|
ايمان صبيح والوعي الرياضي
محمد سعيد الصگار
الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 22:18
المحور:
الادب والفن
في لقاء أجراه السيد عبد الجبار العتابي مع بطلة العراق السابقة في ألعاب الساحة والميدان، تحدّثت فيه الدكنورة إيمان صبيح المقيمة الآن في السويد، حديثاً مسهباً عن أوضاع الرياضة في العراق، وحاجة البلد إلى توفير المكان المناسب للتدريب وإلى شحّة المدربين، وعدم الإهتمام بهذين العنصرين اللذين يعطلان عملية النمو في المرافق الرياضية، وخصوصاً في مجال ألعاب الساحة والميدان.
وقد قدّم لها السيد العتابي تعريفاً هذا نصه: « ايمان صبيح .. واحدة من ابرز العداءات العراقيات اللواتي حققن انجازات للعبة الساحة والميدان ، وتواصلت مع الرياضة بعد اعتزالها وحصلت على الدكتوراة ، وخلال السنوات الطويلة كان لها حضور مميز في تطوير الانشطة النسوية ومنها سباقات الركض ، كما كانت ضمن المكتب التنفيذي للجنة الاولمبية التي انتخبت عام 2004 ولكن لظروفها الخاصة سافرت منذ عام مع عائلتها ، ولكنها عادت مؤخرا لتستنشق هواء بغداد وتحاول استعادة شيئا (شيء) من نشاطاتها لخدمة الحركة الرياضية ».
وفي المقال تشخيص لكثير من عوامل تأخر هذا الفرع من الرياضة، واقتراحات لصيغ التعامل لإنعاشها وتطويرها، وأهمية دور الأهل في تنمية الوعي الرياضي، ودور الأم خصوصاً في هذا المجال.
نخلص من مجمل اللقاء إلى تخلف الوعي الرياضي في العائلة العراقية، وهو تخلف يمتد إلى المؤسسات التربوية التي لا تعي أهمية الرياضة. إذن، فالمسألة مسألة وعي بهذا النشاط الإجتماعي الذي ينهض بهذا النشاط ويطوره ليحتضن طاقات شبابنا، ويُسهم في نهضة المجتمع؛ فهو (وعي بالمحنة)، يقودنا إلى (محنة الوعي) في شؤوننا.
تقول الدكتورة إيمان صبيح، في هذه المقابلة: ( درس الرياضة اهم من دروس الفيزياء والكيمياء، فما فائدة ان يتخرج طبيب او مهندس وهو مريض ، درس الرياضة هو صحة المجتمع، الاطباء والمهندسون مرضى وهم لا يعلمون ان لم يمارسوا الرياضة).
وهذا درس في (محنة الوعي) الذي يقود إلى أن ( درس الرياضة اهم من دروس الفيزياء والكيمياء).
والواضح هنا أن الوعي في محنة يستعصي معها الوقوف على حقائق الحياة، إذ كيف يجوز لنا أن نزعم أن ( درس الرياضة اهم من دروس الفيزياء والكيمياء)، أين الوعي في هذه النقطة؟ وأين هي حصيلة الجسم من حصيلة الفكر الذي يغيّر معالم الحياة، وينهض بالإنسان إلى مراقي ما يُنتجه الإنسان من إبداعات في مختلف وجوه المعرفة الهادفة إلى تطور البشرية.
محنة الوعي الرياضي التي تحدثت عنها الدكتورة إيمان صبيح، واقع لا شك فيه، ولكن أين (وعي) هذا الواقع في ما تقوله من كون درس الرياضة اهم من دروس الفيزياء والكيمياء.
أبهذا المنطق سنبني قيم العقل والحقيقة، ونؤسس لرؤية عقلانية لما يحيط بنا من التباسات الوعي؟!
والدكتورة تعود بنا إلى تلك المقولة البائسة (العقل السليم في الجسم السليم)، حين تقول (فما فائدة ان يتخرج طبيب او مهندس وهو مريض، درس الرياضة هو صحة المجتمع، الاطباء والمهندسون مرضى وهم لا يعلمون ان لم يمارسوا الرياضة).
والواقع والتاريخ يعطينا نماذج حية على بؤس هذه المقولة من خلال ما يسعفنا به في واقع الحياة. فماذا نقول في المعرّي وعبد الجبار عبد الله والجواهري وفيصل السامر وجلال الحنفي وبدر شاكر السياب ومهدي عيسى الصقر ومحمود الحبوبي وصالح الجعفري وعلي الشرقي وعلي الشوك ورفعت الچادرچي، وكلهم من ذوي الأجسام الضامرة والعقول الباهرة التي تنسف مقولة (العقل السليم في الجسم السليم)، وتدعونا إلى وضعها موضع المراجعة، وعدم إشاعتها بين فتياننا وشبابنا.
وهنا يحضرني، وأنا الجاهل بمستويات الرياضة، سؤال عن الوضع الأكاديمي الذي يمنح الدكتورة، وربما شباباً آخرين، هذه الدرجة الأكاديمية، وربما وضعها في مصاف العلم الأكاديمي الذي لا تعترف به؛ أهو في ركض مئة متر أو مئتين، أو أكثر، بحيث يحق لها إطلاق تصريحاتها الداعية إلى التقليل من شأن العلم، والنوكيدعلى (ما فائدة ان يتخرج طبيب او مهندس وهو مريض، درس الرياضة هو صحة المجتمع، الاطباء والمهندسون مرضى وهم لا يعلمون ان لم يمارسوا الرياضة).
هذا الإستخفاف بقيمة العلم لا يوحي باحترام درجة (الدكتوراه الرياضية) التي حصلت عليها (الدكتورة!)، والتي لا نعلم على أي مستوىً حصلت عليها، وما هي المقاييس التي قامت عليها، وما الذي يجعلها تتحدث بتعال وأستاذية لا نعرف لها أية قيمة في مجموع المعارف الثقافية.
الرياضة فنّ وأخلاق وقيم أدبية وتواضع يذكرنا بـ (الروح الرياضية) التي درجنا على تعلمها، ونحن ندري أن هذه الروح راحت منذ كوارث الملاعب والشغب الذي أدّى إلى حرمان بعضها من المباريات، وجاءتنا بالإعلام الرياضي الذي أنشأ لنفسه قاموساً لا شبيه له في العجرفة والمباهاة والشتائم والعدوان والإستعداء وتأجيج المشاعر الغاضبة، وبث الفرقة بين الفرق وجماهيرها، بل بين الشعوب وأبنائها، كما حصل بين مصر والجزائر ووصل إلى حد القتل في مباراة توغو.
كان الأولى بـ (الدكتورة) إيمان صبيح، وهي في لبّ بلد الألعاب السويدية، أن تتحلّى بآداب هذه الدولة، وبما يحتاج إليه وطنها (العراق) من خبرتها الرياضية دون استخفاف بالكفاءات العلمية والفكرية التي نحتاج إليها كحاجتنا إلى جيل ذي صحة وكفاءة بدنية وفنية، وعقلية.
#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قداس الميلاد في كنيسة الكلدان في
...
-
سيدات محافظة واسط
-
سامي عبد الحميد لا ̷
...
-
خذ قصيدتك وامش ١
-
إنا لله وإنا لهذا العراق
-
مزالق الشيخوخة وفؤاد التكرلي
-
نعمة الملل
-
آفاق الكتابة
-
محمد شرارة الشجرة الوارفة
-
مجسّات القلم
-
رجلان ... أي رجلين!
-
يوسف العاني يلاطف حيرتي
-
اوراق سياسية - لقاء مع حازم جواد
-
أهي عناوين وهمية ؟
-
ليس براءة ذمّة
-
تحية إلى قمر البصرة
-
بطاقة إلى الحزب الشيوعي العراقي
-
أهذا هو الوفاء؟
المزيد.....
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
-الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ
...
-
عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع
...
-
تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر
...
-
المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
-
عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو
...
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|