|
شهداء الحرية الماركسية /الرفيق وديع حداد .. صانع الثورة الحمراء
مهند صلاحات
الحوار المتمدن-العدد: 878 - 2004 / 6 / 28 - 04:44
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
ولد الشهيد وديع حداد في مدينة صفد في العام 1927 ، وكان والده يعمل مدرساً للغة العربية في إحدى المدارس الثانوية في مدينة حيفا ، وبحكم وجود والده في مدينة حيفا فقد تلقي تعليمه الابتدائي والاعدادي والثانوي في هذه المدينة ، وأثناء وجوده على مقاعد الدراسة بمراحلها المختلفة تميّز الشهيد وديع بذكائه المتقد ونشاطيته المميزة وتفوقه في مادة الرياضيات ، كما أنه كان شابا رياضياً يمارس رياضة الجري وأنشطة رياضية أخري.
ونتيجة للمأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني نتيجة النكبة عام 48 ، اضطر الشهيد وديع للهجرة من وطنه ولجوئه مع عائلته ووالده إلي مدينة بيروت حيث استقر بهم المآل هناك ، وفي هذه الأثناء التحق وديع بمقاعد الدراسة في الجامعة الأميركية ليدرس الطب.
لقد ولّدت النكبة داخل الشهيد وديع شعوراً عالياً بالمسؤولية تجاه شعبه وقضيته التي إزدادت مأساوية علي ضوء النكبة ، الأمر الذي عكس نفسه علي اهتماماته وتوجهاته المستقبلية ، ودفعت به باتجاه الإنخراط الفعلي في الفعل الوطني الكفاحي للشعب الفلسطيني ، وقد تجلّت بواكير هذه التوجهات خلال انخراطه وهو ما يزال علي مقاعد الدراسة في اغاثة أبناء شعبه المشردين جراء النكبة ، ولاحقاً عبر انخراطه في جمعية "العروة الوثقي" التي بدأت بلعب دور سياسي بعد انخراط الشباب القومي المتحمس للعمل السياسي بها ، وتولي الشهيد وديع موقعاً قيادياً في هذه الجمعية.
وما أن أعلن عن تشكيل "هيئة مقاومة الصلح مع اسرائيل" والتي تم تشكيلها من قبل "الشباب العربي القومي" تصدّر الشهيد وديع الأنشطة السياسية التي كانت تقوم بها هذه الهيئة كعضو قيادي فيها ، وكانت هذه الهيئة تقوم بأنشطة عديدة لمناهضة الصلح تمثلت بالمظاهرات والمنشورات ، الى جانب دورية "الثأر" ، ويمكن القول أن الشهيد وديع بدأ عمله السياسي كمحترف وقائد سياسي وجماهيري بعد تخرجه كطبيب من الجامعة الأمريكية وانتقاله الى ساحة الاردن والتحاقه برفيق دربه الدكتور جورج حبش الذي كان قد سبقه الي هناك ، ليشكلا معاً العيادة المجانية إلي جانب عيادتيهما ، معتبرين نشاطهما الأساسي والرئيسي ، النشاط الوطني والقومي وليس الطبي.
وفي سبيل تعميق وتجذير التوجه الذي اختطّاه في العيادة الطبية ، قاما بإنشاء صفوف تدريس لمحو الأمية لكبار السن ، كما استطاعا وعبر رفاق اردنيين أعضاء في الحركة النفاذ إلي نادي "المنتدي العربي" واعتباره أحد المنابر التي إنطلق نشاط الحركة من خلاله.
وقد تتوجت تلك التوجهات ببلورة نواة كحركة القوميين العرب في الأردن ، استطاعت وبزمن قياسي أن تساهم بشكل أساسي في المواجهات التي خاضتها الحركة الوطنية الأردنية في مواجهة "تمبلر" ومشروع حلف بغداد واسقاط حكومة هزاع المجالى وتالياً تدريب قيادة الجيش رحيل كلوب باشا ، وقد مثلت هذه التوجهات بداية نهوض وطني عام في الأردن.
وعلي ضوء هذه المعارك والمواجهات والدور الملموس الذي لعبته الحركة خلالها ، أصبحت تحظي بدور وسمعة جماهيرية عالية وكبيرة ، وبرز الشهيد وديع بوصفه الدينامو المحرك والموجه لفعلها الميداني المتنامي.
لكن النظام الأردني لم يسلم بالهزيمة التي لحقت به ، وقام بهجوم معاكس تمثل بانقلابه الأسود في نيسان عام 1957 ضد حكومة النابلسي الوطنية ، واتبعها بحملة اعتقالات واسعة طالت رموز وقيادات الحركة الوطنية ونشطائها ، وكان من ضمن الذين ألقي القبض عليهم الدكتور وديع الذي أودع في المعتقل الصحراوي المعروف "بسجن الجفر".
ومكث الدكتور وديع حداد ثلاث سنوات في معتقل الجفر الصحراوي ، وبعد جهود مكثفة افرجت السلطات الاردنية عنه ، وخلال وجوده في المعتقل مثل الدكتور وديع نموذجاً وقدوة لكافة القوي ، ولم ينس رسالته الانسانية والجماهيرية ، حيث قام وخلال سجنه باغاثة وعلاج أبناء العشائر البدوية المقيمين في المنطقة بشكل طوعي ومجاني.
التحق الدكتور وديع فوراً بمقر الحركة في دمشق بعد تحرره ، وهناك وعلي ضوء العلاقة الجيدة بين الحركة وقيادة الجمهورية العربية المتحدة وعبد النصار ، ونظراً لاندماجه في المواضيع العملية ، انخرط في دورة عسكرية في دمشق وكان المسؤول الأول عن هذه الدورة ، ولاحقاً أسندت له الحركة مسؤولية العمل الفلسطيني والذي كان حتي ذلك الوقت ممثلاً برأس قيادي في إطار الحركة ولم يكن فرعاً متكاملاً.
وعلي ضوء عملية الانفصال التي حصلت بين مصر وسوريا ، انتقل وديع الى بيروت واستمر في تولي مسؤوليته القيادية للجانب الفلسطيني ، وفي مرحلة لاحقة تولي مسؤولية العمل العسكري لكل فروع حركة القوميين العرب حيثما تواجدت ، حيث أسندت له مهمة الإعداد للعمل الفدائي فلسطينياً وعربياً (اليمن - ليبيا - وأقطار أخري) وعلي المستوي الفلسطيني كان الشهيد وديع من أكثر المتحمسين لبدء العمل المسلح ضد الكيان الصهيوني.
وجاءت هزيمة حزيران 1967 لتزيد اندفاعته وحماسه في ممارسة الكفاح المسلح ، خصوصاً وبعدما تأكد عجز الأنظمة العربية وقصور برامجها ، وكان الشهيد وديع مشدوداً لانشاء جبهة فلسطينية كاملة تضم كل القوى المسلحة على الساحة الفلسطينية علي شاكلة الجبهة التي تشكلت في الجزائر ، ولاخراج هذه الفكرة إلي حيز الوجود الفعلي ، قام الشهيد وديع مندوباً عن الحركة بفتح حوار مع كل من حركة فتح وجبهة التحرير الفلسطينية ، و "طلائع حرب التحرير الشعبية" (الصاعقة) وفشلت المحاولة بسبب موقف قيادة فتح من مسألة الجبهة الوطنية.
وفي ظل الأجواء الملبدة بغيوم الهزيمة العربية الرسمية في حزيران 67 ، وفي ظل الشعور المتزايد لدي قيادة حركة القوميين العرب أن النضال القومي قد غيّب الخاص الفلسطيني ، فقد اتجهت الجهود نحو تشكيل أداة فلسطينية تكون مهمتها النضال من أجل تحرير فلسطين ، عبر تبنيها لأشكال نضال ووسائل كفاحية تتخطي وتتجاوز الأشكال والأساليب التى اتبعتها الأنظمة العربية الرسمية ، والتي ثبت عجزها علي مواجهة التوسع الصهيوني واسترداد فلسطين ، وتم تشكيل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من شباب الثأر وأبطال العودة وجبهة التحرير الفلسطينية وعدد من الشخصيات والرموز الوطنية القومية الناصرية.
ومنذ التأسيس تولي الدكتور وديع مهمات قيادية أساسية جداً في الجبهة حيث أسندت له مهمتان رئيسيتان هما المالية والعمل العسكري الخارجي ، وأثبت الرفيق الشهيد من خلالهما قدرات قيادية وعملية جديرة بالاحترام والتقدير ، حيث جسد شعار "وراء العدو في كل مكان" بطريقة فاعلة.
ومهما تكن وجهات النظر التي طرحت سابقاً وربما تطرح الآن بخصوص هذا الشكل الكفاحي ، فإن العمليات العسكرية التي نفذتها الجبهة ، والخط التكتيكى العسكري الذي قاده الرفيق الشهيد وديع كانت في حينه ضرورة من ضرورات اشهار القضية الفلسطينية وتعريف العالم بقضية هذا الشعب ومعاناته جراء الغزوة الصهيونية الغاشمة التي شردته من أرضه ووطنه ورمت به في شتات الأرض ومخيمات اللجوء المختلفة.
لسنوات مضت قبل استشهاد وديع عاشت قيادة الجبهة مع الشهيد خلافاً تنظيمياً تلمس رفاق الشهيد د. وديع حداد الدور الكفاحي الذي لعبه علي المستويين الوطني والقومي ، وأعاد المؤتمر الوطني الخامس الإعتبار التنظيمي له ، باعتباره رمزاً وطنياً وفلسطينياً فذاً قدم كل شئ في سبيل فلسطين التي حلم وعمل دائماً من أجل الوصول إليها بأقرب الآجال وبأقصر الطرق.
استشهد في عام 1978 في ألمانيا الشرقية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#مهند_صلاحات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شهداء الاشتراكية والتحرر... الرفيق إبراهيم الراعي شهيد الحرك
...
-
شهداء الاشتراكية والتحرر... الرفيق إبراهيم الراعي شهيد الحرك
...
-
شهداء الحرية والاشتراكية / الرفيق أبو علي مصطفى ... رجل تعلم
...
-
الفساد الإداري والمالي في السلطة الفلسطينية
-
رجال في الشمس / رواية الشهيد غسان كنفاني ... الجزء الأول
-
الدعارة آفة إجتماعية حقيقية بحاجة لعلاج
-
خطأ النظرة إلى المجتمع تؤدي إلى خطأ النظرة إلى الحياة / مفهو
...
-
أزمة المثقف العربي / غربة الوطن في الوطن
-
إعدام المواطن الأمريكي من الحدود الإسلامية على الكفار أم حدو
...
-
قرائة في كتاب -القضايا الكبرى-
-
قرائة سريعة في الاحزاب العربية وخروجها عن الصف الوطني
-
الخطاب القومي العربي ظهوره ونتائجه وانعكاسه على واقعنا
-
وصية لميت لم يمت بعد
-
هذا زمان سقوط الأقنعة
-
الانتخابات الأمريكية...ودورنا المغبون!!!!
-
ابن لادن... إسلام ضد الإسلام أم إسلام ضد الجميع ؟؟؟ سؤال يجب
...
-
صليب الملح... هل تسمعين يا فاطمة
-
الخرافات الدينية... الصكوك الأولى في التنازل عن فلسطين للدول
...
-
آلام المسيح أم آلام الشعوب
-
العلمانية ضرورة للتغيير في المجتمعات وخاصة العربية
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|