- إلى؟!‏
- إلى الفردوس.. حيث لا يفترس كائن كائناً آخر...‏
- هل هو بعيد؟‏
- هيا اهبط.. سأتبعك.. إذا ترددت فسأرحل؟!‏
-لا...لا...أرجوك... لا حياة لي إلا معك...‏
وهبطت بسرعة.. كانت تقف عند المدخل... اقتربتُ منها، بعد أن تجاوزت المسافة العرضية للشارع، فتحت ذراعيها لاحتضاني بعد لأيٍ، عانقتها دخلت يداي في جسدها بسهولة ويسر، كأنما تدخل يداي الهواء أو الماء، أعدت التجربة، مررت بذراعي في وسطها، اخترقتها، دخلتها بكامل جسدي وخرجت منها، صعقت، ما هذا؟ ما الذي أمامي؟! إنني أراها تشع بألوانها الزاهية، تبتسم..تضحك..ولكن؟! أهي مجرد صورة..خيال..طيف؟!؟ ...‏
اجتمع الناس حولي، يرقبون وجهي وحركاتي وكلماتي..صرخت بها..طلبت مني أن ألحق بها. سارت. سرت وراءها، وسار الناس ورائي ركضتُ..ركضتْ.ركضوا...طارت كأنها غيمه رقيقة. لكني لم أستطع الطيران وراءها، لأنه كان ثمة ما يشدني إلى الأرض بقوة لا تقهر.‏



#رياض_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائد قصيرة -3
- أفكار حول القصة القصيرة
- (2 ) قصائد قصيرة
- دعدوش : قصة قصيرة
- أنا والآخر : مقال
- الانتصار : شعر
- لم أكن أتألم
- الأمير: شعر :
- - 1 - قصائد قصيرة
- سرقة: شعر
- قصيدةشعرية
- خلل فني طارئ : قصة قصيرة
- روبوت : قصة قصيرة
- -الناسك- قصة قصيرة
- شعر: إشاعة
- مفهوم الشرعية حول قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت
- الماركسيون اللا ماركسيون
- من الماركسية المحافظة إلى العلمانية
- الدمّية
- الدمّية


المزيد.....




- سعاد بشناق عن موسيقى فيلم -يونان-.. رحلة بين عالمين
- الشارقة تكرم الفنان السوري القدير أسعد فضة (فيديو)
- العربية أم الصينية.. أيهما الأصعب بين لغات العالم؟ ولماذا؟
- سوريا.. رحلة البحث عن كنوز أثرية في باطن الأرض وبين جدران ال ...
- مسلسل -كساندرا-.. موسيقى تصويرية تحكي قصة مرعبة
- عرض عالمي لفيلم مصري استغرق إنتاجه 5 سنوات مستوحى من أحداث ح ...
- بينالي الفنون الإسلامية : أعمال فنية معاصرة تحاكي ثيمة -وما ...
- كنسوية.. فنانة أندونيسية تستبدل الرجال في الأساطير برؤوس نسا ...
- إعلاميون لـ-إيلاف-: قصة نجاح عالمي تكتب للمملكة في المنتدى ا ...
- رسمياً نتائج التمهيدي المهني في العراق اليوم 2025 (فرع تجاري ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - الطيف : قصة قصيرة