|
عمدة كفر البلاص ( 6 )
محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 2900 - 2010 / 1 / 27 - 11:50
المحور:
الادب والفن
( اجتمع أهالي القرية عصرا ، يفترشون الأرض أمام دار العمدة ، الجميع ينتظر و يترقب ، خرج أحد الرجال من الداخل يحمل طاولة ، وضعها أمام ( المصطبة ) ، يثبت فوقها ميكروفون ، يقوم بضبط الأجهزة الخاصة بالميكروفون ، ينقر عدة نقرات فوق الميكروفون لاختباره ، ينحني مقربا فمه للميكروفون ) ـ إتنين أربعة ستة تمانية ، ألالووووووه . يسأله أحد الجالسين ) ـ أمال فين أبويا العمدة يا عبد الجبار ؟ ـ جاي ورايا أهو . ( يشير عبد الجبار بخيزرانته إلى أحد النساء الواقفات ، صرخ فيها خلال الميكروفون ) ـ انتي يا ولية انتي ، روحي اقعدي مع الحريم ورا . ( تذهب المرأة خجلى إلى حيث يجلس النساء ، يذهب عبد الجبار و يقف أمام الباب منتصبا في انتظار خروج العمدة ، ينفتح الباب ، فيصرخ عبد الجبار ) ـ محكمة . ( ينتفض الأهالي وقوفا ، يخرج عليهم العمدة ، و خلفه الشيخ جمعة شيخ المسجد ، و الدكتور عادل دكتور الوحدة الصحية ، يصفق الناس بحرارة ، يجلس العمدة بمنتصف المصطبة إلى الطاولة ، يجلس الشيخ إلى يمينه واضعا بعض الأوراق أمامه و يجلس الدكتور إلى يساره ، يتزايد التصفيق و الهتافات ، يصرخ فيهم العمدة خلال الميكروفون ) ـ ما خلاص يا خويا انته و هوه ، أم كلثوم ها تغني ؟ ( يشير العمدة لعبد الجبار ) ـ هات المتهمين يا عبد الجبار . ( يدخل عبد الجبار إلى القاعة ، ما يلبث أن يعود ساحبا حبلا مقيد إليه شيخ الخفر و الخفر من أياديهم المكبلة خلف ظهورهم ، يرتدون ملابسهم الغير عسكرية ، مطأطئي رؤوسهم العارية ، يصطفون أمام الناس بجوار المصطبة ، عندها يزداد الهرج و المرج بين الأهالي ، يدق العمدة بخيزرانته فوق الطاولة طرقات متتالية حتى هدأ الناس ، يقف العمدة مخاطبا أهل القرية ) ـ على فكرة ، عاوز أقول لكم حاجة مهمة قبل ما نبدأ ، أي نعم إحنا ناصبين المحكمة دي النهاردة للغفر ، بس مش معنى كده إن المحكمة دي منصوبة ليهم بس ، لأ و ألف لأ ، المحكمة دي منصوبة للبلد كلها من كبيرها لصغيرها ..... ( صوت يخرج من بين الجموع ) ـ معناته إيه الكلام ده يا عمدة ؟ ـ مين ده اللي بيتكلم ؟ ( يسود صمت رهيب ) ـ ما حدش يتكلم إلا لما يستأذن ، و على العموم معناته إن كل واحد فيكم عمل حاجة ها يتعاقب عليها قدام البلد ، سواء كان غفير أو وزير ، أنا ما عنديش فرق بين زيد و عبيد ، كلكم عندي زي بعض ، كلنا قدام القانون واحد ، أمال القانون ماسك ميزان و مغمي عنيه ليه يا بلد ؟ دلوقتي ها ننادي على كل واحد لوحده و اللي ليه عليه شكوى يقول ، نادي أول واحد يا وله . ( يخرج عبد الجبار إحدى الأوراق من جلبابه ، يمسك بها في يده ، يقرأ بصعوبة ) ـ ع .. ز .. و .. ز .. ال .. شنو .. اني .. ( يصرخ فيه العمدة ) ـ و كمان مش عارف تقرا ؟ جتها نيلة اللي عايزة الخلف ( ينادي العمدة ) عزوز الشنواني ، شيخ الغفر سابقا . ( يرفع شيخ الخفر رأسه ) ـ أفندم . ( يشير إليه العمدة بإصبعه ) ـ اللي ليه شكوى على الراجل ده يقول . ( يرفع بعض الأهالي أصابعهم ) ـ قول أنته يا عبد العاطي ، إيه شكوتك ؟ ـ الراجل ده يا عمدة لما كان شيخ الغفر ، كان في الرايحة و الجاية يديني على قفايا ، كل ما يشوفني ينادي عليا و يقول لي تعالى خد البركة يا وله .... ( يميل العمدة إلى الدكتور يشاوره ، ثم يميل إلى الشيخ جمعة يشاوره ، و أخيرا يعتدل في جلسته ، يوجه كلامه للشاكي ) ـ طب تعالى يا عبد العاطي و اديله على قفاه لغاية لما تشبع . ( يخرج عبد العاطي من بين الناس ، يذهب خلف شيخ الخفر ، ينهال ضربا على قفا شيخ الخفر ، يحاول شيخ الخفر الاحتماء بين الخفر و لكنه يفشل ، يتهرب الخفر من حمايته ، يعود عبد العاطي يضربه بهستيريا حتى يتوقف من التعب ، يذهب إليه العمدة ) ـ إيه ؟ شبعت يا عبد العاطي ؟ ـ كفاية عليه كده ، يا بخت من قدر و عفي ... ـ كل اللي عملته فيه و يا بخت من قدر و عفي ؟ ـ خلاص بقى المسامح كريم ... ـ طيب ، خدت حقك يا كريم ؟ ـ تالت و متلت . ـ حلو قوي ، انته كده خدت حقك ، فاضل بقى حق نفسك و عيالك و مراتك و حق البلد دي كلها عليك . ـ مش فاهم تقصد إيه يا عمدة . ـ سيادتك بقى كنت بتعمل إيه لما كان شيخ الغفر بينادي عليك و يقول لك تعالى خد البركة و يديك على قفاك ؟ ـ كنت ها أعمل إيه يعني ؟ بأروح له و أديله قفايا ... ـ أهو ده بقى اللي مش ممكن أسكت عليه أبدا ، عارف ليه ؟ ـ لأ مش عارف . ـ لأن سكاتك هو السبب اللي خلت شيخ الغفر يسوق فيها ، ( يوجه كلامه لأهل البلد ) سكاتكم يا بلد هو اللي خلاه يتمادى ، انته يا وله مش برضه راجل من ضهر راجل ؟ ـ طبعا يا عمدة . ـ و لما انته دكر كده ما كنتش بتعترض ليه على اللي بيحصل لك ؟ ـ يا سلام يا عمدة ، و كنت عاوزه بقى يموتني إن شاء الله ؟ ـ حتى لو موتك ، إيه يعني ؟ ما إحنا كلنا ها نموت يا وله ، إياك تكون فاكر إنك ها تخلل فيها ، كلنا ها نموت و إلا مش ها نموت يا بلد ؟ ( يرد الأهالي في صوت واحد ) ـ ها نموت يا عمدة . ـ بس فيه فرق ، أموت و أنا رافع راسي و لو مرة واحدة يا بلد ، و إلا أعيش ذليل طول عمري ؟ هو ده مربط الفرس يا بلد ، لو انتم رجاله بصحيح ما كانش يسجر شيخ الغفر يديكم على قفاكم ، و عشان كده أنا قلت و نبهت عليكم من الأول ، المحكمة دي مش منصوبة للغفر بس ، لأ ، دي منصوبة لكل واحد فيكم يا بلد ، ( يوجه كلامه للرجل ) و زي ما خدت حقك ، البلد كلها لازم تاخد حقها منك هي كمان .... ـ معناته إيه الكلام ده يا عمدة ؟؟؟؟؟ ( يشير إلى عبد الجبار ) ـ امسكه و اربطه هو كمان يا وله . ( يمسكه عبد الجبار ) ـ و هو أنا أجرمت في إيه بس يا عمدة ؟ ـ أجرمت ؟ طبعا أجرمت ، أجرمت لأنك واطي يا عبد العاطي ، و كنت تملي تملي تطاطي ، بس لو ها تطاطي يا عبد العاطي ، إوعى تعلم إبنك برضه يطاطي ، بذمتك تسوى إيه لما مراتك تشوفك و شيخ الغفر بيديلك على قفاك ؟ تسوى إيه لما بنتك و إلا ابنك يشوفك و أنته بتاخد على قفاك ؟ أني مش ها احكم عليك ، لأ ، الناس دي هيه اللي ها تحكم عليك ، ( يوجه كلامه للأهالي ) مذنب في حق نفسه و عياله و مراته و بلده و إلا مش مذنب يا عالم ؟ ( يصرخ الأهالي ) ـ مذنب يا عمدة . ( يشير العمدة لعبد الجبار ) ـ أعبطه يا وله بسرعة .... ( يلفه عبد الجبار إليه و يحتضنه ، عندها ينهال العمدة ضربا بخيزرانته على أسفل ظهره ، يصرخ الرجل ) ـ حرمـــت يا عمدة ، حرمـــــــــت و الله العظيم حرمـــــــــت .... ـ حرمت عليك عيشتك يا شيخ ، تلاتة بالله العظيم لأعلمكم الأدب واحد واحد ..... ـ و أني أتعلمت يا عمدة خلااااااااااااااص ، و توبة أطاطي و إلا أسكت على حقي مرة تانية ، بس اعتقني لوجه اللــــــــــــــه ... ـ لو ها تطاطي يا عبد العاطي ، إوعى يشوفك إبنك و انته مطاطي ، قول ورايا ، لو ها تطاطي يا عبد العاطي ،إوعى تعلم إبنك برضه يطاطي .. ( يصرخ عبد العاطي ) لو ها تطاطي يا عبد العاطي ، إوعى تعلم إبنك برضه يطاطي ، لو ها تطاطي يا عبد العاطي ، إوعى تعلم إبنك برضه يطاطي ، ( يشير العمدة لعبد الجبار فيتركه ، عندها ينطلق الرجل يجري ، يصرخ ) لو ها تطاطي يا عبد العاطي ، إوعى تعلم إبنك برضه يطاطي ، ( ينظر العمدة إلى عبد الجبار ) ـ نادي على اللي بعده يا وله . ـ سليمان أبو سليمان . ( ينظر أبو سليمان إلى الأرض ، يشير العمدة بإصبعه إليه ) ـ اللي له حاجة عند الجدع ده يتفضل . ( الصمت يلف المكان ، عندها ينادي العمدة ) ـ اللي له حق عند الغفير السابق أبو سليمان يرفع إيده . ( لا يتحرك أحد ) ـ فيه إيه يا بلد ؟ مالكم ؟ معقولة أبو سليمان ما عملش لحد فيكم حاجة ؟ ( تصرخ خضرة ) ـ عمل و عمل و عمل يا عمدة و قلت لك قبل كده ... ـ الله ينور عليك يا بت يا خضرة ، عليا النعمة بت بألف راجل ، إيوة كده ، ( يوجه كلامه للأهالي ) أهي البت دي يا بلد بت من ضهر راجل بصحيح ، هي اللي فضحت الغفر و شيخ الغفر ، و ما سكتتش على الغلط ، و عشان كده لازم أبو سليمان ياخد جزاءه و يعرف إن الله حق . ( يضرب العمدة أبو سليمان بالخيزرانة على ظهره ) ـ إلا أعراض الناس يا زبالة ، إلا أعراض الناس ، تلاتة بالله العظيم ما تقعد في بلدنا يوم واحد بعد كده ، هي ليلة واحدة تلم فيها حاجتك ، و بكره بعد شروق الشمس ما أشفش وشك تاني ، ( يوجه كلامه لأهل القرية ) اللي منكم يشوف الزبالة ده في البلد بعد شروق شمس بكره يقطعه حتت ، فكه يا وله . ( يقوم عبد الجبار بفك قيده ، ينطلق أبو سليمان فارا من بين الأهالي ، يحاول الأهالي اللحاق به و لكن العمدة يقف في طريقهم ) ـ أنا قلت ها ندي له فرصة لغاية طلوع شمس بكره ، و يا ويله يا سواد ليله اللي يقرب له قبلها ..... ( يتبع )
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عمدة كفر البلاص ( 5 )
-
عمدة كفر البلاص 4
-
عمدة كفر البلاص (3)
-
عمدة كفر البلاص (2)
-
عمدة كفر البلاص
-
ذهب مع الريح
-
الرقص على إيقاع كلمات سبارتكوس الأخيرة
-
جيفارا الذي لا يعرفه أحد ( دقات بقلم : محمد سنجر )
المزيد.....
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
-
ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك
...
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
-
انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني-
...
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
-
الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|