أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصر اسماعيل جربوع اليافاوي - مأساة عائلة برغوث صورة مشينة من حصار غزة














المزيد.....

مأساة عائلة برغوث صورة مشينة من حصار غزة


ناصر اسماعيل جربوع اليافاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 19:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عائلة برغوث كغيرها من العائلات الفلسطينية اللاجئة إلي قطاع غزة ، بدأت حياتها في مخيم صغير للاجئين الفلسطينيين بدير البلح وسط قطاع غزة – المقطوع عن العالم – وبنت كوخها الصغير في المخيم على أمل تحقيق حلم العودة يوما إلى (بيت دجن ) إحدى ضواحي مدينة يافا المحتلة..في المخيم عاشت العائلة أحلامها ولم تكن تدري ما يخبئ لها الزمن والاحتلال والحصار ، كدح أفراد الأسرة وعملوا في شتى أنواع سوق العمل الفلسطيني، ليستمر صمودهم في رحلة البقاء ، والتشبث بأرض الوطن ، مات من كبارهم من جاء إلى مخيم دير البلح للاجئين ولم ينس أن يسلم مفاتيح بيته في بيت دجن إلى ابنه متمسكا بوصيته الخالدة ( لا تنسي بيتنا وأرضنا وانقل الأمانة إلى أبناءك ) ..ورغم إلتهاء معظم العائلة بتجارتهم البسيطة، إلا أن حلمهم وآمالهم لم تنسيهم أن ينحتوا بحياتهم البسيطة صورة في ذاكرتهم ووجدانهم تربطهم بجذورهم ومسقط رأس أجدادهم وآباءهم ، كل هذه المتزاحمات والأحلام المعششة في أذهانهم ربما تغيرت صباح يوم الجمعة الموافق 22- 1 – 2010 م حين أفاق المواطن سمير برغوث من نومه ووجد أطفاله جثة هامدة ، وضاع حلم حياته و طافت أفكاره وهو ينظر إلى أطفال في عمر زهرة الربيع ، وقد فارقوا الحياة (عبيدة 2 عام، وملك 4 أعوام، وخضر 7 أعوام، ووجد ابنه محمد 6 أعوام في رمقه الأخير ونقله بسرعة مع احد الجيران ليأمل من الله أن تبقى رائحة ممن عاش لأجلهم ، وقام بلحظة يأس بتحويل (شهد( 5 أعوام إلى مستشفى الأطفال بغزة بسبب خطورة حالتها وعدم قدرتها على التنفس.ولكن قدر موتها كان هو الأسبق!! ..وقف سمير برغوث بعيناه الدامعتين ، وقف ليلعن الظلام – ليلعن الحصار – ليلعن الانقسام ألف مرة – سمير برغوث تذكر أبيه، ووصيته ومفاتيح بيته الدجانى وقال في سريرته لمن اسلم المفاتيح بعد اليوم ..فقدت كل حياتي وما عاد للحياة في غزة طعمًا بعد اليوم ، لمن أجد واعمل ، وهل تحلو لي الحياة بعد أطفالي ، وصرخ باكياً بأعلى صوته -- آه --- آ ه على فراق بسمتك يا عبيدة ، وضحكتك الرائعة يا ملك ، وسلام على روحك يا محمد وخضر .مأساة عائلة برغوث لم تأتى طوعاً أو عمل اختياري، بل جاءت ضريبة لتحدى واقع قطاع غزة المأساوي في القرن الحادي والعشرين ، وخاصة حين شرعت دولة الكيان الصهيوني بفرض حصارًا هو الأبشع منذ خلقت البشرية ، حصار شمل الحجر والبشر وشرايين الحياة ، كان أشده ظلمًا قطع المازوت المشغل لمحطة توليد كهرباء غزة ، وإغراق غزة ومخيماتها بدجى ليل أسود وظلام حالك ، وبشكل يومي ، ويعزز الحصار بطائرات تخيم كغربان الليل في سماء غزة ،والأطفال يبيتون مرعوبين من الظلام الدامس والبرد القارص الناخر لعظامهم البريئة ، بسبب حرمانهم من ابسط وسائل التدفئة ، وأصبح أطفال غزة بين (مطرقة الحصار والجوع وسندان البرد والخوف وأزيز الطائرات ) .أمام كل هذه المعطيات وإرضاءاً لأساطين وأمراء الأنفاق الذين اغرقوا غزة بمولدات (مواتير) كهرباء نخب ثالث ، مستوردة من مصانع صينية رديئة ، اعتقد أنها تصنع خصيصا لغزة التي أصبح سكانها حقل تجارب لكافة شعوب العالم حتى العالم الثالث لم ينسي شوطه في ملعب غزة ، أمام كل ذلك اشتري سمير برغوث مولد كهربائي لإنقاذ أولاده من خوف واحد فقط - الخوف من الظلام – وقطعت الكهرباء كالمعتاد ولم يدري موعد رجوع النور إلى بيته الفقير من جديد، وغالبه النعاس الممزوج بتعب العمل في النهار ، ونام أطفاله الأبرياء على نور المولد وصوته المزعج ، ولكن لعب الأطفال بنهارهم بألعابهم البسيطة وغضاضة عظامهم وهجوم النعاس الكاسح أنساهم صوت المولد الكهربائي المزعج ، وكانت الكارثة ، الكارثة أن الأبوين أحكما إغلاق المنزل ليقوا أطفالهم من برد الشتاء القارص ، ونفث المولد عوادمه البترولية الخبيثة وافرز كمية كبيرة من الرصاص المخلوط بالبنزين المهرب عبر الأنفاق ، ومات أطفال سمير خنقاً ، وماتت أحلامه بالغد المشرق ، وجلس سمير يتساءل عن السبب في موت أطفال لم يبلغوا سن الحلم ولم يعرفوا للحياة في غزة طعم،، فقد سلبت طفولتهم منذ ولادتهم ورسموا في دفاتر مدارسهم أشكال من الحصار، وفتات لبعض الصواريخ التي ألقيت بالأطنان على غزة ، وتحويل سمير السعيد إلى حزين التعيس – تعاسة العيش في خضم هذا العالم المتوحش الذي تآمر لقتل أولاده الأربعة وفكر أن يعلى صوته ، ويقدم شكاوي ولكنه لم يهتدي للطريق ، فكل الأبواب مغلقة في وجه ، فهل يقدمها للعالم عبر الأنفاق رغم أنها ساهمت في قتل أولاده – د.ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي – كاتب باحث فلسطيني



#ناصر_اسماعيل_جربوع_اليافاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين بين أماني عبد المحسن وتطلعات ديكسن !


المزيد.....




- الكويت: القبض على مقيم بحوزته سلاح ناري دهس رجل أمن عمدا وفر ...
- آلاف المؤمنين في ملقة يشاركون في موكب عيد الفصح السنوي
- تقرير يحصي تكلفة وعدد المسيرات الأمريكية التي أسقطها الحوثيو ...
- إعلام أمريكي: كييف وافقت بنسبة 90% على مقترح ترامب للسلام
- السلطات الأمريكية تلغي أكثر من 400 منحة لبرامج التنوع والمسا ...
- البيت الأبيض يشعل أزمة مع جامعة هارفارد بـ-رسالة خطأ-
- ارتفاع حصيلة الضربات الأميركية على رأس عيسى إلى 74 قتيلا
- الكرملين: انتهاء صلاحية عدم استهداف منشآت الطاقة الأوكرانية ...
- في ظلال المجرات… الكشف عن نصف الكون الذي لم نره من قبل
- القوات الروسية تتقدم وتسيطر على ثالث بلدة في دونيتسك


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصر اسماعيل جربوع اليافاوي - مأساة عائلة برغوث صورة مشينة من حصار غزة