أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زكري العزابي - الحوقليات* (1)














المزيد.....

الحوقليات* (1)


زكري العزابي

الحوار المتمدن-العدد: 2904 - 2010 / 2 / 1 - 17:46
المحور: كتابات ساخرة
    


يقول العبد الفقير إلى مولاه إبن حوقل.. اعلم أفادك الله، بأن للحياة بابين، أولهما صعب، وثانيهما أصعب. أولهما ممنوع ومحاط بما لا نهاية له من قوانين المنع والقمع والأخلاق و (التابــو). وثانيهما بسيط، ولا يكلف الحكومة ـ أية حكومة ـ أكثر من خمسة قروش عصمالية، هي ثمن رصاصة من مخلفات الحرب العالمية الثانية، أو إحدى حروب الخليج المتعددة. وفي أسوأ الأحوال الفا من الدولارات الخضراء (الكوندوليزورمسفيلدوكلنتونوباموبوشية)، مقابل إستئجار مرتزق أو قاتل، وثمن قبر ما، في بقعة ما، لا إسم لها في الغالب. وقد روى لي أحد أسلافي من الحواقلة القدماء، والذي اعتاد أن يزورني في الحلم ليالي الجمعة من كل أسبوع (يوم عطلته الأسبوعية) قبل أن ترتفع أسعار التذاكر،وكان اسمه منقل ابن حوقل. واعتقد ان اسمه حوقل، غير ان التحريف قد لحق بإسمه بفعل الزمن، وتغير الحكومات، وتتابع الإنقلابات التي تطلق على نفسها ثورات، أو تغييرات، أو إنعطافات حاسمة في التاريخ، وما شابه ذلك من التسميات العجيبة الغريبة، والتي كانت تثير إستغراب جدي القديم هذا. روى لي هذا السلف الصالح عن شخص آخر، أغلب الظن أنه كان ينتمي بدوره إلى بني حوقل أيضا، وكان رحمه الله رجلا طيبا، إذ ضحكو عليه ذات ليلة لا نجوم فيها ولا قمر، فسرقوا مستقبله وأحلامه، وحولوها ـ بدورها ـ إلى يوروهات تم وضعها ببساطة كاملة في عدد من بنوك القبائل الهلفيتيـة، مقابل الوعد بمستقبل عادل، وحياة تطفح – حتى حافتها – بالحق والعدل والأخوة والمساواة، وإلخ إلخ، له ولأولاده ونسله إلى عاشر جيل، طبقا للوثائق الرسمية المنشورة بالجريدة الحكومية. غير انه حصل بدلا من ذلك كله على (خازوق) جلس عليه بقية حياته التافهة، ومات على ذلك الخازوق وهو يشتم كل المقدسات المعروفة لمخيلته المتواضعة. ويشتم نفسه التي ملأتها غصة لا حد لها، على طيبة نفسه، وسذاجته، وهبالته، والتي لم تكـن- عند ترجمتها إلى لغة السياسة والإقتصاد– أكثر من غباء، وقصر نظر لاعلاج له. فقد تم تحذير ذلك الحوقلي القديم من مد يده وفتح باب ما في جدار المجهول، وقيل له مرارا وتكرارا أن ذلك لن يورثه غير الندم والبكاء. غير أنه فتح ذلك الباب، والذي قاده إلى سرداب طويل، قاده بدوره إلى شاطئ نهر كبير واسع، حيث أخذه طائر ضخم فخم عظيم الجناحين، ووضعه على جزيرة لم ترعين مثلها... قصة طويلة تشبه حكايا الإنقلابات المليئة بالوعود الجميلة، والمنتهية بكوابيس طافحة بالرعب والقمع والظلم. حيث يقول ماتبقى من الحكاية، بأنه قد تزوج من ملكة الجزيرة، وعاش في حلم يشبه أحلام الأحلام ذاتها. متقلبا في وهمه الكوكايـيني سنينا لا يحصرها العد. وقد تم تحذيره للمرة الثانية في حياته من فتح باب في القصر الاسطوري، فقاده غروره وجهله، وقلة معرفته بالسياسة والإقتصاد والعلاقات الدولية، إضافة إلى فضوله غير المتناهي، إلى فتحه. فأخذه نفس الطائر، وأعاده إلى مكانه الأول الذي أخذه منه عند النهر، لينفق ما تبقى من عمره في إنتظار طائر الحلم، لعله يعيده إلى ما اعتقد انه الواقع.( راجع ألف ليلة وليلة- المجلد الثالث، لمزيد من التفاصيل).
نفس القصة القديمة، ونفس الأحلام المسروقة التي يتم تحويلها إلى عملة مهربة. نفس الوعود التي أكل عليها الدهر وشرب و خرأ، والتي تتحول إلى كوابيس مرعبة. نفس الأبواب المغلقة الممنوعة. باب يأخذك إلى الحلم، وباب يخرجك منه. ولكن ما أن تخرج حتى تدرك أن الوقت قد فات، ويصيح طائر الحلم فوق رأسك .. هيهات هيهات، لن يرجع ما فات.
وإذا صاح الطائر، فاعلم- أعانك الله على ما ابتلاك به – أن الوقت قد فات فعلا، لا.. بل إنتقل إلى رحمته تعالى. وأنت تعرف - فتح الله لك- بأن الوقت نفسه يولد، ثم يكبر، ثم يموت، لأنه كائن حي. وقد كان الحواقلة (يئدونه) دائما، أي يدفنونه حيا، لأنهم كانوا يعتقدون بأن الزمن أنثى، وأنه يجلب العار والمذلة. فجاءتهم المذلة من حيث لا يحتسبون.
نهاية القصة تقول انه فور ما عرف وأدرك أن العودة إلى الحلم المستحيل، هي مجرد حلم آخر أكثر إستحالة، جلس على حافة النهر وشرع في البكاء .. بكاء مــر ..
بل أمر من المرارة نفسها
فلا ضحك يشابهه
ولا ندم
ولا حزن
ولا إستغفار .. ذو نفع
ولا إعتذار ..
فالخطأ هو الخطأ دائما.. أما الصواب فحالات، مثل حالات الوجد لدى الصوفيه، ويتوقف على المكان الذي تقف فيه.
وطفق يحوقل من يومها، إلى أن توفاه الله، مظلوما، لاجئا، هاربا من عالم بلا قلب، وغريقا في مركب أعطاه ربانها وعدا بإيصاله إلى الجنة. وكان قد دفع إلى وكيل المركب- مقابل الرحلة الأولى والأخيرة في حياته- ما يعادل ألفي دورو بعملة ذلك الزمان. فليرحمه الله رحمة واسعة، أو لايرحمه.. فهذا أمرعائد إلى الله نفسه، ومقاييسه تجاه البشر عامة، وتجاه الحواقلة على نحو خاص. وكان آخرما نطق به في حياته المليئة بالتفاهة وماء البحر، ووجدت مسجلة في الصندوق القاتم السواد للمركب الغارقة، كلمة لا يخجل قائلها .. لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ويقال بانه أضاف كلمة أخرى أمام الصحفيين، بعد عبوره الخط الفاصل بين عالم الشهادة، وعالم الغيب، وقبل إغلاق كاميرات الإرسال، وانتهاء نشرات الأنباء، أي قبيل النشرة الجوية، وإذاعة خبر غرق المركب التي كانت تهربه، رغم انها كانت مصنوعة من الفلين بالكامل. وهي إنا لله، وإنا إليه غارقون.

ابن حوقل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الحواقلة هم قوم يواجهون الواقع بالحوقلة، أي بقول "لاحول ولاقوة إلا بالله"، دون أن يقوموا بأي فعل لتقويم ما إعوج من واقعهم. وهذه الأوراق عبارة عن اجزاء من مخطوط مهترئ عثر عليه بالصدفة كتبه أحد الحواقلة إسمه "إبن حوقل".



#زكري_العزابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصوات من الماضي البعيد.. البعيد.. البعيد ( من الشعر الاغريقي ...
- الفتاوي الفضائية
- حديقة سابفو
- النائحات
- عن توكيذيذيس وهيرودوت وماركس
- غطاء للبؤس
- تكنولوجيا


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زكري العزابي - الحوقليات* (1)