تفوق الغموض و الالتباس على الدقة و الضبط

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 12:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

قد يبدو للناس للوهلة الاولى بان الدقة و الضبط اهم و افضل من الغموض و الالتباس. لهذا السبب سميت بعض العلوم بالعلوم الدقيقة كالرياضيات والمنطق لانها لا تسمح للغموض والالتباس ان ينتاب و يسيطر على الامور. لقد شكى بعض العلماء من الغموض الموجود في اللغة و ارادوا استبدالها بلغة رياضية حسابية دقيقة للتخلص من الالتباس و الغموض الموجود في اللغة.

و لكن المشكلة في الدقة هي انها في الحقيقة ثنائية ذات قطبين فقط. العمليات الرياضية دقيقة لانها صحيحة او خطأ اي ترى الظواهر بمنظار اسود و ابيض- نعم ام لا – خطأ و صواب – اي انها رقمية ذات ادراج:
Discreet & digital/ current - no current - not analogue and fluid

يجب عليك في الرياضيات اتخاذ قرار نهائي دقيق في اتجاه معين. و لكن كل شئ يسمح فقط لحالتين هو اختزال و تقصير و اضعاف للامكانيات , محدود المحيط لا يسمح مجال لرؤية جانبية خارج الطبق و هنا تأتي تفوق اللغة. اللغة اعلى شأن من الرياضيات بسبب غموضها و التباسها. اللغة ترتفع خارج حدود الرياضيات لان تعبيراتها تحتوي على اكثر من معنى. في اللغة رموز و اشارات لا توجد في الرياضيات. تستطيع ان تقول شئ و تعني العكس تماما اذا قلتها بسخرية او بأسلوب أخر. فمثلا كلمة تفضل قد تتحول من الترحيب الى الطرد و من الرد الى الترحيب كما تريد. اللغة تسمح اللعب على معاني الكلمة الواحدة. اللغة تنجب شعر و نثر وكلام جميل غامض متعدد المعاني. اللغة غنية كالالوان لانها ليست لغة الاسود و الابيض. اللغة تسمح للنكتة تسلي. اللغة هي لعبة على حبال كثيرة في أن واحد.

الرياضيات تخضع للغة لانها مشتقة منها و تستند عليها. جميع علوم الانسان تستند على اللغة. اللغة هي القاعدة الاولى و الا لما بدأ الانسان باللغة. اللغة تحولنا من آلة الى انسان ولكن الرياضيات هي لغة الانسان الالي مملة و فقيرة في دقتها. اللغة تسمح الدقة و الغموض غنية في التباسها. الرياضيات واضحة ساذجة تعيش في طابقين فقط ولكن اللغة داهية لها طوابق كثيرة قد تضيع فيها. هذه هي مشكلة الغموض و لالتباس.
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات