|
في ذكراه السادسة ، النصير سلام عبد الرزاق الحيدر / د . أبو تانيا ، حي بيننا
فائز الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 15 - 23:26
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
سلاما" إليك أيها الأخ والصديق والمناضل .....سلام سلاما" إليك وأنت تجوب الأحياء الفقيرة في محلة الدوريين ، الكريمات ، الشواكة , والثورة والصالحية والسنك . سلاما" أيها المناضل الذي عاش أحلام المناضلين الشرفاء . سلاما" أيها النصير الشجاع في جبال كردستان ووديانها وقراها المعزولة . سلاما" لك وأنت تجوب الجبال والقرى الكردية الفقيرة صيفا" وشتاءا" وتقدم خدماتك الطبية الأنسانية لأهلها الفقراء . تمر في الثاني والعشرين من هذا الشهر كانون الثاني / 2010 الذكرى السنوية السادسة لرحيل النصير سلام عبد الرزاق الحيدر / د. أبو تانيـا ، ذلك المناضل الذي نشأ وترعرع مع أخوانه في أحضان عائلة مندائية مناضلة قدمت للحزب والوطن العديد من الشهداء . ولد سلام / أبو تانيـا في مدينة الفلوجة في 28 / 6 / 1952 وهو الأخ الأصغر لأخوته ، هذه المدينة الصغيرة التي سكنها العديد من العوائل المندائية المهاجرة من جنوب الوطن طلبا" للرزق والأستقرار بسبب الظروف القاسية التي تعرضوا لها هناك ، كان بطبيعته هادئ الطباع ، مؤدب ، لا يعرف الأساءة أبدا" ، ذا طفوله نشطة تتميز عن أخوته الأخرين .
أكمل سلام دراسته الأبتدائية في مدرسة العرفان في محلة الدوريين في جانب الكرخ قرب مستشفى الكرامة ، وأكمل الدراسة المتوسطة في متوسطة المستقبل في نفس المحلة ، أما الدراسة الثانوية فقد أكملها في ثانوية النضال في بغداد ، كان الفقيد سلام شاب وديع ، متواضع ، خجول ، متفوق في دراسته ، يتميز بالبساطة والتسامح وطيبة القلب ، نموذجا" للعطاء ونكران الذات . بدأ نشاطه الوطني في أواسط الستينات وهو في ريعان شبابه حيث كان صلة الوصل بين كثير من التنظيمات الحزبية المقطوعة في بغداد بتوجيه من رفاق الحزب ومن خلال حمله للرسائل الحزبية التي يكلفه الحزب بها ، وكان يأخذ على عاتقه تقديم الشاي والمعجنات الى قيادة الحزب أثناء عقد أجتماعاتهم في دارنا المتواضع وهي مهمة لا يزاحمه بها أحد مما زاد ذلك من تعلقه بالحزب . برز نشاطه في ثانوية النضال في بغداد ونشط في المجال الطلابي والشبابي فيها كونه عضوا" نشطا" في إتحاد الطلبة العام ، وكان يتصدى مع زملاءه لزمر الأتحاد الوطني بكل ثقة وأندفاع وتعرض لأعتداءات عديدة من قبلهم . وعند تعرض الحزب الشيوعي العراقي الى الحملة الشرسة لتصفيته من قبل النظام الفاشي عام / 1970 ، كان يجوب المناطق الفقيرة في بغداد حاملا" لهم بأبتسامة بيانات الحزب التي تصدر في ذلك الوقت الصعب وهو يقول لهم أطمئنوا الحزب باق رغم الأرهاب . ولنشاطه المتميز رشح لعضوية الحزب وهو لم يزل في السادسة عشر من عمره ، وبدأ نشاطه الحزبي في المجال الطلابي في محلة الكريمات الشعبية ، الشواكة والصالحية في جانب الكرخ ... وفي أحدى الحملات لتوزيع بيانات الحزب في محلة الكريمات الشعبية في جانب الكرخ عام / 1970 أعتقل من قبل رجال الأمن وأرسل الى مديرية أمن بغداد للتحقيق معه لعدة أيام حيث أنكر تهمة توزيع البيانات ولصغر سنه ولنحافة جسمه أطلق سراحه إلا انه كان يعاني من الأثار النفسية للتعذيب الذي تعرض له ولعدة أشهر لاحقة .
ونظرا" لنشاطه هذا حصل على زمالة دراسية من الحزب لدراسة الطب في جامعة موسكو في الأتحاد السوفياتي عام 1971 ، وإلى جانب دراسة الطب أنكب الفقيد هناك على دراسة الأفكار الماركسية فكان مثالا" للمناضل المثقف المتسلح بالفكر والثقافة ، والخلق الرفيع ، التضحية ونكران الذات ، والحرص الشديد على حزبه ومبادئه وعدم المساومة على الأخطاء ، مما سبب له متاعب حياتية كثيرة مع بعض الأنتهازين في منظمة الحزب أجبرته على ترك الدراسة ومغادرة موسكو وهو على أبواب التخرج ، متوجها" الى الجزائر ومنها لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية للعمل هناك كمدرس مع العديد من رفاقه في ثانوية المحافظة الرابعة عتق / شبوة / الصحراوية وبعدها نقل الى المحافظة الثالثة / أبيـن / قضاء بيحان لعدة سنوات ونال حب طلبته وتقدير إدارة التربية في المحافظتين أضافة تقدير وإحترام رفاقه.
عندما رفع الحزب شعار الكفاح المسلح عام / 1980 بوجه السلطة الدكتاتورية ودعوة أعضاءه للألتحاق بفصائل الأنصار ، كان سلام من أوائل اللذين ألتحقوا بالدورة العسكرية في جمهورية اليمن الديمقراطية تمهيدا" للذهاب الى كردستان ، وفي عام 1980 كانت بداية عمله الأنصاري في قاعدة بشت آشان التي وصلها ورفاقه في المفرزة بعد مسيرة شاقة وصفها بنفسه ( بتلك الرحلة الشاقة التي لا أتخيل أن ينساها أي رفيق جديد ، لقساوة أيامها ، وهي تجربة ومقياس لقوة التحمل والصبر لأي رفيق ونصير جديد ) .
تعرضت هذه القاعدة في آيار / 1983 الى هجوم من قبل حلفاء الأمس من مسلحي الأتحاد الوطني الكردستاني ( أوك ) ونجا في هذه المعركة بأعجوبة من موت محقق كما دونها بمذكراته الشخصية في الوقت الذي اٍستشهد فيها العشرات من زملاءه ورفاقه الأنصار. لقد كان ســلام نصيرا" ومقاتلا" وطبيبا" لرفاقه ولأبناء القرى الكردية في مختلف المواقع الأنصارية التي نسب إليها حيث كان محبوبا" من قبل رفاقه ومعارفه من خلال طيبته وأخلاقه العالية وحماسه لقضية حزبه وشعبه ، وتحمل عدة مسؤوليات أنصارية في العديد من المواقع الأنصارية التي عمل بها والتي زادت عن ثمان سنوات ، كانت بدايتها في قاطع بشت أشان وآخرها أداريا" في الأعلام المركزي للحزب الشيوعي العراقي حيث كان محط ثقة رفاقه في قيادة الحزب والأنصار في العديد من المهمات التي كلف بها . وفي تلك الأيام الصعبة كان يعشق أغاني المطربة نجاة الصغيرة التي يحس من خلالها بالود والحنان للأهل عند سماع أغانيها وكانت أفضل هدية قدمت له كما يذكر ذلك في مذكراته هو شريط كاسيت بعث به المناضل الفقيد ثابت حبيب العاني ( أبو حسان ) من المستشفى الذي كان يرقد فيه في براغ مع رسالة قصيرة كلها محبة وتقدير .
بعد حملة الأنفال ضد الشعب الكردي في كردستان من قبل السلطة الدكناتورية وأستعمالها الأسلحة الكيميائية لضرب مقرات الحزب الشيوعي والأنصار وأنحسار الحركة الأنصارية عموما" غادر كردستان مع بعض الرفاق الأنصار وبناء على توجيه من الحزب الى الأتحاد السوفيتي عبر مدينة مشهد الأيرانية المقدسة في جمهورية إيران الأسلامية وفي مسيرة بطولية وخطرة سيرا" على الأقدام أستغرقت عدة أيام ليلا" ونهارا" في الجبال والبراري حتى دخولهم الأراضي السوفياتية ، حيث تم إعتقالهم من قبل حرس الحدود السوفيات المزودين بالكلاب البوليسية ولغاية إنتهاء التحقيق معهم ومعرفة هويتهم بناء على كلمة السر المتفق عليها بين الحزب والحكومة السوفيتية آنذاك حيث كان هناك إتفاق مسبق بين الطرفين لأستقبال مجموعة من الأنصار القادمين من كردستان ، عندها تم نقلهم جوا" الى موسكو ليعود الى مقاعد الدراسة من جديد بعد أن تركها ما يقارب العشر سنوات وكان يشعر بالتعب ويمر بظروف نفسية كبيرة لكونه أكبر الطلبة سنا" مما زاد من تعبه . وهناك في موسكو تحمل من جديد مسؤوليات حزبية عدة ولغاية تفكك الأتحاد السوفياتي حيث ترك الدراسة رغبة منه في الأستقرار بعد طوال المعاناة ولغرض الألتحاق بعائلته في السويد إلا أن الحظ لم يحالفه رغم الجهود التي بذلت في ذلك حيث القي القبض عليه في ألمانيا مع بعض اللاجئين فأضظر الى الأستقرار في مدينة هلمشتات الألمانية .
عندما تقدم بطلب اللجوء في مدينة هلمشتات الألمانية لم ينكر عضويته في الحزب الشيوعي العراقي رغم معارضة المحامي الذي تولى قضيته مما أدى لرفضه مرتين متوالية بسبب عضويته في الحزب . وفي أثناء النظر في طلب الأستئناف للمرة الثالثة وجه له القاضي جملة من الأسئلة لمعرفة صحة أدعاءه لعضوية الحزب الشيوعي العراقي وبحضور من ينوب عن المخابرات الألمانية في المحكمة ، ومن هذه الأسئلة... هل أنت شيوعي ؟ متى تأسس الحزب الشيوعي العراقي ؟ ومن هو مؤسس الحزب ؟ ما موقف الحزب من أمريكا ؟ ما هو موقف حزبكم من نظام صدام حسين ؟ وغيرها من الأسئلة ، وهنا وجد الفقيد سلام أن الفرصة ملائمة للتعريف بسياسة الحزب والأجابة على أسئلة القاضي وحوّل قضية لجوءه الى منبر لبيان يوم وظروف ميلاد الحزب وتأريخه النضالي ، وكذلك الدفاع عن الحزب وسياسته ، وأبلغ القاضي بأنه يفتخر بعضويته للحزب وبكونه نصيرا" مقاتلا" في كردستان مساهما" في النضال المسلح ضد نظام صدام حسين الدكتاتوري .
ـ ثم قاطعه القاضي بسؤاله هل أنت كردي .... ؟
ـ لا سيدي القاضي !!!! أنا صابئي مندائي ولكني لم أفكر أبدا" بالدين أو القومية عندما ساهمت مع رفاقي في النظال المسلح في كردستان فكان يهمنى وطني العراق وكردستان جزء من العراق .
ـ أذن لماذا تقاتلون النظام في كردستان وهي منطقة كردية ...... ؟
ـ سيدي .... أود أن أوضح لكم بأنه ليس الشعب الكردي فقط من رفع السلاح في العراق وقاتل ضد النظام فقد ساهم معظم أبناء الشعب بالنضال عرب وكرد ومن كل الأديان والقوميات وفي كل مناطق العراق ولكن لكردستان طبيعة خاصة أكثر ملائمة لحرب الأنصار وأنا رفعت السلاح أسوة ببقية أبناء شعبنا العراقي وكوني كطبيب على وشك التخرج قدمت ما أستطيع من مساعدات طبية أنسانية وهذه مهمتي كنصير شيوعي لرفاقي ولأبناء القرى الكردية وأطفالهم الفقراء المحتاجين لخدماتي حيث الناس البسطاء والمرض والموت في كل زاوية من جبال وقرى كردستان .
ـ وهنا تدخل ممثل المخابرات محاولا" تشويه سياسة الحزب والتشويش في قاعة المحكمة بقوله أن الحزب الشيوعي العراقي عميل الى الأتحاد السوفياتي ومعاديا" للعالم الحر والنظام الديمقراطي .
ـ ثم سأل القاضي.. ولكننا نعرف عن سياسة حزبكم غير التي ذكرتها من معلومات ..... ؟
ـ لوسمحت سيدي ...... ما هي مصادر معلوماتكم حول الموضوع ... ؟
ـ من مخابراتنا المختصة بشؤون الشرق الأوسط وهنا يوجد من يمثلهم وسمعت ما قال .
ـ أنا أستغرب سيادة القاضي كيف تصدر حكمك بدون أن تعرف الحقائق مني وأنا شيوعي لم أنكر عضويتي في هذا الحزب والمبين في طلب لجوئي المعروض أمامكم , وأنتم تمثلون العدالة والقانون وتدعون الديمقراطية والتمسك بحقوق الأنسان في العالم وتنكرون عليّ حقي في أعتناق المبدأ الذي آمنت به .... لقد بينت لكم الحقائق كما هي ويمكنكم الأطلاع عليها في وثائق الحزب وهي جزء من تاريخ الحركة السياسية في العراق ، كما يؤسفنا سيدي القاضي موقف حكومتكم المؤيد لنظام صدام حسين الدكتاتوري الذي أدخل البلد في حروب عدة فقتل وشرد الملايين من أبناء الشعب وأنا واحد منهم لم أرى عائلتي منذ ما يقارب الثلاثين عاما" , ولا يسمح لي بزيارة وطني وهي من أولى حقوقي الأنسانية أهذه هي العدالة , هذا هو النظام الذي تدعمه حكومتكم !! أني لم أطلب من المحكمة غير الأقامة المؤقتة في بلدكم ولغاية تحسن الاوضاع في العراق ....
ـ وهنا همس المحامي غاضبا" في إذن الفقيد ... كيف تتجرأ على مخاطبة القاضي بهذا الأسلوب ! وسبق لي أن حذرتك بعدم البوح أمام المحكمة بكونك شيوعيا" ، وعليك التركيز على مسألة لجوئك فقط أنا أعتقد إن القاضي سيرفض طلبك مرة أخرى ، هذا أذا لم يطلب بطردك الى خارج ألمانيا خلال أيام معدودة وأنت المسؤول عن ذلك .
ـ أبتسم الفقيد موجها" كلامه لمحاميه ، أنا أدرك سبب غضبك ولكن لا تنسى سبق وقلت لك عند توكيلك نيابة عني أنا شيوعي وسأبقى كذلك وما أسمعه اليوم يعتبر لا شئ مما رأيناه في حياتنا .
إستغرقت المحاكمة أكثر من ساعتين وبعد أستراحة قصيرة دامت نصف ساعة دخل القاضي قاعة المحكمة وهو يأخذ مكانه وسط مساعديه وينظر الى الفقيد بعمق من أسفل نظارته التي تدلت الى أسفل أنفه ولمدة تجاوزت خمسة دقائق وسط السكون الذي أطبق على القاعة وكأنه يقول لنفسه لم يمر عليَ شخصا" جريئا" مثل هذا الشيوعي الصلف طيلة عملي كقاضي في المحكمة ، هل كل الشيوعيين كذلك ؟؟ عندها نطق القاضي بالحكم بينما كان سلام يقف مع محاميه .
ـ لقولك الحقيقة يا سيد سلام حول خلفية ماضيك السياسي ولنشاطك الأنساني ولنظافة تأريخك ولعدم وجود أي ملاحظات غير قانونية عليك خلال تواجدك في الأراضي الألمانية ولجرأتك في مخاطبة المحكمة بشكل مؤدب ومقنع وأحتراما" لحقوقك الأنسانية التي تحترمها حكومتنا قررت المحكمة قبول طلبك لاجئا" لأسباب أنسانية نتمنى لك التوفيق في حياتك في الأراضي الألمانية .... وأثار هذا القرار أستغراب الحضور وخاصة محامي الفقيد الذي أكد أنه لم تمر عليه قضية طيلة عمله كمحامي بهذا الشكل والنهاية .
بعد قرار الحكم بدأت متاعب الفقيد بالبحث عن عمل مناسب مع عمره وظروفه الصحية التي رافقته من كردستان والتي أخذت تسوء تدريجيا" حتى حصل على عمل مؤقت وبأجور بسيطة في مخيم منظمة الصليب الأحمر في مدينته حيث يتواجد المئات من اللاجئين العراقين والعرب والأكراد والمندائيين والمسيحيين وغيرهم حيث قدم لهم الكثير من الخدمات الطبية والثقافية ، وحّول مكان سكنه الى مكان لقاء اللاجئين العراقيين والعرب يساعدهم في كتابة قصص اللجوء وأمور لجوئهم المختلفة . لكن مع الأسف أخذت صحته بالتدهور خاصة بعد أن قرأ أسم أخيه الشهيد نافع عبد الرزاق الحيدر الذي أعتقل في بغداد وغيب في مايس / 1980 ضمن قوائم المعدومين والتي نشرت على صحافة الحزب بعد سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان / 2003 حيث كان شديد التعلق به أضافة لأمنيته في زيارة الوطن بعد غربة تجاوزت ثلاثة وثلاثين عاما" ليساهم في أعادة بناءه من جديد .
قبل أشهر قليلة من وفاته بدأ بكتابة مذكراته الأنصارية التي لم يستطع إكمالهبسبب ظروفه الصحية ونشرت سبعة عشر حلقة منها على موقع الطريق العائد للحزب / باب الحركة الأنصارية ليدون فيها بطولات الأنصار الشيوعيين ضد النظام الفاشي كمساهمة بسيطة في كتابة تأريخ الحركة الأنصارية التي مر بها والغريب إن مذكراته تلك كان يتحدث بها عن حياة رفاقه أكثر مما يتحدث بها عن نفسه وهذا ما كتبه وتحدث به رفيقه وصديقه الكاتب يوسف أبو الفوز في المؤتمر الرابع للأتحاد الجمعيات المندائية الذي عقد في مالمو / السويد تحت عنوان ( شموس مندائية ) .
في نهاية شهر كانون الأول / 2003 ساءت حالته الصحية وأدخل المستشفى دون علم عائلته وظل يصارع المرض بمعنويات عالية لأخر ساعة رافضا" طلب أصدقاءة بضرورة الأتصال بأهله ليعلمهم بوضعه الصحي حتى لا يسبب لهم الألم والمتاعب. وصل الخبر الى عائلته متأخرا" وأستعجل الجميع للوصول اليه لكن كان ذلك في وقت متأخر وهو في أيامه الأخيرة ، كنت أول الواصلين أليه من كندا ، لم أستطع تحمل ما رأيت وأخذنا نعد الأيام ومن ثم الساعات ورغم وضعه السيئ كان يجيب على التلفونات من أهله ومعارفه وبمعنويات عالية ويؤكد للجميع إنه بخير وسيتعافى . خلال أيام خمسة أيام قضيتها بجانبة ليل نهار كانت أطول خمسة أيام في التأريخ بالنسبة لي لشدة المعاناة التي مررت بها بجانبه حتى غادرنا سلام في الساعة الواحدة وخمس دقائق من ظهر يوم 22 / 1 / 2004 في مدينة هلمشتات وبحضور بعض أفراد عائلته لا يتجاوز عددهم أصابع اليد ، عم الحزن جميع من عرفة في مدينة هلمشتات الألمانية ، عرب وأتراك وألمان وقامت أدارة الصليب الأحمر في المدينة بواجبها الأنساني في مثل هذه الحالات ، طلبنا من الأهل والمعارف في السويد الأتصال بالحكومة السويدية عسى أن نحصل على موافقتها لنقل جثمانه الى السويد في حالة لم يسبق حدوثها مسبقا" ليوارى جثمانه في المقبرة المندائية في مدينة لوند جنوب السويد وفعلا" أستجابة الحكومة السويدية وبلدية لوند مشكورة لهذا الألتماس الأنساني ونقل جثمانه ليدفن هناك . لقد كان يوم رحيله صدمة كبيرة لأهله ومحبيه ورفاقه فقد غيب القدر عنا شخصية مناضلة ونموذجا" للعطاء ونكران الذات ونحن بأمس الحاجة إليها في هذا الوقت بالذات . نم قرير العين يا عزيزنا سلام جنب أخيك الشهيد نافع عبد الرزاق الحيدر وأولاد عمك الشهداء ستار خضير الحيدر وهيثم ناصر الحيدر (عائد) وإبن خالتك سمير جبار حامي وجميع رفاقك الخالدين.
سلام ... أننا نبكيك بدموع وحزن عميق كل يوم أيها الأخ والصديق والرفيق والنصير الشجاع .... إن أخلاقك ومآثرك ستبقى قدوة للجميع ما دمنا أحياء وسنحافظ على ذكراك العطرة ... لقد تركت فراغا" لا يعوض ، رحلت عنا في عجالة وأستغراب ، رحلت عنا ولكنك باق في ومضات العيون ، رحلت ولكنك لم تغب عن فكرنا وقلوبنا وما زلت معنا في كل جلسة ونزهة وتناول وجبة طعام ونقاش في الليل والنهار وما زال أسمك شاغل رفاقك وأصدقاءك وسيبقى خالدا" ونعاهدك بأننا سنسير على نفس الطريق الذي سرت عليه وستكون حاضرا" معنا في كل خطوة نخطوها .
الخلود لك يا أبا تانيـا .... وفي ذكرى يوم رحيلك السادسة في 22/ 1/ 2010 لا ننسى شهدائنا المندائيين وجميع شهداء حركتنا الوطنية الذين جادوا بأرواحهم من أجل رفعة وعز الوطن وقدموا أنفسهم قرابين من أجل الوطن السعيد ، فلكل هؤلاء الذين رحلوا عنا ورودا" حمراء وطيب ذكراهم وعظمة الأجلال لتضحياتهم وأكيد سنلتقي يوما" .
#فائز_الحيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إتحاد الطلبة العام وصالح المطلك
-
محنة الصابئة المندائيين وإزدواج الشخصية
-
هل تصدر المرجعيات الدينية فتوى تحرم قتل المندائيين
-
من ينقذ الصابئة المندائيين من الأبادة الجماعية ؟؟
-
الإعلام المندائي ... الواقع والطموح
-
المثقفون والموقف من دعاة الثقافة
-
على هامش إنعقاد المؤتمر الخامس لإتحاد الجمعيات المندائية في
...
-
على هامش إنعقاد المؤتمر الخامس لإتحاد الجمعيات المندائية في
...
-
المهرجان الدولي التاسع للشبيبة والطلبة ، صوفيا بلغاريا / 19
...
-
المهرجان الدولي التاسع للشبيبة والطلبة ، صوفيا بلغاريا / 19
...
-
المهرجان الدولي التاسع للشبيبة والطلبة ، صوفيا بلغاريا / 19
...
-
الثقافة العراقية ما بين فكر البعث والعمائم
-
المثقف المندائي والتعصب ولغة الحوار
-
الثقافة ما بين الحوار والتكفير
-
المثقفون والنرجسية ومرض الأنا
-
مهدي ( شنور ) عودة الوالي .... قائد عمالي صلب ومسيرة يذكرها
...
-
لمناسبة يوم الطفل العالمي ، الطفولة والتكنولوجيا والمتغيرات
...
-
سايكولوجية الفكر القومي العربي تجاه الأقليات
-
في الذكرى الخامسة لإستشهاد الناقد والأديب قاسم عبد الأمير عج
...
-
أيها المندائيون توحدوا وأعرفوا أصدقائكم
المزيد.....
-
«تضامن في منزل الأسرة».. اليوم الـ 64 من إضراب ليلى سويف
-
بدء محاكمة 5 من محتجي طريق الموت بالدقهلية الأربعاء
-
شادي محمد ومعتقلي «بانر فلسطين ».. أمام المحكمة غدًا
-
القوى الامبريالية تتصارع على سوريا
-
شادي محمد ومعتقلي «بانر فلسطين ».. تجديد حبس 45 يومًا
-
تجديد حبس محتجي طريق الموت بالمطرية.. من بينهم «شقيق أحد الض
...
-
العدد 582 من جريدة النهج الديمقراطي
-
الشرطة الكورية الجنوبية تمنع مسيرة احتجاجية تطالب باستقالة ا
...
-
مصر.. حفيد عبد الناصر يوجه رسالة قبل بيع ساعة جده الذهبية (ف
...
-
على طريق الشعب: والعراق كذلك.. سوريا وجبهة التصدي المطلوبة!
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|