|
ديفيد كوهين: دول الخليج ودعم الإرهاب الدولي
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 30 - 07:39
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
كان مال النفط العربي نقمة، بكل ما للكلمة من معنى، وليس نعمة على العرب، وناهيك عن احتكاره المطلق بيد فئات قليله، فقد كان يوجه دائماً في غير صالح شعوب المنطقة، وكان يوظف في قنوات استعراضية دعائية وفارغة عموماً لا تهدف إلى تحقيق النمو والازدهار والرفاه لإنسان المنطقة، بل كان، في الواقع، وراء تفشي وانتشار ظاهرة ما عرف بالإرهاب ودعم الحروب وتمويلها سواء في المنطقة أو في عموم العالم.
ضمن السياق، يأخذ كثيرون على إيران رفعها لشعار تصدير الثورة الإيرانية الذي أعلنه آية الله الخميني بعيد انتصار ثورته الإسلامية وانطوائها على قدر وبعد ديمقراطي نسبي، ما جعل فرائض المشيخات ترتعد، خوفاً من أية رياح ديمقراطية قد تعصف بأنظمتها الأبوية المغلقة، علماً بأن هذه المنظومة ترفع لواء الشريعة والإسلام، عالياً، ومن المفترض ألا تخاف أو ترتعد من أي انتصار الإسلام، أو تصدير له. ومنذ ذلك اليوم شرعت منظومات إعلامية ملحقة بمشيخات الخليج الفارسي على التخويف من خطر الثورة الإسلامية الإيرانية، باعتبارها تهديداً لأمن الخليج الذي هو وبالمعادل الموضوع للكلمة، تهديد لأمن السلالات الخليجية ليس إلا، فها هنا يتماهى العام بالخاص، ومن الصعب في كثير من الأحيان التفريق بينهما، فحين الكلام عما يسمى بأمن الخليج، يكون المقصود تماماً، هو أمن العائلات المالكة فيه.
وما حصل عقب ذلك، أنه جرى، فعلاً، تطويق واحتواء الثورة الإسلامية الإيرانية عبر استراتيجيات الاحتواء الشهيرة التي كانت تتبناها الولايات المتحدة إبان الحرب الباردة كآلية لدرء المخاطر والحد منها في ظل تعذر شن الحروب الاستباقية والعدوانية وكما آلت إليه نفس الاستراتيجيات بعد انتهاء الحرب الباردة حيث صارت تعالج القضايا الساخنة فوراً وبـ"يدها"، ومن دون احتواء أو "التواء". وتمت آلية الاحتواء عبر تحريك صدام حسين ومن ورائه المنظومة المشيخية وقيامه بشن حرب الثمانية سنوات التي أرهقت الجانبين وخرجا منها خاسرين. وكانت هذه واحدة من أكبر العمليات الإرهابية في التاريخ التي تمولها هذه المنظومة المشيخية وراح ضحيتها الملايين من أبناء العراق وإيران الأبرياء والمساكين الذين كانوا ضحية لهذه الحرب الشريرة . وانكفأت إيران إثر ذلك تلملم جراحها وتعيد بناء ذاتها لتعود أقوى مما كانت، مستفيدة من قدراتها الذاتية ومستثمرة كل خبراتها وأموالها، فيما لا يزال العراق الجريح يعيش حتى اليوم عبر ذلك التواطؤ المشيخي ضرب الجانبين العراقي والخليجي، وفي الحقيقة فإن ما حصل ليس تصديراً للثورة الإسلامية الإيرانية بقدر ما هو تصدير للإرهاب المشيخي الخليجي إلى عموم العالم والذي اعتمد على إستراتيجية تمويل الصراعات تحت طابع وصراع ديني إلى أن خرجت الأمور من تحت سيطرة المنظومة والأمريكيين على حد سواء. نعم لقد كانت الحرب الإيرانية العراقية أكبر عملية إرهابية تشن على شعب آمن وبتمويل وتحريض مشيخي وأمريكي. ولكن يبقى السؤال الأليم هل حاولت الولايات المتحدة فعلاً تطويق، واحتواء تصدير الإرهاب الذي يبدو، حتى اليوم، وبالرغم من كل ما حصل كإستراتيجية خليجية مؤبدة، وذلك عبر احتضان ورعاية وتسمين رموز وعجول وثعابين التنفيث والكراهية القرعاء وغض الطرف عن خطابهم التحريضي المخزي والمشين؟
في هذه الأثناء كانت المنظومةالمشيخية تسعى جاهدة وبالتحالف مع واشنطن لتدمير إمبراطورية الشر الشيوعية حسب تعبير المغفور له بمشيئة الله، رونالد ريغان، ونحتسبه من الصالحين عند الله، عبر دعم ما يسمى بالجهاد الأفغاني. والمفارقة ها هنا كيف تتخوف هذه المنظومة المشيخية من تصدير وهبوب رياح الخمينية عبر ثورة إسلامية هناك، وتدعم تمرداً و"ثورة" إسلامية ها هنا بالمال والعتاد والرجال؟ هؤلاء الرجال الذين كانوا نواة ومفرخة الإرهاب العولمي والمتعولم والعالمي وبنسخته البنلادنية كما نراها اليوم. ومن مفارقات السياسة الأمريكية الغريبة أن يتنبه اليوم فقط، ويحذر ديفيد كوهين نائب مساعد وزير المالية الأمريكي المكلف مكافحة تمويل الإرهاب، أمس قائلاً: إن تنظيم القاعدة وحركة طالبان لا يزالان يحصلان على المال من مصادر في دول الخليج، وأكد ان الحكومة الأمريكية تعمل على وقف خطوط التمويل هذه، كما ذكرت صحيفة الخليج الإماراتية في عددها الصادر الجمعة ,29/01/2010. وأضاف السيد كوهين في كلمة ألقاها في واشنطن أمام مجلس العلاقات الخارجية: "هذا يعني مواصلة جمع المعلومات ورسم خارطة للشبكات من خلال التركيز بصورة خاصة على المانحين والوسطاء المتمركزين في الخليج..... وبما أن شبكات تمويل طالبان والقاعدة تتكيف مع التدابير التي نتخذها، يعني ذلك أن علينا أن نعمل بكثافة أكبر على منع تحويل الأموال غير المشروعة على شكل سيولة نقدية من الخليج إلى باكستان وأفغانستان." هكذا.
من المثير فعلاً أن يعلن الأمريكيون هذه الحقيقة القاتلة والمرة، وبهذه العلنية والصراحة، بعد سنوات طويلة من محاولات التعامي عنها والبوح بها، وهو أمر ليس بمستغرب عليهم، فقد ذهبوا، ذات يوم، إلى عراق صدام حسين شبه العلماني للقضاء على إرهاب القاعدة خليجي المنشأ، لكن من الواجب تذكيرهم، مجدداً، بأنه المنظومة التربوية والكهنوتية والفقهية الدعوية، في تلك المشيخات، ما تزال تعمل على نفث الكراهية والتحريض وهو الجانب الأهم، برأينا، من الجانب المالي الذي يمكن التحكم به نسبياً، وإلى حد ما، ولا تزال بؤرة لتصدير وتفريخ الإرهابيين عبر بنيتها المجتمعية والثقافية والإيديولوجية المتزمتة والمنغلقة، غير المتسامحة، ومحاربتها العلنية للتنوير والحداثة والانفتاح، عبر خطابها الجمعي الشعبي والرسمي.
لم تشر الأصابع إلى تورط إيران الخمينية بأية عملية إرهابية، ولم يرد ذكر ذلك، حتى، على لسان جورج بوش لكن كل العيون والأصابع "الخجولة" والخفية كانت تتجه، لا إرادياً، صوب المنظومة المشيخية مع كل ضحية وفعل إرهابي. ولم نر، في حقيقة الأمر، أية آثار شيطانية ولا جهنمية أو إبليسية تذكر للثورة الإيرانية، اللهم إلا إذا كان دعم المقاومات ضد إسرائيل رجساً شيطانياً يستحق كل هذا الرجم الإعلامي السيمفوني المنظم من أئمة الإعلام البيترودولاري المفوه، لكن الخطر الدائم والماثل والداهم الذي جلبه المال والنفط العربي، ولا يزال، هو واقع ملموس ومعاس ضرب العالم كله، ووصلت شروره إلى قلب أمريكا بالذات، وهي الداعم الأول لهذه المنظومة، وحليفها الأول بالذات.
وبعد ذلك كله، ألا يسمح لنا السيد كوهين بأن نقول له: "نعيماً"، وصح النوم، وأن تصحو متأخراً، وبعد فوات الأوان، خير من ألا تصحو أبداً، رغم أن لا فائدة ولا أمل يرتجى، كما يقال، من صحوة السكران.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النايل سات في قفص الاتهام
-
لماذا لم يكن العرب متحضرين قبل غزو الجوار؟
-
نشرة الأحوال العقلية في منطقة الشرق الأوسط
-
صراعات الأشرار
-
خبر عاجل: أوباما يطالب بتفكيك البرنامج البدوي العربي
-
نظام الكفيل: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرارا؟?ً
-
الفقهاء: كسلطة الخامسة
-
الفقاعة الصحوية
-
في جدل الغزو البدوي
-
فرمان لاختيار عاصمة للثقافة العربية
-
عربي سوري أم سوري عربي؟
-
تركيا بين الأردوغانية والأتاتوركية
-
الرد الأردوغاني المزلزل
-
العهدة العمرية والوزير الفصيح
-
سوريا وأمريكا والمعاملة بالمثل
-
العريفي وتفسيق آيات الله
-
همام البلوي: أيهما أجدى للمسلمين؟
-
وانكشفت جميع العورات
-
يوميات إعرابي بدوي في ديار الإيمان
-
تجريم الخطاب الصحوي
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|