|
اليمن اليوم هو العالم العربي غدا
العفيف الأخضر
الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 00:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اليمن من أكثر البلدان فقرا وأكثرها مشاكل . الارهاب ، الحرب الأهلية الكامنة هنا والطاحنة هناك ، جامعة الايمان الزندانية التي تعيد الانتاج الموسّع لفقهاء التّزمت والارهاب ، التناحر الطائفي والجهوي والقبلي ، قنبلة الانفجار السكاني التي مازال اليمنيون حكومة وشعبا يفجرونها في أنفسهم وأخيرا شح المياه . وهذا من ذاك . قلة المياه نتيجة مباشرة لكثرة السّكان . لم تفكر الحكومة منذ انقلاب 1962 في مواجهة أيّ من تحديات اليمن . بشجاعة سياسية هي الغائب الأكبر لدى النخب اليمنية والعربية الاسلامية . نقطة الانطلاق ، لو كان اليمن قد تعلم صنع القرار الواقعي ، كان من الممكن أن تكون تعميم وترشيد التعليم لتنوير أجيال الغد بالمبادئ الأولية للحداثة ، وأولها نزع فتيل قنبلة الانفجار السّكاني . أخصر الطرق الى ذلك : تعليم الفتيات لتوعيتهن على الأقل بأن المرأة التي تلد أكثر من 3 أطفال موعودة بالاكتآب كما يؤكد الطب النفسي وأن كثرة الأطفال ، في البلدان الفقيرة ، مرادفة لكثرة الفقر كما يؤكد علم الاقتصاد . قنبلة الانفجار السكاني هي التحدي الأول الذي يقف حجر عثرة ليس أمام اليمن وحسب بل وأيضا أمام العالمين العربي والاسلامي اللذين عجزا حتى الآن عن رفعه . من هذا التحدي الدائم تتناسل التحديات الأخرى : انتشار الأمية ، والفقر ، والجنوح ، والعنف ، والارهاب ، وسوء التمدرس ، وسوء التعليم وتدمير البيئة بمتواليات هندسية . شحّ ماء الزراعة والشرب الذي جعل القبائل اليمنية تقتتل للحصول عليه هو أحد أعراض العجز عن تحديد النسل الذي هو الخطوة الآولى الضرورية للانخراط في العالم الحديث . المرأة الحديثة هي التي تتصرف بحرية في جسدها بتزويج نفسها وبطلب الطلاق ، وبمنع الحمل ، وبالاجهاض والعزوبة ... في السعودية ملايين العازبات معظمهن من المتعلمات وخريجي الجامعات . في فرنسا يوجد 11 مليون عازبة على 62 مليون نسمة . بالمناسبة كان الفرنسيون 58 مليون سنة 1960 زادوالآن ، بعد نصف قرن ، 2 مليون . وذلك عائد للمهاجرين : 30 ألف عائلة مسلمة متعددة الزوجات تملك 600 ألف طفل بمعدل 14،5 لكل عائلة . مع فشل مدرسي وتهميش وجنوح بمعدلات قياسية ! كانت القبائل في الجاهلية تتوالد كالأرانب لحروب النهب المتبادل . وظلت تتوالد بالوتيرة ذاتها في الاسلام للجهاد ، أي النهب الخارجي . اليوم انقطع النهب الداخلي والخارجي لكن التوالد الأرنبي لم ينقطع . فاختل التوازن الاجتماعي على نحو خَطِر . حتى الآن كان الانفجار السكاني السبب الأول في العجز عن اطعام البطون الجائعة . اما منذ اليوم فسيغدو السبب الأول في العجز أيضا عن ارواء الأجساد العطشى . انه منطق النزول درجة في سلّم النزول الى الجحيم ! البلدان الفقيرة في الموارد والمصابة خاصة بسوء تدبير الموارد ، والعالم العربي رائدها ، ستستأثر سنة 2025 بحوالي 96% من قنبلة الانفجار السكاني على حساب معدلات التنمية التي ستتدنى في بعض البلدان الكثيفة السكان الى ما تحت الصفر : لا طعام ولا ماء فضلا عن افتقاد الضروريات الأخرى . سيقتتل سكانها على الطعام والماء يوميا وستتعاظم التوترات والأزمات والحروب بين كل دولة جارة وأخرى من أجل الماء والغذاء . من هنا النبوءة الواقعية المشؤومة بأن حروب القرن 21 ستكون ، في الشرق الأوسط وافريقيا ، حروبا على الماء . وستتكاثر الهجرات الداخلية والخارجية مع صعوبات جمة في هذه وتلك . العنصر الأساسي في الهجرات الخارجية سيكون الأدمغة . مما سيجعل هذه البلدان في حالة افتقار شديد لعمال القرن 21 : التقنيين ، المهندسين ، الباحثين ، العلماء والأطباء الذين سيكونون من حصة " الهجرة المختارة " الى العالم الصناعي . تعيش ساكنة الاقليم العربي على 4،8% من مساحته . وهو من أكثر مناطق العالم نقصا في مياه الزراعة والشرب . معدل حصة الفرد فيه 1000 متر مكعب سنويا فيما المعدل العالمي 7 آلاف متر مكعب . أما عن هدر الماء فحدّث ولا حرج . في بعض امارات الخليج يستهلك الفرد ضعف ما يستهلكه الفرد الأمريكي من الماء ! العجز في الغذاء أكثر من 50% أما معدل النمو السكاني فقياسي . منذ توغلت أوربا وأمريكا في الحداثة غدت الآولى تتضاعف كل 125 عاما والثانية كل 100 . منذ النصف الثاني من القرن العشرين تراوحت بلدان القارتين بين معدل زيادة متواضع ونمو سلبي . أما ساكنة الاقليم العربي فتتضاعف كل 25 سنة بكل العواقب على الماء والطعام والبيئة والبنية التحتية التي نعرف . تونس هي البلد الوحيد من بلدان الجامعة العربية الذي نجح في نزع فتيل قنبلة الانفجار السكاني . بفضل منع تعدد الزوجات وتقديم حبوب منع الحمل مجانا للنساء واباحة الاجهاض وتعميم تمدرس الفتيات وتكوين مؤسسة " تنظيم النسل " في كل ولاية ( محافظة ) . غداة الاستقلال سنة 1956 كان عدد الساكنة 4 مليون نسمة وكذلك عدد ساكنة سوريا . بعد نصف قرن تضاعف عدد سكان تونس مرة ونصف وعدد سكان سوريا 5 مرات ! سنة 2050 ستكون ساكنة تونس 13 مليون بزيادة 3 مليون خلال نصف قرن . أما ساكنة الاقليم العربي فستتضاعف وفي اليمن ستتضاعف مرتين . الهند والصين لم تنجحا في الاقلاع الاقتصادي والعلمي الا لأنهما نجحتا، بالتوازي مع ذلك ، في التحكم الكامل في الانفجار السكاني . أمّنا الارض كما أسماها قدماء الاغريق لا تتسع لاكثر من مليار نسمة . يجثم اليوم على صدرها 6،5 مليار وفي سنة 2050 سيصلون الى 9 مليار معظمهم جياع وعطاشى . كفوا عن التفاؤل الابله . اذا لم تتخلصوا ، بانتفاضة عقلانية ، من جبنكم الأسطوري فسيكون اليمن اليوم هو العالم العربي غدا . وأن غدا لناظره قريب .
#العفيف_الأخضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا إصلاح الإسلام؟
-
علي عبد الله صالح : الفدرالية هي صدرية نجاة اليمن
-
إيران 30 عاما من الثورة: 30% من الملحدين!
-
خطاب الرئيس أوباما: أعدكم بالسلام
-
العلمانية ضمانة المواطنة الكاملة
-
مسألة الأقليات في أرض الإسلام: العلمانية ضمانة المواطنة الكا
...
-
نظرة وداع على أحداث عام 2006
-
هل ستنقلب حماس على نفسها؟
-
نداء إلى أغنيائنا
-
الحكم بالرجم حتى الموت
-
كيف نصالح الإسلام مع العالم؟
-
الحداثة التونسية في عيدها الخمسين
-
هل ستعدم الجزائر الإعدام؟
-
على هامش رسالتي إلى أوردغان: الحل العادل للمسألة الكردية؟
-
فدا يسوع البشرية و فدا الحريري لبنان
-
رسالة مفتوحة إلى أوردغان: كن وسيط السلام الفلسطيني الإسرائيل
...
-
تضامنا مع سعيد الكحل
-
عمرو موسى يستأسد على العراق
-
القائمة الثالثة لمساندي العفيف الأخضر
-
العفيف الأخضر يوجه من فراش مرضه نداء إلى المثقفين والمجتمع ا
...
المزيد.....
-
الصحة الفلسطينية تكشف موعد إعادة فتح معبر رفح لإجلاء المرضى
...
-
إسبانيا: القبض على -عصابة إجرامية- سرقت 10 ملايين يورو من من
...
-
العثور على الصندوق الأسود لطائرة الخطوط الجوية الأمريكية الم
...
-
ابتكار لفحص الهرمونات بالهاتف المحمول
-
لبنان.. شخص يقتحم موكب تشييع قتيل في -حزب الله- ويصدم عددا م
...
-
المغرب يعلن رفضه دعم إيران للحوثيين
-
رئيسة الوزراء الدنماركية: ما زلنا لا نعرف من أين سنحصل على ا
...
-
مصادر أوروبية: سيسمح لـ50 جريحا فلسطينيا بمغادرة غزة في السا
...
-
التساقط الكثيف للشعر قد يكون مؤشرا لأمراض مزمنة
-
أردوغان: تركيا متمسّكة بالقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|