رغد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 01:18
المحور:
الادب والفن
لم تكن تسعة اشهر انما عمرا باكمله وهو يتكامل ويهيأ ادوات أناقته ليعلن وجوده , واخيرا حلمها بين يديها, انه أبهى من كل ما رسمته ولونته بريشة خيالها , قطعة اللحم تلك تحمل كل ما فيها ,شىء من جسدها وروحها، ومن حجم الاتساع بصفاء ضحكاتها، وبراءة نظراتها، والوان الفرح الراقص بعالمها, ما أجمل لحظة الولادة حين تأتي اليك بما يتطابق تماما مع احلامك , يا الهي كم انت كريم لتهبها كل التألق الذي تمنته؟؟!!
حملت وليدتها بين ذراعيها هرعت بها الي البيت على غفلة من الجميع, لتخفيها عن الانظار, خشية من سهام عيون الاخرين ، بعد اليوم ستتفرغ فقط لاحياء تلك المسكينة, تريد ان تهبها كل ما ادخرته لها من حب وحنان , لا ترغب ان يشاركها او يشغلها احد فيها ،اعتزلت زوجها الذى تركها وشانها, داعيا ربه ان تثوب لرشدها، مقدرا هو صدمة الفرحة التي تولد جنونا يفقدك قدرة التوازن لاستيعاب الحدث بكل ابعاده .
صارت كل أيامها تلك الطفلة، تهيم هي كالفراشة حولها,وبين فينة وأخرى تعيد لمسها لتصدق فكرة وجودها ، تمشط لها شعيراتها الرقيقة ,تجملها بما تتجمل هي به من أجلها ، تبدل لها ثيابها باليوم الف مرة، تغنى وتهدهدها وتسمعها ارق الالحان ،وتحيطها باجمل الالعاب لتستمتع طفولتها ، لا تريد أن تقصر بشىء أبدا.فقط تريد أن تمنحها.
بقيت ترفض النقاش والجدل مع احد، يتهمونها بالجنون ، وهي من شدة حرصها تفتح للطفلة فاها عنوة حتي يتطشر منه الحليب او الماء ،فتفهم ساعتها بانها اكتفت !، لا تنام الليل تقضى الليل تراقبها خشية ان تفيق وتبكى فلا تسمعها!.
دب فيها الهزال والضعف، لم يعد يحتمل زوجها حالها ، فصرخ :بالله عليك افيقي كل ما تفعلين هو جنون في جنون،لا يجوز!،عليك ان تراجعى الطبيب، طفح كيلك يا امرأة لقد صبرت كثيرا!!
الصرخة القاضية كسرتها ، شتتها ، ارادت الاثبات للجميع بانها العاقلة وهم الانانيون ، لا يفرحون لفرحتها، هرعت الى الطبيب دقت بابه قائلة :ايها الطبيب ان زوجي يتهمني بالجنون لانى سعيدة بابنتى هل في هذا شىء غير عادى؟؟انا أفعل كل ما تفعل الامهات !!
ابيتسم لها الطبيب محاولا ان يمتص كل حيرتها وقلقها بابتسامته تلك وقال لها : لا اله الا الله ،سيدتى اخبرتك منذ اللحظة الاولى انك ولدت طفلة ميتة والأولى بك دفنها !!!..
#رغد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟