أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نظيمة سعد الدين - أنيس صايغ: رجل «المسار العلمى» الذى أقلق إسرائيل















المزيد.....

أنيس صايغ: رجل «المسار العلمى» الذى أقلق إسرائيل


نظيمة سعد الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2904 - 2010 / 2 / 1 - 17:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حتى إذا وصلتَ فى الموعد المحدد، يُشعركَ أنيس صايغ بأنكَ تأخرت. ذلك لأنّ حرصه على الدقّة يجعله مستعداً للموعد قبل حلوله.هذا هو انيس صايغ الذى قابلته فى حياتى مرة واحدة ،وسمعت حكايات ممن عملوا معه جعلتنى أتمنى أن اجلس بجواره عمرى كله لأنهل من علمه الذى لاينفذ..فكان اللقاء بفندق أمية بدمشق أكتوبر الماضى وكان صايغ كعادته ينتظر مجموعة من الباحثين الذين ينتظرون حضوره القليل مؤخراً،نتيجة لتقدمة فى السن ..وحركته التى أصبحت بطيئة،لكى يتناقشوا معه فى أفكار وقضايا يحملونها فى سبيل القضية..فهم لايملكون إلا الجهاد بالقلم.

**من أين تبدأ؟ وكيف تلخص حياة الرجل المليئة بالإنجازات؟ تنظر إلى حجمه الضئيل، وتقول لنفسك: لا بدّ من أنه شغَّل أكثر من شخصٍ فى داخله كى يفعل ما فعله. ثم إنك لا تنجح فى إبعاد فكرة أنه واحد من عائلة صايغ الشهيرة التى أصدر عشرة من أفرادها أكثر من مئة كتاب معظمها مشهور.

وترأس ثلاثة منهم رئاسة تحرير عشر صحف يومية ومجلات شهرية. وأنه رابع ثلاثة من الصيَّاغ الكبار: يوسف الذى ألَّف عشرات الكتب والدراسات الاقتصادية، وترأس اتحاد الاقتصاديين العرب سنوات عدة. وفايز المفكر والقيادى فى الحزب السورى القومى، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لاحقاً. وتوفيق الشاعر، صاحب مجلة «حوار» التى طبعت فى الستينيات.

**البداية:ولد أنيس صايغ فى طبريا الفلسطينية لأب سورى كان قسيساً إنجيلياً، وأم لبنانية من البترون. كان الإخوة يدرسون بالجامعة الأمريكية فى بيروت ويعودون إلى طبريا. بعد النكبة، نزح صايغ مع العائلة إلى لبنان. استعاد جنسيته اللبنانية عام 1958 ثم جنسيته السورية عام 1973. الانتماءات الثلاثة جعلت الإخوة قوميين سوريين بالولادة. يوسف وفايز كانا عضوين فى الحزب. أما هو فكان واحداً منهم من دون عضوية رسمية. لم يكتفِ أنيس صايغ بهوياته الثلاث، فزادها بزواجه من أردنية. يضحك حين تقول له إنّه جمع مجد الحزب القومى السورى من أطرافه.

**نكبة فلسطين:أراد صايغ أن يدرس التاريخ، لكن الجو السياسى والحزبي المحموم في الجامعة الأميركية، وتزامن ذلك مع نكبة فلسطين، أوقعه فى فخّ السياسة. صايغ الذى رافقه شعور بالندم على ذلك، وجمع لاحقاً بين شغفه بالتاريخ وتخصّصه فى السياسة من خلال عمله مديراً لمركز الأبحاث الفلسطيني والموسوعة الفلسطينية. قبل ذلك، سينشر، طالباً، مقالاته التاريخية الأولى في جريدة «الحياة»،بعد التخرج (1953) حتى التحاقه بجامعة «كامبردج» (1959) كتب فى «النهار» و«الأسبوع العربى». خلال تلك الفترة، أصدر كتابه الأول: «لبنان الطائفى». ثم ابتعد عن القوميين وصار ناصرياً. نشر كتباً أخرى وعمل فى تحرير عدد من الموسوعات والقواميس، قبل أن يبدأ مشروع حياته.

**مشروع حياته:فى عام 1966، وصلته ــــ وهو فى لندن ــــ برقية من شقيقه فايز الذى كان قد أسس مركز الأبحاث بمنظمة التحرير الفلسطينية أوائل عام 1965، يطلب منه الاجتماع مع أحمد الشقيرى، رئيس المنظمة وقتها، للبحث فى مشروع سبق أن تحدث معه بشأنه وهو إصدار موسوعة فلسطينية.

قدم فايز استقالته، وكُلِّف هو برئاسة المركز والعمل على إنجاز الموسوعة معاً. طوال عشر سنوات، استأثر المركز بكل طاقته ووقته ووجدانه، فضلاً عن ترؤسه لتحرير مجلة «شؤون فلسطينية» التى أسّسها عام 1971. صار المركز أنيس صايغ، وصار هو مركز الأبحاث. يضحك وهو يستعيد مخاطبة الوزير السابق فاروق البربير له فى ندوة تكريمه بـ«عزيزي أنيس مركز الأبحاث».

كان مركز الأبحاث أهم إنجاز ثقافي فلسطيني. هناك عمل وتدرّب عشرات المثقفين والكتاب الذين يعتبرون مرورهم بالمركز لحظة تاريخية ومفصلية في مسيرتهم الإبداعية الشخصية. مع المركز ــــ و«مؤسسة الدراسات الفلسطينية» ــــ تحولت القضية الفلسطينية من مسار عاطفى خطابى، إلى مسار علمى موضوعى وموثَّق ..لقد عرف الإسرائيليون معنى مركز الأبحاث وخطورته، كانوا يعرفون إن المركز لم يكن غطاء معرفيا للعمل العسكرى، بل كان مركز بحث وتوثيق. لذا خافوا منه وتعاملوا معه باللغة الوحيدة التى يتقنونها، ارسلوا طردا مفخخا لأنيس صايغ، ثم قصفوه بالصواريخ.. وقد اعتدوا عليه ثلاث مرات فى النصف الأول من السبعينيات، ثم احتلاله عام 1982 وسرقة وثائقه ومعظم مكتبته، ثم تفجيره عام 1983..لعلّها من سخريات النضال الفلسطينى أنّ المركز تعرَّض لمضايقات وتدخلات من قائد هذا النضال، الرئيس ياسر عرفات. فى آخر تدخُّلٍ من أبو عمار، أقفل صايغ الهاتف فى وجهه، وقدّم استقالته.

**وراء تلك التجربة الكبرى: كان انيس. لقب الدكتور التصق به كأنه رتبة كهنوتية، إذ كان يشيع من حوله جوا ملتبسا تمتزج فيه قداسة القضية بقداسة المعرفة، وذلك الترجرج الذى وسم العلاقة بين قيادة ياسر عرفات وبين الثقافة والمثقفين. صرامة ابن القسيس وعقائديته التى بدأت مع المناخ القومى السورى ثم انتقلت إلى المناخ العروبى، اصطدمت ببراجماتية فتح، والمناخ شبه القبلى والعشائرى الذى حملته معها. لذا وجد أبناء القسيس عبد الله: فايز ويوسف وأنيس أنفسهم خارج معادلات التركيبة الفلسطينية الجديدة، وابتعدوا واحدا بعد الآخر عنها، وبأشكال مختلفة.

لكن انيس صايغ لم يبتعد عن فلسطين. فالرجل كالعديد من أبناء جيله، كان يريد للوطن الضائع أن يتجسد فى شخصه وكلماته ونمط حياته. مع انيس صايغ تتعلم إن فلسطين ليست قضية فحسب، بل نمط حياة.وانك تستطيع أن تكون فدائيا فى كل تصرفاتك. وان أصابع يده اليسرى المبتورة، وعينيه شبه المطفأتين، والصواريخ التى قصفت مركز الأبحاث، هى اوسمة على صدر الثقافة، لأنها تضعها فى دائرة الفعل، وتجعل من مؤرخى فلسطين صانعين لتاريخها.

فهو الذى علمنا أن فلسطين ليست قضية سياسية فقط، بل هى أولا فكرة، وقضية ثقافية. نقول للدكتور انيس وداعا، وننحنى لا كى نوسده الأرض فقط، بل كى نمسح حزن الأرض بأجفاننا، ونقول لفلسطين إننا باقون على العهد حتى الموت.لعلَّ علينا أن نخاطبه اليوم بـ«عزيزى أنيس مركز الأبحاث»

** إنتاجه :أصدر عشرين كتاباً، وأسس مجلة «شؤون فلسطينية» ثم «المستقبل العربي» و«شؤون عربية»، وترأس تحرير مجلة «قضايا عربية»، وأسّس «اللقاء الفلسطينى» الذى ظلت جلساته مستمرة حتى رحيله. ولكنّ المركز بقى يختصر تلك الحياة الخصبة، حتى بعد استقالته.



#نظيمة_سعد_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -اطرش من غير زفة-
- تاريخ أجدادنا.. الذين رفضوا الخضوع للمحتلين-وعد بلفور-


المزيد.....




- الكويت: القبض على مقيم بحوزته سلاح ناري دهس رجل أمن عمدا وفر ...
- آلاف المؤمنين في ملقة يشاركون في موكب عيد الفصح السنوي
- تقرير يحصي تكلفة وعدد المسيرات الأمريكية التي أسقطها الحوثيو ...
- إعلام أمريكي: كييف وافقت بنسبة 90% على مقترح ترامب للسلام
- السلطات الأمريكية تلغي أكثر من 400 منحة لبرامج التنوع والمسا ...
- البيت الأبيض يشعل أزمة مع جامعة هارفارد بـ-رسالة خطأ-
- ارتفاع حصيلة الضربات الأميركية على رأس عيسى إلى 74 قتيلا
- الكرملين: انتهاء صلاحية عدم استهداف منشآت الطاقة الأوكرانية ...
- في ظلال المجرات… الكشف عن نصف الكون الذي لم نره من قبل
- القوات الروسية تتقدم وتسيطر على ثالث بلدة في دونيتسك


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نظيمة سعد الدين - أنيس صايغ: رجل «المسار العلمى» الذى أقلق إسرائيل